الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفية المغرب الثالثة بين سياسة الصبار وسياسة الزيتون

محمد القرافلي

2011 / 7 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ألفية المغرب الثالثة بين سياسة الصبار وسياسة الزيتون

إلى ذكرى روح والدي الطاهرة الذي حدس بفراسته أفق سياسة المغرب حينما لمح حقول الصبار تهجم على أشجار الزيتون بشراسة وتحتل أراضيها المقدسة مثل العدو الصهيوني الغاشم، وصرخ لحظتها ومن أعماقه: إنها لعنة قد حلت بالمغرب. كعادتي كنت دوما أعارضه قلت له انك تخرف ولا تعرف عن الصبار شيئا؟ أجابني يكفينا فخرا أن شجرة الزيتون ورد ذكرها في القران وان الله امتدحها واعتبرها شجرة مباركة وان زيتها يكاد يضئ ولو لم تمسسه نار. ثم أضاف وهو يشيح بوجهه عن أشواك الصبار هل تعلم انه لولا أشجار الزيتون في هذه المناطق لهلك أصحابها أيام الجفاف التي اجتاحت المغرب ولعاش أهلها في الظلام الدامس. قلت له: انه ليس كل ما ذكر في القران يعتبر مباركا ومقدسا وما لم يذكر يعتبر لا قيمة له. لم يعجبه كلامي وقال إن هذه الفلسفة التي تعلمتها لن تفيدك شيئا. ومضيت أتفلسف عليه قليلا : ارايت نبتة البصل أمرها عجيب فعلا وصارت لغزا وسرا في الأساطير والحكايا تبكي كل قوي وجبار،وهي مثل السرة حينما نعريها لا نجد بها أي سر إنها تشبه تلك الأثواب التي نلف بها صناديق السادات والأولياء حينما نعريها لا نجد سوى الغبار،ضحك والدي كعادته،وواصلت شطحاتي قائلا :ألا ترى أن البصل ينبت بين السماء والأرض،وواصل ضحكه قبل أن أباغته بقولي: إذا كان هذا لغز البصل فان سر الصبار أعظم. رد علي بعنف يصلح للتسييج فقط أما جني فاكهته محنة ما بعدها محنة واكله قبح ومذلة خاصة على الجياع الذين لا يجدون ما يسدون به رمقهم ....واسأل البعيد قبل القريب ومحنة الأطفال معه. ضحكنا معا قبل أن يضيف إنهم يطلقون عليه "الهندية وكرموس النصارى" أما التين فيسمونه "كرموس المسلمين" وانظر لأشواكها الخبيثة الغليظة أو الدقيقة فالأولى ولعياذو بالله حينما تنفذ إلى الجسم فإنها لا تظل في مكانها بل تغوص في أعماق الجسم ويلزمك خبراء في التشريح كي يعثروا على مكانها أو جزار ماهر، أما ا الدقيق منها فانه يعمي الأبصار حينما يستقر بالعيون وتزداد شراسته مع هبوب الريح ولا يسلم منها الإنسان والحيوان ولا الشجر، أما إذا اخترقت جلدك فإنها ستسبب حساسية قد تحرمك من لذة النوم وتعكر صفو يومك. كدت استسلم لما قاله لولا أن بعض الإشارات انقشعت أمامي فقلت في كبرياء: انظر إلى الصبار وتأمله قليلا ستجده يفوق لغزية البصل،له خضرة دائمة تفوق خضرة الزيتون ويجدد شبابه بسرعة خارقة،وعجبا لا أغصان له وأوراقه تثمر،ثم إذا كان البصل ينبث بين السماء والأرض فخذ ورقة من الصبار وارميها في أي مكان فإنها ستنمو بسرعة وتثمر بسرعة. زيادة على ذلك للصبار شخصية مستقلة فهو لا يحتاج إلى رعاية لا إلى من يسقيه أو يحميه بل يحمي نفسه بنفسه ويعطي بدون حساب. لم يقتنع والدي بما قلته ورد بانفعال محاولا ان يختم النقاش كعادته وان تكون كلمته هي الأخيرة: ارايت الإسرائيليين كيف يقتلعون الزيتون من جذوره إنهم يحاولون أن يستأصلوا ذاكرة شعب وحضارة وقارن بين جذور الزيتون وجذور الصبار فهذا الأخير لا جذور له بل شعيرات تشبه أذناب الشياطين بينما الزيتون يضرب بجذوره في أعماق الأرض ولا غرابة إن رأيت البعض من الفلسطينيين الأحرار والمخلصين يتشبث بأشجار الزيتون ولو كانت جرداء.
رحمك الله والدي لم أدرك عمق فلسفتك إلا في هذه اللحظة العصيبة حيث يلاحظ هذا التهافت المحموم على الصبار وعلى المشاريع التنموية والتي لا تملك من التنمية إلا التسمية إن لم تكن في الكثير منها اقرب إلى المنية. افتخرت الحضارة اليونانية بشجر الزيتون وأحدث نقلة نوعية عندهم وأسس لحضارة لذلك تردد ذكره بين نصوص الفلاسفة" الزيتون أكل وشرب ودهن ونور في البيت".
اعتبر عندهم شجرة مقدسة قبل نزول القران بألفي سنة. يرمز الزيتون إلى الذاكرة والتاريخ والتجدر والى الصفاء والسلام والإخلاص والى العطاء المتبادل بينما سياسة الصبار ترمز إلى التهميش واللامبالاة والحصار والكسل والانتظارية. أوطان الزيتون أوطان الانفتاح والاعتراف بالأخر والعطاء المتبادل جغرافية الصبار علامة على الانغلاق والعزل لا عجب إن خرج علينا أصحاب مشاريع الصبار بأسماء متعددة لأنواع الصبار تحمل سموم العنصرية الدينية ،العيسوي والموسوي.....،والقبلية الموغلة في النعرات القبلية، الرحماني والسرغيني والد كالي............والزيتون يرمز إلى الأصالة ولا نقصد بها مفهومها التراثي بل الأصالة في القيم والمبادئ والقناعات السياسية،ويدل الزيتون على الجهد والفعل والعناء بينما يشير الصبار إلى الجاهز والمجاني وتشبه صيحات موضة الصبار صيحات سياسات أصحابها لذلك تجدهم يتحدثون عن أوهام ووعود لا نهاية لها من تحطيم أرقام خيالية في غرس الهكتارات وتحويل المغرب إلى ضيعات وحقول ومصانع للصبار، ومن غزو للسوق العالمية بمنتوجاته إذ سيتحول المغرب إلى سويد جديدة في إنتاج مستخلصات الصبار والتي ستكتسح مجالات التجميل وتكتسح أسواق الأعلاف والمصبرات.........وما إلى ذلك. إذن يحكم المغرب سياستان سياسة الصبار وسياسة الزيتون،وتحية إجلال وصمود لوالدي الذي ظل طول حياته يرعى أشجار الزيتون ويستظلها ويغرسها إلى أخر يوم من حياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح