الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برلمان يفوق الخيال

ساطع راجي

2011 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


أكتملت صورة البرلمان العراقي تقريبا مع ملء معظم المقاعد الشاغرة نتيجة استيزار بعض النواب، وصار للعراقيين برلمان غريب من نوعه، برلمان يفوق الخيال ويتغلب عليه ويحطم بديهيات السياسة ويتجاوز مألوفها التاريخي ويدمر أعرافها ويفتت منطقها ويترك المواطنين في حالة ذهول أمام المصير الذي انتهت اليه اصواتهم، وهو مصير صنعته ثغرات قانونية مرة وعوج سياسي مرة أخرى والفساد مرات ومرات والتشوهات الاخلاقية مرات ايضا وعدم دراية الناخبين أيضا وربما عدم دراية بعض الساسة كذلك.
في الحد المثالي الاعلى، يفترض بأي برلمان أن يكون ممثلا لارادة الشعب، وفي الحد العملي الادني قد لا يتجاوز البرلمان ان يكون ممثلا لتوجهات الناخبين في التصويت، لكن الحالة العراقية لا علاقة لها بالسقفين السابقين، بل هي حالة فريدة تدفع للشك أحيانا في الاساس الدستوري والمنطقي حتى لوجود البرلمان، حيث هناك عدد كبير من النواب دخلوا البرلمان ببضعة أصوات وهي اصوات تعني اولا إن الشعب لم يقبل بدخول هؤلاء المرشحين الى البرلمان وتعني ثانيا إن هؤلاء النواب ليست لديهم اي التزامات سياسية تجاه الشعب لأنهم ببساطة لم يحصلوا على تفويض منه لتمثيلهم بل هم على العكس من ذلك موجودون اليوم في البرلمان بالعكس من ارادة الناخبين ونتحدث هنا تحديدا عن نواب كثر لم يحصل أي منهم حتى على ثلث أو ربع أو خمس الاصوات المطلوبة للجلوس تحت قبة البرلمان، بل ان عملية اشغال المقاعد التي شغرت بعد توزير شاغليها قادت الى حقيقة جديدة تقول ان الحصول على صوت واحد يكفي للجلوس على مقعد في البرلمان شرط ان يكون صوت رئيس القائمة النيابية وما أحلى أن يمنح الرئيس صوته لنفسه فيدخل البرلمان بعدما فشل في اقناع المواطنين بمنحه ثقتهم فيصير النائب نائبا عن نفسه ويحوز بذلك كفاءة معنوية تتجاوز قيمة أصوات عشرات الاف الناخبين اللازمة لدخول مجلس النواب، تصوروا مواطنا واحدا يساوي ثلاثين ألف ناخب!!!!!!!!.
إنها معجزة عراقية أخرى في قلب الامور حتى في مؤسسة جوهرية مثل البرلمان في نظام سياسي برلماني يعتبر فيه الشعب مصدرا للسلطات، وهذا يدفع الى التساؤل عن مصادر العبقرية الكامنة وراء صياغة هذه الاساليب والطرق التدميرية لدخول البرلمان عبر بوابات تهدم الاسس التي يقوم عليها اي تمثيل سياسي.
مهمة النائب في هذه الصيغة سهلة جدا فليس عليه الا ارضاء شخص واحد هو رئيس القائمة ويمكنه إذا سمح وقته ارضاء ناخبيه خاصة اذا كان عددهم لا يتجاوز بضع مئات والترضية يمكن ان تكون شخصية ومباشرة فمن السهل اقامة وليمة يحضرها مئة شخص هم مجموع الناخبين في سرادق في حالة شبيهة بما يحدث في اي مناسبة شخصية.
انه نظام سياسي يفوق الخيال ويتغلب عليه ويطحنه ويملأ قلوب المواطنين غيضا وقهرا وألما، ومناسبة التذكير به اليوم هي الدعوات المتكاثرة لاجراء انتخابات مبكرة وهي لا يمكن ان تكون انتخابات مقبولة وفق القانون الاخير والا كانت انتخابات تفوق الخيال أيضا، ام يراد تكرار التجربة وخياطة قانون جديد وسط دربكة وخلال وقت ضيق ليكون القانون على مقاس بعض صانعيه ودون ادراك لنتائجه الكارثية؟، نحن بحاجة للشروع مبكرا في صياغة قانون انتخابات عادل يكون امينا على اصوات الناخبين وقادرا على انتاج برلمان بتمثيل حقيقي للمواطنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟