الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في المجلس المركزي (27/7/2011)

فهد سليمان

2011 / 7 / 28
القضية الفلسطينية


القاها فهد سليمان عضو المكتب السياسي

1 – على وهج أحداث متدافعة عربياً، وفي مشهد ممتد لا تطمس عوامل الشد العكسي فيه، منحاه الديمقراطي بالأساس، تنعقد هذه الدورة للمجلس المركزي للبحث والبت – إذا أمكن – بقضايا تمس المصير الوطني، قضايا تبدأ بالعملية السياسية التي تفتح بدورها على مروحة واسعة من الأمور، وتمر باستراتيجية الصمود والبناء، وقد تنتهي باستراتيجية الميدان..
لقد تقدمت قوى عديدة – على إمتداد الشهور الماضية – بأفكار وتصورات بناءه للتعامل مع الشأن الوطني ومعالجة تعقيداته.. ومن جهتنا، لم نبخل بتقديم المقترحات العملية، ولم نقتِّر في إطلاق المبادرات الوطنية التي تغطي العناوين المذكورة وغيرها، وآخرها مبادرة «من أجل إعتماد استراتيجية وطنية بديلة وإنهاء الإنقسام» التي تقدمنا بها إلى المجلس المركزي في دورته الأخيرة (16-17/3/2011).
إن هذه المبادرة مازالت تحتفظ براهنيتها إذا ما أُعيد تركيزها في إطار مستجدات الشهور الأخيرة، تحديداً تلك المتصلة بقضيتي الوحدة الداخلية والعملية السياسية، اللتين سيتم تناولهما فيما يلي..

2 – في موضوع تجاوز الإنقسام على طريق إستعادة الوحدة الداخلية رحبنا بلقاء واتفاق حركتي فتح وحماس بالقاهرة في 27/4/2011. وأبدينا التحفظات اللازمة على مذكرة التفاهم بينهما والتي أُرفق بها توقيع حماس على الورقة المصرية العائدة إلى العام 2009 («إتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني»).
وفي سياق هذا الترحيب، توجهنا إلى القاهرة، أسوة بغيرنا من القوى، للتوقيع على مذكرة التفاهم التي أضحت مذكرة محمولة وطنياً، دون أن يترتب على ذلك الغاء المسافة التي مازالت تفصلنا عنها
– تحفظاً أو إعتراضاً – من زاويتي النص وآليات العمل والتطبيق.
على هذا المستوى نسجل إفتقاد الإتفاق إلى عدد من الضوابط، اهمها:
■ المرجعية السياسية المجمع عليها وطنياً والمتمثلة «بوثيقة الوفاق الوطني» (2006)؛
■ الإنسجام بين نظام إنتخابي نسبي للمجلس الوطني وآخر مختلط للمجلس التشريعي، على قاعدة أن الأول هو الأكثر تلبية لمتطلبات الحالة الفلسطينية؛
■ آليات ملزمة للتطبيق بمديات زمنية قاطعة، إن لجهة تشكيل حكومة الفترة الإنتقالية، أو مباشرة الإطار القيادي المؤقت لاجتماعاته، أو لجدولة المهام المطلوبة من الحكومة العتيدة.
أما من زاوية الإدارة العامة لعملية تجاوز الإنقسام، فما نراه اليوم يقع في إمتداد الوكالة الحصرية لثنائية فتح – حماس، التي علمت التجربة المرة أنها الوصفة المؤكدة لتوافقات محاصصة تقود إلى مساكنة، سرعان ما تتحول إلى مشاجرة، وربما ما هو اصعب.
لقد كنا من بين أصحاب التقدير أن أسباب الإنقسام الداخلي لم تكن محض فلسطينية، بل كان هنالك عوامل وأطراف خارجية ذات شأن فعلت فعلها في إِحداث الإنقسام.
ومن بين هذه الأطراف، تقف اسرائيل، وكذلك الولايات المتحدة التي – من بين أمور أخرى – تسعى إلى التخريب على المصالحة الفلسطينية التي تعتبرها أيضاً معطلة لعملية السلام.
وفي هذا تتسلح واشنطن بذريعة عدم إعلان حماس موافقتها على شروط اللجنة الرباعية المعروفة، رغم كلمة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في إحتفالية المصالحة بالقاهرة التي أعلن فيها – بلا لبس - الموافقة على متابعة العملية السياسية بإدارتها الفلسطينية الحالية.
وفي هذا السياق، يمثل قرار الكونغرس في 9/7 الذي اتخذ بما يوازي الإجماع (407 مقابل 6) ذروة التشوف الاستعماري برفضه لاتفاق المصالحة، مشترطاً ليس قبول الحكومة بشروط الرباعية فحسب، إنما أيضاً كل وزير فيها (!).
امام هذه الضغوط الخارجية والعقبات الداخلية ندعو الى صون اتفاق المصالحة الذي تم التوقيع عليه في 4/5، وتحصينه بآلية شراكة وطنية من خلال عقد اجتماع فوري للجنة التوجيه العليا واللجان الخمس العاملة في نطاقها، وهي التي نهضت بمسؤولية وكفاءة باعباء الحوار الوطني في مؤتمر القاهرة (آذار 2009).
كما ندعو الى التعجيل بتشكيل حكومة المرحلة الانتقالية والى الاسراع بدعوة الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الى اجتماعه الاول.

3 – أما على صعيد العملية السياسية، فقد بات واضحاً أن طريق المفاوضات التي تكفل متطلبات إنعقادها سلامة نتائجها، ليس سالكاً في المدى المرئي؛ فالإجماع الوطني الفلسطيني منعقد – حتى الآن– على التمسك بالوقف التام للاستيطان قبل استئناف مفاوضات ذات جدوى تدار – ضمن فترة زمنية محددة – بمرجعية قرارات الشرعية الدولية كإطار ملزم، ورفض قاطع لمشاريع الدولة ذات الحدود المؤقتة وسائر الحلول الجزئية والإنتقالية.
وبالمقابل، فإن الحكومة الاسرائيلية تقف على الضد من كل هذا، مستقوية بتحرك الإدارة الأميركية نحو مزيد من الإقتراب من مواقفها؛ ومن علامات هذا المنحى التراجعي المؤسف في سياسة واشنطن، مشروع البيان الذي تقدمت به إلى إجتماع اللجنة الرباعية في 11/7، الذي يعبر عن مدى تدهور مكانة الحقوق الفلسطينية في أجندة إدارة أوباما، وهي التي إفتتحت السنة الأولى من عهدها بكلام واعد عن وقف الاستيطان وعدم القبول بمشروعية مواصلته، وما تقتضيه المصلحة القومية الأمريكية من إنجاز التسوية للصراع القائم الخ..

4 – إن العملية السياسية أو استراتيجية العمل السياسي لا تقتصر على مسار وحيد هو المفاوضات، بل تقوم على مسارات عدة، المفاوضات إحداها، وقد لا تكون أهمها.
والشعوب الرازحة تحت الإحتلال ترمي من خلال هذه المسارات إلى حشد أوسع تأييد دولي ممكن للإعتراف بحقوقها والضغط من أجل إحقاقها بكافة الوسائل التي تتيحها قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ومن خلال المؤسسات والأطر ذات الصلة.
وليست قليلة هي الشعوب التي انعتقت والبلدان التي تحررت بالإعتماد على استراتيجية سياسية (نهضت بدورها على استراتيجية عمل ناجحة في الميدان) لم تشكل المفاوضات حلقتها السياسية الأهم، بل حلقتها الإجرائية المعنية بوضع آليات إنسحاب الإحتلال وتفكيك هياكله ليس إلا.
إن تعطل المسار التفاوضي لا يغلق أبواب المسارات الأخرى لاستراتيجية العمل السياسي. ولا يجب – من باب اولى – أن يضع هذه المسارات في مكانة أدنى من المفاوضات، بل بالعكس تماماً، إن الإرادة السياسية المستندة إلى حراك تراكمي في الميدان، كفيلة بتفعيل المسارات الأخرى للعملية السياسية، باتساق وتكامل، كي تضغط بالوجهة التي تحرر المفاوضات بصيغتها الحالية من إسار الإملاءات الأميركية – الاسرائيلية.
لقد سبق لنا ولغيرنا، تناول المسارات المتعددة لاستراتيجية العمل السياسي والتي بالإمكان إدراجها تحت ثلاثة عناوين:
العنوان الأول يقوم على توسيع دائرة الإعتراف الدولي بدولة فلسطين وبحقها في السيادة على ارضها على حدود 4 حزيران 67 .
والعنوان الثاني يقوم على مواصلة تعبئة المجتمع الدولي بضرورة وضع اسرائيل موضع المساءلة ومحاسبتها على إنتهاكاتها الموصوفة للقانون الدولي وجرائم الحرب التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني.
أما العنوان الثالث فإنه يقوم على تهيئة المجتمع الدولي وتعبئة الحالة العربية بالذات من اجل دعم ومساندة الحق السياسي والقانوني لمنظمة التحرير وللسلطة الفلسطينية بإعادة النظر في ما قررته الإتفاقيات الموقعة من إلتزامات (في المجالين الامني والاقتصادي تحديداً) هي للإملاءات أقرب، طالما تواصل اسرائيل تنكرها لالتزاماتها.

5 – في إطار ما تقدم، نشير إلى تعاظم جهود الولايات المتحدة لاستخدام اللجنة الرباعية كغطاء لتمرير مواقف اسرائيل وممارسة الضغط على م.ت.ف.، إما بتعطيل إجتماعاتها أو بتعطيل صدور بيانات متوازنة عنها.
وبالمقابل تظهر ملامح التباعد النسبي، لكن الملموس، بين مواقف واشنطن والإتحاد الأوروبي من جهة، والإتحاد الروسي من جهة أخرى؛ حيث لعبت موسكو دوراً مهماً في إحباط مشروع البيان الأميركي في إجتماع الرباعية في 11/7/2011 الذي كان يستهدف قطع الطريق على التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، كما سبق لها أن اضطلعت بنفس الدور في إجتماع الرباعية في 4/12/2009 عندما حالت دون صدور بيان ينص على «دولة يهودية ذات حدود معترف بها تعكس التطورات على الأرض».
أما الحلقة المركزية لإدارة العملية السياسية في الفترة القادمة، فإنها تقوم على خيار التوجه إلى الأمم المتحدة من أجل الإعتراف بدولة فلسطين على حدود 4 حزيران 67، كخطوة أولى على طريق قبولها كعضو عامل في الأمم المتحدة، واتخاذ إجراءات فعالة من قبل المجتمع الدولي من أجل إزالة الإحتلال عن أرضها وتمكينها من ممارسة حقها في الإستقلال والسيادة.
إن خطوة التوجه إلى الأمم المتحدة في إطار تفعيل مسارات العملية السياسية بشكل متكامل، هي محاولة مسئولة لإعادة القضية الفلسطينية إلى إطارها الدولي الذي صادرته واشنطن طيلة السنوات الماضية على مفاوضات ثنائية برعايتها المتحيّزة لاسرائيل، مفاوضات ألحقت ضرراً بمصالحنا وحقوقنا الوطنية.
وبقدر ما تقف إرادة فلسطينية موحدة وراء هذا التوجه، تتعزز فرص وإمكانية شق طريقه نحو النجاح.
ونختم بما يلي: العملية السياسية، استراتيجية العمل السياسي لاحقة لاستراتيجية العمل في الميدان، إنها تندرج في متنها وتقوم عليها لتشكل معها الحد الكافي من تناسب القوى الذي يكفل تحقيق الخلاص الوطني.
هذا ما نريد تسليط الضوء عليه في إشارة واضحة إلى قصور وطني عام، يقتضي معالجة سريعة، حيال تفعيل محاور العمل والنضال التي تتضمنها استراتيجية الميدان، في الأراضي الفلسطينية التي تواجه ببسالة مشاريع الاستيطان والتهويد ومن اجل حرية الاسرى والمعتقلين، كما في الشتات حيث أتت تحركات 15 أيار و5 حزيران العابرة للحدود لتذكر بالزخم والإستعداد النضالي شاهق المستوى، الذي يختزنه شعبنا وبخاصة شبابنا في الشتات لمواصلة النضال من أجل حق العودة إلى الديار والممتلكات. وفي هذه المناسبة نحيي نضالات هؤلاء الشباب ونعتز بتضحياتهم.. نحيي شهداء حركة الشباب، شهداء الشعب الفلسطيني من على هذا المنبر الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية، من رام الله الرابضة بجوار القدس في قلب الضفة الفلسطينية المحتلة ■








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان