الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقسيم مصر بين الواقع والمتخيل

أمنية طلعت

2011 / 8 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ربما يبدو عنوان المقال وكأنه دراسة متعمقة في الموضوع، ولكن الحقيقة هي أنني أحاول تجميع كل ما تردد في هذا الشأن، سواء داخل أعمدة الرأي بالجرائد المصرية، أو بين المصريين أنفسهم في الشوارع والمواصلات العامة. الاجابة الوحيدة التي تأتي كرد فعل سريع على طرح إمكانية حدوث التقسيم في المستقبل، هي؛ لا يمكن أبداً أن يحدث في مصر فنحن لسنا مثل باقي الدول، لكن الواقع يقول، أننا المصريون ليست على رؤوسنا ريشة، وأننا لم نقدم أي معطيات أو دلائل تشير إلى تماسك خريطة مصر دون تعرضها للتمزق مثلما حدث وسيحدث في السودان للمرة الثانية لفصل إقليم دارفور واستقلاله.
نحن يا سادة على العكس تماماً، قدمنا ومازلنا نقدم كل التسهيلات الممكنة لوقوع المحظور وتقسيم مصر، لتنتظر الأجيال القادمة، ظهور مينا جديد يحاول توحيد القطرين، وإن كان العبئ سيكون ثقيلاً لأنه سيضطر إلى توحيد الأقطار الثلاثة، لأننا اكتشفنا بين ليلة وضحاها، أننا المصريون ننتمي إلى ثلاثة أعراق، العربية والقبطية والنوبية " هاموت وأعرف جابوها منين الأعراق دي".
على مدار ثلاثين عاماً هي فترة حكم مبارك، لم يكن ينقص الإدارة المصرية، سوى أن تقسم البلد بيديها وتسلمها جاهزة لإسرائيل والأمريكان والسعودية. كانت سيناء عائدة إسمياً لحدودنا، لكنها فعلياً في حضن إسرائيل، وكان اختلاق أسباب النزاع والفرقة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين يسير على قدم وساق، مدعوم بتمويل من الخارجين، الأمريكي في صورة أقباط المهجر، والسعودي في صورة التيارات الاسلامية المختلفة. ولم نكن نفعل، نحن شعب مصر الساذج الغلبان سوى إصدار ردود أفعال إنسانية طبيعية تمنح أعدائنا ما يرمون إليه بمنتهى السهولة والبساطة، فقد ذهب مبارك وقد نفذ ما كان مطلوباً منه بدقة، شعب ممزق يكره بعضه بعضاً، نصفه أمي فقير، تحركه عصا التيارات الاسلامية بصناديق السكر والزيت والوعد بالجنة، والنصف الآخر لا يدري ما الذي يجب أن يفعله وهو لا يملك شيئاً، سوى التظاهر والاعتصام.
الغريب أننا وكشعب ينتمي لدول العالم الثالث بجدارة، مصابون بالذاكرة الضعيفة، أو بذاكرة السمكة نفسها، فلقد تعرضت مصر أو بمعنى أصح مملكة مصر والسودان من قبل للتقسيم والتمزق، وبرغم أن غالبية الشعب السوداني الواعي كان ضد التقسيم آنذاك، لكن تحريك صناديق الاقتراع نحو التقسيم، تمت بنفس الطريقة المعهودة، ألا وهي صناديق السكر والزيت، أو بمعنى أصح دفع الأموال للتيارات المعادية للوحدة لحشد الناس في اتجاه الانفصال. أعتقد تماماً أن جدي وجدتي قالا لي ذات يوم؛ أن أحداً لم يكن يتخيل أبداً أن تنفصل مصر عن السودان، تماماً مثلما نقول الآن، لا يمكن أن تقع مصر تحت سكين التقسيم!
نحن لا نفعل سوى الكلام، بينما يتحرك أعداؤنا في الغرب الكافر والشرق المؤمن في تحالف قوي وثابت، نحو تحقيق أهدافه، لنستيقظ ذات يوم على مصر وهي جزء تابع لإسرائيل، وآخر مسلم وثالث مسيحي، ورابع نوبي. المحير بالفعل بالنسبة لي أنني لا أرغب في الانتماء إلى الدولة الاسلامية، وكذلك وبما أنني لست بمسيحية فليس من حقي الانتماء إلى الدولة المسيحية، رغم أنها ستقوم على الجزء المحبب إلى قلبي من مصر، وطبعاً لون بشرتي لا يمنحني جواز العبور نحو الدولة النوبية، ولأنني ضد التطبيع فلن أكون يوماً من عرب سيناء الذين سينضمون إلى دولة إسرائيل، ليبقى السؤال المحير أين سأذهب بحقيبة ملابسي، أو حتى من دونها؟ وأين سيذهب كل المواطنين المصريين الذين يشبهونني وهم كُثر؟ هل سنلجأ إلى أمريكا أم إلى السعودية؟ لأنه وبكل صراحة على من حضر العفريت أن يصرفه، فالدولتان لا تألوان جهداً للدفع نحو هذا المستقبل المرعب لمصر. لكنني واثقة أن السعودية سترفض امرأة علمانية كافرة مثلي، وبالتالي سأضطر إلى اللجوء لأمريكا لأنها تسمح للكفار بأن يعيثوا في أرضها فساداً، وإن كنت سأحزن كثيراً على نقود الخليج وماركات المكياج والبارفان والملابس التي لا تجدها المرأة بأسعار جيدة إلا في السعودية والخليج بشكل عام، وسلامي إلى مصر التي لا يمكن تقسيمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
Hany Shaker ( 2011 / 8 / 2 - 17:41 )
مقال رائع يكشف مدى الهوان الذى اوصلنا اليه مبارك وكيف اصبحت البلاد على كف عفريت

ارجوكِ مواصلة الكتابة


2 - تفكيك مصر
Hany Shaker ( 2011 / 8 / 2 - 17:43 )


يحتاج المهندس ساويرس الآن الى ملاذ آمن ... ليس لثروته ولا الى شركاته ... بل لرأسه ... ليست هذه هى المرة الاولى لتهديده بفتاوى القتل و التصفيه ... بل المرة المختلفة عن سابقاتها ... و نحن اذ ندعوا المولى القدير بسلامة المهندس ساويرس وسلامة صاحب الفتوى التى تهدده الان و سلامة مصر كلها ... لا يمكننا ان نتجاهل ديناميكية تفكيك مصر كوطن متماسك .... اغلب الظن ان تهديدات السلفيين فى المقام الاول و تهديدات الاخوان فى المقام الثانى .. و الكوارث السكانيه و الاقتصاديه و البيئيه .. وعدم وجود بديل جدى وقادر على حكم مصر .. كل هذا سيفرز في السنوات العشر القادمه حل التهجير والتقسيم ... سيبلغ السلفيين مناهم فى دولة الشريعه و سيجد الاقباط اخيرا حل لمشكلة التهميش و التهديد و حينئذ سينتفى ارق المهندس ساويرس ... ويبدأ قلق من نوع جديد للسلفيين و دولتهم و الاقباط و محميتهم .. و صداع جديد للمنطقة و للعالم ... عليكى العوض يا مصر


3 - ماتسميه تقسيما
جواد كاظم ( 2011 / 8 / 2 - 21:27 )
ما تسميه تقسيما يسميه المظلومون على طول الخط من زمن بن العاص وليومنا تحررا....ولا اعتقد انك توافقين مصر موحدة بعصا الطاعة


4 - مقال يروج للوهم
محمد بن عبد الله ( 2011 / 8 / 2 - 23:00 )
التقسيم لن يحدث إلا في خيال بعض كتاب المقالات وفي خطابات حكام البلاد الحاليين بغرض تخويف المصريين وتأليبهم على بعضهم البعض لفرض الأمر الواقع

الكلام عن تقسيم وراءه أقباط المهجر جانبه الصواب ويدل عن جهل شديد..

الاسلاميون لا يرغبون في التنازل عن شبر لغيرهم ويعملون على تهجير من لا يقبل بدين محمد أو استعبادهم
ودولة مسيحية منفصلة مستحيلة عمليا ولا يصدق مثل هذا الكلام إلا من يجهل تماما أحوال مصر وجغرافيتها وسكانها..

لو كانت الدولة المسيحية ممكنة لكنت أول الداعين إليها فلا أمل لمسيحي في عيش كريم في مصر طالما سيطرت الأكثرية العددية باسلامها الذي وفد منذ قرون وطبق على الأنفاس والعقول فخربت البلاد...اذكري لي اسم عالم أو مخترع مصري واحد معترف به دوليا أضاف شيئا للحضارة الانسانية (ليس من عينة سميرة موسى أو مشرفة أو زويل أو علماء الأزهر بل عالم كبير محترم) منذ غزوة عمرو بن المتعاص....لا يوجد
قتل الاسلام روح مصر لكن الأموات يهتفون باسمه ويدعون للمزيد من (تطبيق شرع الله)

عجبي


5 - كفاية سطل و لوم مبارك و خلونا نشوف هانعمل إيه
محمد عبد الله محمد ( 2011 / 8 / 6 - 14:04 )
الكل بيتصرف و كأن الإجماع على لوم مبارك في كل مصيبة هو الحل لجميع المشاكل . مصر مصيبتها الحقيقية هي إن إعلام مصر يدرب و يربي الشعب على أن يتصرف كالطفل المدلل الغاضب على أبيه ، و الولية النقاقة القرارة التي تلوم طليقها على كل شئ حتى سوء أخلاقها و عدم تدبيرها و قبحها


6 - التقسيم افضل من بحور الدماء
مجدي محروس ( 2011 / 8 / 31 - 14:30 )
متهيألي كقبطي ان تقسيم مصر هو افضل من بحور دماء عادة ما يدفع ثمنها الاقلية المستضعفة وهي الاقباط لذلك اؤيد بشدة تقسيم مصر فالمستقبل لدى الاقباط اصبح غامضا ومخطوفا من قبل المتطرفيين الذين لايريدون مسيحية في مصر


7 - الوهم
فخري الاندلسي ( 2012 / 2 / 11 - 09:14 )
وهم التقسيم،
مخططات حمقاء
خرائط الوهم
قليلا ما اجد مقالا هنا حيادي
على أي اقباط او مسلمين تتكلمون؟
الشعب ابسط بكثير من وهمكم السياسي الاحمق
من دمر مصر هم انتم والاعلام والساسة ورجال الاعمال
تناسيتم الغلابة وهم 70٪ من الشعب
!بتتكلمي عن البارفان والمكياج
والله سخرية مبكية
كفااااااية قرف كفرتونا

اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را