الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا أدمّر إذاً أنا حداثي !

فليحة حسن

2011 / 8 / 3
الادب والفن


انا ادمر اذا انا حداثي !

لم أكن مضطرة لاستعارة شعار ديكارت ( أنا أفكر اذاً أنا موجود) وتحويره على هذه الشاكلة لو لم أكن قد واجهتُ ولما أزل كلّ يوم تخريباً متعمداً للشعر ، الشعر هذه الهبة الربانية التي خصّ بها الله بعض خلقه دوناً عن سواهم وجعلهم به يسموّن،
فالمتابع لما هو منشور في غالبية المواقع وحتى الصحف الورقية والمجلات الثقافية المتخصصة سيرى ما أشير إليه واضحا فيها وإن عمدّ الى تجاهله ،
فالشاعراليوم وبدلاً من ان يكتب مثلاً عن الخراب مشيراً له ومؤشراً عليه وداعياً الى العمل على ترميمه ولو بما يملك وأعني الكلمات ،
صار يعمد الى تخريب ماهو جميل فنراه بدل الامساك بزمام الصورة الشعرية المفضية الى الخلق أو الترميم في ذات متلقيه يركن الى الامساك بمعول هدم يستخرجه من ذاته هو متعمداً فيكتب مالايصلح لتكوّين ذائقة نقدية صحية وصحيحة وحجته في ذلك أنه حداثوي ينبذ القديم ويساير التطور ليس في الشكل الكتابي وحده ، بل تعداه الى الموضوعات ولغة التعبير عنها حدّ ان المتلقي بأنواعه صار يخشى المرور على مايقع تحت يافطة شعر، أما تحاشياً للاذى الذي سينتابه منه لحظة التلقي تلك أو محاولة منه للتمسك بجمال سابق يحتفظ به مما مضى في الذاكرة، لأن الشعر مذبوح الآن ممن يفترض ان يكونوا خالقيه،
نعم لقد غدتْ غالبية القصائد مصانع فعلية وفعّالة لقتل الجمال ،
ومكاناً صالحاً وبإصرار لتهشيم الذائقة النقدية أو تخريبها بالكامل وساير شاعرنا اليوم الحداثة في تخريبها لكلّ جوانب الحياة المادية والمعنوية حتى غدا مدمِراً وباقتدار لزاد الروح الذي إليه كانت تركن حين اليأس ،
أجل يمكن ان يكون الذاتي أوالمعيش أداة فاعلة في تأسيس مثيولوجيا جديدة – كما يرى نيتشه واتباعه- لكن لماذا علينا ان ننتقي أو نتقبل الوحشي و المخيف والكريه والسيء والسوداوي موضوعاً لقصائدنا ؟
وإذا كان ولابد من صناعة أساطير خاصة بنا تُعلن عنّا شعراء، فلتكن أساطيراً خلاقة، أساطيراً لا تستقل جرار الهدم الحداثوي من أجل الهدم وحده، بل أساطيراً لها القدرة على ازاحة اطنان الحزن العميق المتراكم وفسح المجال امام حزن شفيف مولد للجمال مثلاً
اذاً هي وقفة منّا لنتساءل مع أنفسنا إذا ما دُمّر الشعر فماذا سنقرأ كي نلج بساتين الزمرد مبتهجين ؟
والى َمنْ سنشكو لوعة قلب اضناه ليل هجر بطول مكوثه ؟
وَمنْ سيكفكف دمع مقلة انحدرتْ على سفح فراق؟
مَنْ سيقول - اذا ماخرّبنا قصائدنا بدعوى حداثيتها - لأمهاتنا نحنُ مازلنا عاشقين لعبق عبائتكن ايتها الملتحفات بالصبر؟
وإذا مادمرنا قصائدنا - وكما يحدث اليوم- فمن أين نستعير طعماً لكلّ شيء؟
وبمَنْ سنحارب وحدتنا وخوفنا ، قلقنا وتكرار هزائمنا؟
حتى الموت سيكون عادياً غير مبالى به إذا ما جاء خاطفاً لاحدى ضحاياه فلا قصائد حينها تبكي الفقيد؛
واذا ماسمعنا (سان سيمون) يصرح من على منصته قائلاً ( نحن الفنانين طلائع تقودك نحو المستقبل ) هل نستطيع حينها تحديد وجهة وشكل المستقبل الذي نحن طلائعه؟
أم ترى سنصم الاذان عن خطابه ونشيح بوجهنا عنه غير مبالين؟
جلّ ما اخشاه اصدقائي الشعراء أن يأتي يوم يغطي الشاعر وجهه ويلوذ فراراً من الناس خشية ان يصرخوا به قائلين : فلنمسك به، أنّه شاعر أنّه مدمر.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان