الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنح .. الانفاق ..الأزمة

فهمي الكتوت

2011 / 7 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الاردن - المنحة الاخيرة رفعت قيمة المساعدات السعودية الى 1400 مليون دولار، ومن المنتظر تقديم مساعدات اضافية على شكل منحة نفطية بأسعار تفضيلية، جاء الدعم السعودي ليجنب البلاد انفجار ازمة اقتصادية ومجتمعية محتملة أو يؤجل وقوعها... خاصة في ظل توجه حكومي لا يستبعد فكرة رفع أسعار المشتقات النفطية، وزيادة الأعباء الضريبية على المواطنين كأسلوب لمواجهة العجز المالي الذي تعاني منه الخزينة، وتحت ضغط تفاقم المديونية التي تجاوزت قانون الدين العام ووصلت الى حدود غير أمنة، المساعدات الخارجية قد تنقذ البلاد من ازمة لا مخرج لها سوى قيام دولة شقيقة بضخ مزيد من الأموال، لكن هذا ليس مخرجا لحالة متكررة ستواجه البلاد بشكل دوري اذا لم يجر معالجة اسباب الازمة.

الازمة ناجمة عن سببين رئيسيين الاول: ارتفاع معدلات نمو النفقات العامة بنسب تفوق معدلات نمو الإيرادات، والثاني ارتفاع اسعار المشتقات النفطية. تناولت في مقال الاسبوع الماضي معدلات نمو النفقات الجارية مقارنة مع معدلات نمو الايرادات، خلال السنوات 2008-2010 وتبين ان نسبة نمو النفقات الجارية اعلى من نمو الايرادات المحلية بنسبة 8.5% ، وبينت في المقال ذاته ان نسبة نمو النفقات الجهازالعسكري اعلى من نمو النفقات المدنية بما في ذلك الصحة والتعليم، وان نصيب الجهاز العسكري من النفقات الجارية يتجاوز ثلث اجمالي النفقات الجارية. ومنذ يومين نشر المركز الوطني لحقوق الانسان دراسة اقتصادية تقويمية بعنوان واقع الإنفاق على حقوق التعليم والصحة والعمل في موازنات الحكومات الأردنية لسنوات 2000-2010 من اعداد فريق من الباحثين برئاسة د. عدنان هياجنة، تضمنت الدراسة نتائج تحليل موازنات الحكومات الأردنية فيما يتعلق بالإنفاق على الحقوق الاقتصادية والجماعية التي شملت الحق في التعليم والحق في الصحة والحق في العمل خلال فترة الدراسة من عام 2000 إلى عام .2010

وبينت الدراسة نمطية الإنفاق على هذه الحقوق ومقارنتها مع أوجه إنفاق متعددة في موازنات الدولة الأردنية. كما تضمنت نسبة التضخم خلال فترة الدراسة حسب مصادر الإحصاءات العامة إلا أن الأسعار قد نمت بنسبة 49%. وقد ابرزت الدراسة مقارنة بين الحقوق الثلاثة - التعليم، الصحة، العمل - مع الإنفاق على الأمن العسكري والإنفاق على خدمة الدين العام، حيث تبين ان الانفاق الكلي على التعليم 11% من اجمالي النفقات العامة، والمقصود هنا في الانفاق الكلي على التعليم العام (نفقات وزارة التربية والتعليم النفقات الجارية والنفقات الراسمالية، ووزارة التخطيط/مشاريع التربية وضريبة المعارف ووزارة التعليم العالي ومديرية التربية والتعليم والثقافة العسكرية ومؤسسة التدريب المهني ودعم الخزينة للجامعات والبعثات العلمية) ، كما بلغ نسبة الانفاق الكلي على الصحة 10% وشملت ( نفقات وزارة الصحة ووزارة التخطيط / صحة، ومستشفى الجامعة الاردنية وصندوق التأمين الصحي والخدمات الطبية الملكية ومؤسسة الحسين للسرطان ومؤسسة الغذاء والدواء وغيرها)، وبلغت نسبة الإنفاق على العمل 2%. وبذلك تكون حصة الفروع الثلاثة التعليم، الصحة، العمل 23%، أي إن هذه الحقوق الاقتصادية والمجتمعية انفق عليها اقل من ربع موازنات الحكومات الأردنية خلال فترة الدراسة. واكدت الدراسة ما سبق ونشرته في المقال السابق ان الإنفاق على الأجهزة الأمنية يفوق حجم الإنفاق على الحقوق الثلاثة محل الدراسة، حيث بلغت في عام 2010 (24%) من حجم الإنفاق العام، مقابل (22%) على الحقوق الثلاثة. وتبين الدراسة أن حجم الإنفاق الحكومي على الأمن في زيادة مستمرة (مع الاشارة الى اهمية دور الجانب الامني ). وتستخلص الدراسة عدة ملاحظات منها ان معدل حصة الفرد من الانفاق على الاجهزة الامنية 177 دينار، وهي في زيادة مستمرة خلال فترة الدراسة حيث وصلت إلى حوالي 299 دينار في عام 2010. في حين بلغت حصة الفرد للتعليم 86 دينارا، و للصحة 79 دينارا، و للعمل 16 دينارا. أي أن حصة الفرد خلال فترة الدراسة في الحقوق الثلاثة بلغت 181 دينارا وهي تشكل 22% من حصة الفرد من الإنفاق العام الكلي.

ابرز الاستخلاصات التي يمكن الوصول اليها حول موازنة الدولة، الحاجة الموضوعية لاحداث تغييرات ملموسة في موازنة الدولة، فقد جاءت هذه الدراسة لتؤكد من جديد ضرورة اعادة صياغة الموازنة العامة للدولة على اسس جديدة، بحيث تحتل حقوق المواطنين في التعليم والصحة والعمل الاولوية في الانفاق، مع اهمية توفير الشروط الضرورية لتحقيق الامن والاستقرار في الدولة، وليس السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف النبيل الا من خلال زيادة الإنفاق على الأمن المجتمعي، فالأمن المجتمعي يصونه اكتمال الحقوق الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية في التوزيع العادل لعائدات التنمية، وتوفير حق العمل وحق التعليم والتأمين الصحي الشامل لكافة المواطنين، فهي ركائز اساسية للامن الاجتماعي.

بقية ملاحظة أخيرة لا بد من ذكرها ان الدراسة استندت في مقارنتها للنفقات المذكورة قياسا مع اجمالي الانفاق العام من نفقات جارية ورأسمالية، وبغض النظر عن مصادر إيرادات هذه النفقات، سواء كانت ايرادات محلية ام ناجمة عن منح خارجية او ممولة بالقروض، لذلك اختلفت بعض النسب الواردة في البحث مع النسب التي تناولتها في مقالي السابق والتي استندت فيها الى مقارنات مع النفقات الجارية والتي تتحقق عادة من الايرادات المحلية، علما ان النتيجة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي