الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابو كاطع .. ثلاثون عاما على الرحيل

جمال الخرسان

2011 / 8 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي



لانه كان فلاحا وعانى ما عانى من ممارسات الاقطاع والتسلط.. رأى بام عينيه مايمارسه الغني بحق المحتاج، ولاصق الطبقات الفقيرة في صراعها مع اصحاب المال إذ بقيت في ذاكرته تلك الصور غير العادلة التي يكافح فيها الفلاح البسيط بكل ما يملك من امكانيات مالية وعلمية معدومة يكافح جماعات لها من المال والجاه والنفوذ ما تقلب به الحق باطلا والباطل حقا .. يرى كيف تقسّم الاراضي بين الوجهاء ولايبقى للمسحوقين الا الاراضي المالحة النائية البعيدة عن مجرى النهر..! لذلك كان الاعلامي والروائي شمران الياسري ( ابو كاطع ) مهتما بالطبقة الفلاحية والطبقات المسحوقة بشكل مثير للانتباه، هذا ما يلاحظ في برنامجه الاذاعي الشهير ( احجيها بصراحة ابو كاطع ) وكذلك في اعمدته اليومية والاسبوعية في مختلف الصحف العراقية، هذا ناهيك طبعا عن اعماله الروائية (الزناد، بلابوش دنيا، غنم الشيوخ وفلوس أحميد ) وكذلك (قضية حمزة الخلف) ان تلك الاعمال هي بالاساس تتحدث عن الموروث الشعبي والرواية الريفية.
تعلم ابو كاطع القراءة والكتابة على يد امه التي تعرف من اللغة ما يمكنها من قراءة القرآن فحسب، ثم احتّك بعد ذلك ببعض المتعلمين ليطور مداركه في التعليم.. ويصبح شغوفا بالمطالعة. كان مثالا للانسان العصامي الذي استطاع ان ينتفض على واقعه ويقلب الظروف القاسية لصالحه، فمن رجل امي الى متعلم ويمتلك من الادوات اللغوية ما يسمح له باداء رسالته النبيلة، لقد اختار الاعلام الموجّه للطبقة الفلاحية والشريحة البسيطة وسيلة لمخاطبة تلك الشريحة المعدمة. نموذج من تلك الشاكلة بلا شك يشكل ظاهرة فريدة بحاجة الى مراجعة.

الرجل يمثل ظاهرة خاصة ليس فقط لانه اهتم بالطبقات الفقيرة واوصل خطابه السهل الممتنع اليها بسهولة وليس فقط لانه كان عصاميا فانتفض على واقعه وتعلم القراءة والكتابة وشغف بالمطالعة رغم ان الظروف قست عليه ولم تسمح له بالذهاب الى المدرسة بل اضافة الى ذلك فانه وظف كل مفردات وحكايات الادب الشعبي الذي يعرفه جيدا وظف ذلك بشكل ملفت للنظر.. حتى عد الرجل من افضل من كتب في الرواية الريفية. ويحسب لابو كاطع انه اول من وظف الادب الشعبي بهذا الشكل المتقن وبهذه السعة وظفه لخدمة النقد السياسي والاجتماعي الساخر.
عمل في العديد من الصحف.. طريق الشعب، جريدة البلاد، الحضارة،الثبات،صوت الاحرار، مجلة الثقافة الجديدة، الفكر الجديد، صوت الفلاح، التآخي وغيرها من الصحف.

عانى الرجل في البداية من ممارسات الاقطاع وكان يحمل معاناة غيره كذلك .. وعانى ايضا خلال عمله كصحفي زياراته المتكررة للعديد من سجون ومعتقلات العراق بسبب مواقفه المنحازة للقضايا العادلة ولهذا قضي فترات طويلة في سجن العمارة، بعقوبة، بغداد وغيرها، اضف لذلك ان الرجل فقد وظيفته في وزارة الاصلاح الزراعي لاسباب سياسية. وفي السبعينات كان يعاني بالاضافة الى جميع ما تقدم كان يعاني مضايقة السلطة للادب الشعبي بحجة التاثير على العربية ليشعر انه محاصر تماما وذلك ما اضطره لترك العراق عام 1976 ليستقر في جيكوسلوفاكيا.

يوم السابع عشر من آب الجاري تكون قد مرت الذكرى الثلاثون على رحيله الغامض في حادث سير يثير الشكوك وهو في الطريق من جيكوسلوفاكيا إلى هنغاريا.. كان ذلك عام 1981. في تلك المناسبة فإن الصحافة قبل غيرها مدعوة لاستذكار ابو كاطع وما قدمه من تضحيات في سبيل الاعلام الهادف. لدينا اليوم جيش من الصحفيين من الحرس القديم او الاجيال الجديدة ولكن القليل منهم يعرف تجربة ابو كاطع الاعلامية اوالروائية الفريدة التي تستحق الاحترام والتقدير.. لا نريد لهذه التجربة الغنية أن تختزل في مهرجان متواضع في واسط فحسب.
في خاتمة المقال اقولها و( بصراحة ابو كاطع ): لم يبق لشخصية الفلاح في الاعلام العراقي الا المواقف الهزيلة الساخرة المسيئة له وحتى للقائمين عليها !

جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عن شمران الياسري وعطاءه
احسان الياسري ( 2012 / 5 / 31 - 21:26 )
هذه اضاءة جميلة من الاستاذ جمال الخرسان عن الراحل ابو كاطع وادبه الرفيع.. ارجو ان تتح لنا فرصة لقاء الاخ جمال.. احسان شمران الياسري

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -