الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دموع الصمت قصة قصيرة
محمد عبد الله دالي
2011 / 7 / 25الادب والفن
دموع الصمت ــــــ قصة قصيرة
نزل من السلم وهو يتكئ على الحائط مرة على هذه الجهة ومرة على الجهة الثانية
ومن ينظر إليه يظنه قد شربَ شيئاً جعلهُ يترنح ، وهو يتمتم بكلمات لا تفهم ، وعندما استقر على الأرض ، أخرجَ تباغته ، وبللً رأس بإصبعهِ تمهيداً للف سيكارة من ورق الرشيد ،تنهدَ ودلف من الباب يمشي ببطء شديد متهالك القوى ولسان حالهِ يقول إذا لم أحصل على المقسوم هذا اليوم .. كيف أتمكن من شراء الدواءَ ؟ لهذا الطفل .
توكل بعد إن دسَ سيكارة في فمه الذي أصبح أصفر من دخانِ السكائر وهي علامة أكيدة على كثرة التدخين ، سحب نفساً عميقاً أدخل كل دخان التبغ إلى رئتيهِ وزفر كأنً مركباً قد اقلع للتو ، على أمل أن يصل إلى موقف العمال الصباحي ، وهو شخصية معروفة في الموقف وبعد وصوله إلى المكان أخرج ورقة صغيرة كُتِبَ عيها اسم الطبيب ،وكتابة باللغة الانكليزية صعبة الفهم ، لايحل طلاسمها إلا الراسخون في علم كتابة الأطباء .
يسمع صوتاً من بعيد :ـ
ــ أبو أحمد ، أبو أحمد ..؟
ــ ركب مستبشراً بالعمل ِ عسى أن يوفر َ مبلغ الدواء ، حرقته شمس تموزإختلط عرقه بالتراب ِ والاسمنت ، شكل طبقة من لون بشرته ، رسمت خطوطاً كروافد صغيرة للماء المتصبب من وجهه وصدره ترسم صورة جميلة للعامل الكادح على صفحة الحياة لبناء غدِ جديد ،كان يسأل بين الحين والأخر كم الساعة ؟ أملا أن يستلم مبلغ خمسة ألاف دينار ..سمع صوت رب العمل يعلن عن انتهاء العمل . دسَ رأسه تحت الحنفية ، غسلَ رأسه وصدره ، والظاهر من جسمه جلسَ على مرتفع ٍ من الطابوق سانداً جسمه المتهالك على الحائط و كالعادة ،لفَ سيكارة دخنها ببطء مدً بصره في الأفق البعيد ثم رفعه إلى السماء متأملاً وفي قلبه مطالب وتمنيات كثيرة .. أولها، أن يجدَ إبنه الصغير على قيد الحياة، اندفع مسرعاً حاثاً خطاهُ ودلفَ إلى أولَ صيدليةٍ دفع َ ورقةَ الطبيب إلى الصيدلي نظر َ فيها قاطباً جبينه ،دخلَ إلى داخل الصيدلية يبحثُ بين أدراجِها ،جمع كمية من الدواء ، وأخذَ قلمه مؤشراً على علب الدواء . وطلب قائلاً :ـ
ـــ ثمانيةَ آلاف ونصف ؟
أطرقَ أبو أحمد مثبتاً نظرهُ على قدميه متأملاً فتحةً في مقدمة ِ حذاءه ،وقد بانت أصابعه ،الملونة، بالأبيض والأسود و الرمادي قطعَ تفكيره صوت الصيدلي ، رفعَ رأسه محدقاً بوجهه لبرهة ، وهو يضربُ برأسِ قلمهِ زجاجَ الطاولةِ
ـــ أخي ثمانية آلاف دينار ونصف ؟
ــ انتبه قائلا ، ممكن نصف الدواء أو المهم منهُ .!
ــ أجابه قائلا :ــالدواء يشكل دورة كاملة واحدهما يكمل الأخر .
ــ مالدي ، هو أربعة ألاف ونصف ، لأني اشتريت مايسد ُ رمق ألأم ِوابنها .
ــ حسناً أعطيني المهم وسأرجعُ على الباقي غداً بإذن اللهِ ..؟
ــ أجابه الصيدلي :ــ أخي خذْ الدواء وارجع ْ غداً ،لتسديد المبلغ ، ما هو رأيك
ارتسمت على محياه إبتسامة رفعت معنوياته قائلا :ـ
ــ الدنيا بخير ، الدنيا بخير ... سأرجعُ لتسديد المبلغ إن شاء الله ..
تناولَ الدواء مسرعاً إلى البيت ،أنساه الفرح أن يشكر الصيدلي على كرمهِ وإنسانيته ، كانَ يحدوه الأمل أن يجد إبتسمة صغيرهً شفافة بريئة مرسومة على شفتي طفله ، صعدَ السلم بسرعةٍ .. نسي كل تعب اليوم الصيفي الحار . وَسًعَ من خطواته ليصعد السلم بسرعة ، إنتهى به المطاف إلى غرفته سأل زوجته :ـ
ــ ها ، أم أحمد ، كيفَ الحال ؟ خذي الدواء ،أخذَ يُرشدها إلى كيفية استعماله .. أعطيه والله كريم .. انتبه نحن مطلوبين عليه ، أحسَ بالحزن ِ والأسى يعصرها عصراً ، ودمعتان حائرتانِ في عينيها ، وقفت أمامه من هول أثر الصدمة ،سقط كيس الدواء من يدها ، وسال الدواء على الأرض وامتزجت ألوانه بدموعها ..!التفت أبو أحمد إلى الطفل ، رأى قرصاً أصفراً ذابلا ،خنقته العبرة تماسك في بادئ الأمر ، ثم إنهارَ على الأرض ِ ،مستلقياً على البساط القديم ونظرهُ مثبتٌ بالسقف وخطان ِ متوازيان ِ من الدمعِ يسيلان ِمن عينيهِ وشفتاه الذابلتين ِ تدعوان بطلب الرحمة....
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف
.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس