الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيعة في المغرب المعاصر تزوير لإرادة الشعب

زكرياء الفاضل

2011 / 7 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


يحب أنصار النظام المخزني ترديد رساخة البيعة في المجتمع المغربي منذ عصر المولى إدريس الأول الذي بايعته القبائل الأمازيغية وعاهدته على الولاء. لكن ما يغفله هؤلاء، عن جهل أو قصد، هو أن المولى إدريس الأول لم تكن له سلطة على الأمازيغ لذلك جاءت بيعته مشروعة، رغم أنها كانت لأسباب سياسية وليست روحية كما يروج لها التعليم الرسمي، إذ هي كانت نصرة لأتباع علي الخليفة الراشد الرابع (علامات تشيع المغاربة، في حقبة معينة، ظاهرة في عدة مناسبات دينية منها عشوراء التي يتميز المغاربة بالاحتفال بها عن باقي الدول العربية والإسلامية قاطبة ومنها العمامة المغربية -الرزة- التي تشبه إلى حد كبير عمامة الشيعة ولا توجد إلا بالمغرب والجزائر..). وما دام أن المولى إدريس الأول وصل إلى المغرب هاربا من بني أمية فإنه لم يكن صاحب سلطة على القبائل الأمازيغية ولا بإمكانه إرغامهم على مبايعته. لكن الأمازيغ المغاربة التواقون للحرية، الجارية في دمهم، وجدوا في مبايعته حلا سياسيا للخلاص من الخلافة الأموية التي أداقتهم الحنظل. وفعلا بعد مبايعته أعلن عن الدولة المغربية تحت قيادة ملكها المولى إدريس الأول، وهذا سيكون له الفضل في نجاة المغرب من الوقوع تحت الاحتلال العثماني على غرار باقي العالم العربي.
إذا هي بيعة عن طواعية واختيارية وبمحض إرادة المغاربة وليس نتيجة لضغوطات أو ترهيب، لذلك جاءت تعبيرا عن إرادة المغاربة وترجمة لمشاعرهم. لكن هل بقية البيعة محافظة على شرعيتها في المغرب الحالي؟
حتى تكون البيعة ديمقراطية لابد لها من أساس طوعي وخيار نابع من إرادة الشعب دون ضغوطات خارجية. لكن ما نلاحظه بالمغرب، منذ عهد الحسن الثاني الراحل، هو تميز البيعة بطابع قسري عنيف حيث يقدم الولاء ويبايع الملك ليس ممثلون عن الشعب بل الوزراء والولاة وكبار الضباط والموظفين الساميين والقياد والأعوان عموما أي أولئك الذين يعينهم الملك وبالتالي له سلطة مباشرة عليهم، وهم من يسميهم المغاربة بالمخزن. وهذا يعني أن الملك هو من يبايع نفسه ويقدم لها الولاء دون استفتاء الشعب في ذلك ولا الأخذ برأيه في الأمر. قد يقول البعض: لكن في تقديم الولاء تشارك الأحزاب أيضا. الجواب عليهم بسيط ومفاده أن الأحزاب التي تقدم البيعة، في غالبيتها العظمى من صنع النظام وهي التي يسميها المغاربة "أحزاب الكوكوت مينوت" (أحزاب طنجرة الضغط) وأقليتها اشتراها النظام المخزني بمناصب وحقائب وزارية، وهذه بديهية يعرفها العام والخاص. لكن لماذا لا يستدعي القصر أحزاب المعارضة الشريفة لتقديم الولاء؟ .. نعم، لأنها ستضع شروطا لتقديم البيعة أي ستشترط عقدا اجتماعيا يلزم كلا الطرفين بحقوق وواجبات الشيء الذي لا يرغب في النظام الملكي، الذي تعود أن يرى في المغاربة رعية لا مواطنين.
عموما البيعة كنظام لاختيار الحاكم نهج غير ديمقراطي وذلك لأنها لا تشترط عقدا اجتماعية بين الحاكم والمحكوم بل تنص على طاعة المحكوم للحاكم، كما أنها لا تشترط رأي الشعب في اختيار الحاكم بل تجعل ذلك من اختصاص أهل الحل والعقد، وهم العلماء والفضلاء ووجوه الناس.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: "أما البيعة: فقد اتفق العلماء على انه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسّر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس، .. ولا يجب على كل واحد أن يأتي إلى الإمام فيضع يده في يده ويبايعه، وإنما يلزمه الانقياد له، وألا يظهر خلافا، ولا يشقّ العصا.."
إذا نظام البيعة غير ديمقراطي ونخبوي إذ يجعل اختيار الحاكم من حق نخبة معينة (من تيسّر..)، وهذا يعني أن حتى النخبة لا يشارك منها إلا من كان مواليا للمرشح لدور الحاكم، أما الباقي فما عليهم إلا الخضوع والانصياع.
إذا كان هذا النهج في ما مضى مشروعا، فإنه اليوم يعتبر غير ديمقراطي وحضاري، إذ المجتمعات نمت وتقدمت وأصبحت تحكم نفسها بنفسها عبر مؤسساتها النيابية التي تمارس واجباتها الموكولة لها في إطار دستور شعبي غير ممنوح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير