الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنظير العربي بين أوهام الماضي والخوف من حداثة المستقبل

علي الشمري

2011 / 7 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


((التنظيرالعربي بين أوهام الماضي والخوف من حداثة المستقبل))
لا زال الكثير من القادة العرب يتمجدون بتراث الامبراطورية الاسلامية رغم ما علق بها من سلبيات وشوائب في الفترة الممتدة من خلافة الراشدين وانتهاءا بسقوط الدولة العباسية,حروب وغزوات وفتوحات رافقتها قتل ودماء وسبي وتشريد نهب للاموال,وتهجير قسري وأستعباد للشعوب والمتا جرة بالجنس البشري(بيع العبيد في سوق النخاسة)والتضييق على الحريات الفكرية والمعتقدات , تحت عنوان نشر الدين الاسلامي وتعاليمه .
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتقسيم البلاد العربية بين دول الحلفاء بموجب أتفاقية سايكس بيكوا,نصبت الدول المستعمرة حكاما للدول التي تحت سيطرتها ,قسم منها وضعت تحت الانتداب ,وقسم منها ملكية غير دستورية,واخرى ملكية دستورية ,وكل هذه الحكومات تخضع لارادة اسيادها وتمتثل لاوامرها,قسم منها لا زال متواصلا في الحكم ليومنا هذا كالنظام السعودي والاردني ,والمغربي,والباقي تم التغيير فيها أما بواسطة انقلابات عسكرية أو انتفاضات شعبية مسلحة أ وحروب تحرير أمتدت لسنوات ,التغيير الذي حدث دفع ثمنه باهضا من دماء الشعوب والارواح التي زهقت ,والمستفيد هو الحاكم الذي نصب نفسه وصيا على شعبه ,بسبل مختلفة,منها من اتخذ الدين وسيلة له للوصول الى مبتغاه بحجة المحافظة على تعاليم الاسلام والوقوف بوجه الهجمة الصليبية التي تحاول أستبدال الثقافة العربية بثقافتها الغربية.فظهرت في تلك الحقبة حركات دينية واصولية متطرفة بمساعدة الحكام الذين خلقوا منظرين لهم وجعلوهم من المقربين لبلاطهم ,
ظهور الماركسية والاحزاب اليسارية في دول المعسكر الاشتراكي ,اعطى زخما غير مسبوق لبعض القادة العرب للتشدد في نهجهم العروبي أحيانا والمتعكز على الدين احيانا اخرى بحجة مكافحة المد الشيوعي الكافر ,أنهيار الاتحاد السوفيتي وباقي منظومته الشرقية ولم يتحقق لشعوبهم ما وعد به المنظرون,راح بعض المنظرين العرب الى أقتباس ألفكر الماركسي محاولا تطبيقه على واقعنا العربي ,تارة تحت عنوان الماركسية _اللينينية,واخرى الماركسية اللينينية الستالينية,واخرى الماوية’,واخريتبنى التروتسكية,فهل من المنطق أن نحمل شعوبنا العربية معاناة قرن اخر كي نصل الىما وصل اليه الاتحاد السوفيتي ثم ينهار ولنبدأ بتطبيق مسار بديل ؟؟
دعاة محاربة الرأسمالية والامبريالية والغرب الكافر هم في الحقيقة تحت عبائتها وينتهجون نهجها في حكم شعوبهم,مما ساعد على تفشي الفقر والبطالة بين شعوبهم ,ولتمتلئ جيوبهم وخزائنهم من خيرات شعوبهم ,ماذا حقق حزب البعث للشعب العراقي والسوري طيلة اكثر من 35أو 40 عام برسالته الخالدة وامته العربية الواحدةغير تحجيم الفكر الانساني وتجريده من التفكير ببديل أخر ,وأنكاره حق الوجود والمواطنة للقوميات الاخرى المتعايشة منذ الالاف السنين ؟ماذا حقق القذافي بنظريته الخضراء للشعب الليبي طيلة اكثر من 40 عام؟ماذا حقق علي عبد الهب صالح للشعب اليمني طيلة اكثر من 32 سنة ,وماذا حقق النظام المغربي والسعودي الى شعوبهم ,كل هذه الانظمة لها منظرين ونظريات متعددة وطبقوها على شعوبهم بمراحل متعددة لاطالة أمد حكمهم جاعلين من شعوبهم حقل تجارب لافكارهم ونظرياتهم البالية فتارة يدعون رجوعهم الى الحكم الاسلامي وحضارته ,دون تحديد جنسه,راشدي اموي أو عباسي,وتارة يذهبون صوب الاشتراكية ,لكنهم يدعون بان أشتراكيتهم لها خصوصية عربية,وتاره يدعون بانهم على منهج الرأسمالية ,وعند فشلهم يلجأون الى الليبرالية,وكلهم يدعون كون أنظمتهم ديمقراطية وغير مستبدة بما فيها الانظمة الملكية التي لا زالت الى الان غير دستوريه ,وحقيقة الامر أن أنظمتهم دكتاتورية دموية قمعية مستبدة,مجرد شعارات زائفة ووعود مهلهلة قتل وغيب من جرائها الكثير والمستفيد هو المنظر سواء كان الحاكم او من حاشيته,
الحكام الذين سعوا الى تطبيق احكام الشريعة الاسلامية,تحت عنوان (الاسلام هو الحل) ماذا حققوا لشعوبهم غير الشحن المذهبي والتعصب الديني,ونشر الارهاب عالميا تحت راية مكافحة الفكر الصليبي,تارة ,وتارة أخرى تحت ذريعة محاربة الالحاد والشيوعية .
أضطهاد الطوائف الاخرى التي لا تدين بالاسلام.وما يتعرضون له من قتل وتهجير والتضييق على حرياتهم العامة والخاصة وخصوصا الفكرية وحرمانهم من ثروات بلدانهم ,أدت الى المطالبة بالانفصال للتخلص من احكام الشريعة الاسلاميةالمطبقة عليهم قسرا.
ماذا حقق المنظرين لشعوبهم عبر سنوات طوال غير المأسي والويلات ,ماذا حققوا غير أستمرار الصراع الفكري المرير واالذي غالبا ما يصاحبه تصفيات جسدية تطال الطرفين ,,جدال عقيم ونظريات عقيمة لم تتمخض عن حلول لمشاكل الشعوب ,اكثر من مائة عام والشعوب لا زالت تنتظر أن تنضج الرأسمالية وتصل الى مراحلها الاخيرة المتمثلة بالامبريالية ,كي تسعدنا بمولود جديد يطل علينا من رحمها,وبولادة طبيعية وليست قيسرية,ولم تتحدد هوية القابلة المؤذونة بعد ؟كوبية ام فليبينية, ماليزية أم كورية,صينية ام يابانية؟أسلاميةالديانة ام مسيحية ام يهوديةأم علمانية.كافرة ام مؤمنه؟ وفي الطرف الاخر هناك شعوب انتظرت اكثر من مئة عام وقدمت الكثير من التضحيات وانهارا من الدماء ومصادرة الحريات الفكرية والتغييب القسري والمنافي والتشريد وهي تترقب ان تلد لها الاشتراكية وليدها الشيوعيةولو بولادة قيسرية كي تنعم بالعدل والمساواة ,لكنه تبين مؤخرا ومن خلال فحوصات السونار انه مجرد حمل كاذب,وأن الام عقيمة لم تلد حتى لوتعدد الازواج المتناوبين لنكاحها وما عليها الا قبول تبني الوليد البديل الذي سيلد بعد أعوام غير معلومة من رحم شقيقتها الرأسمالية,فلنصفق ونهتف بحياة الرأسمالية وليذهب نضال الشعوب وصراعها الطبقي وكل نظريات الديالكتيك مهب الريح ,
.كل هذه المأسي والويلات ولم يتعظ القادة العرب من أخطاء الماضي وسلبياته وما تحملته شعوبهم من ويلات ومأسي,ويريدوا ان يعيدوا نفس الاسطوانية المشروخة لتظل شعوبهم تدور في حلقة مفرغة.فالنظام الجديد في العراق يحاول من هو ممسك بالامور ان يطبق النظام الاسلامي وفق منظور طائفي ,وعلى غرار النظام الايراني بحجة أزالة المظلومية التي لحقت بطائفتهم منذ اكثر من 1400 عام ,وأنهم قمة للعدالة والانسانية ,لكن حقيقة الامر أنهم اوصلوا العراق الى أسوء درجات الانحطاط الاخلاقي ومستويات متدنية جدا من الفقر وسوء الخدمات ,ونشر ثقافة القتل والتشريد وسلب الاموال وأنتشار الفساد المالي والاداري في جميع مفاصل الدولة العراقية,,الادعاء شئ والممارسة شئ أخر ..عندما تسألهم عن نظريتهم يقولون أنهم يريدون يطبقوا مبادئ الامام علي(ع) في العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان وأستقلال القضاء ,لكن الحقيقة عدالتهم لاقربائهم وذويهم وليس لعموم الشعب ,وحقوق الانسان للذي يتبع أفكارهم ونهجهم,والقضاء مسيس لمصالحهم الشخصية,وحين تسالهم عن مرجعياتهم ومن أين يستقون تعاليمهم ,يقولوا بان مرجعياتنا الدينية في النجف نمتثل لاوامرها وتعليماتها لتحقيق العدالة والمساواة ومكافحة الفساد.وأن أحزابهم مرتبط بتلك المرجعيات التي باركت لهم وسلطتهم على رقاب العراقيين ليستأثروا بالسلطة والمال ,كما فعلها قبلهم عثمان عندما سلط ال معيط على امور المسلمين ليتحكموا برقابهم.
.رئيس هئية النزاهة السابق النزيه موسى فرج عندما زار مرجعياتهم الاربعة وطلب منهم ان يعطوهم 25/0 من منهج الامام علي(‘ع) تطابق ممارسات اتباعهم ,رفظوا ان يعطعوه واحد بالمئة منها,فأين الشعارات المرفوعة وأين القيم والمبادئ؟أنهم يسيئون الى قيم الامام علي(ع) ومبادئه أكثر مما يسيئون لانفسهم وللشعب العراقي,
قوى اليسار في العراق والتي أصبحت ما يقارب ال20 فصيل لا زال البعض منها متمسك بالديالكتيك ومراهناته على الصراع الطبقي ,قسم منها يراهن على الطبقة العاملة ,وهي في الحقيقة غائبة عن الوسط الاجتماعي كون العراق لا يملك من المعامل والمصانع التي تمتلكها القوى الراسمالية وتستغله كي يبدأ الصراع معها,
قسم من اليسار يراهن على الطبقة الفلاحية والتي يعتبرها البعض من قوى اليسار برجوازية وضيعة,وهي الحقيقة بدأت بالتلاشي نتيجة لقلة مناسيب المياه والتصحر الذي بدأ يزحف على المدن ,مما أضطر الكثير من الفلاحين الى ترك أراضيهم والتوجه نحو اطراف المدن ,والعمل بمهن هامشية لسد رمق عائلته,
الان الشارع العراقي أصبح يضج من كثرة التيارات والاحزاب التي تدعي بانها تريد أسعاد المجتمع والقضاء على الفقر والبطالة وأنهم المنقذ لهم ,لكن الشارع أصابه اليأس والاحباط من كل منقذ ومن أي جهة كان ,الاتباع لكل التيارات سواء الدينية او القومية أو اليسارية في تناقص مستمر وأنسحاب من العملية السياسيةلشعورهم بالاقصاء والتهميش والاستغلال من قبل أحزاب السلطة,الشعب يردي العيش بأمن وأمان ,يريد الحرية بعد ان سئم من عقود الديكتاتورية الشعب يريد توفير الخدمات الاساسية والضرورية لحياته اليومية,يريد الانتقال في مستوى معيشته من تحت خط الفقر الى مستوى خط الفقر لا اكثر,ليس بحاجة الى منظرين ومؤدلجين يعتاشون على الامه ومشاكله ومعاناته اليومية وهم نائمون في ابراجهم العاجية,يريدون من يعايش واقعهم المزري ويطلع على تفاصيل حياتهم وأيجاد السبل الكفيلة والسريعة لازماتهم المزمنة,الشارع لم يكن بمقدوره الانتظار طويلا بعد كل هذه العقود من السنين ينتظر الحلم الوردي بظهور المنقذ الذي طال انتظاره ليخلصهم من واقعهم البائس ,ما دام الادعياء يعيشون في ترف ونعيم ,فكل الاديان تدعي لديها منقذ وكل الاحزاب تدعي انها المنقذ والمخلص للشعب ,الشعوب لا تريد نظريات جديدة تطبق عليها كحقل تجارب تنجح او قد لا تنجح ,وكلا الحالتين هي من تدفع الثمن غاليا من عرقها ودماء وارواح أبنائها,أنها تريد ان تعيش كباقي شعوب العالم يظلها دستور يحمي حقوقها وممتلكاتها,وقضاء عادل يجنبها المظالم والتجاوزعلى كرامتها وحرياتها,ورجال صادقين مخلصين يوفرون لهم لقمة العيش غير مغموسة بالذلة والهوان,وقادة وطنيون ولائهم لوطنهم وشعبهم يستقون أفكارهم ونظرياتهم من واقع مجتمعهم,ولا يساومون على ثوابثهم الوطنيةفي العزة والكرامة والسيادة لاوطانهم وشعوبهم....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكريم الشمري
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 7 / 28 - 21:08 )
تحيه واخترام
جهد واضح فيما قدمتم
اسمح لي ان اقول التالي:
تحول منذ القدم النقاش الفكري الى صراع والصراع له اساليب ونتائجها غالب ومغلوب ويجيز لتحقيق ذلك كل الاساليب الدنيئه من تأمر وقتل واستعباد واذلال لتحقيق الذي يسمونه النصر
وهذا السر في انحراف الثورات والاحزاب
اليوم لو تتفرد جنابكم ان تقيم جمهورية الفضيله ستجد انك ستكون تحت ضغط وتأمر حتى حلفائك السابقين
انه الضغط والتأمر ومحاولات التسقيط والرغبه بالتفرد
تقبل احترامي
وشكرا على هذا الوضوع المهم والحساس


2 - عقلية التأمر
علي الشمري ( 2011 / 7 / 28 - 22:29 )
الاخ الفاضل عبد الرضا حمد جاسم المحترم
مشكلتنا كعرب ,كثرة المدعين والمروجين لافكار ونظريات أصبحت جزءا من الماضي,فلاسلاميين وان كثرة وتعددت مسمياتهم ,هدفهم واحد هو السيطرة على عقول الاخرين وأستعبادهم باسم الدين والشريعة,وفيما بينهم يتناحرون ويتقاتلون وضحاياهم من بسطاء القوم,ونفس الحال ينطبق على العروبيين ,حكموا لعقود عديدة في عدة دول دون تحقيق الحد الادنى لطموحات شعوبهم,اليساريين بمختلف فصائلهم ,لا زالوا مجتهدين في تنظيراتهم وانشقاقاتهم المستمرة دون ولوج بوادر التوحد في الافق لا بالمنظور البعيد ولا القريب,فكل متمسك ومتعنت برأيه وهو الاصح والاقدر على كسب ود الجماهير والحقيقة كلها تنظيمات خاوية ,التنظير شئ والتفاعل مع عواطف ورغبات الناس شئ اخر,متمسكين بتاريخهم النضالي وأرثهم الفكري,بينما تجد هناك احزاب لم يكن لها باع طويل في السياسة أستطاعت في فترة قصيرة ان تكسب جموع غفيرة من الشعب وحتى من تنظيمات اليسار ,كونها أجادت العزف على الوتر الذي يتناغم مع أحاسيسهم ,فالسياسة فن الممكن لا فن التنظير,,,,أحزاب بلا نظريات وأيدلوجيات تكتسح احزاب لها نظريات عريضة طويلة ؟فأين الخلل


3 - صرخة ستجد من يسمعها
محمد الرديني ( 2011 / 7 / 29 - 04:27 )
زميلي العزيز الشمري
ثق تماما ان صرختك هذه لن تذوب في الوديان بل صداها سيكون ابلغ مما تتصور وهذه هي حال الشعوب شكرا لك
استميحك لاقول الى اخينا عبد الرضا بان انتباهته في محلها تماما وقراءة سريعة لتاريخ العراق خلال العشرين سنة الماضية تؤكد لنا ذلك


4 - صرخة ستجد من يسمعها
محمد الرديني ( 2011 / 7 / 29 - 04:27 )
زميلي العزيز الشمري
ثق تماما ان صرختك هذه لن تذوب في الوديان بل صداها سيكون ابلغ مما تتصور وهذه هي حال الشعوب شكرا لك
استميحك لاقول الى اخينا عبد الرضا بان انتباهته في محلها تماما وقراءة سريعة لتاريخ العراق خلال العشرين سنة الماضية تؤكد لنا ذلك

اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ