الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجواهري قرن من الشعر و السياسة

جمال الخرسان

2011 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية



في اغلب الظن انه لايوجد شاعر عراقي من قبل قد عاصر التحولات السياسية والاجتماعية والادبية في العراق كما هو الحال مع الشاعر محمد مهدي الجواهري، فعمره الطويل الذي امتد من 26/7/1899 وحتى 27/7/1997 وقربه من دائرة السلطة بشكل او بآخر سمح له كي يكون شاهدا على مختلف التحولات السياسية والاجتماعية الكبرى في المجتمع العراقي ولهذا كان ديوانه السياسي الهوى من اكبر الدواووين الشعرية كما ان مذكراته في جزئيها اصبحت مرجعا تأريخيا مهما لكل من يبحث في تاريخ العراق الحديث.
ومع ان الجواهري كان يلعن السياسة في مناسبات كثيرة ويصف الساسة بانهم كمن يبتسم بوجهك ويطعنك من الخلف ، لكنه طوال عمره كان يتعاطى مع السياسية بشكل مبالغ فيه بالنسبة للشعراء الاخرين الذين عاصروه من مختلف الاجيال. انه يتعاطى الشأن السياسي لكن بطريقته الخاصة التي تعكس انفعالات الشاعر اكثر مما تعكس حنكة الساسي.
لقد عاش الجواهري ارهاصات بناء الدولة العراقية كذلك مرحلة الاحتلال البريطاني، كان شاهدا على جميع الثورات التي حصلت آنذاك، دخل البلاط الملكي وخرج منه بعد بضع سنوات، بعد ذلك دخل البرلمان عام 1947 ثم استقال بعد فترة قصيرة أثناء وثبة كانون الثاني عام 1948 ضد معاهدة بورتسموث التي استشهد فيها شقيقه جعفر. ايد انقلاب بكر صدقي 29/10/1936 ثم تمرد عليه، اندفع لتأييد ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941. ساهم بالاضافة الى اخرين في تاسيس حزب التحاد الوطني 1946 والحزب الجمهوري عام 1960. ايد ثورة 14 تموز بشكل كبير لكنه بعد ذلك وجه لها انتقادات كثيرة ومواقف اودت به الى السجن وخرج بكفالة اعتبرها مهينة له. ثم له مواقف كثيرة بعد ذلك في مناهضة البعثيين دفع في مقابلها ضريبة كبيرة اما بالسجن او النفي.
طيلة القرن الماضي بين الفترة والاخرى كان الجواهري يصدر العديد من الصحف والمجلات باسماء مختلفة ابتداءا من الفرات مرورا بالانقلاب ثم الراي العام، كذلك الثبات، ثم الجهاد، الأوقات البغدادية، والدستور، صدى الدستور، العصور... لكنها كانت تغلق جميعا بسبب مواقفه السياسية المخالفة للسلطات القائمة انذاك. مخالفات كان يسجلها عبر العديد من القصائد الشعرية المثيرة للجدل التي كانت تسجل لموقف سياسي معارض او تثير قضية اجتماعية حساسة او حتى تحمل نقدا لاذاعا لرجال الدين .. باختصار فالرجل اقتحم الثالوث المحرّم بشكل فاضح! وذلك من خلال عدد غير قليل من القصائد التي سجلت حضورا لافتا آنذاك ومثال على ذلك قصيدة التتويج، طرطرا، تنويمة الجياع قصائد المديح في الملك فيصل الاول ونوري السعيد، الرجعيون، مهلا فايام الطغاة قصار، ام عوف، عريانة وعشرات القصائد الاخرى.
لقد كان الجواهري يتعاطى مع السياسة بعقلية الشاعر وانفعلاته الجياشة وتمرده المنفلت في الكثير من الاحيان لذلك يلاحظ في سيرته وبشكل واضح هذا التشتت وعدم الثبات على رؤية سياسية ناضجة.
الجواهري كان شاعرا فذا وسياسيا وصحفيا متذبذبا وغير مستقر الى ابعد الحدود. ان دوامته الشعرية بكل ما تحتوي من انفعالات متناقضة استفحلت فيه واثرت سلبا على اتزانه السياسي وجعلته يتذبذب الى ذات اليمين مرة والى ذات الشمال مرات اخرى والامثلة على ذلك كثيرة. لقد دخل السجن مرات عديدة ومنها سجن ابو غريب بسبب مواقفه السياسية وقصائده المثيرة للجدل.ان الجواهري ترك وراءه ادبا غزيرا لكنه في نفس الوقت كان ادبا سياسيا بامتياز.
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير


.. مصادر طبية: مقتل 66 وإصابة 138 آخرين في غزة خلال الساعات الـ




.. السلطات الروسية تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة | #


.. مراسلنا: غارات جوية إسرائيلية على بلدتي مارون الراس وطيرحرفا




.. جهود دولية وإقليمية حثيثة لوقف إطلاق النار في غزة | #رادار