الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدن..تغرق في الصحراء..؟

سيمون خوري

2011 / 7 / 27
الادب والفن



برونتو ... برونتو ..؟!
لا أحد على الخط ؟
فقد رفضت سحب الذرات، نقل همسي. و سيقت " زنوبيا " الى روما مكبلة بأصفاد من ذهب .
لم يرثيها سوى ديك الجن، وأنين ناعورة " العاصي “. حتى معلمها " لونجين " تخلى عنها .
برونتو ..برونتو ..؟
لا أحد على الخط ...
احتل الصمت ، ممالك الغربان .
وصل " رمسيس الثاني " الى " قادش "، كسر قارورة من ماء النيل . في نهر يعشق سومر وآراميا. امتزج الماء بالماء . عصي " العاصي " قانون السلطان ، ويمم شطر الشمال.
برونتو ...برونتو ..
هنا كهف الأزمنة السحيقة . زمن يؤرخ لزمن. وزمن يتلصص على زمن. فقد رفضت سحب الذرات نقل بقايا دمي، وحوارات المنفيين عبر الأثير.
هنا زمنا يتعامد مع كل الأزمنة. زمن عشتار وبعل وحورية بابل وأثيناس . هنا زمنا يهرول فيه الموت..حتى الموت. مما تخاف..؟ فأنت مشروع ميت.. في وطن تحول الى متحف للنصب التذكارية لجنود مجهولين. وسرق الحاكم، القضاء والقدر.
فقد سيقت زنوبيا الى روما مكبلة بأصفاد من ذهب.
برونتو ...برونتو ..
لا أحد على الخط ..؟
استيقظت الدهشة ،في منتصف طريق ..لا علامة تضئ القلب ، لا خارطة ..هل كل الطرق الأن تؤدي الى الصحراء ...؟!
اتكأت جمجمتي على راحة كفي . حدقت إذناي في ظلام الصمت ، تذكرت روايات الخوف في مقهى حكواتي قديم .
قال، ملوحاً بعصاه، وهكذا يا سادة، من كان منكم يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات. ومن كان منكم يعبد معاوية أو علياً، فإنهم على صدر الصفحات الأولى أحياء يرزقون. يندبون حظهم العاثر ، بأمة ابتليت بجهلها. وعاد ت داحس والغبراء الى ساحة الوغى . أما الزير سالم، فقد قرر الانتحار حزناً على ما ألم بهذه الشعوب المنكوبة بتاريخها.
ضج الحضور بالصراخ.. وزنوبيا وعشتار ..؟
سيقت زنوبيا الى روما مكبلة بأصفاد من ذهب . لم تحزن سوى نواعير العاصي.
أما عشتار، فقد قصت شعرها حزنا على أدو نيس . وارتدت برقعاً ، نسجه الليل.
فنحن يا سادة، شعوب عنيدة، لا تعرف معنى التسامح، ولا التصالح مع الأخر، ولا الابتسامة.
مدن تعود الى الصحراء، ومدن تصعد الى الفضاء .
أفكك من جديد حبكة الرواية .. ماذا جرى ؟
لا شئ .. فقط ..
مدنٌ تغرق في الصحراء.. مدنٌ تصعد الى الفضاء.
تستيقظ الدهشة مرة أخرى ، نادراً ما يكتب شاعراً قصيدة في النهار..؟! لكن ناعورة العاصي.. تكتب أشعارها نهاراً وليلاً ..ترى هل سنرى الفجر أم زواره ..؟ أم عمائم قريش وقم..؟
المكان يدمر الزمان ، والزمان يفتك بالمكان ..
يامونيكا ..لم تعد النخلة تحمل رطباً، فقد دمر الزمان ، المكان.
و حمل أبو نواس متاعه ورحل. فلا مسكوف ، ولا خمر بعد الأمس .
مدن تغرق في الصحراء.
ومونيكا، على محراب بابل، توقد شمعة .
على روح دجلة، بعد أن أرتدي العراق عمامة الإخفاء.
فلا مطر ولا زرع ولا ضرع. فكل تاريخنا لآت ثلاث
لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات..؟
والقدس، أرملة موائدهم...
مدن تغرق في الصحراء.
ومدن تصعد الى الفضاء... يامونيكا ..
وتاريخ حسب الطلب ، يضع الأصفاد في رؤوس البشر . فتناولي طعامك، ولا تقرئي الفصل الأخير من تاريخ تغريبه بابل. أو كيف سيقت زنوبيا الى روما . تفوح منها رائحة نفط وزفت.
برونتو ...برونتو ...
لا أحد على الخط الأخر..؟!
خسر الضوء جزءا من نهاره. فقد احتل الصمت ممالك الغربان. وتآلفت العين مع الخاء.
برونتو ..برونتو ..
لاشئ ، صوت أنين " العاصي والخابور وبردى " ودجلة يروى سيرة " هولاكو ".
برونتو .. برونتو ..
انقطع الخط ؟!

سيمون خوري
20 / 7 / 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
زهير دعيم ( 2011 / 7 / 27 - 10:47 )
همساتك شاعرية يا غالي.. تحمل في طيّاتها احلام الشعوب وأمل الغد وثورة الجياع
ابدعت كعادتك


2 - استاذي سيمون الرائع
رويدة سالم ( 2011 / 7 / 27 - 11:03 )
سحرتني الكلمات فتهت في رحلة بين الحلم والواقع في زمن لا يعرف الفرق بين الحقيقة والوهم
الكلمات تفضح وجعنا فهل لوجعنا من دواء ام اننا سنبقى دوما معلقين بين الكلمات الهائمة (ساحات الوغى الوحيدة المتاحة) نبثها الاحلام والخوف ونطلب الرجاء.
نتأرجح بين عبق وشبق وماض تليد وسيف مشهور ترمينا الكلمات عرائس ورقية فيفتضون بكارتنا ثم يشربون الانخاب.
مدننا ابتلعتها الدوامات الرملية وابن الساحر الوراث الشرعي لمجد أجداده لكثرة ركوعه نسي ترتيلة الانقاذ
لتغرق كل المدن استاذي فان مت عطشانا فلا نزل القطر

دمت بكل ود


3 - الخط مقطوع
عبد القادر أنيس ( 2011 / 7 / 27 - 17:34 )
شكرا أخي سيمون على المقالة. لا يجب أن تنتظر جوابا سريعا مادام الخط مقطوع بين الأجيال وبين الشعوب ونخبها وبين العالم المتحضر وعالمنا المتخلف، ومادام هناك من يحرص على قطع الخط كلما قام أحدهم بوصله مع الحداثة والذكاء والعقل والحرية.
في الحقيقة لم يبق عندنا مدن بعد أن التهمها التاريخ كما التهمتها صحراء الغباوة والبلادة والكسل والتوقف عن العطاء الحضاري منذ مدة طويلة.
خالص مودتي بل وعزائي لك ولي في مصابنا الجلل


4 - قصائد تنوح تموز حضاراتنا التي سقت عطش العالم
الحكيم البابلي ( 2011 / 7 / 27 - 18:03 )
عزيزي سيمون
مونيك تشكرك بكل صدق ، كونك مزجتَ إسمها باشعارك ونفح طيب الألهة الشرقية
وأحياناً عندما أحكي لها ولأخواتها من أي عمق حضاري جئنا ، تدمع عيناها وتسالني بحزن : ولكن ماذا حدث يا والدي ؟ كيف سقطت السماء ؟
أفكر أحياناً لنفسي : هل من المعقول والمنطق أن تكون حضاراتنا التي سقت عطش وقحط العالم قد سبقت جدبنا وتصحرنا ويباسنا الحالي بمسافة زمنية تقدر بخمسة او ستة آلاف من السنين !!؟
يقول عبد الوهاب البياتي في قصيدة موجعة لولده علي
قمري الحزينْ
البحر ماتْ ، وغيبت أمواجهُ السوداء قلع السندبادْ
ولم يعد أبناؤهُ يتصايحون مع النوارسْ ، والصدى المبحوح عادْ
والأفق كفنهُ الرمادْ
فَلِمَن تُغني الساحرتْ ؟
والبحرُ ماتْ
والعشبُ فوق جبينه يطفو، وتطفو دنيواتْ
كانت لنا فيها ، إذا غنى المغني ، ذكرياتْ
غرقت جزيرتنا ، وما عادَ الغناءْ
إلا بُكاءْ
تحياتي صديقي سيمون


5 - رد الى الأحبة
سيمون خوري ( 2011 / 7 / 28 - 03:34 )
اخي الجليل زهير ، تحية ومحبة . وجودك شمعة مضيئة لك محبتي نأمل أن تصل الأمور الى نهايات سعيدة لصالح الإنسان. لكني بدأت أشك بكل ما يجري .
أختي رويدة سالم ، المحترمة تحية لك يبدو أننا مقبلون على وجع أصعب مما كان قائماًويوماً بعد أخر يزداد تشاؤمي مما يجري . أخشى أن تذبح الديمقراطية هذه المرة من الوريد الى الوريد . بناء على معطيات ما يجري. لك تحياتي.
أخي عبد القادر تحية لك إنه مصاب جلل . بدأنا نعاني فعلاً حالة قطيعة مع المستقبل . وملامح العودة الى الصحراء تبدو في أكثر من مؤشر موجود في الواقع الراهن لهذه الثورات التي سيقت الى قصر جلاد جديد.أفكارنا متقاربة لكني سئمت الكتابة في السياسة. فلم يعد الموضوع ملك صانعي الثورات الشعبية بل ملك عواصم أخرى. أخي العزيز تحية لك
أخي العزيز الحكيم تحية لك ولإبنة أخي مونيكا. أنت إختصرت القول في أبيات البياتي الرائعة غرقت جزيرتنا، وما عاد الغناء إلا بكاء. سنتواصل معاً في رسائلنا مع المحبة


6 - لم التفجع!
نعيم إيليا ( 2011 / 7 / 28 - 08:59 )
الحق أنّ هذه الشكوى مؤثرة تنضح وجعاً واكتئاباً
ومع ذلك، فلمَ التوجع لذنب لم يرتكبه الشاعر الرقيق؟
أسلُ عمّا يوجعك يا أخي، بفلسفة الأديبة رويدة سالم، فلعمري إنها لفلسفة فيها دواء لكل قرح وجرح:
((لتغرق كل المدن استاذي فان مت عطشانا فلا نزل القطر))
وما كنتَ جانياً على أحد


7 - احلام الشعوب
عبد السلام الزغيبي ( 2011 / 7 / 28 - 10:24 )
الصديق سيمون


. قطعة ادبية رائعة كما عودتنا دائما

.هولاكو يجول في بلاد الشرق، لكن احلام الشعوب سوف تتحقق

تحياتي من ليبيا


8 - كتابة جميلة
محمد أبو هزاع هواش ( 2011 / 7 / 28 - 14:13 )
سلام اخ سيمون وبعد قراءة كلماتك المحبوك بجمال وبعد قراءة تعليقات السادة الكرام وخصوصاً الاخ الحكيم اتمنى قراءة كتابات عقلانية كهذه اكثر واكثر...لاتبخل علينا انت والاخوة الكتاب الفضلاء..


9 - لا تشاؤم بعد اليوم يا عزيزي سيمون
ميس اومازيغ ( 2011 / 7 / 28 - 18:17 )
اخي العزيز سيمون تقبل تحياتي/هون على نفسك واعلم ان سنة 2011 تطالبك قبل ان تغادرنا بان تعطيها حقها فيما عرفته من تمرد شعوب مناطقنا طالت كل المجالات حتى انه اصبح من المؤكد انها لن ترجع الى الوراء ابدا ان المستقبل في انتظارنا ولا خوف على شعوبنا ممن يتربص بها من الخرافيين الدينيين بل ان نهايتهم وشيكة وما صياحهم ومكرهم وخداعهم اليوم الا آخر اوراقهم يلتجؤون اليها صحيح انهم يؤخرون اجل تحقيق التغيير المنشود لكنهم لن يوقفوا المحاولات الجادة لشبابنا من اجله.
ان الفكر العلمي يملك اليوم من الأدوات والوسائل ما لم يكن متوفرا لأخينا الأنسان فيما قبل الأمر الذي ينبء وبكل تاكيد ان له الغلبة على الفكر الخرافي مستقبلا ولن يطول امر تحقيق ذلك الا عمر جيلين على ابعد تقدير. ان الديكتاتوريات في مناطقنا بعد ان الفت تركيع شعوبنا بالمكر والدسيسة تارة والتصفية الجسدية اخرى للمعارضين فانها اليوم لم تستطع الخروج عن نفس الأدوات غير انها فوجئت بتدمير شباب الثورة لحواجز الخوف وبالتالي فان امر تسليمها لمفاتيح التدبير والتسيير للشعوب بات حتميا. فلا تشاؤم بعد اليوم ياعزيزي


10 - رد الى الأحبة
سيمون خوري ( 2011 / 7 / 29 - 03:05 )
أخي نعيم المحترم تحية لك لحقيقة أصبحت متشائلاً هذه الأيام على رأي الكاتب الفلسطيني الراحل الكبير أميل حبيبي . رغم أننا بعيدين جداً عن ساحة التغيير لكن يبدو أن هناك إنعاطفة حادة نحو الخلف . فيما العالم يتابع سيرة الى الأمام .هذا ما يؤلمني. مع التحية لك.
أخي عبد السلام تحية لك نأمل عودتك سالماً وبإنتظارك. مع التحية لك
أخي محمد أبو هزاع تحية لك حضورك أثلج قلبي بعد غيابك الطويل . أمل أن تكون أولاً بخير والعائلة الكريمة. أنت كما تعرف نود دائماً لانساننا في المنطقة العربية تحقيق حلمه في الديمقراطية والمساواة الإجتماعية .وهذا هو صمام أمان المجتمعات في المنطقة العربية . وبدونها ، فإن المنطقة متجهة نحو الخراب الكبير.ويبدو أن نعيش زمن سرقة هذا الحلم . مع التحية لك .
أخي ميس الأمازيغي الجميل تحية لك أتمنى أن يكون رأيك الذي أحترمه هو عفاتحة المستقبل . لكني ورغم تأييدي لما جرى على يد هؤلاء الشباب أرى كم هو مقدار الخطر المحدق بهذه الأوضاع بعد أن دخل الجميع على الخط . . مع التحية لك


11 - الأستاذ سيمون خوري : كنْ قويا ، لا تهادنْ
ليندا كبرييل ( 2011 / 7 / 29 - 04:01 )
نعم نحن مقبلون على وجع أصعب، وهل سمعت بولادات دون آلام ؟وهل الحرية تملك عصا موسى ؟ فعلامَ التشاؤم ؟ والخشية أن تذبح الديمقراطية هذه المرة من الوريد الى الوريد؟ نعم بدأنا نعاني فعلا حالة قطيعة سياسية مع المستقبل ، لكن جيل المستقبل سيجلب السياسة صاغرة، مقالي الثالث وجهته لحضرتك وكنتَ على فراش المرض ، اليوم أتمنى عليك أن تعيد قراءته وتستبدل كلمة المرض بكلمة السأم أو التشاؤم أو اليأس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=224042
التمرد سيقودك أبدا إلى إثبات حقك في الحياة والبقاء، والبقاء للأقوى . فلا تكنْ مع المرض جنتلمان . وانزلْ من برجك العاجي وخاطبْه بالتي يفهم ! أستاذ سيمون خوري : كنْ قويا، لا تهادنْ لا المرض ولا اليأس ولا التشاؤم ، أنت من نستقي منه
سأعتبر هذه المقطوعة الفنية أثرا أدبيا جميلا يعبر عن بعض جوانب نفس الإنسان التي لا بد أن تعتريه أحياناً لكني أبداً لن أعتبره عنواناً لبداية السأم من الكتابة في السياسة ،أو الغناء كالبكاء ، هيا .. أسمِعْنا صوت الأمل .. فمهما كان ضعيفا سيكون مع صوت إخوانك هديراً ذات يوم ليس بالبعيد ، وإن لم يكن في حياتنا فليكنْ في حياة أولادنا وشكرا


12 - أختي ليندا العزيزة
سيمون خوري ( 2011 / 7 / 30 - 03:40 )
أختي ليندا المحترمة . تحية لك ولمشاعرك الإنسانية العالية . المشكلة أن قلقي له ما يبرره ليس على الصعيد الشخصي ، بل على ما يجري في البلدان العربية من سرقة وتجيير نهضة الشباب في مواجهة العجز الى مكاسب سياسية لصالح أطراف ليست ديمقراطية. سأحاول شرح موقفي لاحقاً لك عبر البريد. مع تحياتي لك وللعائلة.

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي