الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرامية النهار

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2011 / 8 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في المجتمعات الريفية وخصوصا في العهد العثماني والاحتلال البريطاني كان الناس يتفاخرون بالسرقة ويعتبرونها من مظاهر الرجولة والبطولة وكثيرا ما دفع الناس أبنائهم للسرقة والغارة والنهب على طريقة العرب في جاهليتهم وإسلامهم فالغنائم حلال إذا دفع خمسها ولا تعتبر جرما في الأعراف القبلية والاجتماعية بل هي من المهن الحرة التي امتهنها العرب وعدوها من مآثرهم الكبرى التي تعنوا لها الجباه.
لذلك أطلق الناس على اللص "رجل الليل" أو "زلمة الليل" إذا كان لصا مشهورا يسرق المال ويقتل الناس ولكن بعد جمهورية تموز 1958 وبفضل الوعي الجديد للجماهير انحسرت هذه الممارسات أو ماتت لتعود من جديد بعد انتهاء الحرب بين العراق وإيران وأيام التسعينات بعد الحصار والجوع الذي أحاق بالعراقيين.
وكان للصوص أخلاقهم فاللص لا يسرق جاره أو قريته أو عشيرته أو الموالين لهم والمرتبطين معهم بحلف بل يسرق من الأماكن البعيدة أو كما يقال "يعبر الشط" أي يسرق من منطقة لا ترتبط بمنطقته بوشيجة وإذا دخل دارا وليس فيها رجل من المعيب سرقتها أو استغلال غياب أهلها وفي حكاياتنا الموروثة إن احدهم ذاق ملح الدار خطأ فانف عن سرقتها لما للملح من تأثير باعتباره قد ذاق طعامهم وأكل زادهم فمن المعيب سرقتهم لذلك فان اللصوص لهم أخلاقهم ومبادئهم التي نفتقر إليها هذه الأيام.
ما دفعني إلى الخوض في ها الجانب ما نراه من "حرامية " هذه الأيام فبعد أن كان لصوص الماضي حرامية ليل أصبح حرامية العراق الجديد حرامية نهار وبعد أن كان لصوص الأمس لهم أخلاقهم ومثلهم ومبادئهم فقد حرامية اليوم حتى أخلاق اللصوص فلا يتورع احدهم عن سرقة دائرته التي يعمل فيها او نهب بلده الذي يعيش من خيراته بعد أن كان اللص القديم يفتخر ببطولته ويرفع رأس عشيرته أصبح حرامية النهار يتباهون بما يسرقون ولا يخشون في السرقة لوم لائم وعمليات السرقة مفضوحة لا تحتاج الى دليل أو برهان ولا يستطيع احد إنكارها أو التنصل منها ويعلم بها القاصي والداني والحاكم والمحكوم بل إن الهيئات الدينية بقيمته الاعتبارية التي عليها إقامة الحدود تسكت عن ما يجري رغم قدرتها على تغيير الواقع بما تمتلك من إمكانات ولكنها تكتفي بالإشارة إلى السرقة وتشخيص السارق ولا تدعوا لتغييره وتعتبر الغناء أو التمثيل أو الفنون الجميلة الأخرى حرام إلى يوم القيامة ويدعون لمحاسبة ومحاربة ممارسيها في الوقت الذي لا يدعون لمحاسبة السارق والفاسد ويتهم ممثل المرجعية مسؤولي الدولة بالكذب والإهمال والفساد دون أن يدعوا الشعب لمحاسبتهم والثورة عليهم فقد وجه "الشيخ احمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني في كربلاء انتقادات لاذعة للمسؤولين العراقيين "لعدم مبالاتهم" خصوصا في إيجاد حل لمشكلة الكهرباء، واعتماد "الكذب " في الظروف الصعبة.
وقال الصافي أمام مئات المصلين في صحن الإمام الحسين في مدينة كربلاء إن "بعض المسؤولين نائمين بمعنى الكلمة وكيانات سياسية لها شعارات فقط".
وتساءل "لماذا لاتؤجل المشاريع غير المهمة في الوزارات الأخرى وتحول أموالها لحل مشكلة الكهرباء؟".
وخاطب المسؤولين الحكوميين قائلا "اين انتم من هذه المشكلة؟ كم عقد وعقد وكم إيفاد وإيفاد ومازالت مشكلة الكهرباء" بدون حل.
ولا تحصل مدن العراق بشكل عام على الكهرباء لأكثر من ثماني ساعات (الحقيقة اربع ساعات متقطعة) على الرغم من موجه الحرارة التي تصل الي خمسين درجة منذ عدة أيام.
واكد الصافي ان "شعور المسؤول بمحبته لبلده وشعبه يجعله يفكر بوسائل تخدم بلده ويتراجع عن مكاسبه الشخصية. كم مرة تكلمنا عن المكاسب الشخصية ولكن بدون أي رد فعل من المسؤولين؟".
وشدد على ان "بعض المسؤولين يبررون الكذب على الشعب بقولهم +نحن في وقت حرج ولابد من الكذب على الناس"، محذرا من انه "عندما تختفي الوطنية من المسؤول ممكن أن يشترى بالمال في الخارج" في اشارة لبحث المسؤولين عن مصالحهم مع دول اخرى.
كما اشار الى قيام مسؤولين بانفاق الاموال في امور بينها تغيير اثاث مكاتبهم عدة مرات في السنة دون حاجة لذلك رغم قضاء اوقاتهم خارج البلاد في سفرات وايفادات، ما يكلف ملايين الدولارت ويعكس ثقافة بان "الاهم راحة المسؤول" ولتذهب اموال البلاد حيث ما تذهب.
وعلى الرغم من ان العراق من الدول الغنية بالنفط يعيش ابناؤه ظروفا قاسية ابرزها البطالة ونقص الخدمات وابرزها الكهرباء."
فيما أتهم حيدر الملا عضو البرلمان العراقي 90 بالمائة من أعضاء مجلس النواب بالفساد لاستلامهم رواتب حماياتهم والذين يقدر عددهم بـ30 عنصرا بينما لا يتم تعيين أكثر من خمسة أفراد فقط.
وأضاف الملا أن "هناك لبسا كبيرا وإشكاليات كثيرة بحاجة إلى تنظيم في مسألة رواتب النواب وحماياتهم"، معتبرا أن "قيام الدائرة المالية بتحويل رواتب حمايات النواب إلى أرصدة النواب مباشرة أمر ينم عن شبهة فساد كبيرة".
وأوضح الملا أن "راتب عضو مجلس النواب بعد الاستقطاع يبلغ نحو 12 مليون دينار، إلا أن إيداع رواتب الحمايات والتي هي بحدود 22 مليون دينار تعطي انطباعا أن النائب يستلم بحدود 34 مليون دينار"، مبينا أن "كل نائب يسجل أسماء نحو30 عنصر حماية، ليتسلم كل عنصر بحدود 800 ألف دينار فيكون مجموع رواتب الحمايات 22 مليون دينار شهريا".
ولا أدري هل الملا خرج المجموعة ولا يستلم أسوة بأقرانه هذه الرواتب وبوصفه المتحدث باسم العراقية التي تمتلك اكثر من مائة مقعد ورئيس البرلمان منهم لماذا لا يسعى الى تغيير الواقع، اما انها محاولات للضحك على العراقيين عندما يشخص جميع مسؤولي الدولة من رئيس الوزراء الى اصغر فراش في الدولة العراقية وجود الفساد ولكن لم يسعى لتغييره اي منهم فاذا كانوا هم الحكام ومن يمسكون دفة الامور عاجزين عن استئصال فسادهم فمن هو القادر على تغيير الحال ، وعندما خرجت التظاهرات منددة بالفساد كان رصاص الحكومة يخترق صدور المتظاهرين بسكوت فاضح من جميع الكتل الحاكمة التيتختلف في كل شيء وتتفق على قمع التظاهرات والسكوت عن الفساد.
ان الشعب العراقي يتحمل مسؤولية ما يجري في البلاد من خلل وفساد لانه من جاء بهؤلاء وهو القادر على التغيير فمتى ترتفع الرايات العراقية معلنة عن يوم جديد لعراق جديد خال من فرسان الفساد والتدمير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلهم من طينة واحدة
الدكتور صادق إطيمش ( 2011 / 8 / 6 - 11:16 )
سلمت وسلم قلمك يا ابا زاهد . إنهم جميعاً ، ومهما إختلفت مواقعهم سياسية كانت ام دينية ، من طينة واحدة . فإن كان رجل الدين الداعي إلى الإصلاح بعد كل هذا الفساد الذي يراه يكتفي بتطبيق شريعته على اساس - ومن لم يستطع فبلسانه - فإنه يكذب على الناس ايضاً لأنه يستطيع الخروج مع المتظاهرين إلى الشارع ، لا يساهم في تحريم التظاهرات كما فعل بعضهم هي مظاهرة الخامس والعشرين من شباط الماضي . وإن كان السياسي والبرلماني الذي ينتقد الأداء الحكومي والبرلماني وهو ضمن الشلة التي ينتقدها ويتصرف بتصرفاتها ولا يبدأ بنفسه او بقائمته البرلمانية لإصلاح الخلل الذي يتحدث عنه ، فهو كاذب ومراوغ ايضاً . والنتيجة التي نحصدها في نهاية المطاف هي أن هؤلاء جميعاً ، سواءً كانوا من اصحاب العمائم والجباه المكوية والمحابس الفضية او من الساسة الذين يدعمهم هؤلاء المعممون
سراً وعلانية،من طينة واحدة
مع اخلص التحيات


2 - اخر ابداعات فرسان الفساد
سعد محمد حسن ( 2011 / 8 / 6 - 13:20 )

الاستاذ الفاضل
تحية تقدير على موضوعك الرائع
فابداعات فرسات الفساد لا تقف عند حد ولعل اخرها ماقام به حيدر الملا وبصحبته محمد تميم من زياره الى مكتب الصدر في مدينة الثوره لغرض التوسط للحصول على مقاوله من الباطن في مشروع العشره في عشره ولحساب بعض شركات المقاولات مقابل عموله يتقاضاها حيدر الملا ومحمد تميم

مودتي الحاره


3 - رد
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 8 / 6 - 14:38 )
الأخ الكريم صادق أطيمش المحترم
أؤيدك في ضرورة أن يكون لرجل الدين دوره الواضح خصوصا ان الشعب هذه الايام يستمع لرجل الدين اكثر من استماعه للعراقي الوطني النزيه لاسباب معروفة وبالتالي يقع على عاتق رجال الدين التوعية والارشاد ومواجهة الفساد
اسف لعدم احبارك باربعينية الفقيد الشاعر رحيم الغالبي فقد توجهت للشطرة مع الشاعرين حامد كعيد وعبد الرزاق كميل وساهمنا في الحفل والقيت كلمتك من قبل عريف الحفل


4 - من هالمال حمل اجمال
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 8 / 6 - 14:42 )
الاخ سعد محمد حسن
تحياتي وتمنياتي بالتوفيق
المعلومة التي ذكرتها تظهر لنا التهافت الذي عليه حكام العراق الجديد فهم كلهم في الهوى سوا يلهثون وراء مصالحهم الخاصة بعيدا عن مصلحة الشعب والوطن وفرسان محاصصة النهب والفساد لا يزالون سادرين في غيهم ويحاولون الحصول على توازن في النهب والفرهود وعسى ان يعي الشعب العراقي الحقيقة ويلفظهم لفظ النواة


5 - نقص النزاهة وليس الاموال
علي الشمري ( 2011 / 8 / 6 - 15:27 )
الاخ الغالي أبا زاهد المحترم
الكل يعرف أن مشكلة المهرباء ليست في نقص الاموال كما ذكر وكيل المرجعية,لان الاموال التيس صرفت على الكهرباء من بداية السقوط وليومنا هذا تفوق ال100 مليار دولار وهذا رقم يكفي لبناء أكثر من 20 محطة كهرباء نوويه,لكن المشكلة , ,الحقيقة تكمن في نقص الايدي النظيفة والضمائر الحية,ان نظام المحاصصة قد تم بموجبه تقسيم الوزارات فيما بينهم ,وكل وزارة يحصل عليها جهة معينة تعتبر ملكا لها وتتصرف بالاموال المخصصة لها,ولهذا نجد الصراع يحتدم بين الكيانات عند تشكيل الوزارة على الوزارات الخدمية لان باب الفساد فيها يكون اوسع من الاخرى,
تقبل تحياتي


6 - على من تعب
اسعد جاسم ( 2011 / 8 / 6 - 15:52 )
كلهم حرامية ومنافقين .ان العراق سقط وللابد غنيمة بيد طبقة طارئه لاتمت لاللسياسة ولا للوطنية بصلة. انهم يستثمرون دكتاتورية البعث لتبرير كل شي باعتبار ان العراق فسد وسقط من زمن طويل


7 - حرامي بغداد
نبيل الربيعي ( 2011 / 8 / 6 - 17:02 )
تحية طيبة ابو زاهد هذا آخر أخبار الحرامية , كان في الستينات ندعوه حرامي بغداد(طاهر يحيى) والآن حرامية بغداد
عقود وزارة الكهرباء الوهمية وليس هنالك تعليق من جناب دولة القانونتحي
رسالة بعثها الدكتور جواد هاشم إلى دولة رئيس الوزراء، السيد نوري المالكي، مع وثائق حول قيام وزارة الكهرباء بتوقيع عقود بناء محطات توليد الطاقة الكهربائية في مناطق مختلفة من العراق مع شركات، تبين له أنها إما وهمية لا وجود لها، أو مفلسة. والدكتور جواد هاشم شخصية وطنية معروفة، ووزير التخطيط سابقاً، ومتابع لما يجري في العراق ومعاناته، وحريص على إنجاح العملية السياسية، والديمقراطية الوليدة، محاولاً تقديم المشورة المخلصة للمسؤولين. تفيد الرسالة أن الحكومة العراقية وقعَّت في 7 تموز 2011 عقدا مع شركة كندية تدعى Capgent لبناء محطات للكهرباء في عدد من مناطق العراق. قيمة العقد، كما ورد في الصحافة، هو 1.2 مليار دولار أمريكي..)


8 - دعايه انتخابيه
زاهر موحان منهل ( 2011 / 8 / 6 - 20:38 )
الاستاذ محمد المحترم
اعتقد ان النائب.......ه حيدر الملا يتدرب على الدعايه الانتخابيه
تحياتي


9 - ابا زاهد
ناصر عجمايا ( 2011 / 8 / 7 - 11:17 )
المثل يقول
(ان لم تستحي افعل ماشأت)
هؤلاء الحكام والمتنفذون في السطة ، لا ولم ولن يخجلوا من الكلام
وكل ما يقال
هؤؤلاء ليس لهم شعور ذرة من الوطنية ولم يفككروا سوى بمصالحهم الخاصة
فهل الشعب يعي مهامه ؟ وهل رجال الدين يقفون موقف سليم مستقبلي؟
هذا ما نراه مستقبلا ..تحياتي لك ولقلم الزاخر


10 - الاخ علي الشمري
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 8 / 7 - 17:58 )
يبدو ان الامور لا يمكن السكوت عليها فقد اقيل اليوم وزير الكهرباء واحيل كادر الوزارة للتحقيق ولكن هل هناك اجراء قانوني يتخذ بحق اللصوص والفاسدين ام انها صيحة في واد


11 - الاخ اسعد
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 8 / 7 - 18:00 )
اعتقد ان سفينة الفساد سائرة ولن يقف شيء بوجهها لان هناك اتفاق معلن على تقاسم الكعكة العراقية بين القوى الفاعلة ولعدم وجود مقاومة شعبية توقف هؤلاء عند حدودهم سيستمر الفساد والحسنة بعشرة امثالها 1111111111111111


12 - العزيز نبيل الربيعي
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 8 / 7 - 18:07 )
يا ريت على ابو فرهود لان ابو فرهود ما باك واحد بالمليون من الباكوه هؤلاء اللصوص ولا ادري لماذا اتذكر الاهزوجة الصادقة
اشلون تسلم البيت المطره ومطره تصاوغ بيه
فمطرة اليوم من اكثر المطرات فسادا لما تحضى به من تاييد من مختلف الجهات ومن الارض والسماء


13 - الاخ زاهر
محمد علي محيي الدين ( 2011 / 8 / 7 - 18:10 )
تحياتي لك ولقد ابتلا العراق وبحيدر ومن هم على شاكلته من ممثلي الشعب الذين لم يحصلوا على الاصوات او التفويض بتمثيل العراقيين لانهم لم يحصلوا على القاسم الانتخابي ولولا القانون الجائر لما فاز بحق الا حفنة لا تزيد على العشرون نائبا ولكنها الاقدار التي جعلت من هؤلاء سادة العراق الجديد
استاذي ناصر عجمايا
لقد ابتلا العراق بهؤلاء واعتقد ان العد العكسي سيبتدء لا محالة فالشعب بات يعي الحقيقة ولابد ان يقول كلمته

اخر الافلام

.. رحلة نجاح علي طيفور: كيف تغيرت حياته وتحقق أحلامه في عالم صن


.. عودة المعارك إلى شمال ووسط قطاع غزة.. خلافات جديدة في إسرائي




.. القاهرة نفد صبرها.. وتعتزم الالتحاق بجنوب إفريقيا في دعواها


.. ما هي استراتيجية إسرائيل العسكرية بعد عودة المعارك إلى شمال




.. هل خسرت روسيا حرب الطاقة مع الغرب؟ #عالم_الطاقة