الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قَتَلة- قصة قصيره

عبد الفتاح المطلبي

2011 / 8 / 6
الادب والفن


يومان مرّا حين صادفتُ السيد حسن سالم حسن أحد زملائي في المدرسة المتوسطة قبل ما يزيد على الأربعين سنه وكنت أجوبُ الأنحاء التي يرتادها أبناء بلدي في بعض أحياء مدينة من مدن بلاد الجوار المحروسة التي كنت أزورها للسياحةِ ،دعاني لسهرة في شقته الفاخرة وطلب لنا عشاءً من مطعمٍ فاخر وكان قد جهز مائدة شرابٍ مميزةٍ كان الجنّ و الويسكي حاضرين بوفرة وأكلنا وشربنا وتعتع السكرُ الشديد صاحبي وسرد حكايته منذ أيامنا حتى تخرجه ضابطا للأمن سابقا قائلا وهو يكاد يقع أرضا من فرط سكره : هل تذكر...
في المدرسةِ يسميني التلاميذُ (إبن العقيد) ما كنت نابهاً لكنني كنت ملفتا للنظرِ ، هندامي فاخرٌُ و خداي منتفخان وموردان ، يشاهدني أترابي حائما حول حانوت المدرسة لا أنقطع عن مضغ البسكولاتة وشرب العصائر ، لا أتوقع أن يغضب المدير مني مهما فعلت فأنا إبن العقيد ، أمي تنفحني بمصروف جيب يليق بابن العقيد ، هكذا وجدتُ نفسي على مدى سني دراستي، لا أعلم كيف تخرجت من الإعدادية وحصلت على البكالوريا بمعدل خمسين بالمائة، كان أبي العقيد يضحك من نتيجتي ،معلقاً بمرح : هذا الشبل من ذاك الأسد مشيرا بإبهامه المعقوف إلى صدره راسما ابتسامةً عريضةً بوجه امرأته التي هي أمي قائلا بجدٍّ مشوب بسخرية: - لا عليكِ، حسناً فعل لأنه إن صار مهندسا فسينهار البناء الذي يبنيه و إن صار طبيبا سيختصر الطريق على المرضى إلى الدار الآخرة و هكذا بدد العقيد أبي الحزنَ في وجه أمي، وخرجتُ عصراً مع زملائي المتفوقين ، نحتسي قناني الكولا ونلعب الدومينو على شاطيء دجلة تحت أضواء (كازينو البلد) المطلّ على النهر، يهب علينا ذلك النسيم النهري المنعش بيد أنني كنت أكثرهم انتعاشاً ، علّق أحد الزملاء على انتعاشي الواضح قائلاً: -سيدخله أبوه كلية الطب بخمسينه وقهقه عاليا وقهقهتُ معه عاليا قائلاً له: -سترى عندما تأتيني صاغرا تتوسطني في أمرٍ ما ، وكنت أقول ذلك بناءً على تلميحات أبي العقيد حول زجي في سلك الشرطة أوالجيش أو قوات الأمن،................................. – كيف هل ستصبح وزيرا ؟ - سترى ما دام السيد الوالد موجوداً وأردفت سترى جمع أبي أوراقي وقدمها بنفسه إلى جهةٍ ما فكان إسمي ضمن قوائمَ كثيرةٍ و تسلسلي العاشر في القائمة الأولى ، ت10 حسن سالم حسن-معهد الأمن القومي ، وهكذا انتسبت لدائرة الأمن واحتفلنا جميعا بالمناسبةِ ، ليلتها سألتُ والدي ماذا سأكون بعد تخرجي من المعهد، رد عليّ حينها، أوه ستكون شيئا كبيرا مثلاً نائبا لضابط الأمن ثم بعد اجتيازك للإختبارات ستصبح رئيسا للأمن أو أكبر من ذلك من يدري ولكني كلي ثقة بموهبتك وقدراتك ، أنت تشبهني ، وربت على كتفي فشعرت بانتعاش كبير في معهد الأمن وبإشراف ضباط من رومانيا أيام جاوجيسكو تم نزع كرامتنا و غسل أدمغتنا من كل ما يمت بصلة للنبل و الشرف و الشهامةو الرأفة و الشفقة فهي كما يقول أستاذنا الروماني ليست من شؤوننا بل هو شأن غيرنا بل إن تلك المسميات هي مكامن الفشل في مهامنا كضباط أمن ، وهكذا اجتزنا الإختبارات تباعا. في دروسنا العملية نطبق ما تعلمناه على سجناء الأحكام الخاصة من تعذيب و ابتكار للقسوة ِو دروس مركزة في الوحشية ، خطوة ..خطوة..لا يمكن تخيل ما فعلنا بمشورة معلمينا في الإجازة يوصوننا بنسيان كل ما فعلنا ، واستمر الأمرُ إلى أن جاء اليوم الذي سُئلِنا فيه: - متى تظنون أنكم ستكونون ضباطا أكفاء يفخر بكم الحزب والقائد؟ قلنا : عندما نضع النجمةَ على أكتافنا أجاب المعلم الروماني -خطأ , خطأ فظيع ، ستكونون أكفاءً عندما تجتازون الإختبار الأخير.. الإختبار الأخيــــــــــــر: قال المشرف على التدريب ، هل من سؤال؟ ، رفعت يدي وسألت: -ماهو الإختبار الأخير سيدي ؟ قال: القتل! و أردفَ المقدرة على القتل بدم بارد! أجبت: لكننا ياسيدي قد مارسنا القتل في المعتقلات وقتلنا في التعذيب كثيرا من أعداء الحزب رد علي ببرود: لا هذا الإختبار يختلف تماما فأنت عندما تقتل المُعتقل تحت التعذيب لك مبرراتك ، إنه عدوك ، عدو الحزب وعدو ال... تقتله لأنك تعرف أنه عدو أما في الإختبار الأخير ستنفذ الواجب دون نقاش ودون مبررات و دون معرفة بالمنكود الذي ستقتله فهو إنسانٌ عادي لا صلة له بك ولم يرتكب جناية، إنما يكون طريدتك ، تصطاده و تقتله وطريقتك في تنفيذ هذا الإختبار ستحدد درجة اجتيازك له كأن تقتله وتسلب ماله أو سيارته،أو...أو....و أضاف سنحدد لكم نقطة الصفر( ساعة الشروع) وقاعدة العودة وأضاف إياكم أن تنفذوا الواجب على أيّ ممن تعرفون ولو كانوا قتلة آبائكم ، سنحقق في كل حالة على حدة و سنعرف، كنت أعرف أن لا مجال للتراجع وهكذا سأقتل أحداًما دون لفت الأنظار و سأتقدم كما أراد السيد العقيد الوالد التنفيذ: ترك لنا المشرف حرية اختيار مكان التنفيذ فاخترتًُ شارعاً يفصل بين حيين شعبيين وهناك وقفت وسط ظلمة حالكة وسرعان ما مرت سيارة ، أشرت لها بيدي، توقفت بجانبي كان سائقُها شاباً لم يتجاوز الخامسة و العشرين من العمر، نظر إلي باهتمام فقد كنت أرتدي بذلة أجنبيةً فاخرة ورباط عنق أحمر وتضوع من ملابسي رائحة عطرٍ فاخر لم يشك الرجل ولا لحظة واحدة بأني رجل سوي سأنفحه بأجر ٍ عالٍ لذلك فتح لي الباب جنب السائق بحركة ودية وهو يضحك ، قلت له إنني أريد أن أستريح في المقعد الخلفي أمدد رجلي وصدق الرجل دعواي و قبل أن نصل إلى نهاية الشارع المقفر طلبت منه التوقف و بسرعةٍ فائقة وضعت الحبل السلكي المغلف بمادة بلاستيكية حول عنقه كانت ردة فعله أبطأ مما كان متوقعا إذ كان الرجل مطمئنا ، لم يتعبني كثيرا و مات دون عناء كبير ,و..و........................... ولهذا الحد بدأحسن سالم حسن يدخل في نوبة نومٍ عميق ثم وضع رأسه على طرف الأريكة ونام ، تسللت إلى الخارج دون أن ألتفت وهبطت السلم الطويل ملقيا بنفسي إلى الشارع فهو أكثر أمانا من النوم في شقة حسن سالم ، إذ كبف يصح أن تطمئن لمثل هذا الكاسر المدرب . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :الإسم الذي ورد في القصة إسم متخيل لايمت للواقع بصلةٍ ولكنه يشبهه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو