الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستباق المراثي في الاجنبي الجميل؛

فليحة حسن

2011 / 7 / 30
الادب والفن


استباق المراثي في الأجنبي الجميل

ذهب بعض النقاد إلى القول بان الشاعر المعاصر يستبق المراثي لنفسه ، فهل يأتي هذا من قبيل التكهن بموت قريب أم هو هروب من موت معنوي متكرر؟
ولأجل ذلك وقع اختياري على قصيدة (صاحب منهل )للشاعر الفقيد(مصطفى عبد الله) من مجموعته الشعرية ( الأجنبي الجميل) والتي يقول فيها :
""صاحب منهل "
صعد الدبابة
وتحّسس أزرار التحريك
والعتلات الدوّارة
جرّب أسم الآمر مهدي بجهاز الإرسال الرأسي
شّم هواء من أنبوب الغرفة
وغطى بالطين مصابيح العّدادات
ينصت لليل المحروق على الطرفين
خلّى في البيت الليل الصيفي
وجواداً مربوطاً كالبسطال
صاحب منهل
لم يتمهل
صعد الدبابة بالسنوات العشرين
في اليوم المجهول
ولم ينزل
فمنذ الوهلة الأولى عمد الشاعر إلى وضع المتلقي في بؤرة القص دفعة واحدة باستعماله للفعل الماضي (صعد) إذ إن الفعل الماضي –كما يرى بعض النقاد - له حقيقة الحضور في القصّ ،فالبطل المسرود عنه ( صعد وتحسسّ وشمّ وغطى وخلى ) وكلها أفعال ماضية جعلت ذلك البطل يحقق حضوره المادي في النص هذا الحضور الذي أريد من ورائه التأقلم في أجواء الحرب ، ولكن عملية التأقلم تلك لم تتم فالمروي عنه لما يزل متوجساً من عوالم مجهولة فنراه منصتاً
(لليل المحروق على الطرفين) ، وبما أن الصفة في الشعر ذات طبيعة مزدوجة يمكنها أن تمنح العبارة حيوية وتأثير كبيرين وتعمق الجو الشعري –على رأي بعض النقاد- فإننا نرى الشاعر يستعير لليل بطله الطفو لي صفة الصيفي قائلاً ( خلى في البيت الليل الصيفي)، أما ليله الحاضر فيصفه بالمحروق ( ينصت لليل المحروق على الطرفين ) ، ففي الصفة الأولى أراد استدعاء مساحة الراحة التي يشعر بها المرء لحظة حلول الليل بعذب نسائمه بعد نهار قائظ ، أما في الثانية فقد سلب من الليل ذلك الفعل الجميل وجعله ينتمي إلى قاموس منغصات الشاعر ، فهو ليل حرب ،تجد فيه النار وقتاً لاندلاعها وبذا تتسع أزمنة القلق والضيق وهذا ما نره أيضاً في تشبيه الحصان بالبسطال ( وجواداً مربوطاً كالبسطال) ،
فالشاعر لم يعد يرى غير الحرب وقاموسها وإذ يمتد الخوف ويكبر حجم الموت بتعدد أسماء الراحلين ، يحتفي الشاعر(بصاحب منهل ) سالباً منه صفة الإحجام عن متابعة الموت (صاحب منهل لم يتمهل ) وجاعلاً إياه مستمراً في ذلك الموت وكأنه يحياه أبداً باستعماله للفعل المضارع الموحي بالحركة والاستمرارية وديمومة الحال ( صعد الدبابة في اليوم المجهول ولم ينزل ) ،
كما وانه تابع الحدث بأسلوب قصصي يقوم على توالي الجمل المعطوفة على بعضها وتوالي الأفعال الموضحة للحركة والدالة عليها ،
وبذا يكون الشاعر قد عانى تكرار صورة الموت الذي أفضتْ به الحروب المتتالية متخذاً من ( صاحب منهل ) مرآة عاكسة لديمومة ذلك الموت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان