الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سحر أبيض وأسود

حنين عمر

2011 / 7 / 27
الادب والفن


سحر أبيض وأسود
حنين عمر

مازلت شغوفة بأفلام "الزمن الجميل"، تلك الأفلام التي يحلو لي أن أجلس أمام التلفاز خاصة أيام الشتاء الماطرة، وأن أغوص في تفاصيلها بينما أشرب فنجان شاي ساخن أحليه كعادتي بخمس ملاعق سكر إمعانا في تحلية الحياة...تلك التفاصيل من فساتين، شوارع، حدائق، ابتسامات.... تبهجني لأنني اشعر أنها حالات أعمق من صور بصرية غير ملونة ، إنها متحف يحفظ "الزمن" ويجعل التاريخ فيه غير قابل للتلوين الذي يزوّر حقائقنا.

ربما هذا ما دفعني للبحث عن تاريخ السينما العربية، المرتبط بمصر بشكل أساسي، ولعلي مازلت أذكر إلى يومنا هذا كيف تصالحت مع رواية "زينب" الشهيرة للكاتب محمد حسين هيكل - التي تعد طليعة المشهد الروائي العربي- إثر مشاجرة عنيفة مع صفحاتها وأنا في المدرسة أمام واجب تلخيصها. وكان سبب المصالحة هو اكتشافي أنها تعد أيضا أول رواية تتحول إلى فيلم سينمائي عام 1933، حينها تناسيت أحقادي وقلت لنفسي : فلأتبارك بها لعل وعسى يوما ما تتحول إحدى رواياتي إلى فيلم مثلما حدث معها.

غير أن تاريخ السينما العربية يعود إلى ما قبل هذه الرواية بأكثر من ربع قرن، فأول فيلم متحرك تم تصويره في مصر كان فلما صامتا عام 1907 وكان مجرد توثيق لزيارة الخديوي عباس حلمي الثاني لمعهد في مدينة الإسكندرية، وفي نفس هذه المدينة عام 1917 أنشأ المخرج "محمد كريم" شركة لصناعة الأفلام وعرضها، حيث أنتج فلمين هما "الأزهار الميتة" و "شرف البدوي" سنة 1918، وبعدها بأربعة أعوام أنتج منتج وممثل آخر يدعى "فوزي منيب" فلما صامتا ثالثا عنوانه "الخالة الأمريكانية".

في عام 1927 ظهرت "عزيزة أمير" كأول سيدة مصرية على الشاشة وكأول منتجة سينمائية أيضا، وكان ذلك في فلمين هما فيلم "قبلة الصحراء" الذي مثلت فيه، وفيلم "ليلى" الذي أنتجته عزيزة أمير بنفسها – وسبق إنشاءها لشركة استوديو هليوبوليس- وقد هنأها عليه طلعت حرب يوم افتتاحه قائلا: " سيدتي لقد استطعت انجاز ما لم يتمكن الرجال من انجازه "، هذه المقولة نفسها تحققت مرة أخرى سنة 1933 حين قامت فاطمة رشدي بإنتاج وتمثيل فيلم "الزواج".

وقد ظلت الأفلام المتحركة صامتة وظل صمتها مطبقا على المشاهدين إلى غاية عام 1932 حيث نطقت الشاشة لأول مرة من خلال فلم "أولاد الذوات"، وقام ببطولته الممثل الشهير "يوسف وهبي" والممثلة العظيمة "أمينة رزق" . كما أنه في هذه السنة أيضا ظهر أول فيلم غنائي وكان عنوانه "أنشودة الفؤاد" الذي مثلته المطربة "نادرة" آنذاك، وتلاه الفيلم الشهير جدا "الوردة البيضاء" والذي ظهر فيه الموسيقار الكبير "محمد عبد الوهاب" ليكون بذلك أول مطرب سجل حضوره السينمائي في العالم العربي.

ولم تلبث أم كلثوم أن لحقت بعبد الوهاب من خلال مشاركتها في فيلم "وداد" والذي تميز عن بقية الأفلام الأولى بكونه كان من إنتاج شركة "استوديو مصر" التي تأسست عام 1935والتي شكلت مع "استوديو النحاس" نقطة تحول حقيقة وفاصلة حيث انطلقت بهما الصناعة السينمائية المصرية نحو عصر جديد، لكن هذا العصر الجديد لم يزهر ربيعه إلا بعد الحرب العالمية الثانية عام 1946 ففي هذه الفترة ظهر المبدعون من مخرجين - أمثال أحمد بدرخان وحسن الإمام وحلمي رفلة- ومن فنانين أمثال ليلى مراد وأنور وجدي ومريم فخر الدين وصلاح ذو الفقار و فاتن حمامة وعمر الشريف وشادية و هند رستم وفريد شوقي والراقصة تحية كاريوكا وغيرهم. هؤلاء أثثوا عالما سحريا من الأبيض والأسود، وصنعوا مجد وتميز ودهشة زمن حفظته علب حديدية وشرائط نيغاتيف طويلة، ، ورسموا أجمل المشاعر في لوحات ناطقة متحركة، وجعلوا من لونين "ألأبيض والأسود" كونا من الألوان التي مازالت تغرقنا في دهشتها الماضية، وتمنحنا أحلاما آتية... أحلام تشبه حلمي بتحويل أبطال رواياتي إلى شخصيات حقيقة في مشهد متحرك سيكون ملونا لضرورات مكياج التطور التكنولوجي... لكنما سأتمنى دائما أن يحمل سحر ألأبيض والأسود.
حنين//
سلسلة مقالات فانيليا - الصدى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??