الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقدة النقص: العقدة المزمنة عند الشيعة في السعودية

فايز شاهين

2004 / 11 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


لن أتجنّى على الكثير من الشيعة في السعودية، فحالهم حال العديد من الأقليات في المجتمعات العربية والإسلامية التي تعاني الاضطهاد والتكفير والتمييز مما جعل هذه الأقليات تُعاني إشكالاً داخلياً طائفياً إضافةً إلى كونها تعيش مأساة إنسانية ودينية يُمارس ضدّها أبشع أنواع الاضطهاد الحكومي.
فقط للتذكير ببعض الرواسب التي يعاني منها الشيعة في السعودية، وهي معاناة من أبناء طائفتهم حين يتولون عليهم في مؤسسة حكومية أو خاصة فيكونون أكثر "ملكيةً من الملك نفسه" فيضطهدوا أبناء جلدتهم ليس لقلة أداءهم بل لإثبات أنهم لا يفرّقون بين "الشيعة" والآخرين العاملين. الواقع يشير إلى حالات أكثر من أن تنساها الذاكرة أو ينساها من عاصرها وهم كُثُر، فالتمييز على يد الشيعي المسؤول أقسى في أحيان عدة من أي مسؤول آخر، وهذا لا يتعارض فقط مع القوانين بل يتعارض مع أخلاقيات العمل فيتم حرمان الشخص الكفء من منصب معين لسبب انتماءه للمذهب الشيعي، فيقوم رئيس هذا الإنسان بالتمييز ضده وبشكل كبير ليثبت ولاءه ويثبت إخلاصه ويثبت عدم دخول "الطائفية" في قراره؛ هذا في الوقت الذي تخضع هذه المؤسسات إلى "بيع بالجملة"، فأكثر من يملك مناصب فيها هم الأقل كفاءة، بل ويجلبوا معهم كل أقاربهم إلى المُنشأة التي يرأسونها أو لهم تأثير على قراراتها. هنا لابد أن نذكر ما نشره أحد الكُتّاب قبل أسابيع حول وزير التربية والتعليم متّهماً إياه بتعيين أقاربه في مناصب عديدة في الوزارة.
هذه المأساة تتكرر أمام أعيننا يومياً في وظائف الدولة، خاصةً في أرامكو وسابك، وأحياناً يكون السبب أكثر من كونه "عقدة" عند بعض الشيعة المسؤولين، ليصل إلى "عقدة" كراهية بني جنسه خوفاً من وصولهم إلى مستوى أعلى ليحلّوا مكانه. هنا يكون الموظف بين سندانين، سندان رئيسه "الطائفي الشيعي" وبين رؤساء آخرين لهم سجل طائفي مشابه؛ بعد أن كانت شركة أرامكو بالتحديد يديرها أمريكان فكانوا أكثر إنصافاً وعدلاً من "الرؤساء الشيعة" بمرّات عديدة.
مع أن هذه العقدة لم تختفي، لكن ما يحدث من فرح وحبور كبيرين عندما يصف أحد المتطرفين الوهابيين أو مسؤول حكومي يمارس التمييز ضد أبناء الشيعة على مدى عقود، عندما يصف "الشيعة بالمسلمين"، وكأنه فتحاً مبيناً ساقه الله لنا نحن الأقلية المضطهدة؛ فتنـزل عبارات الترحيب والتبريك والتهليل، وننسى أن الكلام "سهل" مع إيماننا بأن هذا الكلام مع سهولته لا يحصل كثيراً لأن المسؤولين عندنا مصابون بمرض اللعثمة وربما الخرس خاصةً إذا ما كان الموضوع له علاقة بالشيعة وحقوقهم كمواطنين؛ حيث إلى الآن لم نسمع "كلاماً" عن مساواة الشيعة بغيرهم من المواطنين أو فتح الباب لهم في الوظائف الحكومية العسكرية والمدنية أو في السلك الدبلوماسي وغيره.
يعتقد البعض بأن تصريح يخرج من أحد مشايخ التطرف يصف فيه الشيعة بأنهم من أهل الملة، يعتقد بأن ذلك سيدخلنا قريباً في خط المساواة ونيل الحقوق. ينسى هؤلاء بأن ما حصل لا يزيد عن مجاملة في أقصاها، إذا أخذنا بحسن النية، وإلاّ فهي أقرب إلى النفاق والدجل، وما حصل من تصريحات للشيخ سلمان العودة تفضح تلك اللقاءات، حيث التقى الشيخ حسن الصفار مع العودة خلال مؤتمر الحوار الوطني الثاني الذي انعقد في مكة، والنتيجة هي هي، فالعودة لازالت تصريحاته على موقعه المتطرف –الإسلام اليوم- مليء بالطعن في الشيعة وتكفيرهم.
كما يعتقد البعض من الشيعة بأن ما حصل لهو خطوة في طريق الألف ميل، والاختلاف هنا فقط في مستوى التفائل، فهي فعلاً خطوة لكن في طريق الألف ميل ولكن ليس في الاتجاه الصحيح، وخطوة ليست من الجهة المسؤولة، فالقرني وغيره ليسوا من يملكون القرار، وأصحاب القرار هم من شجّع ورعى هذه التوجهات العنصرية والطائفية. رحم الله الفقيد الفقيه الدكتور السيد محمد علوي المالكي حيث تم تكفيره ونشر ذلك على الملأ وتم منعه من ممارسة نشاطاته وحتى بعد وفاته لم تتحرك الحكومة علناً بالقول بأن السيد المالكي مواطن مسلم، فقط الصحافة، وليس كلّها، بعض الأساتذة الوطنيين المخلصين مثل الأستاذ قينان الغامدي الذي تحدث عن السيد المالكي كمسلم صوفي وعن الشيعة، وأن الجميع مسلمون.
لا يجب أن ينظر الشيعة إلى مأساتهم بأنها من باب الخلاف مع التيار الوهابي أو التيار الديني السلفي، بل هي امتداد لسياسة حكومية مستمرة أدّت ولازالت إلى مضايقة الشيعة أينما كانوا تحت مسمع ومرأى الحكومة، وفي أغلب الأحيان بمساعدتها ورعايتها. إذا ما أردنا الحصول على حقوقنا كمواطنين وإذا ما أرادت الحكومة السعودية فعلاً إثبات حسن النية بالأفعال وليس الأقوال، فلا أقل من التراجع عن منهجية اضطهاد الشيعة والتحدث علناً في الموضوع معتذرةً عن ما سبق من سياسات حرمت الشيعة من حقوقهم، وأن يتبع ذلك العمل على تعويض الشيعة بزيادة التنمية في مناطقهم وفتح الجامعات والوظائف لهم بشكل كبير في شركات النفط وفي المؤسسات العسكرية والدبلوماسية الحكومية وتعيين شيعة في مجلس الإفتاء ومجلس الشورى بما يتناسب وعددهم.
طبعاً المطالب أعلاه هي من المستحيلات في عرف آل سعود، وبما أن الشيعة لازالوا يرقصون فرحاً بتصريح شيخ متطرف هنا أو هناك أسبغ عليهم بركاته واعتبرهم من أهل الملة، ربما ذلك قد أعطى الحكومة السعودية الضوء الأخضر بأن ما حصل هو أقصى ما يريده الشيعة، فهم لازالوا على سذاجتهم المستمرة لأكثر من ألف عام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة