الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معسكرات من الخيام ام صحوة حقيقية

تميم منصور

2011 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



على ما يبدو ان رياح التحول الاجتماعي والسياسي التي هبت من القاهرة وتونس بالذات قد وصلت الى ضمائر وحواس قطاعا كبيرا من الاسرائيليين.
المجتمع الاسرائيلي خاصة اليهودي منه بحاجة ماسة الى وخزة كي توقظه وتعرفه على الواقع اكثر ، لأن واقعه يختلف عن واقع غالبية شعوب العالم.
غالبية المواطنين الاسرائيليين يعيشون تحت كابوس من حالات الاوهام والذعر المفتعل ، انهم مستعبدون ورهائن لسياسة التحريض والعنصرية واللهث وراء احلام حاخامات لا زالوا يؤمنون بان الخالق لهم وحدهم وان الارض من حقهم وان الحياة كتبت لهم وحرمت على غيرهم .
الى جانب مدارس الحاخامات هناك بلطجية الاحزاب السياسة التي ترعب الاسرائيليين دائماً ، ملوحة بحراب الموت المسلطة على رقابهم .
في هذه القوقعة يحصر المواطن الاسرائيلي نفسه فيبقى مستعبدا ، إما للمؤسسة الأمنية واما لاحزابه واطره السياسية ، اضافة الى انجراره وراء المؤسسة الاعلامية الاسرائيلية برغم انها مضللة .
لكن فجأة لمعت اضواء الاحتجاج من داخل ظلمات اللآمبالاة ، من داخل المجتمع الاسرائيلي ، لمعت هذه الاضواء بعد ان اكتوت جلود الاسرائيلين من حالة الفوضى والانتهازية والفقر المدقع وسياسة الغلاء وجمود الاجور والفقر الذي ينخر في طبقات الشعب .
جميع هذه وغيرها تحولت فجأة الى ناقوس ايقظ قطاعاً كبيراً من المجتمع الاسرائيلي ، والحقيقة ان سبات هذا المجتمع قد طال ، منذ ستة عقود لم يعرف كلمة (لا ) لسياسة الجشع والاستغلال والطبقية ونهب ثروات المواطنين وحاجاتهم ، لقد سلم رقابه الى ايادي جنرالات ودهاقنة الحروب واركان سياسات التوسع والاستيطان وتثبيت جذور الاحتلال ، لقد نسي المجتمع الاسرائيلي قيم العدل والمساواة ودخلوا نفق الانانية الاستيطانية والاحتلال وقهر الآخرين بامتياز .
المجتمع الاسرائيلي مجتمعاً بارداً يجهل ثقافة وقيمة الانتفاضات والثورات الشعبية ، عكس ما هو عليه الحال في اوروبا ، ففي فرنسا مثلاً تنتفض الطبقات العامة من الشعب اذا ارتفعت اجور المواصلات العامة ، اما في اسرائيل وفي ظل حكم الحكومات من وسط ويمين متطرف فان ارتفاع تكلفة الحياة من خلال مضاعفة اسعار السلع والطاقة والمواصلات وغيرها ما هي الا حركة روتينية تتم كل شهر تقريبا ، يتم ذلك لأن المسؤولين عن مضاعفة هذه الاسعار سنوياً يعرفون بأن احداً لم ولن يقف في وجوههم او يردعهم ، لا ننسى دور النقابة العامة الهستدروت فهي نقابة العمال الوحيدة في العالم التي تملك قطاعاً اقتصادياً كبيرا تتخلله البنوك والعقارات والشركات وغيرها .
ان اجور العاملين في مؤسسسات هذه النقابة متدنية اكثر من اجور العاملين في الدوائر والشركات الخاصة والحكومية .
هذه النقابة جزء من المؤسسسة الحاكمة ويوجد توافق وتداخل بينها وبين قطاعات الرأسمالية والمؤسسسات الخاصة والحكومية المختلفة
الجديد في حالة الاحتجاجات في الشارع اليهودي الحالية هو اعتماد استخدام خيام الاحتجاج في الساحات العامة من المدن ، وقد سبق المواطنون العرب اليهود في الدولة في نصب خيام الاحتجاج ولا زالوا يستخدمونها في مواقف ومواقع كثيرة .
لا نعرف هل سوف تستمر الاحتجاجات الحالية ؟ اننا لا نستبعد ان تتوقف هذه الاحتجاجات بسبب افتعال حادث امني على الحدود خاصة مع قطاع غزة او داخل الضفة الغربية ، ان قوة الاستمرارية لدى المواطن اليهودي على الاحتجاج شبه معدومة ، لأنه اعتاد ان يحصل على كل شيء بسهولة ومجاناً .
من بين وسائل الدفع لهذه الاحتجاجات وسائل الاعلام المختلفة ، خاصة الصحف والفضائيات الخاصة ، وقد اعتبرت هذه الوسائل مشاركة 150 الف مواطن في الاحتجاجات التي حدثت في نهاية الاسبوع الماضي عملاً جبارا ، لكن الحقيقة غير ذلك ، لأن هذا العدد لا يعبر عن حالة الضنك التي يعيشها غالبية الاسرائيليين ، كما ان المشاركين لم يجتمعوا في مكان واحد، بل تواجدوا داخل مدن كثيرة .
مهما يكن فأن صدى هذه الاحتجاجات هو نقلة تاريخية هامة لأنها وصلت الى كل شارع والى كل بيت في البلاد ، وانها التعبير الصادق الرافض لسياسة نتنياهو ، فقد اعترف كبار الساسة في اسرائيل بأن النظام الحاكم فيها يعيش اليوم ازمة سياسية معقدة ، وشعبها يعيش في ازمة اجتماعية هي الأولى من نوعها منذ قيامها ، خاصة وان العديد من قطاعات القوى العاملة في حالة اضراب ، في مقدمة هؤلاء الأطباء ، والعاملين في السلطات المحلية الذين تضامنوا مع احتجاجات الخيام ، وقد هدد طلاب الجامعات باللحاق بمواكب المضربين ، الى جانب الممرضات ، وقد اعترف السكرتير العام للهستدروت بان اسرائيل تقف على شفا اقتتال ومواجهات داخلية .
اما حكومة نتنياهو المسؤولة الأولى عن حالة التدهور الاجتماعي والاقتصادي فهي تتتخبط ، وقد اعترف اكثر من مسؤول فيها بأن رئيس الوزراء فوجىء بهذا النوع من الاحتجاج لأنه غير عابر ومتحرك ، فهو احتجاج ثقيل شبه دائم حتى الآن ، واعترف هؤلاء المسؤولين بحالة الارتباك التي تعيشها هذه الحكومة لأنها لا تملك خطة اقتصادية بديلة خاصة فيما يتعلق يتخفيض اجور السكن للأزواج الشابة ، وتخفيض اسعار العقارات والشقق السكنية ، لأن حكومة نتنياهو هي وحدها من اعطى اصحاب هذه العقارات رفع اسعارها.
اننا نأمل ان تطال هذه الاحتجاجات رأس هذه الحكومة لأنها معادية لكل شيء انساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر