الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداخل الإعلان عن الدولة الفلسطينية

بلغيت حميد

2011 / 8 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


إلى جانب الشعب،الإقليم و السلطة السياسية كأركان قانونية لقيام الدول، توجد أركان معنوية تباينت أراء الفقه الدولي حول قوة شرطيتها، و نذكر من ضمنها مسألة الإعتراف، ويتم هذا الإعتراف إما من قبل الدول بشكل إنفرادي و هو الشكل التقليدي له، و إما عبر المنظمات الدولية ، أي بشكل جماعي في شكل إصدار قرارات الإعلان عن قيام الدول .
و أمام توفر جل مقومات و أركان الدولة لدى السلطة الوطنية في فلسطين، فما هي مداخل التقدم بطلب استصدار قرار يتم فيه الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية من قبل هيئة الأمم المتحدة؟
بالرغم من أن بعض قرارت مجلس الأمن و توصيات الجمعية العامة قد اعترفت بشكل ضمني بالدولة الفلسطينية، إلا أن إستصدار قرار خاص بالإعلان عن الدولة الفلسطينية يتطلب أولا التوجه نحو مجلس الأمن، إذ أنه وفقا للمادة 12 من ميثاق الأمم المتحدة، فهو صاحب الإختصاص الأصيل لاتخاد التوصيات و القرارات ، إما وفقا للفصل السادس الذي يخص تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية، و إما بناء على الفصل السابع في حالة تهديد السلم والأمن الدوليين أو الإخلال بهما أو حالة وقوع العدوان. و تختلف قوة القرارت الصادرة بناء على الفصل السادس عن مثيلاتها في الفصل السابع، إذ أن الأولى تصدر في شكل قرارات تقترح أحد سبل التسوية، في حين أن الثانية لا يتوقف دور مجلس الأمن على إصدارها، بل يتابع مدى الإمتثال لها من قبل الأطراف المعنية، و قد يصل إلى مستوى إستعمال الإجراءات الزجرية (عقوبات إقتصادية، إستعمال القوة العسكرية ...) لفرض احترامها.
غير أن ميثاق الأمم المتحدة لم يضع معايير واضحة و دقيقة، لتحديد طبيعة النزاع، مما يمنح مجلس الأمن السلطة المطلقة لتكييفه. فإذا تبين له أن نزاع الشرق الأوسط يشكل تهديدا للسلم و الأمن الدوليين، فإنه سيصدر قرار الإعلان عن الدولة الفلسطينية، بناء على الفصل السابع، و إذا توصل إلى غير ذلك، فإنه سيصدره بناء على الفصل السادس كما هو الشأن بالنسبة للقرارات السابقة.
و في حالة إستعمال أحد الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن حق النقض، هل توجد لدى السلطة الفلسطينية مسالك أخرى، أم أن مسعاها يتوقف في حدود مجلس الأمن؟
بالرغم من أن الجمعية العامة هي الجهاز الوحيد الذي تمثل فيه جميع الدول الأعضاء، إلا أن إطلاق حرية مناقشة أي من المسائل التي تدخل في إختصاص الأمم المتحدة وفقا للمادة 10 من الميثاق، لم يترتب عليه إطلاق مماثل في حرية إصدار التوصيات و القرارات. حيث قيدت المادة 12 الإختصاص العام للجمعية العامة لصالح مجلس الأمن في القضايا المتعلقة بحفظ السلم و الأمن الدوليين، إضافة إلى أن القوة الإلزامية للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة لا تعدوا كونها توصيات يتوقف إعمالها على إرادة و تعاون الأطراف المعنية.
لكن إذا كان ميثاق الأمم المتحدة مبخسا لدور الجمعية العامة في قضايا السلم و الأمن الدوليين، فإنه وفقا لتوصية دين آتشيسون أو ما يطلق عليه بقرار الإتحاد من أجل السلام الصادر عن الجمعية العامة تحت رقم 377 بشأن الأزمة الكورية سنة 1950 قد منح للجمعية العامة إمكانية الإضطلاع ببعض مهام مجلس الأمن وفق شروط محددة.
ينقسم قرار الإتحاد من أجل السلام إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، و ما يهمنا هنا هو الجزء الأول وخاصة الفقرة (أ)، التي تشير إلى حق الجمعية العامة في حالة فشل مجلس الأمن في تحمل مسؤولياته بسبب عدم تحقق الإجماع بين الدول الخمسة دائمة العضوية، في أن تنظر في كل المسائل التي قد تشكل تهديدا للسلم أو خرقا له أو في حالة وقوع العدوان و اقتراح ما تراه من توصيات بشأنها، بما في ذلك التوصية باستخدام الأعمال القسرية لفرض احترام قراراتها، كما تضمنت هذه الفقرة أيضا النص على إمكانية طلب انعقاد الجمعية العامة في جلسة طارئة عاجلة تعقد خلال 24 ساعة، إذا لم تكن في حالة انعقاد قي دورة عادية. و كان معنى هذا القرار ببساطة، أنه يمكن الإستغناء عن دور مجلس الأمن،إذا لم يتحقق الإجماع بين الدول الكبرى، و إحلال الجمعية العامة محله كجهاز بديل مسؤول عن الإضطلاع بمهامه.
و سبق للجمعية العامة أن عقدت ما لا يقل عن عشر دورات طارئة، تطبيقا لقرار الإتحاد من أجل السلام، كان من ضمنها توصية تشكيل قوات طوارئ دولية أولى لمراقبة وقف إطلاق النار(UNEF 1) إزاء العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، و كذلك تباحث قضية التدخل السوفياتي في المجر من نفس السنة.... و إلى جانب هذين الجهازين ذوي الطابع السياسي، يمكن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية كجهاز قضائي لطلب رأي إستشاري من أجل تعزيز مطلب الإعلان و كسب تأييد أوسع.
و هكذا توجد مداخل عدة لانتزاع اعتراف أممي بالدولة الفلسطينية، و يتوقف هذا الأمر بشكل خاص على جرأة الدول العربية لدفع الجمعية العامة للفصل فيما فشل فيه مجلس الأمن. خصوصا و أن التفاعلات الدولية في منطقة الشرق الأوسط، لا تنم عن إمكانية استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في معاكسة الإرادة الأممية في قيام دولة فلسطينية و بداية التباحث بشكل جدي لتسوية النزاع و ليس فقط إدارة الأزمة بالطرق السلمية. و ذلك لمؤشرات يمكن إجمالها في :
1 – إن ديمومة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يمثل عبئا ثقيلا ليس فقط على الدور الأمريكي في المنطقة، و إنما أيضا على الأمن القومي الأمريكي، الشيء الذي يفرض حتمية التعاطي الإيجابي مع أطراف هذا الصراع و تنشيط الدور الأمريكي في عملية السلام.
2 – ثمة حاجة ملحة لتجديد أسس العلاقات الإستراتيجية مع الدول الثورية الجديدة، خصوصا مع مصر، حيث سيرهن استمرار علاقاتها بالولايات المتحدة بمدى تقدمها بمبادرات جادة لتسوية الصراع على أسس عادلة.
3 – إن تسوية الصراع سيؤدي حتما إلى سقوط كل الأنظمة السياسية العربية المرتبطة بهذا النزاع، حيث أن استمراريتها كان يقوم على الشرعية الخارجية التي يمنحها البيت الأبيض كمقابل لكل الأنظمة التي تقبل المقايضة بالقضية الفلسطينية، و ما دامت هذه الأنظمة قد بدأت تتداعى بفعل عوامل داخلية وليس خارجية وفقا لنظرية الخصائص، فإن استمرار الصراع على هذا المستوى لم يعد مبررا، و أضحى غير ذا جدوى.
4 – سقوط ذلك الإستلزام التقليدي بين قيام دولة فلسطينية مستقلة و دمقرطة الأنظمة العربية، و لذلك عملت هذه الأنظمة السلطوية بالمنطقة على تأبيد الصراع عوض البحث عن حلول لتسويته، لأن فك هذا الصراع يهددها وجوديا، غير أن موجة الثورات العربية في الوقت الراهن قد يدفع باتجاه قلب الإستلزام السابق، أي أن هذه الثورات و إن إنشغلت في الوقت الحالي بالأوضاع الداخلية، فإنها في المستقبل لا محالة من تشكيل نظام إقليمي عربي جديد يقوم على أسس ديموقراطية، لن يقبل بمقايضة جديدة على حساب القضية الفلسطينية، لأن وجوده سيستند على ديموقراطية جماهيرية شعبية و ليس على الوصفات الديموقراطية للبيت الأبيض. حيث سيتبين أن الطريق إلى واشنطن لن يمر بالضرورة عبر تل أبيب.
5 – بداية تغير موازين القوة على مستوى النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، خصوصا أمام الدور الإيراني و العودة الجديدة لتركيا إلى المنطقة، حيث أن تسوية النزاع بالمنطقة غير مرتبط بتحولات النظام العالمي، إذ أنها عاصرت ثلاثة أنظمة عالمية دون أن يسفر ذلك عن إيجاد مخرج للقضية الفلسطينية، مما يجعل هذا الصراع أكثر إرتباطا بمتغيرات النظام الإقليمي.
كل هذه العوامل و غيرها أدت إلى ضرورة إعادة صياغة العلاقات بين واشنطن و تل أبيب وفق منضور جديد يستبدل سياسة التأييد الأعمى بسياسة التأييد المشروط، تراعى فيه مصالح الطرفين، لأنها في الوقت الراهن ليست على ذلك المستوى من التطابق التام. وهو ما حدى بالولايات المتحدة إلى الجنوح نحو القيام بعملية مراجعة تاريخية ناعمة لسجل هذه العلاقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل