الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش المصري والمجلس العسكري الاعلى

حسقيل قوجمان

2011 / 7 / 26
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كتبت في اول مقال كتبته حول الثورتين المصرية والتونسية ان هاتين الثورتين حتى لو حققتا جميع مطالبهما على اكمل وجه فانهما لن تستطيعا احقاق ما يريده الشعبان من عدالة وحل مشاكل الشعبين حلا حقيقيا. وبينت ان سبب ذلك هو ان الثورة لم تعلن ضد النظام القائم وانما هما ثورتان ضد الدكتاتورية الاستبدادية الفاسدة رغبة في احقاق حكم اقل فسادا وتحقيق دولتين اكثر استقلالا واقل خضوعا لاوامر الامبريالية الاميركية واكثر اهتماما في رعاية الشعبين ومصالحهما. ولكنهما لا تستطيعان انهاء الاستغلال الاقتصادي والبطالة والفقر وكل ما عاناه ويعانيه الشعبان من استغلال وفساد.
ان السبب الحقيقي لفقر الشعب ومعاناته وبطالته هو وجود النظام الراسمالي. فالراسمالية فاسدة كانت ام غير فاسدة، ظالمة كانت ام غير ظالمة، لا تستطيع العيش يوما واحدا بدون استغلال الطبقة العاملة والكادحين لان هذا الاستغلال هو مصدر ربحها الوحيد ومصدر حياتها . وهاتان الثورتان لم تعلنا من اجل القضاء على النظام الراسمالي. قد تتحقق للشعبين ظروف اقل قسوة واقل استغلالا واقل خضوعا للسياسات الامبريالية نتيجة للثورة ولكنهما لا تستطيعان ان تقضيا على معاناة الشعبين وعلى استغلالهما.
ان ما نسميه ثورة في تونس وفي مصر ليس ثورة في المفهوم العلمي للثورة بل هي انتفاضة سلمية عارمة تهدف الى تحسين الاوضاع التي عانى الشعبان منها خلال عشرات السنين من حكم ابن على او حسني مبارك. في هذا المقال اود ان اناقش ظاهرة شائعة في هاتين الثورتين وخصوصا في الثورة المصرية.
واضح خصوصا في مصر ان الجيش المصري وقف موقفا مشرفا من انتفاضة الشعب المصري. كان واضحا ان هذا الجيش هو جزء من الشعب المصري وحام لانتفاضته بحيث انه لم يطلق النار على الشعب المنتفض بل عمل على حمايته وصيانة انتفاضته او ثورته. وقف الى جانب الشعب ضد سلطة حسني مبارك ورهطه.
اي جزء من الجيش هو الذي وقف هذا الموقف المشرف العظيم تجاه الشعب المصري وتجاه ثورته؟ يبدو لي ان هذا الجزء من الجيش هو الجنود الافراد الذين هم ابناء العمال والفلاحين والكادحين المعرضين لظلم واستغلال السلطة القائمة. هذا الجزء من الجيش هو الضباط الصغار الشباب الذين لم يكونوا على استعداد لاطلاق النار وتحطيم وتشتيت وتفريق الشعب المنتفض. ان الجزء الذي وقف هذا الموقف المشرف من الانتفاضة الشعبية ومن الشعب المصري هو ابناء الشعب المجندين في هذا الجيش. ليست قيادة الجيش العليا هي التي وقفت هذا الموقف المشرف بل ضباط الجيش الصغار وافراد الجيش ابناء العمال والفلاحين هم الذين وقفوا هذا الموقف المشرف من الثورة ومن الشعب.
ولكن يبدو لي ان هناك خلطا بين الجيش وبين قيادته العليا. يبدو لي ان شعب الثورة او شعب الانتفاضة يخلط بين الجيش وقيادته العليا اما جهلا او تحاشيا للتصادم بين الجيش والثورة. ولكني ارى ان هذا الخلط يشكل خطرا داهما على الثورة ومنجزاتها. فمن هي قيادة الجيش العليا؟
كان مبارك القائد العام للجيش المصري بصفته رئيس الجمهورية. ومن الطبيعي ان يقوم بقيادة وتربية الجيش من اجل الحفاظ على نظامه ضد اية معارضة تبدو من الشعب المصري لسلطته. فقد نظم وربى وسلح وثقف هذا الجيش لكي يكون اداته الفعالة في قمع اية معارضة مهما كان نوعها سواء اكانت مطالبها شعبية مشروعة ام لم تكن. كان حسني مبارك رئيسا للمجلس العسكري الاعلى واختار لهذا المجلس اخلص واطوع الضباط لارادته ولسلطته. وقد كان هذا المجلس اداته الطيعة طوال الثلاثين عاما من حكمه.
ما الفرق بين ابن علي في تونس وحمني مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وصالح في اليمن؟ الفرق الوحيد في رايي هو ان القذافي وجد من الجيش او المرتزقة من يطيعه في عملية ابادة الشعب من اجل الحفاظ على سلطته بينما لم يستطع ابن علي او مبارك وقيادتاه العسكريتان ان يجدا جيشا يخضع لهما في عملية ابادة الشعب المنتفض وتحطيم انتفاضته. فالجيش الذي ربياه وثقفاه وسلحاه من اجل الحفاظ على نظامهما لم يخضع لاوامرهما في تحطيم الانتفاضة عن طريق تمزيقها بقوة السلاح. ولو خضعت قواعد الجيش المصري مثلا لقيادة حسني مبارك في ضرب الشعب المنتفض لما تخلى عن سلطته ولما تواني عن ان يستخدم الجيش بنفس الطريقة التي يستخدم القذافي جيشه ومرتزقته للحفاظ على سلطته.
اعلن نائب الرئيس مبارك المعين قبل ايام عن تخلي مبارك عن مهام رئاسة الجمهورية. ولكنه لم يعلن عن تخلية عن رئاسة المجلس العسكري. فهل ما زال مبارك رئيسا للمجلس العسكري لا يحضر اجتماعاته بسبب توعكه الصحي؟ اعلن نائبه انه طلب من المجلس العسكري ادارة شؤون البلاد. فهل يحق لرئيس جمهورية قانونيا ان يعين من يدير شؤون البلاد بعده عند تخليه عن مهامه او الاطاحة به؟
اعلن حسني مبارك في خطابه الاخير قبل تخليه عن مهام رئاسة الجمهورية عن برنامج وعد بتنفيذه في الفترة المتبقية من ولايته الاخيرة مع التأكيد على عدم ترشيح نفسه للرئاسة هذه المرة. واعلن انه لا يورث ابنه جمال للرئاسة. وهذا لا يعني ان جمال ليس من حقه باعتباره زعيما لحزب ان يرشح نفسه للرئاسة من اجل انتخابه انتخابا شرعيا. ولكن حسني مبارك اعلن في هذا البرنامج الخطوات التي يزمع تحقيقها في بقية ولايته كانتخاب رئيس للجمهورية واجراء انتخابات ديمقراطية للبرلمان واخرها التفكير في انهاء حكم الطوارئ الذي عاني منه الشعب المصري طيلة حكم مبارك ولم يعش الشعب المصري ولو يوما واحدا في ظل حكم القوانين لان قانون الطوارئ يعني الغاء او تجميد كافة القوانين وابقاء قانون الطوارئ وحده نافذا في البلاد. ولكي يقدر الشعب المصري، شعب الثورة او الانتفاضة، موقف المجلس العسكري من الانتفاضة عليه ان يرى مقدار تخلي هذا المجلس عن البرنامج الذي وضعه له مبارك قبل ايام من تخليه. السؤال هو هل حاد المجلس العسكري ولو قيد شعرة عن هذا البرنامج؟ يبدو لي ان المجلس العسكري لم يحد عن هذا البرنامج خلال هذه الشهور من الثورة. وعلى سبيل المثال لماذا يبقى قانون الطوارئ الى ما بعد انتخاب المجلسين ورئيس الجمهورية؟ لماذا لم يلغ المجلس قانون الطوارئ الذي عانى منه الشعب المصري كل يوم من ايام حكم حسني مبارك؟
والموضوع الاكثر حساسية هو هل المجلس العسكري اليوم يمارس مهمته كقائد للجيش المصري؟ واضح ان المجلس العسكري بعيد كل البعد عن مهمته الاساسية، مهمة قيادة الجيش المصري. انه اليوم يمارس مهام رئيس الجمهورية. انه يقود سياسة البلاد في هذه الفترة الانتقالية. وقد كان هذا المجلس طوال مدة حكم حسني مبارك مجلسا طيعا ومنفذا لمصالح حسني مبارك وخاضعا لارادته ولاوامره. فما الذي تغير بين عشية وضحاها؟ كيف تحول هذا المجلس فجأة وعلى حين غرة من مجلس حسني مبارك الى مجلس الثورة على حكم حسني مبارك؟
يبدو لي ان مهمة المجلس الاعلى الاساسية هي كسب الوقت وتهدئة الثورة لابقاء حكم حسني مبارك بدون حسني مبارك ومن ثم الانقضاض على قيادات الثورة واشخاصها البارزين والتنكيل بهم بنفس طريقة حسني مبارك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - very good explaination
Haval... ( 2011 / 7 / 27 - 00:14 )
Al Salam .....Mr Hasqwil,
It is real revolution in the area, and whate you nsaid it is true.
Thanks


2 - شكرا لهذه المساهمة
احمد صالح سلوم ( 2011 / 7 / 27 - 01:07 )
تحليل دقيق
مع تحياتي


3 - تعليق
رائد عودة ( 2011 / 7 / 27 - 10:17 )
تحية ثورية وبعد رفيق قوجمان
تحليل راقي جدا من مفكر ماركسي ندر وجود أمثاله في البلاد العربية تحياتي الصادقة لك واتمنى لك مزيدا من الصحة والقوة حتى تبقى تثرينا من كتابتك الرائعة والجميلة
وشكرا لك مرة أخرى


4 - مرحلة الثورة الوطنية و الديمقراطية
غسان العوني ( 2011 / 7 / 27 - 22:30 )
تحية حارة للرفيق قوجمان.
اولا ان الثورات العربية الحالية ذات طابع وطني و ديمقراطي و ليست ثورات اشتراكية. تستهدف الاستبداد السياسي من اجل القضاء عليه. كما استهدفت الاقلية المحلية العميلة و الشركات و المؤسسات و الدول الاجنبية التي تمثل القاعدة المادية لهذا الاستبداد، من أجل التحرر من سيطرتها و تمكين الشعب من السلطة و من تحقيق السيادة على خيرات بلده و ثرواته. هي ثورات معادية للبرجوازية الكبيرة العميلة و للهيمنة الاستعمارية الجديدة
ثانيا انها ثورات بالفعل لانها هدفت الى الاطاحة بالانظمة القائمة الاستبدادية و العميلة و استبدالها بانظمة ديمقراطية و شعبية و ليس ترميمها و قد لخصها شعارها المدوي : الشعب يريد اسقاط النظام.
ثالثا لازالت الثورات متواصلة و نجاحها مرهون ببروز قيادات ثورية تعي طبيعة هذه المرحلة وتضع هدفها النهائي الظفر بالسلطة. ان المسالة الاساسية في كل ثورة هي مسالة السلطة
رابعا اتفق معك على ضرورة التفريق بين الجيش المصري و المجلس العسكري لاختلاف تموقعهما الطبقي
دمتم بخير


5 - الثورة المصرية بين الواقع والخيال
يعقوب ابراهامي ( 2011 / 7 / 29 - 18:09 )
1. لا اعرف من اين اتى حسقيل قوجمان بحقيقة ان الجنود البسطاء (ابناء العمال والفلاحين) وصغار الضباط فقط هم الذين وقفوا موقفاً مشرفاً من الثورة وليست قيادة الجيش وكبار الضباط. ربما لدى حسقيل قوجمان معلومات لا تتوفر لدينا. أو ربما هذه هي ثمرة الخيال الخصب في هذا الصيف الحار. ما أعرفه انا على الأقل استناداً الى ما أذيع ونشر في الصحف والقنوات الفضائية هو انه لولا موقف القيادة العسكرية العليا المساندة للثورة لما نجحت الثورة.
2. المشكلة الرئيسية التي تواجهها الثورة المصرية اليوم هي ليست بين ابناء الشعب والمجلس العسكري بل بين القوى الأسلامية الرجعية التي تريد أقامة دولة اسلامية على اساس الشريعة الأسلامية، والقوى الديمقراطية العلمانية الليبرالية.
3. نداء خطيب يوم الجمعة اليوم في ميدان التحرير: (يا سكان فلسطين! اننا قادمون لتحرير الأقصى) لا يبشر خيراً


6 - الى يعقوب
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 7 / 29 - 18:46 )
بعد الاعتذار من الاستاذ حسقيل قوجمان المحترم
اقول الى يعقوب تتذكر ما كتبت في اول الايام فاين ما كتبت امس وما تقوله اليوم
وهذه مشكلة الذين ياخذون القشور من الامور
تتذكر انك قلت ان لاهتاف ضد الشيطان الاكبر او الموت لأسرائيل وهتف بذلك من هتف وقلت لم يحرقوا العلم للدول تلك او هذه


7 - الى عبد الرضا حمد جاسم 6: بين الأمس واليوم
يعقوب ابراهامي ( 2011 / 7 / 29 - 19:16 )
1. مع الأسف لم افهم أبداً ماذا تريد ان تقول. ربما وقع بعض التشويش في التعليق. أرجو ان تعود الى ذلك ثانية. أرجو إذا أمكن ان تذكر أين ومتى كتبت ما تقول انني كتبت.
2. أنا لا أري عيباً في ان أقول اليوم غير ما قلته بالأمس.
3. على كل حال ما رأيك في ما أقوله اليوم (في تعليق رقم 5) لا بالأمس؟


8 - الى يعقوب ابراهامي7
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 7 / 29 - 20:35 )
اعتقد انك تنسى ما تكتب ولتتذكر عليك ان تعود لما كتبت
وكنت قد قلت مره ان طبيبك قال لك ان مشكلتك انك ذكي فاعتقد اليوم انه كما كل طبيب في العالم يحترم مهنته لم يرغب ان يزعج مريضه
اما رايي فيما تقوله اليوم هو انك كما لا تتذكر ما قلته بالامس ستنسى غدا ما تقوله اليوم فلا فائده من ابداء الراي به


9 - الى عبد الرضا حمد جاسم 8: الطبيب والحقيقة
يعقوب ابراهامي ( 2011 / 7 / 29 - 20:43 )
الطبيب الجيد في نظري هو الذي يقول الحقيقة للمريض.
أنا أعرف ذلك لأن في عائلتي اربعة أطباء


10 - الى يعقوب ابراهامي9 الطبيب والحقيقه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 7 / 30 - 06:05 )
اكرر الاعتذار للأستاذ الكاتب المحترم الاستاذ حسقيل قوجمان والكرام المتداخلين وان يسمحوا لي بهذا الرد الأخير وهو خارج الموضوع
انك المتبحر والعارف ومن ثم الساده الكرام الاطباء الاربعه في عائلتكم الكريمه...اعتقد ان قول الحقيقه للمريض يعتمد على حالة المريض النفسيه و تقدم حالته المرضيه وخطورتها


11 - وأين نضع جيش سوريا؟
سيلوس العراقي ( 2011 / 7 / 30 - 07:46 )
السيد حسقيل المحترم
هل يجب ان تضع في تفسير وتحليل كل قضية وانتفاضة العمال والفلاحين؟ ما حدث في مصر وتونس وفي ليبيا لا علاقة له بهما. الا اذا كان بامكانك الاستشهاد بوقائع. ثانيا انك تسمي المجلس العسكري بانه مجلس حسني، والوقائع تدل على انه ليس كذلك، وانت ذكرت بلسانك بانه لم يدافع عن حسني مبارك مما أجبر حسني على الاستقالة، سيدي العزيز في تحليلك لعاملنا المعاصر لا تخدمك وسائل التحليل الملائمة للقرن التاسع عشر والقرن العشرين حتى فالرأسمالية والليبرالية أثبتت نجاحها عالميا واثبتت ذكاءها في ادارة الازمات العالمية في كافة مجالاتها وخلاقيتها في ايجاد وسائل دائما جديدة في طريقة حياة متجددة حرة تحترم كل المجتمع وكل انسان من دون وضعه في طبقات التي الغتها القوانين الليبرالية وحقوق الانسان التي لم يحترمها ابدا لا الاتحاد السوفييتي ولا كل الدول التوتاليتارية وليس فقط (طبقة) العمال التي رأت في الراسمالية طريق خلاصها، وثالثا انك لم تتطرق الى سوريا فاين تصنف الجيش العربي السوري بالنظر الى اصطفافه مع النظام وبالشعب وهل بنظرك هو جيش الشعب أم جيش الاسد ؟مع تحياتي واحتراماتي


12 - الى عبد الرضا 10:الطبيب، المريض والحقيقة
يعقوب ابراهامي ( 2011 / 7 / 30 - 08:56 )
وأنت؟ هل كنت تريد ان يقول لك الطبيب الحقيقة؟
فكر قبل أن تجيب، وهذه نصيحة مفيدة دائماً

اخر الافلام

.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح


.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا




.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ


.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم




.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال