الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يواجه المسيحيون في العراق نفس مصير الهنود الحمر في امريكا؟؟!

رزاق عبود

2004 / 11 / 23
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بصراحة ابن عبود
هل يواجه المسيحيون في العراق نفس مصير الهنود الحمر في امريكا؟؟!

يتباهى العراقيون دومآ، وعن حق، ان بلادهم، بلاد الرافدين، ارض الحضارات، والثقافات، واولى الديانات، والفنون، والتاريخ، واولى القوانين، واولى المدن، واولى الكتابات المعروفه، واول انظمة السقي، واول من دجن الحيوان، ومارس الرعي، والزراعه. بلد اختراع العجله، والعلوم، وألأختام، والفلك. بلد ألأساطير، وألأنبياء، وألألهه، ومهبط الرسالات. والملوك العظام، والقادة الكبار، والكتاب، والشعراء، والموسيقيين الفطاحل. وكل ذلك مكتوب في كتب التاريخ، وهناك شواهد، واثار، ومتاحف تشيرالى، وتؤكد، وتثبت ما يدعيه العراقيون. ولكنهم ينسون، ان احفاد بناة تلك المفاخر. يتحركون، ويتنفسون، ويعملون، ويعيشون بيننا، ومعنا. يدرسون، ويعملون. يكتبون، ويقرؤون. يناضلون، ويستشهدون. يبنون، ويعلمون، يخترعون، ويبدعون. ينقبون، ويؤلفون. يقوموا بكل ما قام به اجدادهم الذين نتفاخر، بابداعهم، وامجادهم.

سكنة العراق ألأصليين، هؤلاء استقبلوا، في يوم ما تلاميذ المسيح، ورسله الى الناس. حموهم، واخذوا عنهم تعاليم التوحيد، والسلام، فصاروا من اتباع المسيح، واهل الكتاب، وحملة الرسالات. حظوا بحماية المسلمين الأوائل الوافدين من الجزيره. كما حموا، هم من قبل رسول ألأسلام، واستضافوه في نجران، وتعلم على ايدي كهنتهم الكثير. صاروا، ومعهم كل تاريخ العراق، عونآ لسكانه الجدد الذين اشتركوا معهم بالتوحيد. وعلاقات كان يفتقدها العرب، مع اليونان، والرومان، والفينيق. ولغة هؤلاء التي كانت، وقتها لغة العلم، والثقافه، والسياسه، والفلسفة التي تركت المجال للعربيه، بفضلهم، وجهدهم، وترجماتهم.

ابناء سومر، واكد، والوركاء، وبابل، واوروك، واشور، ونينوى الذين لا يزالون يسمون ابناءهم باسماء ملوك نفخر بها في كتبنا المدرسيه. ولا نعرف حتى لفظها الصحيح، ولكنها زاد يومي لهم. هؤلاء الصوامع، وحافظي التاريخ، وناقلي الحضاره يتعرضون اليوم لحرب ابادة عنصريه رهيبه بفعل جنون طائفي، وتعصب ديني، وعقد نفسيه، وتعاليم تكفيريه، ونزعة ساديه وحشيه.

الحاقدون على العراق، يفجرون ابار، وانابيب النفط، ومحطات الكهرباء، والجسور، والمدارس، والجوامع، والكنائس. هذه الثروات، رغم الخساره الكبيره، يمكن ان تعوض. ولكن، من يعوض دماغ يستمد عبقريته من سومر، واكد، وبابل، واشور. هذه الثروة القوميه، من يعيدها لنا، اذا هاجرت، أوهربت، او شردت، او قتلت. بسبب التمييز، والقمع، والمضايقه، لاسباب سياسيه، وأجتماعيه، ومؤامرات دوليه، تركت هذه العقول النيره في الستينات، والسبعينات ارض ألأجداد، وتغربت في امريكا، واستراليا، واوروبا، وغيرها. لتحافظ على شخصيتها، وعاداتها، وتقاليدها، وقيمها، ولتحفظ لنا خزينآ ضخما من ألأرث الحضاري. نواديهم، وتجمعاتهم، وجمعياتهم صارت سفارات، ومعالم ثقافيه للعراق، وحضارته. منارات تعريف بتاريخ بلادنا، الذي يكتبه البعض بالدم، وكتبوه هم بانجازات للبشريه جمعاء.

الحاقدون على العراق، وعلى روحه التسامحيه، وتاريخه الغني، والراغبون في تشويه اسمه، وتحطيم امكانياته، وحرمانه، من عوامل قوته، وعزته، وعقول شعبه النيره المبدعه. تمتد اياديهم القذره، لتخريب النسيج الأجتماعي لبلدنا، ومجتمعنا. لتحرمنا من عقول، نحتاجها للبناء، واعادة ألأعمار، ولتصفية ارث الفاشيه، والحروب. عقول، ونفوس ابيه ظلت متمسكه بوادي الرافدين. ان استهداف المسيحين، والصابئه المندائيين مؤخرا انما يستهدف روح العراق، وسلبه عوامل استمرار رقيه، وعزته. الأعمار المدني، والبناء ألأجتماعي، بحاجة الى مثقفي المسيحيين العراقيين. ولهذا تريد تحالف قوى الظلام، والفاشيه المعاديه للعراق، حرماننا منهم .

الهدف ألأساسي، للأعتداءات على مسيحي العراق ،هو اجبار المتعلمين، المثقفين، المتنورين، ألأكاديمين، العلماء، الخبراء، المختصين، الكوادر الفنيه، ألطاقات ألأبداعيه، على الهجره. وترك الوطن، والمجتمع يعاني الحاجه، والنقص لما يمتلكون من طاقات وابداعات، وامكانات، يمكن توظيفها لخدمة الشعب، والوطن. اضافة الى ألأساءه لتاريخ التسامح، والتعيش الجميل الذي يتميز به العراق. ورغم انها اعمال طارئه، وغريبه، ومرفوضه، ولن تشكل شرخا، في الوحده الوطنيه، الا انها تقع ضمن سياق الخطط، والسيناريوهات الموضوعه من التحالف البعثسلفي، للتفرقه، وزعزعة الوضع الأمني، وألأمن الوطني، بأعتباره يتعرض لشريحه اساسيه من المجتمع العراقي. ان تعدد الطوائف، والمذاهب، والأديان، والقوميات في العراق يراد استخدامها كاوراق ضغط ،قبل ان، تستخدم كما هو الواقع كورقة امتياز للعراق الديمقرطي . يريدون ان يشغلوا الشعب، والوطن بامور جانبيه لمنع، اوعرقلة، او تأخير استكمال ألأستحقاقات ألسياسيه. اي مستقبل حر للعراق والعراقيين. ديمقراطيه سياسيه، وأجتماعيه، وفكريه. عراق لا مجال فيه للفكر، او الحكم الشمولي ان يلغي الأخر. انه خوف من العراق الجديد. انه تصيد في الماء العكر. هم وحلفائهم في دول الجوار، والمنطقه يخافون من نموذج العراق. لكن معدن العراق الحقيقي سيصمد امام كل المؤثرات.

أسفه، واخطر مافي ألأمر، هو استخدام شعارات دينيه اسلاميه، للهجوم على المسيحيين. في حين، أن هجماتهم جرت في ايام رمضان حيث لا يجوز فيه للمسلم القتال. وهاجموا الكنائس وهي بيوت يعبد فيها الله، وتقام فيها الصلاة لأله جاء منه القرآن، كما يفترض، وذكر فيه اسم المسيح عيسى أبن مريم. وخلاف ما اوصى النبي محمد، وخلفائه الراشدين قادة جيوشهم، بان لا يقلعوا شجره، ولا يؤذوا امرأه، ولا يهدموا، كنيسه، او صومعة. حري بهم ان يحفظوا خطب، ووصايا نبيهم افضل من ألأخرين، اذا كانوا حقآ مؤمنين. ولكننا نعرف، والمسيحيين العراقيين يعرفون، ان هؤلاء قتله تستروا، برداء الدين. لقد سقط صدام، وبقيت الصداميه مستمره، ومتجسده في مشروعه الطائفي ألأجتماعي، والسياسي. فهل ينجح ألأيتام، فيما لم ينجح به الصنم الساقط.

ان مذابح ألأشوريين عام 1933 على يد ألأنجليز، وعملاءهم، علمت المسيحيين في العراق ان ألأجنبي الغادر قد يستخدم كل الوسائل لتحقيق مآربه. ان مجرد قراءة اسماء المنظمات التي تعلن عن مسؤولية الهجوم على المسيحيين، وكنائسهم، وهم يصلون لله في بيوته، كاف لأن يفهم العاقلون مغزى هذه ألأسماء، ومن اين استوردت اساليبها، وافكارها. وقد علمنا "فهد" ان مسيحي العراق عقلاء، وشرفاء، وشهداء.

في اليوم الثاني للهجوم على الكنائس المسيحيه في بغداد جاء صوت المسيحيه "ام ساره" من كركوك، وهو يهدر مثل ملاك من السماء، متحدثة لقناة الفيحاء الفضائيه: "اليوم صلينا في الكنيسه. كلنا صلينا للعراق، وسلامته، عراق الشرفاء". لم تكن ام ساره، ومن كان معها في الكنيسه خائفين. ولم تكن، تتحدث عن، نفسها، بل عن العراق. انها تنتصر للعراق، كما انتصر "الحر الرياحي" للحسين في كربلاء، وكما حمى نجاشي الحبشه، اوائل المسلمين، الذين ارسلهم له محمد. لهذا يكرههم، ويعاديهم، ويحاربهم، ويهاجمهم السفله، من ايتام صدام، وأبن لادن. ان استهداف المسيحيين، هو استهداف للعراق كله. لهذا سارعت كل المراجع، والشخصيات الدينيه ألأسلاميه الشريفه، لأدانة هذه الأعمال وكفروها. واعلنوا ان المسيحيين، وكنائسهم، هم امانه في رقاب المسلمين العراقيين.

من سخريات الدهر، ومآسيه، ان يجري ألأعتداء، على المسيحيين، ومحاولة ارهابهم، وترحيلهم، في الوقت الذي تتواجد فيه القوات ألأمريكيه التي جاءت "لتحمي" شعب العراق، وسلامته. فهل ينجح احفاد، من ساهم، في ابادة الهنود الحمر، في الحفاظ على سكنة بلدنا ألأصليين؟؟! هل يمكنهم الحفاظ على، وحماية ثروتنا القوميه التي لا تضاهى؟؟ ولكن، قد تسرق، وتبدد كما جرى، مع الثروات ألأخرى. ولكن المجموعات التي عاشت الاف السنين على هذه التربه الطاهره، وتغلبت على كل الصعاب، والمحن، ووقفت في وجه كل الغزوات، وتعدي، ألأمبراطوريات، لن تستطيع زمر ارهابيه، معزوله، من اقتلاعهم، من جذورهم التي سقوها بدماء أسلافهم الزكيه. ايمان هؤلاء ألأوفياء لتربة العراق اقوى من الأرهاب.

رزاق عبود
21/11/2004
السويد/ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق