الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتراب من حائط الموتى؛

فليحة حسن

2011 / 7 / 28
الادب والفن



يبدأ عبد الستار جبر الاسدي قصته (حائط الموتى ) بفعل ماضٍ متصل بضمير الفاعل ( رأيتها)- الرؤية التي لم يبن حدث القصة عليها بقدر ما بُنيّ على الفعل الآخر (تقترب) يقول : ( رأيتها تقترب نحوي دونما أن تلاحظ مكاني ....) فالمستوى النحوي للفاعل في جملة الاستهلال (رأيتها ) هو ضمير مستتر يعود على الفاعل الراوي / المنفعل بالحدث لا الفاعل له .
وهو يبني فعل قصته الى نهايتها وفق هذا المستوى فنراه يقول مثلاً ( خمنتُ إنها ستختار غيري ) ، (امتدتْ الأيدي الى الأسماك المرصوفة حولي )، ( أرتجف خوفي ) ، ( ظلت ْمترددة بين أن تقذفني في سلة المهملات ) ،الى غيرها من الأحداث الصغيرة التي تكوّن منها حدث القصة الكبير أو البنية الدرامية لها .
أما (المستوى الإيقاعي) للقصة فقد بدأ متناسقاً منذ بداية القصة وحتى نهايتها ، فالبناء الدرامي فيها أبتدأ بقوله : (رأيتها تقترب نحوي ...، انتشلتني يد ...) ألخ وتنتهي الاحداث بجملة ( كانت تشبه أمي جداً جداً ؛)،
بينما اعتمد (المستوى الدلالي) فيها على مفردة الموت والتي اضحتْ الدلالة المهيمنة على القصة ومنذ الوهلة الأولى ابتداءً بالعنوان ( حائط الموتى) ،مروراً بجملها الحدثية ( كان أمامها اسماك ميتة) ، ( لبطتْ بعض الأسماك وهي تلفظ آخر أنفاسها) ( ثمة مرآة أسدل عليها شرشف أسود )،( علقتْ ثلاث صور لثلاثة رجال اتشحوا بالسواد ) ،فبدتْ حياة المرأة هنا استمراراً للموت ، موت ثلاثة رجال سرقتهم الحرب ( زوجي ، ابني ، أخي ) ،
اذن ستأكل لوحدها لا أحد معها ، لا أحد تنتظره ، وفي ذلك توكيد لوقوع حياتها ضمن دائرة الوحدة المنغلقة والدائمية والتي تحاول التأقلم معها بأتباع طقوس روحانية شعبية موروثة ( اليوم خميس موعد ثوابي لكم )،
أما العنصر ( المكاني) فقد جرتْ أحداث القصة في مكانين واقعيين ( سوق السمك )، ( والبيت ) وما تخلل من أحداث وان بدت بسيطة إلا إنها جاءت في صلب القصة وأحد أركانها ، ووجود المشهد المكاني الفعلي يجعل القصة تقترب من الواقعية أو تشير الى الواقع كرمز مقصود .
والعنصر(الزماني) للقصة والذي توضّح لنا ومنذ الجملة البدئية فيها والتي هي جملة فعلية تتسم بالانفتاح والشمول والتوسع وبفضل فعل التناوب بين الماضي والحاضر ( رأيتها، ....تقترب) جعل حدث السرد يقوم على الاسترجاع والوصف الامر الذي قام عليه السرد الوصفي الذي حقق نمواً درامياً للحدث ،
فأذا ماتحدثنا عن (نوع السرد ) فنراه يدوّر في وقت واحد على لسان راوٍ مشارك أو مصاحب هو بطل القصة نفسها والذي يقدم ما يشاهد من أحداث ترتبط به ويقصها علينا ( أرتجف خوفي، وارتعشتُ من رذاذ الماء الذي سقط في عين السمكة ).
اما في (المستوى المعجمي) فقد وردت في مستوى السرد الوصفي بعض مفردات اللهجة العراقية الدارجة ( جزدانها ، طازة، ثوابي ، بالعافية ...) على مستوى الشخصيات المحيطة وضمن الزمن الحاضر للقصة وفي ذلك توكيد لعراقية كاتبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم أفهم
نعيم إيليا ( 2011 / 7 / 28 - 21:56 )
تحية للأستاذة الأديبة فليحة حسن المحترمة
جاء في النص قولك:
((فالمستوى النحوي للفاعل في جملة الاستهلال (رأيتها ) هو ضمير مستتر يعود على الفاعل الراوي / المنفعل بالحدث لا الفاعل له)).
وقد حرت في فهمه، فكيف يكون الفاعل في الفعل (رأيت) مستتراً وقد كنى الكاتب عن نفسه فيه بالضمير المتصل (تاء الفاعل)!؟
بل ما هو مفهوم المستوى النحوي؟
الراوي منفعل بالحدث، والحدث هو الاقتراب وفاعل الحدث هذا ضمير مستتر تقديره هي يعود على فتاته. هذا صحيح، ولكنَّ الرؤية حدث أيضاً وفاعله الراوي وليس فتاته. فكيف جاز أن يكون الفاعل في فعل الرؤية متصلاً ومستتراً في آن معاً؟


2 - رد على تعليق
فليحة حسن ( 2011 / 7 / 29 - 09:41 )
الاستاذ نعيم المحترم
المقصود من المستوى النحوي هو التركيب اللغوي الذي جاءت به جملة الاستهلال والتي قام عليها بناء حدث القصة هنا والمطلع على تلك القصة يرى فيها ان الفاعل لم يقم بالفعل بمقدار ماكان متأثرابه لانه كان ببساطة راو عليم . كل الشكر على المتابعة

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان