الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- سوق الديوانية الكبير - ... ذاكرة المدينة التي شاخت

ثامر الحاج امين

2011 / 8 / 3
الادب والفن


تشكل الأمكنة واحدة من العناصر الفاعلة في اكتساب المدن هويتها التاريخية والثقافية ، ان لم تكن ـ أحيانا ـ أساساً في قيام المدن ونشأتها ، و ظهورها كمراكز تعج بالحيوية والنشاط . ورغم تبدل وتغير معالم الكثير من هذه الامكنة نتيجة تأثرها بالتغيرات البيئية والحياتية ، الاّ أنها ظلت الذاكرة التي تحفظ للمدن جانبا من سيرتها وتاريخها .
و" سوق الديوانية الكبير " واحد من المعالم التراثية المهمة في المدينة ، ويكتسب أهميته هذه لا من كونه يمثل المركز التجاري الرئيسي فحسب ، بل هو الشريان الذي يمتد في جسدها طولاً الى حيث قلبها النابض ذلك هو نهرها الجميل .
وتشير بعض المعالم التي ضمها السوق الى ان وجوده يمتد الى فترة تتجاوز القرن ، حيث يمكن الاستدلال من طريقة تشييد الجامع الصغير ـ الذي يتوسط السوق ـ ذو الممر الطويل المفضي الى باحة كبيرة والذي اسسه الشيخ حمادي الرويلي عام 1868 الى ان السوق كان موجوداً قبل وجود الجامع ، فضلا من ان السوق ومن جهة الشمال ضم بناية ( التوراة ) التي ظلت قائمة حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي و قبل ان تقوم سلطات النظام السابق بهدمها واقامة محال تجارية على أرضها .
لقد ظل هذا الأثر ـ السوق ـ والى وقت قريب يمثل صورة مصغرة لمكونات المدينة الاجتماعية حيث شغلت نشاطاته التجارية وجوه بارزة من رجالاتها فمنهم من امتهن بيع الأقمشة ومن بينهم الحاج امين البياتي ، محمود جمعه ، محمد اللبان ، حمدعبد العال ، مهدي الاطرقجي ، الحاج شعلان ، محمد جمعه ، علي العميشي ، الحاج فرمان ، عبد محيل ، حاتم مغامس ، الحاج ملاغي ، علي مهاوي ، محمد حطاب ، اضافة الى تجار من الأقلية اليهودية ومنهم سالم حسقيل و وناجي نوري عزرا الذي كان آخر اليهود الذين غادروا المدينة الى بغداد حيث نقل اليها نشاطه التجاري ، كما ضم السوق مختلف الانشطة التجارية التي جعلت منه ممراً ومكانا تؤمه يومياً اعداد كبيرة من ابناء المدينة فتجد فيه المكتبات وابرزها مكتبة الجمهورية لحسين مشروطه ومكتبة مطرود ومكتبة سيد هاشم المكصوصي و الخياطون برز من بينهم جاسم كرزول وعيدان عباده وعبد مظلوم و احمد سلطان الذي اختص بخياطة التجهيزات الرياضية وكذلك الصاغة ومنهم الاخوين علي ومهدي الشمري ، النجارون ، الحدادون ،وفرع للصفافير وعرف في هذه المهنة نوري الوحاش ومحمد علي صاحب و العطارون ومن بينهم الحاج ليلو ورشيد ملا جوده والحاج فيروز والحاج علق وكذلك الحمامات التركية اخذت حصة من قامة هذا الأثر، وحتى علاوي الفواكه والخضر وجدت لها تحت سقفه ملاذا لعرض بضاعتها ومنها علوتي جلعاوي وعباس شامة ، كما انتشرت على طوله المقاهي العديدة وتميزت من بينها مقهى " الحاج سعيد " الذى كان يجمع ادباء المدينة في الصباح لقراءة الصحف كما شهد هذا المقهى ولادة الكثير من الاعمال الابداعية والرؤى والافكار ودارت فيه نقاشات ادبية وكان من ابرز رواده كزار حنتوش ، زعيم الطائي ، ثامر الحاج امين ، سلام ابراهيم ، منير ياسين ، عبدالرحيم صالح الرحيم ، يوسف محمد علي . كما جالت في هذا السوق باعة الأكلات الشعبية ابرزهم كاظم الحمرة الذي اشتهر بتحضير الدوندرمة وكذلك حنش سلام في طاطليه اللذيذ وجاسم ستاوي في لبنه الرائب والضرير ابو مسلم في مشروباته التي يقوم بتصنيعها بنفسه وكاوي في كرزاته الشهيرة .
لقد ظل السوق والى منتصف سبعينيات القرن الماضي الذاكرة التي حفظت للمدينة جانبا واسعا من سيرتها وتاريخها ، ولكن هذه الذاكرة قد تأثرت بعوامل التغيير التي نالت جانبا منها وجعلت الباقي مهدداً بالزوال نتيجة الاهمال وغياب الحس الوطني والاجتماعي بأهمية هذه المعالم وقيمتها التاريخية كثروة وطنية تمثل ماضي المدينة وارثها الثقافي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكري وتقديري
نبيل الربيعي ( 2011 / 8 / 3 - 18:09 )
تحية طيبة عزيزي ابن الديوانية الاستاذ ثامر الحاج امين , لهذا الطرح الذي يؤرخ مدينة الديوانية العريقة , ولكن للاستاذ عبد الكريم القطان كتب الكثير عن الديوانية بكتابه الرائع رحلتي الى الجنوب وقد نقلت بعض المقتطفات من هذا الكتاب منذ عام 1932 وقد عمل هذا الكاتب في البنك المركزي وحالياً مقيم في انكلترا.بداية الستينات كان مدخل السوق وكالة لمكائن سنجر يشغل هذه الوكالة السيد كريم سنجر , ثم تتبعها مقهيان تطلق أصوات الأغاني القديمة بواسطة جهاز لتشغيل الاسطوانات ومن الأ غاني حضيري أبو عزيز وصديقة الملاية وداخل حسن وزهور حسين وناصر حكيم وغيرهم. ومن ضمن محلات السوق محل لصائغ يهودي يدعى المنشي ومحلات لليهود لبع الاقمشة عام 1936 ومكتبة وحيدة في الديوانية يديرها السيد جلال نبوي سيد مهيب الطلعة بعمامته السوداء ومساعدة ولده كمال , ثم اصبحت أكثر من مكتبه في الديوانية في فترة الستينات منها مكتبة السيد هاشم المكصوصي في الصوب الصغير ثم انتقلت مقابل محل المرحوم عبد الله الخالدي الذي هجًرالى ايران ومكتبة السيد حسين مشروطة وبداية السوق مقهى الحاج اسماعيل ,ثم في السبعينات مكتبة مطرود.


2 - الذاكرة الأمينة
ثامر الحاج امين ( 2011 / 8 / 4 - 18:21 )
صديقي النبيل الربيعي دائما اضافاتك مكملة ومحفزة لذاكرتنا دمت قلما مبدعا وذاكرة امينة تختزن الكثير من تاريخ مدينتها الطيبة .. محبتي واعتزازي بك .

اخر الافلام

.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا


.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف




.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??