الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يمكن احتكار الحقيقة وارتهانها لفئة أو جهة، مهما كان حجمها بسبب المكونات الثقافية المتعددة تاريخياً للمجتمع العراقي .

جاسم العايف

2011 / 7 / 30
الادب والفن


تقديم وحوار: القاص/الياس الماس محمد
يرى الكاتب "جاسم العايف" أن النقد العراقي لا يمكن الآن أن يمارس دوره المطلوب في إرساء قيم التغير في الراهن العراقي، دون استقرار شامل إنساني- اجتماعي وهو ما سيخلق فسحة مهمة لتأمل الأشياء والحياة، وعبرها سيتم تفاعل الكتاب و تنعكس بهذا الشكل أو ذاك في كتابتهم عملية الحراك الاجتماعي المتواصل. والكاتب " جاسم العايف" ولد في البصرة عام 1944. وتعرض للاعتقال لأسباب سياسية في الشهر الرابع من عام 1962ولغاية الشهر التاسع من ذات العام. وكذلك اعتقل في/ 8 1/شباط عام 1963 ولغاية ه1 /7 /1963. و حكم عليه مدة ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة من قبل المجلس العرفي الأول في نيسان عام 1964، وقضى زمناً منها في سجن الحلة المركزي. ونشر نتاجاته في الصحف والمجلات العراقية والعربية منذ العام 1965 عندما كان نزيلاً في سجن الحلة. ونشط في أوائل السبعينيات المنصرمة من خلال كتاباته و متابعاته ومساهماته في الشأن الثقافي البصري- العراقي، وتوقف عن ذلك نهائيا منذ الربع الأخير من عام 1979 حتى سقوط النظام الفاشي في9 نيسان 2003 ، حيث ساهم في نشاطات اتحاد أدباء وكتاب البصرة واختير عضواً في اللجنة الثقافية للاتحاد و منسقاً لنشاطاتها الأدبية- الثقافية، وعضواً في لجنة مهرجان المربد الأول عام 2004/مربد ما بعد السقوط/ ، وترأس تحرير جريدة مربد عام 2006 /دورة الشاعر عبد الكريم كاصد/، وانتخب رئيساً للمؤتمرين الانتخابيين /الثاني والرابع/ لاتحاد الأدباء والكتاب في البصرة. كما كان عضواً في هيئة تحرير جريدة "الحقيقة" الأسبوعية، التي أصدرتها محلية الحزب الشيوعي العراقي في البصرة بعد سقوط النظام الدكتاتوري والتي توقفت عن الصدور لأسباب مالية. عمل منذ عام 2005 ولغاية نهاية العام 2008 في جريدة "المنارة" التي تصدر في البصرة ،مسئولاً للقسم المحلي فيها، وكتب فيها عشرات المواضيع السياسية والفنية والثقافية والفكرية. ويكتب في بعض مواقع شبكة الانترنت العالمية، وعنها نشرت مقالاته في بعض الصحف والمجلات العراقية والعربية وترجم بعضها للغات الأجنبية. صدر له ضمن منشورات اتحاد أدباء وكتاب البصرة/33 / كتابه المعنون"قراءات أولى" عن /دار الينابيع في دمشق/2010 /على نفقة شركة آسيا سيل للاتصالات. وله أيضاً مساهمة في كتاب " قتل الملاك في بابل ..المفكر والناقد قاسم عبد الأمير عجام نصّا ورثاء" /تحرير علي عبد الأمير عجام/ ط-1/2010 /المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت. ولديه كتابان جاهزان للطبع، الأول استذكاري بعنوان:(تلك المدينة.. الفيصلية). والثاني مقاربات سياسية في الشأن العراقي، بعد سقوط النظام،بعنوان:(المعضلة العراقية:توقعات..ونتائج). خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد أجريت معه هذا الحوار.
*الحركة النقدية هل واكبت برأيك الأعمال الإبداعية؟
** في مجتمع كمجتمعنا انفتح على فضاءات من السعة الهائلة بعد عقود من حياة جهنمية مغلقة رثة متدنية انفتحت أضواء لا عهد لنا بها.. والضوء بقوته وسطوعه يخطف الإبصار ويؤدي إلى خلل الرؤى وهو ما حصل ولازال يحصل الآن في الساحة العراقية،الاجتماعية، الثقافية،السياسية، و في خضم الطوفان الإعلامي وانفلاته وخفوت وفقدان الحس الوطني لبعض العاملين فيه ، ومن خلال كثرة الإصدارات المتنوعة لا يمكن لأي متابع متابعته مهما كان حجم متابعاته وقدراته ..ومتابعة الأعمال الإبداعية واستكشافها تقتضي تقاليد ثقافية ورؤى ترتبط بالعصر ومهيمناته ، والحاجات الإنسانية المشروعة في الحرية والعدالة الاجتماعية ،خاصة وأننا بتنا في قرية كونية الآن،مع سوء وتردي حياتنا العامة اليومية . لا يمكن متابعة الإبداعات إلا بالاستقرار الاجتماعي أولا الذي بالضرورة سيخلق فسحات للتأمل والعطاءات ..ثمة دراسات وكتابات ومتابعات كثيرة ومتمكنة ومخلصة حقاً.. لكنها وفي فوضى وانحطاط توجهات الواقع الراهن لا تؤسس قيما الآن.. كيف يمكن تأسيس القيم في موجات النكوص الحالية وسيادة التوجهات الطائفية الملفقة المغلقة التي تريد أن تثأر من العراقيين ذاتهم وتُطبق بظلماتها على ارثهم التنويري المعروف، وتسجل هنا وهناك نجاحات مؤقتة زائلة مستثمرة مخلفات تدني الوعي الاجتماعي وانحطاطه عبر سياسات منظمة كرسها اعتى نظام بربري همجي عرفه تاريخ العراق الحديث.. قطعاً أراهن على الاستقرار الاجتماعي في القادم من الأيام.. لأننا لازلنا نلتفت للماضي بغضب يرافقه اشمئزاز من الحاضر ،أصفه باشمئزاز و ليس" استنكاف".. اشمئزاز ضروري لابد منه للمساهمة الفاعلة في تفعيل خطاب اجتماعي- وطني- ديمقراطي عراقي للمساهمة في صناعة المستقبل وصياغة وطننا اجتماعيا- ثقافيا على أسس مغايرة لما كان منذ تأسيس الدولة العراقية، وللسائد وإعادة صياغة الأوطان ليست نزهة او متعة إطلاقاً لأنها تنطوي على عملية حراك اجتماعي معقد جداً.. خاصة في وضع مثل وضعنا المعروف بتعقيداته الكثيرة .
*لم اخترت النقد؟ ولم تكتب الرواية أو القصة أو الشعر؟
** شكرا لك لأنك وضعتني في خانة النقد بصفتك صديق عمر ورفقة يومية في بصرة سبعينياتنا الدافقة، لا أصنف نفسي كناقد إطلاقاً ..لأنني، بتواضع، اعترف أن صفة الناقد اكبر من حجمي ومما مما قدمته.. إن النقد صفة كبيرة وتنطوي على مسؤولية اكبر.. ولابد أن لا تطلق للمجاملات حتى بين الأصدقاء ، بدأت شاعراً وكان معي أخي الشاعر عبد الكريم كاصد ، وهو رفيق الصبا والتكوين والشباب العاصف المتمرد على كل شيء ، وسنوات التثقيف الشخصي الجاد وبتأثيرٍ كبير منه ..وفي سجن الحلة المركزي الذي ابتلع سنوات كاملة من شبابي وقبلها في موقف (رقم4)،بمنطقة البصرة القديمة ، وأنا فتى في الدراسة المتوسطة ،وبصحبة بعض أساتذتي الكرام ومنهم الفاضل الراحل أستاذي د. هاشم الطعان وأستاذي الكبير مدحت حشمت لتسعة أشهر كاملة.. لا لذنب اقترفناه إلا لأننا نحب وطننا وشعبنا بطريقة لائقة .. ورأينا أن الحياة فيه ليست عادلة بما يليق بالناس الذين يعيشون على ترابه.. وبعد سنوات وفي سجن الحلة رافقتهما كذلك ومعي الصديق العزيز الراحل الباحث خليل المياح هناك أي في السجن زاملت بعض المهتمين بالأدب والفن والثقافة أبرزهم الشاعر فاضل العزاوي الذي احتفى بنا جداً ،وقدمني شاعراً عندما اطلع على قصائدي وللأمانة عَدل َ بعضها وهَربها إلى القاص "عبد الرحمن مجيد الربيعي" الذي كان يشرف على الصفحة الثقافية في جريدة "الأنباء الجديدة" أواسط الستينيات ،ونشر لي أكثر من قصيدة،مهربة، فيها.. كذلك نشرت قصائد في المنار الأدبي و في مجلة شعر المصرية وكتابات ثقافية عن بعض الكتب ، قمت بتهريبها من السجن خلال الزيارات العائلية آنذاك ..هذا لا يعني أنني واصلت طريق الشعر بدأب أو انقطعت عنه ، فأنا أحيانا اكتب ولا أسعى لنشره..لأسباب لها علاقة بيَ ، وبعض الأصدقاء في الوسط الأدبي اطلع عليها وفي مقدمتهم الزميل الأستاذ خالد السلطان ، وكذلك الصديق الشاعر والفنان هاشم تايه والصديق الشاعر مجيد الموسوي وبعض الأعزاء الآخرين..عزيزي كان الشعر ولا يزال معنى حياتي كقارئ متذوق ومتفاعل معه أولاً.. انه كما أتصور الحرية الإنسانية بأحلى معانيها، عندما يتحول العسف والفقر والخوف والجوع والإذلال والإرهاب قاعدة الحياة اليومية. أنا كاتب في الشؤون الثقافية العامة ولي كتابات عدة توصف بأنها نقدية ومنها نقود تطبيقية لعروض مسرحية كثيرة شاهدتها في البصرة وبغداد وكتبت عن مجاميع شعرية وكتب أحببتها وأخرى كرهت عنجهيتها وخواء كتابها وإدعاءاتهم فكتبت عنها وكتبت أيضا السيناريو ونشرته وكانت لي مشاريع مع صديقنا الراحل الشاعر مصطفى عبد الله وأيضاً مع صديقي المخرج السينمائي المقيم في المغرب حاليا كاظم الصبر، ولكن لم يتحقق منها شيئا ما لأسباب عامة –خاصة ، وقد انقطعت عن النشر نهائيا باختياري الشخصي منذ نهاية السبعينيات ومارسته بنشاط بعد سقوط النظام..وبحكم المشاركة العامة حاليا اكتب مداخلات ثقافية ومتابعات سياسية في الجريدة التي اعمل بها والصحف الأخرى وانشر بتواصل في شبكة الانترنت العالمية .
*بتقديرك ،أية وسيلة إبداعية تقترب في تجسيد واقعنا الراهن ،المسرح الرسم ،الشعر، القصة ،الرواية..؟
** المثقف والكاتب الحر في العراق بقي خاضعاً و مهدداً بالقمع والإقصاء وتغييب دوره في القضايا التي تهم مجتمعه وكشف مصادر الخلل فيها وتشخيص أسبابها ويتجلى فعله من خلال إنتاجه لصور وأشكال ترتبط بذاته وتصوراته للأوضاع الاجتماعية وما عليها الظروف السياسية المحيطة به، ويستطيع بذلك الإبداع والعمل على قدر ما يتاح له من حرية التعبير والإمكانات والقدرات الثقافية والمعرفية والعلمية التي يتمتع بها. وللمساهمة في تنوع المشهد الثقافي- الاجتماعي العراقي حاليا لا بد من استخدام كل ما هو متاح من إبداع إنساني والعمل على استشراف الآراء والرؤى المتعددة وحرية الدخول معها في جدل وتواصل بناء ، شفاف ، بعيدا عن احتكار الحقيقة وارتهانها لفئة أو جهة مهما كان حجمها و موروثها بسبب المكونات الثقافية المتعددة للمجتمع العراقي تاريخيا.. فالحقيقة وصورها المتنوعة المتجددة لا تتأكد بالإملاء والإكراهات.. وذلك جزء من مهمتنا جميعا كمواطنين ومثقفين وكتاب عراقيين، بغض النظر عن نوع ما نعمل عليه، قصة ،شعرا، تشكيلا ،غناء، موسيقى، مسرحا، رواية، مقالة، متابعة، نقداً...الخ من اجل وطن وشعب دون ثقافة الخوف والاستبداد واحتكار للرؤى وفرض للتصورات.
*غادر أو اجبر على ذلك كثير من مبدعينا العراقيين منذ أكثر من 30 عاما هل استطاعوا الاقتراب من الوطن وهمومه؟؟
**في الواقع هذا السؤال يحيل إلى ما يقال عن مثقفي الخارج- الداخل.. وهذا ما لا اعتقد به وكتبته عندما ناقشت النظام الداخلي لاتحاد الأدباء في العراق ونشر في مواقع عدة في شبكة الانترنت العالمية وقبلها نشر في جريدة "المنارة" البصرية بحلقتين ..أقول المبدع العراقي في الخارج حمل العراق وشعبه أين ما حل وترحل .. والبعض منهم قام بفضح الدكتاتورية البعثية والشمولية الصدامية طيلة عقودها المقيتة، متجاوزين كل المحطات المخابراتية التي كانت تترصد هم ، وابتعدوا عن عطايا و دولارات النظام الفاشي التي كان ينثرها على بعض كتاب وشعراء وصحفيي وباحثي وفناني و سياسي العالم العربي دون حياء منهم .. وكانت عطاياه و دولاراته مغموسة بدم العراقيين وعذاباتهم الهائلة ، وتنز منها نواحات أرامل وآلام معوقي حروب النظام الخاسرة المتواصلة و عذابات ورثة المقابر الجماعية من العراقيين الذين لا زالوا حفاة عراة أميين حتى الآن ..الأدباء والكتاب والفنانون العراقيون والعراقيات من الذين طوحت بهم عقود العسف الدكتاتوري بعيداً أو ألجأتهم سنوات الحصار المرة والظروف الراهنة الحالية الأشد قسوة ، وما عملوه ويعملونه في خارج الوطن العراقي ..وتحديدا أولئك الذين يقفون مع العراقيين في اصرارهم الحالي على الانبثاق الجديد وصناعة الغد العراقي المتعدد الديمقراطي ..جزء من نسيج الثقافة العراقية الولود بعمقها الحضاري-المدني المعروف .. أما من يهاجمهم أو يهاجمنا الآن تحت مسوغات نحن أصلا نرفضها كالاحتلال والطائفية والمحاصصة،فهم لا يمارسون دورهم الإنساني الوطني لأنهم وبأسف يستنسخون خطابات الماضي وبازاراته.. وهم يصنعون لهم أوثاناً يتبعونها وأعداءً وهميين باحثين عن عطايا وأسياد جدد، والثقافة العراقية وشعب العراق الخلاق مر به غزاة وحكام جهلة قساة ونفعيّون ومنتفعون وهو في هذا ككل الأوطان في هذا الكوكب.. فالعراق وشعبه ليس نبتة غريبة هجينة على هذه الأرض الثرية وهو تجاوز كل المحن والأوبئة والخسارات وسيتجاوز الراهن الحالي ، ومن هنا مراهنتنا على عراق ، يتجدد ، كطائر العنقاء ، منسلخا من رماد الماضي وجراحاته الغائرة العصية على الالتئام، وحاضره الدامي الذي يثير الأسى والفزع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال


.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا




.. بطريقة كوميدية.. الفنان بدر صالح يوضح الفرق بين السواقة في د