الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق الإقصاء وتهميش المشاكل

باسمة موسى

2011 / 8 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


من بين مهام الحكومات الرئيسيّة حلّ المشاكل المعقدّة أو تلك التي لها أوجه متعدّدة. هذه المشاكل المعقدّة لا تجد المجال الوافي لحلها في نظام التّنافس السّياسي، لأن التّنافس السّياسي يبسّط الحوار ليجعله ذا بعدين: إذا كان البعد الأوّل صحيحاً، فلابد للبعد الثاني أن يكون خاطئاً. من الوجهة النظريّة، لابدّ أن يفوز البعد الأكثر استنارة وملائمة. هذه الطريقة تفترض أنّ أي مشكل يمكن حلّه من منظور واحد. لكن المشاكل الكبرى والتي غالبا يكون لها أوجه عديدة، تحتاج إلى أخذ الآراء المختلفة في الاعتبار، والتي تكون عموماً مكملة لبعضها البعض.
ولكن، بما أن الحوار في التّنافس السّياسي مبني على أساس وجود "المعارضة" التي لها منظور "مخالف" لمعالجة المشاكل، يصبح الأخذ برأي المعارضة ضياع لإمكانية إضافة "رصيد سياسي" إلى رأس المال السّياسي، بل تكتسب في هذا الحال المعارضة رصيداً سياسيّاً. لأن النظام يستدعي وجود فائز وخاسر. نتيجة لهذا التّنافس السّياسي تتقلص المواضيع المعقدة إلى رأيين متناقضين لابد لواحد منهما أن يسود. فتبسط الأمور الكبرى بحيث يصبح من المستبعد إمكانية معالجتها بالشموليّة المطلوبة.
يتفاقم هذا التبسيط المصطنع للمشاكل الكبرى بتدخل وسائل الإعلام الموجودة بقوة في المجتمعات الغربيّة والتي اتخذت صبغة تجاريّة قصوى في خضم الاقتصاد السّياسي. فوسائل الإعلام تعمل جاهدة للاحتواء على آراء وفكر أكبر جمهور ممكن من الأتباع والقرّاء والمستمعين لبيعها إلى طلاّب الإعلانات. أرخص طريقة والأكثر ربحاً للحصول على هذا الجمهور هي في خلق مسرحيّات على أوسع نطاق ممكن، بما في ذلك المسرحيّات الحزبيّة. الورقة الرابحة في ميدان التغطية السّياسية هي: أصداء سياسيّة لاذعة مليئة بالشعارات والعبارات الرنّانة. فتنتشر بين الجمهور العناوين السّياسية التي تشوّه طبيعة المشاكل المستعصية، فتنحرف بصيرة الجمهور وتزداد التفرقة بين الأحزاب. في مثل هذه الأجواء يستحيل إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعيّة والبيئية المستعصية المتعدّدة الأبعاد.
يوجد من بين الجمهور من لا تستريح نفسه، بطبيعتها أو لثقافتها، لمثل هذا النموذج التّنافسي بين الأحزاب وما يقترن به من نقاش جدلي، فيفضّل الانسحاب من ساحة خدمة المجتمع مع ما قد يكون لديه ما يقدّمه لحل المشاكل المطروحة. وبصورة عامة فإن الجدل في النقاش لا يساعد على التدبّر الرصين للأمور حتّى بالنسبة للذين يؤمنون بصلاحيته، فبالأحرى أن يمتنع عن المشاركة في الجدال من لا يثق في صلاحيته.
ثم هناك المرأة التي تجد أنّها أقل حظاً من الرجال في خوض مضمار الحوار التّنافسي. فى ظل ثقافة مجتمعية لا تعترف بمساواة الجنسين والتى هى نصف المجتمع والذى لابد له ان يشارك فى بناء بلاده ولكن ايضا نجد بعض السيدات بطبيعتها لا تميل إلى المكافحة والمغامرة. نفس الشعور نجده قائم في بعض الأقليّات التي ترى في الابتعاد عن جو النقاش والجدال الذي يجري بين الفئات الكبيرة المتنافسة، ضمانا لصونها وبقائها، في حين أنّه قد يكون لدى تلك الأقليات، مثل ما قد يكون لدى المرأة، ما يمكن تقديمه لحل المشاكل المطروحة فلابد لنا ان نسمح بتعدد الاراء من كل فئات المجتمع لكى نصل الى ماهو افضل لبلادنا.
في إقصائه لفئات من المجتمع ذات الأصوات الأقل جرأة وحماس، وإبعاده للمرأة والأقليات، يكون التّنافس السّياسي وما يترتب عليه من نقاش جدلي قد جعل الحوار العام فقيراً وعمليّة إيجاد الحلول للمشاكل المستعصية ضعيفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شرطة نيويورك تعتقل عددا من الطلاب المتظاهرين في جامعة كولومب


.. الشرطة في جورجيا تشتبك مع متظاهرين خرجوا ضد مشروع قانون -الع




.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطيني


.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية القادمة




.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو