الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الصورة الشخصية؟؛

فليحة حسن

2011 / 7 / 27
الادب والفن


منذ القدم والانسان مولع بالصورة ، صورته الشخصية التي تختزل لحظات أو مواقف مرّ بها فنراه يتفنن في تخليدها على جدران الكهوف والمسلات والاختام وعلى كلّ ما يشير اليه أو يدلل عليه، حتى صارتْ الصورة لدى بعضهم بمثابه الهوية له ،
واليوم وبظهور ( الفيس بوك) غدتْ الصورة الشخصية هماً شاغلاً لغالبية متصفحي هذا الموقع الاجتماعي الهائل ،فلا نكاد نتابع موضوعاً فيه إلا وشخصتْ لنا فيه صورة (شخصية) لناقل هذا الموضوع أو كاتبه ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ بل أن بعضهم اتخذ من صوره الشخصية موضوعاً لنقاشاته مع اصدقائه فما معنى الصورة الشخصية ؟
وهل تصلح هذه الصورة لأن تُريني للآخر بوضوح وعلى الدوام ؟
بمعنى هل صورتي (وانا ابتسم) قادرة على ان تُخبرمتلقيها بأني مؤسس علم الابتسامة مثلاً؟ أم انها تقول أنا ابتسم بأبدية – متى ما نظرتَ اليّ- اي انها تفرض على الآخر ابقائي في تلك المنطقة – منطقة الابتسام – متى ما أراد تذكري ؟
وهل دورها هنا هو رسم موضوع قار لي ،وهل أنا اقوم بفعل الابتسام من أجلي أنا رغبة فيه فقط أم ليتم تذكُري مبتسماً ؟
وهل اكملتُ ذلك الفعل وفرغتُ منه الى فعل اخر قد يكون مغايراً تماماً له لحظة انتهائي من التصوير أم ان عدسة المصوّر قد جمّدتني في منتصف ذلك الفعل ؟
وهل صورتي تمتلك زمام البرهان على حقيقتي أنا المتجسد داخلها فعلاً؟
لننظر اذن الى صورنا جميعاً والتي غالباً مانراها تقع تحت يافطة الاختيار ، نعم فهي مختارة مني لحظة التصوير، ومختارة من عدسة الكاميرة ، ومختارة مني أو من الآخر لحظة الاشهار عنها وأعلانها كبديل جسدي عني أنا الكائن الزائل حضوراً فسيولوجياً الماثل الآن مثولاً صورياً كمحاولة مختزلة للبقاء مدة أطول في الزمن ،
اقول لننظر لها ونتسائل لماذا هي بالذات ؟
هل لأننا اصبحنا بلا تاريخ شخصي دونها ؟
فماطرأ علينا من تحولات كبرى بمختلف الأطر الحياتية جعلتنا غير قادرين على صناعة تاريخ شخصي حقيقي لنا الامر الذي جعلنا نلجأ الى شهادة الصورة وحدها ،
فغدتْ الصورة هي المكان الوحيد الصالح لصناعة ذلك التاريخ وبدونا عاجزين عن صناعته خارج صورنا الشخصية ،فهل تمتلك الصورة طريقة مثالية يكتب بها الانسان نفسه أو تاريخه؟
اقول إذا اتفق معي بعضهم في ماذهبتُ إليه فما مديات التطابق بيني أنا الجسد الحي خارج صورته ، والأنعكاس داخل تلك الصورة سواء أكان ذلك بزمن إلتقاط الصورة أم بما تبعها من زمن ؟
والناظر الى صورنا يرى فيها جانباً مخيفاً كونها تخفي حقيقة خطيرة هي إننا لانستطيع ان نحتفظ بملامحنا التي تصوّرنا فيها لحظة التصوير الى مابعدها،
مع ذلك نرى الكثيرمنّا يتشبث بصورته القديمة وكأنها الوحيدة لديه، فهل هذا عائد الى انعدام الثقة بالصورة الحديثة جداً كونها الوحيدة المالكة لقدرة الأشارة الى ماهو متغير – ماحدث وصار ومابقيّ وتلاشى- ؟
أم ان مردّ ذلك راجع الى ان ذلك الشخص يريد الاستمرار بقدامة صورته حاضراً ومقيماً بمعنى إنها تصبح المجسد الوحيد لشخصيته زمكانياً فهو لايوجد – في اذهاننا نحن الناظرين له في صورته القديمة تلك – إلا داخل ذلك الاطاربعيداً عن كلّ الامكنة ، متشبثاً بلحظة التصوير تلك دوناً عن غيرها من الازمنة ، من هنا تبدو علاقته بهذه الصورة مبنية على الثقة فاذا امكن له هذا الامر صارت علاقته بصورته الحديثة جداً قائمة على اللاثقة ،
فلماذا اصلاً نحتفظ بالصور هل كونها مصل نافع يدرأ عن ذاكرتنا خطر نسيان الراحلين ويبقيهم بعيدين عن فعل الغياب الذي يمارسه الموت ، ام هي نوع من التحدي الذي نشهره امام وجه الزمن الساعي ابداً الى تغير ملامحنا بالشيخوخة أو بالمرض؟
والى أي مدى أكون صاد قة حين اقول شعراً:
( وإني سأمضي
فخذْ صورتي ......أفضلُ مني
ستبقى دهوراً
ولن يأتي يوم تموتُ به
ولن تهرم )
أم إن الصور- كما قلت مسبقاً- هي التي تسوّق كدليل على التاريخ الفعلي في زمن مابعد الحداثة ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان