الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس من ضيوف النبي !..

محمد المراكشي

2011 / 7 / 28
كتابات ساخرة


لست طائيا بالنسب لأبي حاتم المعروف بإفناء رزق أولاده من أجل عابري سبيل..كما أني لست من بخلاء الجاحظ الذين يقتل الشح إنسانيتهم ! و لكني قد أكون مواطنا مغلوبا على امره في تتبع رغيف الخبز بشكل عادي ،يعمل حساباته البسيطة التي لا تفلت منها أية صغيرة و لا كبيرة !
مثلي كثيرون و إن اغراهم النفاق الاجتماعي الذي يصيبنا في بوحنا ،فنوهم أنفسنا إن حط علينا ضيف أو غيره بأننا لا نأبه لمصروف فرضته علينا صدفة غير منتظرة ! لكن كل هؤلاء الكثيرين قد لا يعيشون مثل اللعنة التي تنزل على كل ساكن لمدينة شاطئية صيفا !
تكون ممددا على فراشك تحسب طيور المساء و هي تستعد للغدو ،حين تستعد أنت لأخذ قيلولتك ،فإذا بطارق ما على بابك أو على هاتفك النقال اللعين..إن فتحت الباب تجده واقفا فرحا باصطيادك في بيتك حتى لا تفرمنه إلى عطلتك ! و إن فتحت هاتفك يجيبك أنه وراء الباب ينتظر ! الأمر سيان إذن إذ لا مفر..ستفتح الباب ! ستضيع راحتك ! ستسهر من حينه على راحته !
يأتيك بأخبار لا تود سماعها و لا تغنيك في شيء،و يحمل لك معه نسمات الحر و القيظ التي تركها وراءه في مدينته الداخلية فارا إلى الجنة التي تعيش فيها لوحدك ! ربما قد بلغ الحقد الانساني إلى درجة أن ضيفك يستخسر عليك انتماءك بالصدفة إلى مدينة رطبة صيفا !
ومع أنك لست من هواة الاشتراكية في هذا المجال ،فإن ضيفك على اية حال قد وضعك أمام أمر واقع لامفر منه:أن تشاركه جنتك !
تطلب منه ان يمدد جسده في انتظار شاي الترحيب فيفاجئك أن الأولاد و أمهم التي لم تحضر زفافها و لا عرفت محياها تأخروا في اللحاق به بعد أن دخلوا دكانا لشراء حليب الرضيع المحمول على ظهرها ! في دقائق يصبح بيتك الهادئ مخيما لعائلة لا تدري كم عدد أفرادها !
شايك لن يكون كافيا ،فعليك أن تهم بالخروج لإحضار واجبت الضيافة الكريمة من حلوى و فورماج و عصائر لا تتذوقها إلا لماما ! و بالطبع فلن تسأل ضيفك عن مدة مقامه و لو أنه فاجأك بالسؤال ذاته يوم أردت الاطلالة عليه فيه فقط في مدينته ! تلعن شيطانك و تتذكر أن والدك كان يقول إن ضيافة النبي ثلاثة ايام !
سقف استضافتك لعائلة صديقك واضح..ثلاثة ايام من العناء في الاتيان بالعصائر كل صباح و ليترات الحليب للرضيع الجائع دوما و الجرائد التي فجأة صار صديقك يقرؤها ! فناء المنزل أصبح ملعبا لأطفاله ،و زوجتك المسكينة لم تعد ترى من الصيف إلا ما تحكيه ضيفتها !
تمر أيام النبي الثلاثة و صاحبك لا يبدو عليه أنه من ضيوف النبي ! لا يبدو عليه أو على صاحبته و بنيه أنهم راحلون عن سماء بيتك ! تضرب الأخماس في الأسداس، و تبدأ لغة الرمز و الغمز لعل الحر يفهمهما ! مرة تقول أن عائلتك ستأتي ،و تارة تومئ إليه بأن لك موعدا في مدينة أخرى مع طبيبك،و مرة تدعي أنك ترغب في قضاء عطلتك في مكان آخر..لكنه لا يفهم !
تفرغ جيوبك و صاحبك لا يأبه ،فهو في عطلة رائعة جدا لا يخسر فيها فلسا واحدا ..يسكن في بيت به خدم و حشم ،و يستحم كل يوم و أبناؤه كلهم من رمال و ملوحة البحر بماء ساخن،و يشتري له كبير الخدم كل شيء من سيجارته إلى فوطة زوجته !
و كأني بمثل هذه العينة من الضيوف الثقال تجثم على كل عائلات مدينتي المساكين ،لا لذنب سوى أنهم وجدوا فجأة بمحاذاة بحر !
تصيح بغضب صامت حزين:
لن أكون حاتميا بعد هذا الصيف ! لكني لن ابخل في الصيف القادم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر