الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكارزما وايديولوجية التمدن

سميرة حسين جاف

2011 / 8 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ليس خفيا أن الحوار له أهمية كبرى في تعاملاتنا الفلسفية والسياسية وغيرها من أمور الحياة، فهو الجامع بين الفرقاء والمتأزمين كونه حالة حضارية، ولكي نبدو متمدنين علينا الأخذ به كوسيلة فذة لركب الإيديولوجيات المنطقية، لأنه يمثل روح التمدن.
ولان التمدن والمدنية ضرورة ملحة وهي كل لا يتجزأ فلا بد من تنفيس الحوار من مضمون التنظير إلى حيز التطبيق والتنفيذ، ولان الحوار مبعثه الوعي والمعرفة فهما يعتبران ظهيرين قويان للسياسيين في سجالاتهم السياسية ومجال عملهم الذي يتطلب التغيير المستمر، والعمل هو المحور وركيزة التطبيق، وفي هذا أشار طوتة إلى أن "المعرفة وحدها لا تكفي فلا بد أن يصاحبها التطبيق، والاستعداد وحده لا يكفي فلابد من العمل" لذا ومن منظور ما طرحت من مفاهيم (الحوار، المعرفة، الوعي، الاستعداد والتطبيق) يُخلق التمدن .
ونحن إذ نعايش واقعاً سياسياً مراً على مدى ما يقارب ثمان سنوات في بلدٍ هشمه اللاوعي السياسي لواقعه المتراخي، فان سبب تخلفنا عن التمدن هو اللاتطبيق للحوار وبما نؤمن به من طروحات وأجندات خلاقة من شانها أن يرتقي بواقع العراق كماً ونوعاً وتخرجه من بودقة التضليل السياسي والإعلامي .
ولان الحوار ركيزة التمدن كما البناء المعرفي ركيزة الوعي فان أفضل ما على المتسلق لسلم السياسة أن يتسم بحالة الحوار هذه، لتفادي الأزمات المجتمعية كالأزمة السياسية التي تبلورت في الآونة الأخيرة بين دولة القانون والقائمة العراقية والتي أحدثت توتراً في المشهد والساحة السياسية العراقية وكادت أن تؤدي إلى زلزلة ثوابت عالم السياسة، وأوشكت أن تكون بؤرة للتخلف الفكري والفلسفي والسياسي للساسة العراقيين، ولكن وبالجهود الحثيثة للقادة الكورد وبفضل سحر الحوار الذي يتسلحون به في تسوية قضايا الدولة أصبحوا مقصلة لتلك الخلافات السياسية وباكورةً للسلام، ومن هذا المنظور نستمد التلازم بين التمدن والحوار، إذ بدون الأخيرة تستحيل ديمومة السلام المنشود ويستحيل تجاوز بؤرة الفساد المتفشي في جسد الدولة بدءاً من وضع الفرد الغير المناسب على الكرسي الغير مناسب له، ومن ثم استئصال حالة التعتيم وانتهاءً بتمركز العدالة المجتمعية، التي لولاها لا إنتاجٌ، لا إبداعُ، لا تغييرٌ ولا سلامٌ، وكل ذلك يبرز انتقاصا في الشأن السياسي والإيديولوجي للسياسيين، لذا عليهم التسلح بالحوار لحل الانتكاسات السياسية والمعادلات المتصدعة والصدئة كونها كيمياء الحياة.
وكما هو شائع إن السياسة ليست مجالا عاديا يكون حكرا على فردٍ معين او مصلحة خاصة، بل هي أفعالٌ وتمازجٌ لمواقف وقرارات تترك اثأرا فعالة على حياة الملايين وعلى رمزية الدولة، لذا تتطلب الموازنة بتفعيل الحوار لأجل توجيه الحراك السياسي والمضي به قدما نحو آفاق مشرقة لإرادة الشعب وتوجهاته العقلانية والواقعية.
وكنتيجة لذلك نتوصل إلى انه أينما يكمن الإدراك بالمسؤولية يولد الأمان، وأينما حل العكس تتحول الدولة إلى غابة مفعمة بقراصنةٍ جل همهم التخندق ضد إيديولوجيات الدولة المعاصرة المتحصنة بنخبة أفرادها والهوية الكاريزمية لقادتها.
ويبقى سؤال هنا عن الكاريزمية، هل أنها صفة أحيلت إلى التقاعد ضمن سلك السياسة لدولة العراق ؟!
ولكي لا يتجذر جواب هذا السؤال كحقيقة وثابتة من ثوابت عالم السياسة لدينا اليوم، على شخوص القادة العراقيين إنهاء حالة المد والجزر المسببة لتفاقم المعضلات، وإلا فإن الحكومة العراقية المستحدثة بعد تحطم الصنم ستكون في موقف محرج أمام الرأي العام المحلي والدولي، وستثبت بذلك تاريخياً ضمن الدول المدرجة في القائمة السوداء... والخطوة تبدأ بالحوار !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ عقود.. -إسرائيل- تخرج من قائمة أفضل عشر وجهات ل


.. ما مصير صفقة تبادل الرهائن؟.. وهل يتجه نتنياهو للعمليات الع




.. الذكاء الاصطناعي يقتحم سباق الرئاسة الأميركية .. فما تأثير ذ


.. نتنياهو يطالب بمزيد من الأسلحة.. وبلينكن: نحاول تضييف الفجوا




.. منع إسرائيل المشاركة بمعرض يوروساتوري للأسلحة بفرنسا بقرار ق