الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصوم في الربع الخالي

حافظ آل بشارة

2011 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



كلما حل شهر رمضان في العراق شن الناس هجماتهم الكلامية السنوية المكررة على المسؤولين يتهمونهم فيها بشتى الاتهامات التي اصبحت هي الأخرى قديمة ومملة ، المسؤولون صغارا وكبارا يبتلعون التقريع الرمضاني السنوي المتجدد بحجة التواضع الديني او الديمقراطي وهم يرددون اللهم انا صائمون وان كان اغلبهم لا يصومون ، يعتقد جمهور واسع من الناس ان اعراف العمل السياسي فسدت واصبحت الاهداف التافهة تحتل اذهان كثير من الساسة ، وحذفت منها مفردات الوطن والدين والانسانية والمروءة ، الصوم مدرسة تربي البشرية على تجاهل نداء الشهوات والاصغاء الى متطلبات الروح ، كثير من الناس يتسامون على عادة تقريع واتهام المسؤولين ، لأن السنن التأريخية الربانية التي لا تخطئ تقول : كيفما تكونوا يول عليكم ، فولاتنا تعبير عنا وهم قدرنا فلنلم انفسنا اولا ، الامم تنتج حكوماتها لتكون نسخة مصغرة عنها ، معارك رمضان الكلامية تتناول دائما المشكلات نفسها المخلدة التي ليس لها حل وابرزها : فشل البطاقة التموينية ، وانقطاع الكهرباء ، المواطن يصوم تحت حرارة تصل الى 51 درجة مئوية ، وجل طموحه شربة ماء بارد ونسمة من مروحة او مبردة ، غياب الكهرباء يعني ترك الانسان يواجه مصيره في اجواء جهنمية النفحات تشبه اجواء الربع الخالي ، يعود الناس في هذه الاجواء المرعبة يلوكون بانفعال كل الاحاديث القديمة عن ازمة الكهرباء والحصة وكأنها احاديث قيلت اليوم ، يلهثون وتحمر وجوههم وتتصاعد انفاسهم وتتساقط المهفات من ايديهم اعياء ، وتنضح اجسادهم عرقا ساخنا يتساقط على ارض ملتهبة ، ولا تكل السنتهم عن ذكر المليارات التي انفقت في اصلاح قطاع الكهرباء ، أما الحصة التموينية فقد اعتاد الناس على سماع كذبة صرف حصة غذائية استثنائية لشهر رمضان ، في هذه الأجواء قال فنان معروف انه سيقاضي الجهات المختصة بالبطاقة التموينية ، قال سوف اواجههم بصيد الكاميرا وعندما سأله الجالسون عن صيد الكاميرا قال : التقطت صورا فنية رائعة وبالالوان الطبيعية لقصور بنيت حديثا في بعض احياء بغداد صورتها بعد ان لاحظت تداخلا غير مستساغ بين ذوق المدن القرى في عمارة تلك القصور وطراز زخارفها وشرفاتها والوان طلاءها الفاقعة وتشكيلات الاضاءة فيها وقبل ان اكتب عمودا نقديا في العمارة والبناء اوضح فيها دور تلك القصور في تخريب الاطلالة العمرانية لبغداد سألت عن اصحابها وقد صعقتني الحقيقة ، قال ذلك الفنان : عرفت ان تلك القصور الفخمة اصحابها ما بين وكيل حصة تموينية ومأمور جمارك ! انهت قصة ذلك الناقد ، اشفقت عليه وانا اعلم انه عاجز عن اثبات سرقة اي سارق وهو اعجز عن الدفاع عن نفسه عندما يتهم ذات يوم بانه يعمل لصالح منظمات ارهابية لا تريد الخير للعراق ، سيعلم عند وقوفه في المحكمة ان جميع الناس متهمون ، أما اللصوص فهم الوحيدون الذين يريدون الخير للعراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد