الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجه أخر للبخيت والبخيتية السياسية

رعد خالد تغوج

2011 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن حكومة البخيت – وعلى ما هي عليه من بساطة فكرية - قاربت النهاية لكنها لا شك ليست كالنهاية الرفاعية التي أسدلت الستار عن نوع جديد من المسارح والفنون هو فن الكذب والأستخفاف بالعقل الاردني والشعبي على سواء.

البخيت حاول الأصلاح لكنه كان شخصياً ومُشخصنا في أكثر الأمور والمشاكل التي اصابت الشعب الاردني ، فتصفية الحسابات بينه وبين بعض الوزراء لم تنته عند حد معين بل تجاوزتها حتى ليكاد يُقال بأن البخيت لا يعرف إلا تصفية الحسابات والغذر بأصدقاءه.

بدأت العلاقة حين كان عبدالله ابو رمان وزير الدولة لشؤون الاعلام مديراً لدائرة المطبوعات والنشر ، وهنا لا نريد ان نقول ان علاقة ابو رمان بالبخيت علاقة مشبوهة او ما شابه ، فأبو رمان صاحب نظرة فكرية ورؤية سياسية واعلامية هائلة ولا تخلو من أبتكار وتطوير ، وخصوصاَ أنه خرج من صلب المعارضة وترعرع بين الكتب الماركسية والثورية والسياسية ، كما أن زوجته أعلامية محترفة تجيد فن الكتابة والألقاء ، والمثير في هذه العلاقة هو أن البخيت قد يكون بعكس ابو رمان إن لم يكن مغاير له جوهرا وشكلا ، فالبخيت مذ توليه للمرة الثانية مقعد الدوار الرابع بدأ مرحلته وحقبته بصدام حاد مع الأسلاميين الذين أحتقنوا وكظموا الغيظ في المرحلة الذهبية السابقة، وأرتفع هذا الصدام عندما أتهم البخيت الاخوان المسلمين بأنهم يتلقون أموالا ودعما من مصر وسوريا ، وذلك على الهواء مباشرةً.

قضية أن البخيت لا يعرف ادارة الدولة ليست جديدة في هذه المرحلة من تاريخنا فعلى حين أن إعتبارات شخصية خالصة كانت وراء تنحيته لوزير الاعلام ومن بعده وزير الداخلية سعد السرور وبعد أن قربه البخيت منه ، فأن إعتبارات ما ورائية اخرى كانت وراء تشكيله لهذه الوزارة الفتية والتي لا خبرة لها في ادارة ملفات الدولة والتعاطي مع الأسلاميين في وقت أدرك فيه الشارع جيدا اللعبة التي تدار خلف الكواليس بين أصحاب المافيات السياسية والأقتصادية.

لقد جعل البخيت من قضية خالد شاهين مفتاح سمسم لجميع المشاكل والموبقات التي حلت على الشعب الاردني وعلى الدولة الاردنية ، ولم يتوانى خالد شاهين هو الأخر في إحراج حكومة البخيت عبر ارسال تقارير وصور له ولعائلته في بريطانيا وذلك ليحرج البخيت بينما يقوم الرئيس بتصفية حساباته الشخصية والغير شخصية مع عدة شخصيات في البلد عن طريق هذا الضخ الاعلامي الهائل لقضية سفر شاهين.

هنالك سؤال يُشير بأصابعه الى البخيت كما يُشير الى المسؤول عن تلقي الدعم المالي من اميركا واليابان وغيرها من الدول التي قدمت دعما ماليا للأردن ، فأربع مليارات دينار كفيلة بقلم موازين القوى الاقتصادية في الاردن ، ناهينا عن قدرة هذا المبلغ في تحفيز الشركات المتوسطة الحجم ودعمها بما يدفع بعجلة الاقتصاد الوطني في التقدم والرقي وتخفيف البطالة ودعم السلع اليومية .

لم تعد قضية فساد هذا المسؤول أو ذاك المُتنفذ هي التي تحرك الشارع الان فالدولة الاردنية كلها الان تقع تحت طائلة النقد ، فهذه الزوبعة الإعلامية لم يقدها – في غالب- شخص مثل البخيت، فهي معركة مدارة ومخطط لها من قبل شخص محنك سياسيا واعلاميا ويعرف من أين يؤتى الأعلام ، ولا أظن كذلك بأن لملف الديوان الاعلامي أي علاقة بذلك ، فأمجد العضايلة ، هو اعلامي سابق وذو خبرة في بسط الرياح الاعلامية على الملأ ودون أي تعقيدات أو ما ورائيات، والمهم هو قدرة الاعلام الوطني في المرحلة الراهنة على بلورة نفسه واللعب بالموازين السياسية في البلاد ، فلا يمكن لكفة الشعب أن ترجح على كفة الحكومة أو العكس ، هنالك عملية تبادلية تتيح للأعلام الاردني الارتقاء وممارسة دوره بفاعلية دون أي إبتزاز أو خروج عن السكة الوطنية المنشودة.

عندما يتحدث البخيت ، أكاد أجزم بأن لغته لم ترتق الى المستوى المنشود ، فلا يوجد هنالك رئيس وزراء محنك- اذا اعتبرنا البخيت محنكاً – لا يتكلم باللغة الفصحى أو يأتي ببيت من الشعر أو آية من القرآن أو مثل شعبي او اردني ، لهجة البخيت تتكرر بها خطابات مثل "يجب ، على الشعب أن ..، من الأفضل للقوى الشعبية أن ..، هذا تحدير ، هذا تنبيه ... ، و إلخ من الكلمات التي تدل على وعيد وتهديد ، فاللاشعور أو اللاوعي عند البخيت هو الذي يقوده إلى قول الحقيقة المسكوت عنها مرغماً ، وذلك طبقاً لأليات تحليل الخطاب المتبعة في الدراسات اللسانية.

هنالك قضية أخرى تقودنا الى فهم اعمق لشخصية البخيت ، فالرجل "يُتئتء" بالكلام ، أو حسب التعبير المُكرس في العربية "ألتغ " بمعنى انه يلثغ بالكلام ، ويحاول أن يستذكر ماذا سيقول ، هذا مفتاح هام لفهم شخصية البخيت ، فهو كغيره من رؤوساء الوزراء الاردنين لا يحاول أن يقوي بأسلوبه اللغوي او النحوي ، بل أن الإلقاء عنده ضعيف جداً ألى مستوى يجعل من شخصيته غير كاريزمية أن جاز هذا التعبير.

يبقى أن البخيت كان قبل شهرين رجل مرحلة بكل ما للكلمة من معنى ، إلا أنه الأن لا يمكن ان يكون رجل دولة أو مرحلة حسب التعبير المكرس بالأدبيات السياسية الاردنية، فحكومته لا تحمل اي توجه أقتصادي او سياسي ، وجاءت فقط كمرحلة عبور الى مرحلة أخرى ستكون هي الاكبر ، مع أنه بلغ من الجهد والتعب ما لم يبلغ اي رئيس وزراء اردني سابق ، فكل القضايا عالقة على كتفه.

البخيت كان رجل مرحلة وهو الان مُدشن لمرحلة جديدة ستأتي من بعده لتكمل المسيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الصمادي: كمين جباليا سيتم تدريسه في معاهد التدريب والكل


.. متظاهرون يطالبون با?لغاء مباراة للمنتخب الا?سراي?يلي للسيدات




.. ناشطة بيئية تضع ملصقاً أحمر على لوحة لـ-مونيه- في باريس


.. متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يهتفون -عار عليك- لبايدن أثناء م




.. متظاهرون يفاجئون ماثيو ميلر: كم طفلاً قتلت اليوم؟