الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق للتغير نحو الديمقراطية في سورية

نادية حسن عبدالله

2011 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


على مدى عقود طويلة ظلت المنطقة العربية بمنأى عن التحول الديمقراطي الحقيقي، وبقيت قلاع الدكتاتوريات العربية العريقة محصنة ضد موجات التحول والتغيير المتلاحقة التي هزت العديد من مناطق العالم وأطاحت بالعديد من نظم الحكم الدكتاتورية.

لقد مر العالم بثلاث موجات للديمقراطية كما حددها هانتنجتون، الأولى استمرت من 1828-1926، والثانية من 1943-1964، والثالثة في عام 1974، وقد تبع كل موجة ردة ديمقراطية قلصت عدد الدول التي تحولت بالفعل إلى المعسكر الديمقراطي. وأكد مايكل ماكفول إن "الموجة الرابعة للتحول الديمقراطي"، في دول أوروبا الشرقية، التي اجتاحت عدد كبير من الدول مثل صربيا وسلوفاكيا وكرواتيا وجورجيا وأوكرانيا، قد تعتبر مرحلة أساسية وموجة رابعة للتحول الديمقراطي وقد تستمر لتضم دول أخرى في العالم.

وقد ثار الجدل حول الأسباب التي جعلت المنطقة العربية بعيدة عن التأثر بتلك الموجات، حيث بدت المنطقة حينئذ محصنة ضد التأثيرات الديمقراطية بشكل مثير للدهشة. ويبدو أن الخصوصية السياسية والاجتماعية والثقافية للعالم العربي، قد ساهمت مع غيرها من الأسباب في ترسيخ أنظمة الحكم التسلطية في المنطقة العربية لعقود طويلة. إلا أنه بقدر خصوصية الحالة العربية، وبقدر قوة أنظمتها الاستبدادية وترسخها، بقدر خصوصية موجة التحول والتغيير التي تتعرض لها حالياً، والتي أطاحت حتى الآن بنظامين من أقوى النظم الاستبدادية في المنطقة وهما النظامين المصري والتونسي، وعلى وشك الإطاحة بثلاثة أنظمة مستبدة آخرى والبقية تأتي.

منذ عام 1970إلى 2008 ارتفع عدد البلاد الديمقراطية في العالم من 44 دولة إلى 89، حيث حقوق الإنسان مصونة وحيث توجد تعددية حزبية.

أما الدول غير الديمقراطية فتحولت من 69 إلى 42 دول

وتزايد عدد البلدان التي فيها شيء من الحرية من 42 إلى 62 دولة.

رغم هذا التقدم تبين أن 46% فقط من سكان العالم يعيشون في بلاد ديمقراطية، ومنذ 10 سنوات ظهر ركود إن لم يكن تقهقر في ميدان حريات الصحافة والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المدنية في أكثر من 30 دولة.

وتبدو ضرورة البحث في قضية التحول الديمقراطي على المستوى العربي ضرورة جوهرية بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور عالميا. ففي عام 1975 كانت الدول العربية تشكل نسبة 11% من الدول غير الديمقراطية في العالم، أما في عام 2005، وباستخدام نفس المؤشرات، فإنها تمثل حوالي 35% بما يعني أن موجة التحول الديمقراطي لم تنل من الدول العربية بالقدر الذي يجعل أي دولة عربية تلبي خصائص النظم الديمقراطية الناشئة ناهيك عن الديمقراطيات الراسخة.

وهذا ما جعل البعض يتحدث عن عجز في الديمقراطية العربية لا الإسلامية، فدول إسلامية مثل تركيا وماليزيا تمكنت من التحول الديمقراطي، التي وجد أنها أنجزت الكثير في آخر 20 سنة. من ناحية أخرى فإنه من بين 121 نظاما تم تصنيفها من قبل بيت الحرية في الولايات المتحدة باعتبارها نظم حكم ديمقراطية، لم توجد دولة عربية واحدة. بل إنه وفقا لهذا التصنيف فإن النظم العربية أقل ديمقراطية في المتوسط عما كانت عليه من 25 سنة.

هل ستلتحق سورية بموجة التحول نحو الديمقراطية؟

نعيش اليوم في سورية، عصر الثورة والتغيير يطالب فيه المتظاهرون بالديمقراطية والدولة المدنية، حيث يغيب بشكل شامل وكلي نموذج الدولة الحديثة؛ التي تقوم على أساس الديمقراطية وسلطة المؤسسات. ليس هناك تداول سلمي وديمقراطي على السلطة؛ وليس هناك فصل واضح بين السلطات؛ ناهيك عن غياب جميع أشكال حرية التعبير؛ أما الأحزاب السياسية –إن وجدت- فهي هياكل فارغة لا حياة فيها؛ لا يتحرك منها إلا الحزب الحاكم؛ الذي يحتكر السلطة لعقود؛ عبر تزوير الانتخابات؛ وإخضاع الإرادة الشعبية. وتقوم الدولة الأمنية بقمع المتظاهرين المطالبين بالحرية والديمقراطية، وتستعمل كافة أنواع العنف الجسدي والنفسي، حيث اعتقلت حوالي 10,000 واستشهد فوق 2000 شهيد.

الحاجة إلى التغيير نحو الديمقراطية

يطالب المتظاهرين في سورية بالديمقراطية والدولة المدنية، بينما يتساءل المجتمع العربي والدولي عن البديل في حال تغيير النظام، فعادة عندما نتحدث عن التغيير نحو الديمقراطية ينبغي أن نطرح سياسات بديلة في مواجهة سياسات قائمة، وكيف ستكون آلية الحكم الديمقراطي والدولة المدنية القادمة؟ ومن سيقود هذه المرحلة الانتقالية في سورية؟

إن البديل السياسي الذي بدأ يفرض نفسه الآن؛ هو الإرادة الشعبية من خلال التنسيقيات المحلية واتحاداتها بالتعاون مع قوى المعارضة الوطنية التي فرضت نفسها على الساحة السياسية؛ والتي ستشكل في المستقبل مصدر الممارسات الديمقراطية الناجحة؛ في حال حصلت على الدعم السياسي المناسب، وستكون هناك حاجة إلى تهيأتها وتنظيمها بشكل صحيح لتكون الممثل الحقيقي والشرعي للشعب السوري. و ذلك لأن الشعب وحده؛ هو القادر على منح الشرعية لأي نظام سياسي؛ لكن هذه الشرعية؛ لابد أن تمر عبر قنوات سياسية واضحة؛ تقوم على أساس حرية الرأي و التعبير؛ و المشاركة السياسية الواسعة؛ و الانتخابات النزيهة؛ و لا يمكن لهذه القنوات أن تكون صالحة –طبعا- إلا إذا التزمت فصلا واضحا بين السلطات؛ وأسست لدولة الحق والقانون.


ولكن هل هذه التنسيقيات جاهزة للعمل مع قوى المعارضة الوطنية لتقود البلاد للتحول نحو الديمقراطية؟

إن هذه التنسيقيات، بوصفها تعبيراً عن حركة تغيير أفرزها الواقع بكل أدواته الفاعلة وتناقضاته وممكناته، تمسك بقضايا حياتية محددة ذات صلة بحياة الناس الفعلية، ولا تتبع أي أيديولوجيات محددة. كذلك من خلال الشعارات التي سمعناها، والتي تركز على الحرية والكرامة والعدل والديمقراطية والدولة المدنية، هي مفتوحة على فضاء الدولة الوطنية ومفاهيمها المحيطية، ونابذة لصيغة الدولة - الحصرية. وهي بذلك تؤسس لوعي أكثر ارتباطاً بالمستقبل والواقع من المعارضات التقليدية، ومرتبطة بقوى اقتصادية واجتماعية تتحرك فعلياً على الأرض، وذاهبة بقوة، نحو توفير الأرضيات المناسبة لنشوء أحزاب من نمط سياسي، انتخابي، سلمي، علني، ديموقراطي، ويعيد السياسة إلى المجتمع، بوصفها فاعلية مجتمعية وليست فاعلية حزبية.

ولكن هل ستنضم سورية إلى الدول الديمقراطية؟ الحتمية التاريخية تؤكد ذلك، " إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" فالطريق طويل ولكنه يستحق المجازفة لتخطي "ثقافة" الخوف ، للدخول في عالم أكثر تحررا، في عالم حقوق المواطن لجعل الشعب مصدر السلطة. هذا التحول سيكون شاقا وصعبا يحتاج إلى عدة أجيال ليتكيف المواطنون مع الثقافة والسلوك الديمقراطي بعقلية منفتحة ونقدية. المسيرة طويلة في درب الديمقراطية سوف تحمل غالبا الكثير من التحديات بسبب المقاومة الشرسة التي سيأتيها أصحاب المصالح الاقتصادية والمالية، وصعوبات ستأتي من العقليات والأجواء الموروثة. وتحديات أخرى يمكن أن تأتي من التسرع في تطبيق كل أبعاد الديمقراطية بشكل آلي دون تحضير منهجي وبعيد المدى وغير مصاحب مستوى التطور الثقافي السياسي للمواطنين .

ولقد ظهرت خلال الفترة الماضية حملات التشكيك والاتهامات في قدرة المعارضة السورية والتنسيقات المحلية الممثلة للقوى الشعبية على قيادة عملية التحول نحو الديمقراطية. حيث برزت أربعة خطابات تتكرر في كل المشاهد الثورية أو الاحتجاجية العربية.

الخطاب الأول كيف سيتم التحول نحو الديمقراطية في دولة بقيت لسنوات طويلة تعاني من الحكم الشمولي ونظام الحكم الواحد؟ حيث يتهمون الشعب السوري بأنه غير جاهز للديمقراطية، وان روح المواطنة والوعي السياسي والخبرة في العمل السياسي التنظيمي ضعيفة.

ويشير الخطاب الثاني بأصابع الاتهام إلى قوى المعارضة من انهم يتحركون بتوجيهات أو بتأثيرات خارجية. و ما من شك في ان مثل تلك الاتهامات هي في الأساس تشكيك في قدرة الشعوب على ان تكون لها إرادتها السياسية المستقلة واعتبار المحتجين خرافا يسوقها هذا الراعي أو ذاك.

أما الخطاب الثالث يتعلق باستعمال متعمد للتنوعات الاجتماعية, من مثل المذهبية أو الدينية أو اللغوية أو القبلية لتفسير ما يحدث من حراك سياسي ثوري أو احتجاجي، حيث تغيب مفاهيم المواطنة وتساويها أمام القانون وفي الفرص الحياتية المختلفة ويسهل الحديث عن المحاصصات بين الطوائف والقبائل والأعراق لجعلها فزاعة تجهض أو تشوه كل حراك سياسي وطني مشترك.

الخطاب الرابع، ينطلق من الاعتقاد بعدم إمكانية المعارضة من التعبير عن نفسها وعن مطالبها تعبيرا سلميا. وينبع هذا الاعتقاد من ممارسة السلطات العربية, عبر قرون من الزمن, بقمع أي مظاهرة معارضة للحكم مهما كانت سلميتها بدعوى انها قد تتطور لتمارس العنف, وبالتالي تصبح خطرا على سلام المجتمع. بسبب تلك الممارسات الأمنية الرسمية الخاطئة تكونت في نفوس المواطنين العاديين وفي عقلية السلطة السياسية الرسمية ثقافة الخوف من كل تعبير سياسي جمعي.

لم تنجح كل محاولات النظام السوري جر حركة الانتفاضة إلى منطقة العنف المضاد، وبقيت محافظة على سلمية تحركاتها، على رغم القتل الوحشي واليومي للمتظاهرين، وعلى رغم قصف المدن وحصارها والاعتقال والتنكيل والملاحقة. وبذلك تكون الانتفاضة قد حافظت على جوهر إنساني لم يكتب للثورات في العالم، وهو مواجهة الموت بصدور عارية، وهذه القيمة بحد ذاتها ستشكل في الأيام والتواريخ اللاحقة استثناء، بل مثالاً لنضال الشباب السوري في سبيل الحرية، وفي القدرة على مواجهة ثقافة الموت بثقافة الحياة والتسامح. وما عدا حالات عنف فردية قليلة بسيطة، بقيت سلمية الانتفاضة هي القاعدة الأساسية.

إن خلط الأوراق بتلك الصور تنتهي بمواجهة, أو أحيانا بحوار بين المعارضة الوطنية, وبين سلطة دولة موحدة قادرة على المناورة وتأجيج الخلافات فيما بين مكونات المجتمع من اجل جعل المطالب صورية أو جعلها تعالج سطح الأمور بدلا من الغوص في أعماقها ومعالجة جذور المشاكل.

المنطلقات الأساسية للتحول نحو الديمقراطية

هناك عوامل كثيرة تبشر اليوم بعودة الحياة السياسية إلى سورية وتسمح بالخروج من الصمت والسكون والاستقالة السياسية كما تجعل من الانخراط في الشأن العام استثمارا منتجا بجميع المعاني، أي قادرا على تحقيق التغيير المنشود وإعادة بناء الحياة الاجتماعية على أسس أقوى من السابق..

وتطالب المعارضة السورية بكل أطيافها القيام بتغيير سياسي جذري يبدأ من تغيير الدستور وكتابة دستور ديمقراطي جديد يضمن الحقوق الأساسية للمواطنين، ويؤكد على الفصل التام بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.

إن تغيير النظام يتطلب تغيير القواعد والآليات التي تحكم حركة المجتمع والتي تشكل سلسلة لا يؤدي تغيير إحدى أو بعض حلقاتها إلى تغييرها بل لا بد من تغييرها كلها لتنتقل به إلى قواعد جديدة تطلق حرية المجتمع وتحترم حقوق الإنسان وتقوم على احترام إرادة الشعب وتمثله تمثيلا حقيقياً.


ان الاحتكام إلى شرعية دستور ديمقراطي من أولويات العمل للتحول نحو الديمقراطية, حيث من الضروري ان يؤسس الدستور الديمقراطي على ستة مبادئ عامة مشتركة لازمة لاكتساب أي دستور صفة "الديمقراطي", وهذه المبادئ الستة الهامة المشتركة في كل دستور ديمقراطي هي:

لا سيادة لفرد أو لقلة على الشعب، مع اعتبار الشعب مصدر السلطات, يفوضها دورياً عبر انتخابات دورية فاعلة وحرة ونزيهة.

اقرار مبدأ المواطنة باعتبارها مصدر الحقوق ومناط الواجبات.

سيطرة أحكام القانون والمساواة أمامه، وسيادة حكم القانون لا مجرد الحكم بالقانون.

عدم الجمع بين أي من السلطات التنفيذية أو التشريعية أو القضائية في يد شخص أو مؤسسة واحدة.

ضمان الحقوق والحريات العامة دستورياً وقانونياً وقضائياً, من خلال ضمان فاعلية الأحزاب ونمو المجتمع المدني المستقل عن السلطة ورفع يد السلطة وربما المال, عن وسائل الإعلام وكافة وسائل التعبير، وتأكيد حق الدفاع عن الحريات العامة وعلى الأخص حرية التعبير وحرية التنظيم.

تداول السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية سلمياً وفق آلية انتخابات حرة ونزيهة وفعالة تحت إشراف قضائي كامل ومستقل، بوجود شفافية تحد من الفساد والإفساد والتضليل واستغلال النفوذ العام في العملية الانتخابية.


ان الدستور السوري يحتاج إلى التغيير بما يضمن العدالة والحرية وعدم التمييز واحترام إرادة الشعب وذلك بإلغاء وتعديل المواد رقم (2، 8، 9, 11، 13، 21، 23، 49، 62،71، ،91،101، 111، 132، 139، 145، 149، 154، و158) حيث تحتاج هذه المواد إلى تغيير من أجل التحول الحقيقي نحو الديمقراطية. وهي تتضمن أمور تتعلق بتعديل النظام الرئاسي، وحزب البعث كقائد للحزب والمجتمع، والنظام الاقتصادي، والانتماء الديني، ودور المنظمات الشعبية، وتحديد مهام الجهات الأمنية ومهمة الجيش، وصلاحية المحكمة الدستورية العليا، وصلاحية القضاء والأجهزة التفتيشية، والترشيح لرئاسة الجمهورية، وانتخابات مجلس الشعب، وحق إصدار القوانين (يمكن الرجوع للتفاصيل في دراسة الدكتور أنور البني حول" رؤية حول تغيير النظام في سورية..كيف)

فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية

لا يمكن تصور الديمقراطية اليوم دون فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بما فيها السلطة المعنوية الرابعة أي الإعلام. هذا الفصل هو أفضل الضمانات للنظام الديمقراطي. فالسلطة التشريعية هي أساس السيادة في الدولة. فالمشرع أي المجلس النيابي، ممثل الشعب، له كل الحصانة لكي لا يقع تحت رحمة السلطة الحاكمة. فهو يشرع القوانين ضمن حدود مسؤوليته. والسلطة التنفيذية هي التي تسيّر أمور الدولة ضمن حدود قوانين المشرع، ولها صلاحيات اقتراح مسودة قوانين جديدة لدراستها من قبل المشرع والموافقة عليها. هذه العلاقة بين التشريع والتنفيذ لا يصح بشكله الأفضل إلا في استقلالية الأول عن الثاني. أما السلطة القضائية فمن ضرورة استقلاليتها لحماية الديمقراطية. على القضاء أن يكون مستقلا في كافة مستوياته عن أي ضغوط سياسية، اجتماعية، مالية، دينية، عقائدية، حيث التركيز على هدف القضاء الأساسي هو العدل تبعا للقانون.

الانتخابات الديمقراطية

إن حق الانتخاب في الديمقراطية هو حجر الأساس فيها. لأنه الوسيلة التي تمنح الشرعية السياسية للحاكم لإدارة الدولة لخدمة الشعب. كما إن استعمال حق التصويت هو ذروة المساهمة الديمقراطية وأكثرها تأثيرا على مستقبل الحكم.

و تكمن أهمية الانتخابات في أنها :

تعطي الشرعية: حيث تعطي الانتخابات للهيئة المنتخبة الشرعية لممارسة السلطة وحق إصدار الأنظمة والتشريعـــات التي تراها ضرورية لتنظيم حياة المجتمع.

توفر المشاركة: تقدم الفرصة أمام اكبر نسبة من المواطنين للمشاركة السياسية من خلال حقهم القانوني في التصويت والترشيح.

حرية الاختيار:حيث تعطي المواطنين الفرصة لاختيار الشخص المناسب لإدارة الشؤون العامة.

المراقبة والمتابعة: حيث تمكن المواطنين من مراقبة ومتابعة الهيئات المنتخبة والتأكد من تطبيقهم للأفكار التي عرضوها أمام المواطنين الذين انتخبوهم.

تترسخ ديمقراطية الانتخابات من خلال قانون انتخاب عادل يوفر الأسس والآليات والسبل لانتخابات حرة ونزيهة وعادلة تتيح المشاركة الكاملة لكافة أبناء الوطن في اختيار ممثليهم، وتمثل صوتهم في اتخاذ القرارات السياسية التي تبدأ من تعديل الدستور حتى إصدار الأنظمة والتشريعات التي تنظم حياة المجتمع وتكفل الحرية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والديمقراطية.

تعتبر الأحزاب آلية لتكريس الديمقراطية

إن إصدار قانون عصري للأحزاب السياسية بما يكفل المشاركة لكل السوريين وبدون استثناء هام جدا للتحول نحو الديمقراطية. حيث يرتبط التداول السلمي للسلطة بوجود تعدد حزبي حقيقي يسمح بتنافس فعلي بين عدد من الأحزاب ذات التوجهات المتباينة في تنقل السلطة من حزب إلى حزب آخر، ولا بد من وجود تعددية حزبية باعتبار الأحزاب وسيطة بين المواطنين و الدولة.

يؤدي الحزب في الأنظمة الديمقراطية وظائف هامة أولها إيجاد مكان ملائم ومشترك للحياة السياسية . ثانيا تعبئة المواطنين حول برنامج سياسي موحد للوصول إلى الحكم في حال الحصول على أغلبية برلمانية أو بالاشتراك مع أحزاب أخرى أو بالتأثير على قرارات السلطة الحاكمة. ثالثا، العمل الحزبي يقدم للبلاد قادة ذوي خبرة سياسية لاستلام الحكم.

وتبدو التعددية الحزبية ضرورة أساسية لتطبيق الديمقراطية بشكل أسلم، لأنها تعطي الحق للمواطنين بالانتساب أو لتأييد الحزب الذي يرونه أصلح للحكم أو للمشاركة فيه. فالتعددية مبدأ عام ملزم للجميع يتيح إمكانية تداول السلطة بين الأحزاب عن طريق انتخابات عامة ونزيهة.

المجتمع المدني ودوره في تكريس الديمقراطية

نقصد بالمجتمع المدني عالم المنظمات غير الحكومية بل أصنافها وأنواعها خارج إطار الأحزاب التي يختلف المصنفون في تصنيفها هل هي ضمن المجتمع المدني أم لا ، باعتبار أنها مؤسسات لها ارتباطات بالحكومة من حيث إمكانية تشكيلها لحكومات.

والمجتمع المدني عبارة عن هيئات مدنية حرة تتكون من مجموعة من التنظيمات الأهلية والشعبية المستقلة عن الدولة والحكومة والأفراد، وتتكون من هيئات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية ودينية تدافع عن مصالح الشعب المشتركة، ويعتبر المجتمع المدني من الركائز الأساسية لتحقيق التقدم والازدهار، وهو مظهر من مظاهر الديمقراطية وآلية لتكريسها فلا يمكن للمجتمع المدني أن يشتغل إلا في مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويعمل على تثبيتها و تكريسها في جميع المجالات.

يوجد المجتمع المدني بتنظيماته أو جمعياته توازنا بين قوة الدولة وقوة الأفراد، بين القانون في التشريع وبين حق الفرد في التفكير والتعبير الحر. ويخلق علاقات اجتماعية بين الأفراد بعيدة عن الدولة تكون بمثابة صمام أمان ضد جبروت الدولة التي تبغي الشمولية أي السيطرة على كافة نشاطات المجتمع. فلا بد أن نلمس فاعلية المجتمع المدني داخل الدول، إذا كان له رأي مسموع أو له القدرة على تغيير القرارات ،فإذا كانت له فاعلية داخل الدولة فهو بذلك يكرس الديمقراطية أما إذا كانت الدولة تتبنى ديمقراطية شكلية، فإنها سوف تهمشه وتضع قواعد وبنود تحد من فعاليته.

الإعلام والصحافة كآلية لتكريس الديمقراطية

إن الإعلام والصحافة يعتبران السلطة الرابعة داخل أي دولة، لما لها من فعالية في الدفاع عن الحقوق و تكريس النظام الديمقراطي. فإذا كانت هذه السلطة الرابعة تتمتع بكامل الحرية في التعبير واستخدام وسائل الإعلام في أداء مهامها في تكرس الديمقراطية، فهي تقوم بدور أساسي في تعزيز حرية الرأي والتعبير وفضح الممارسات غير الديمقراطية وقضايا الفساد السياسي، حيث تقوم بدور المراقب لتكريس الديمقراطية وعدم انحرافها عن توجهها الصحيح.

من المعروف للجميع أن الحياة السياسية الحديثة تتطلب مناخاً إعلامياً مواتياً كي تكون فاعلة ومجدية، وذلك من خلال إقرار حق كل إنسان بالوصول إلى المعلومة الصحيحة كي يتمكن من تشكيل رأيه السياسي ولكي تكون لديه الصورة الواضحة كيف يريد أن يدير حياته.

لا ديمقراطية دون صحافة حرة ومستقلة، مكتوبة كانت أو مرئية أو مسموعة. الصحافة الحرة هي مدنية وليست حكومية في تكوينها. تعكس بمختلف اتجاهاتها وجهات نظر الناس وتفكيرهم وتطرح عليهم آراء ومواضيع كثيرة للنقاش وتوضح وتشرح مشاكل المجتمع. كل هذا يؤدي إلى توعية كبيرة للمواطنين.

الديمقراطية والشفافية والمساءلة

لا ديمقراطية دون مؤسسات شفافة تعمل تبعا لمبدأ المساءلة في عملها. هذه الشفافية تظهر عن طريق سلسلة من المراجعات الدورية والثابتة مثل التفتيش العام لمصاريف الدولة من هيئة مستقلة عن الحكومة لها كل الحصانة الضرورية لعملها. هذه الهيئة تراقب وتراجع وتنتقد مصاريف الحكومة في كافة المجالات وترفع تقريرا سنويا عن ذلك إلى المجلس النيابي وتنشره للمواطنين. هذه الشفافية ضرورة في كافة مستويات الحكومة من وزارات إلى دوائر المحافظات أو المقاطعات...


من الضروري أن تأتي المراقبة أيضا من جهات متعددة للوصول إلى توضيح سياسات الدولة. فالصحفيون والمثقفون والكتاب والمختصون في الشؤون المطروحة للجدال لهم دور أساسي في النقد وطرح أفضل الحلول . كذلك لكل مواطن الحق الشرعي في مراقبة الحكام بشكل دائم واختيارهم بشكل دوري ونقد سياسات الحكومة ورفع مذكرات إلى الجهات المختصة.

إصلاح الأجهزة الأمنية عبر ما يسمى التطهير وإعادة البناء، ومن الضروري تغيير مهامها والعمل وفق مبدأ الدفاع وليس الهجوم. أي بقائها في الشارع لحماية المنشآت الحيوية والممتلكات العامة والخاصة وسلامة الناس وحياتهم.

يجب على كافة الأجهزة الأمنية احترام حقوق الإنسان، فالديمقراطية هي أسلوب في الحكم وهي جزء من حقوق الإنسان وليست القيمة الأولى في هذه الحقوق. حيث ان الديمقراطية ليست غاية في ذاتها بل هي"وسيلة" أفضل من غيرها لتسيير دفة الحكم والعيش بسلام ضمن حدود معقولة. الغاية هي في حياة وكرامة الإنسان وحرياته. على الديمقراطية أن تتيح للحريات، مثل حرية العقيدة وحرية الفكر، أجواء واسعة للتعايش مع حرية الآخرين بأقل ما يمكن من الصراعات والتناقضات. ويجب على دولة الحق والقانون أن تحفظ كرامة المواطن وتحد من تسلط الأجهزة الأمنية من خلال تغيير دورها ليسهل الحياة الديمقراطية في البلاد.

التنمية السياسية وثقافة التحول الديمقراطي (ثقافة الثقة وثقافةالحوار)

إن التنمية السياسية، بتعريفاتها المختلفة تحمل من المفاهيم التي يجب أن تخدم التنمية الشاملة، بمعنى أن التنمية السياسية هي أحد صيغ التنمية النوعية المتخصصة، وهي عملية يتم من خلالها تنمية قدرات أفراد المجتمع لمواجهة كل ما يعوق الوصول إلى مستوى أفضل. لهذا، تحرص البنية السياسية على التنمية الشاملة لكافة شرائح المجتمع للعمل سوياً لمواجهة المشكلات الداخلية والخارجية بشكل علمي وواقعي.

لا شك بأن ثقافة الثقة وثقافة الحوار لها الدور الأساسي في عملية التغيير والتحول نحو الديمقراطية، فبناء الثقة بين المواطن والنظام السياسي تضمن التضامن والتكافـل، وبثقافة المشاركة في الحوار يكون السبيل نحو التقدم والتطور في كافة المجالات الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والمدنية، التي تتم بزيادة جرعـة الديمقراطية، ورفع خط الحذر والخطر. وثقافة الحوار هي التي تدفع بالتنفيذ المتوافق والعمل من أجل التوافق حول كافة التحديات والصعوبات والإشكالات السياسية.

وبترسيخ ثقافة الثقة والحوار يصبح المواطن يمتلك ثقافة القناعة بالمساواة والعدالة وبالحصول على حقوقه، مما يدفع به نحو المساهمة الفاعلة في دفع عجلة البناء بمختلف مناحي الحياة. وحتى تتم ثقافة الحوار لا بُدَّ أنْ تطرح المسائل بشفافية، من خلال إعلام ناجح، يؤمن باحترام عقلية الفرد، ويغذيه بالمصداقية بثقافة تؤهله لمعالجة القضايا والتعامل معها دون اعتماد مباشر على الحكومة، وبهذا يجب أنْ يقدم الإعلام برامجه وهو يرسخ حقوق الإنسان بشكل عام، وبالأخذ بها عملاً لا شعاراً.

تعزيز الثقافة الديمقراطية

موضوع التحول إلى الديمقراطية في الأنظمة الديكتاتورية يكمن أساسا في إرادة الناس وشجاعتهم. كل تحول ما، يتطلب مجازفة وتضحيات كبيرة . إرادة التغيير عند شعوب أوروبا "الشرقية" في التسعينات من القرن العشرين مثلا، تمت ونجحت بشكل سلمي، تبعا لإستراتيجية التثقيف الديمقراطي المتواصل والعصيان المدني والمظاهرات والإضرابات.

أما في منطقتنا العربية فالطريق أكثر صعوبة لقلة وضعف الثقافة الديمقراطية. لأن تبديل أو تطوير الفكر والسلوك عملية شاقة وطويلة تحتاج إلى وعي كبير وصمود أكبر. فقوى النظام الأمنية التي "تملك" البلد وتستفيد من تسلطها السياسي والاقتصادي لن تتنازل عن "مكاسبها" وامتيازاتها بل سوف تقاوم بكل ما تتيحه لها الدولة من جبروت للبقاء و ستحاول القضاء على المطالبين بالتغيير والإصلاح.

إن الديمقراطية عملية متواصلة تحتاج إلى وعي من المواطنين للحفاظ والدفاع عنها وتطويرها. وأول خطوة على الطريق نحو الديمقراطية يجب أن يبدأ من خلال تربية الأجيال الناشئة على القيم الديمقراطية والسلوك الديمقراطي. وتعتبر المواطنة هي العامود الفقري للديمقراطية في العصر الحديث، على أساسها يمكن البدء بالعمل السياسي المفتوح على كل أفراد البلد. . المواطنة تتضمن نفس الحقوق والواجبات لكل المواطنين دون أي تمييز عنصري أو طائفي أو جنسي أو ديني أو مهني أو فكري أو ثقافي أو اجتماعي أو حزبي أو أي تمييز آخر يعطي الأكثر للبعض ويقلل من حقوق الآخرين.

ان تعزيز ثقافة الديمقراطية هام جدا، فثقافة الديمقراطية مفهوم, تكوّن من خلال التجارب الإنسانية المتعددة، والمتعلقة بمصدر وشرعية السلطة السياسية. هي فلسفة سياسية للتعايش المشترك في المجتمع بشكل سلمي. تتلخص باستقلالية الفرد وحريته وعقلانيته وسلوكه المتحضر مع بقية الأفراد في مجتمع منظم . هذه الثقافة الديمقراطية تنمو بشكل تدريجي بالفكر والتجربة والتطبيق والمقارنة مع تجارب شعوب أخرى وصلت إلى مراتب عالية في الحياة الديمقراطية. .

هذه الديمقراطية ليست شكلا ما في أسلوب الحكم فقط ولكنها أيضا ثقافة سياسية واجتماعية تؤثر في المؤسسات السياسية والاقتصادية والقضائية والدينية لإرساخ حقوق الإنسان العربي. وتظهر الديمقراطية في كل ركن من أركان الحياة العامة، كاحترام الرأي الآخر سياسية أو دينية أو ثقافية أو فنيّة أو إلحادية... وقبول سيادة القانون ،كالتقيد مثلا بقوانين السير... هذا السلوك "المتمدن" يعكس نضوجا في الديمقراطية تؤثر ايجابيا على الحياة السياسية لأن نوعية الممارسة واحدة في كلا الطرفين.

التوجه نحو الديمقراطية السياسية والاجتماعية

تهتم الديمقراطية السياسية بمصدر السيادة والسلطة وحقوق المواطن السياسية ومساهمته في الانتخابات وتشكيل الأحزاب وإبداء الرأي ونشره...ولكن الديمقراطية السياسية تبقى ناقصة بدون ديمقراطية اجتماعية. والتي لها أولوية على الديمقراطية السياسية، فتهتم بتحسين أوضاع المواطن المادية، عن طريق مبدأ العدالة الاجتماعية من حيث توزيع خيرات البلد على كل المواطنين لأن للمواطن حق شرعي بنصيب عادل منها. فالمساواة بين الأفراد في المجتمعات المنظمة تستند بشكل أساسي على هذه العدالة الاجتماعية. فأفراد الشعب من محدودي الدخل والفقراء وقليلي الثقافة والوعي السياسي ، لا يمكن أن يساهموا بشكل جدي في الحياة السياسية التي تتطلب معرفة بأمور الدولة وتسييرها وأمور السلطة ومداخلاتها. أولويات هؤلاء الناس هي لقمة العيش وليست السياسة.

في حال تأخر الديمقراطية الاجتماعية، من الضروري رغم ذلك تحريك الديمقراطية السياسية ، لأن أي توعية سياسية، ولو كانت في حدود ضيقة، تساعد الناس على معرفة مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. فإشراك الناس في العمل السياسي يحرك كثيرا من طاقات كامنة فيهم للمطالبة بمجتمع أكثر عدالة. ومن الضرورة بمكان التركيز على انه لا يكفي التبجح بالحريات العامة والمساواة أمام القانون إن لم ترفق بتحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين ليصبح لهذه المساواة والحرية معنى واقعيا.

العمل على أن تكون الديمقراطية العلمانية

أما الديمقراطية العلمانية فهي تستند إلى فصل الدين عن الدولة وتميز بين الدنيوي والمقدس بشكل واضح. وتجعل من الدولة ومؤسساتها بما فيها معاهد التدريس مؤسسات حيادية بعيدة عن الروابط الطائفية أو الدينية أو الغيبية. الديمقراطية العلمانية ترفض تدخل رجال الدين والحركات الدينية في مصير الدولة وتفسح المجال لحرية الإيمان الديني أو عدم الإيمان دون أي إكراه لآن الدولة لا علاقة لها بمعتقدات الأفراد. هذه الدولة مفتوحة لكل المواطنين ذوي المؤهلات دون تمييز ما.

في الديمقراطية العلمانية، الفكر البشري هو الذي يولّد الدستور والقوانين ويحدد سير الدولة ومعاملاتها مع المواطنين ومع الدول الأخرى. وحقائقه نسبية تتطور في الزمان والمكان بعقلانية علمية تجريبية. سيادة الدولة تنبثق عن الشعب. حيث النقاش والحوار والنقد مفتوح دون قيود ملزمة ومتحجرة. في الديمقراطية لا يحق للأغلبية إسكات أقلية ما مناقضة ومخالفة للرأي العام. لأن حقيقة الأمور لا تظهر دون حرية الرأي. أهم مقدسات الديمقراطية تكمن في الدرجة الأولى في احترام حقوق الإنسان التي هي غاية الديمقراطية وذروة تطور الحضارة الإنسانية. إعلان حقوق الإنسان تعطي قيمة مطلقة للناس وتحرّم استغلالهم وتدافع عن كرامتهم وحقوقهم في مجتمع أكثر عدلا. في الديمقراطية العلمانية قبول وتسامح لكافة المعتقدات الدينية والعقائدية والمذاهب الاجتماعية.

إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والاتفاقية الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية (1966) وغيرها من الاتفاقات الدولية التي أقرتها أغلب الدول العربية المنتسبة إلى هيئة الأمم المتحدة، تعبر تعبيرا واضحا عن علمانية الدولة والتزام هذه الدول بتطبيق مبادئها في بلادهم.

إن اجتماع الناس حول عقيدة دينية واحدة لا يعطيهم الحق بفرض إيمانهم على الآخرين أو توجيه سياسة الدولة والمجتمع حسب معتقداتهم. من الملاحظ تاريخيا أن الغرب نهض نهضة جبّارة عندما فصل الدين عن الدولة وحدد حقوق وواجبات المواطن بعيدا عن أوامر رجال الدين الذين كانوا يتدخلون في مجمل حياة الناس.

الديمقراطية دعوة للعيش المشترك استنادا إلى مفاهيم إنسانية محددة بشكل واضح في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. علاقتنا مع الآخر يجب إخراجها من نطاق الدين الضيق، الشبيه بالعنصرية ،الرافض للآخر، وإدخالها في المجال الإنساني الرحب.

ماذا بعد.....

إن الإجراءات اللازمة للتغيير يجب أن تبدأ فورا بما يخدم قوة بناء التحول الديمقراطي، وذلك لأن الديمقراطية بحاجة إلى ركائز تتماشى مع مواجهة التحديات. وإن الإعداد اللازم نحو قيام المجتمع الديمقراطي، يستدعي كذلك وضع استراتيجيات للتحول الديمقراطي وفق الأوليات التي تم تحديدها، والاهتمام بتفعيل قيم الحرية، وتعزيز ثقافة الديمقراطية واحترام لغة الحوار بغية ظهور عامل الثقة بين مؤسسات النظام والأفراد، مع تمكين مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الأحزاب، لتكون قوية حتى يتحقق التوازن بين حقوق الدولة وحقوق الأفراد وكافة مؤسساتها. لذا، تنتهي الدراسة إلى تأكيد وجهة النظر التي تؤمن بأنه على الرغم من وجود أسس ومرتكزات نظرية، وأخرى ما زالت لازمة لتفعيل مسيرة التحول الديمقراطي المنشودة في سورية، إلا إنها تبقى رهينة الإرادة السياسية لقوى التغيير الشعبية في الميدان، لكونها هي التي تحكم عملية صنع القرار، مع التأكيد على أن تواصل الإرادة يحتاج دوماً إلى تأطير استمرارية النشاط المجتمعي المطالب بالإصلاح السياسي.
الدكتورة شذى ظافر الجندي
حقوق الانسان ومكافحة الفساد والتنمية
الجامعة الامريكية- كلية العلوم السياسية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه