الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أَشْهَدُ

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2011 / 8 / 7
الادب والفن


أَشْهَدُ
أنني لا أعرفُ كيفَ يموتُ اللّيلُ فجأةً
وأنني لم أَزَلْ أحبو في حديقةِ البيتِ
جارحاً ركبتيَّ، ومُسَلِّمَاً أمرَ الماءِ للماءْ.

أَشْهَدُ
أنَّ النارَ لم تغادرْ جفنيَّ
منذُ ألقيتِ بوجهكِ في مرآتي
وغادرتِ وعيي إلى لا وعيي
منتشرةً كذِئْبَةٍ كثيفةٍ في غابة الكلام
وأنا الفريسةُ التي ـ بعدُ ـ لم تعلِّمْهَا أمُّهَا فُنُونَ الهُرُوْبِ.

أَشْهَدُ
أن البلابلَ حينَ صدّقَتْ حرشيَ الذي يسيلُ على شفتيَّ
لم تكُنْ تعرِفُ أن الكلماتِ شراكُ صيدْ
لكني أخطأتُ لأن الصوتَ لا يُصطادُُ
ولا يُعبَّأُ إلا في ذاكرةِ الحنينْ

أَشْهَدُ
أني فقدتُ رصاصتي الأخيرة
وكنتُ تركتُها
لوقتٍ يحاصِرُني فيه الأعداءُ
بتاريخٍ مرّ من ألف غربالٍ
وحبالٍ من الفتوى

أَشْهَدُ
أنَّ موجتي ضاعتْ في البحرِ
وأنَّ أمي لم تكنْ موجةً كما قيلَ لي
وأن أبي لم يكُنْ شارعاً بينَ مدينتين
أما كيف تعلّمتُ روايةَ الحكاياتْ
فمجرَّدُ صُدْفةٍ وجدتُها تحتَ وسادتي

أَشْهَدُ
أنَّ يداي لم تكونا نجمينِ
ولا كانت عينيَّ غيمتين
ولا روحي مستنسخةٌ من آلهةِ الهندِ
ولا من حكمةِ الشاربين من نهرِ الله البعيد
أشهدُ فقطْ أنني شراعٌ ما زال يبحثُ عن الريحِ
وعن البحرْ

أَشْهَدُ
أنني مؤجَّلٌ، إلى زمنٍ لا أعرفُهُ
ولا يعرفُني
ربما قد يأتي
ربما مضى
لكنّه ليس زمني هذا

أَشْهَدُ
أن كلَّ غزالةٍ حَرَّرتُها من صيادِها
لم تكنْ إبنتي
ولم أعرف اسمها
وأنني إذ مررتُ يائساً من الدروب الطويلة
كنتُ فقطْ أجمعُ الصيادين في مخلاةٍ
فتتساقطُ الغزالاتُ هاربةً، كعَرَضٍ جانبي

أَشْهَدُ
أن وقتي خرزٌ ومكاني جاهزٌ للاحتلالِ
وأنني لا أملكُ غيرَ قلبي وأغنياتي
ولم أعرفُ طريقَ السوقِ
حيثُ يبيعُ العامَّةُ خيولَهم
ليشتروا أعياداً ستنتهي في المساء

أشهدُ
أني ما شهدتُ الفتنةَ
ولا فهمتُها
لم أعرفْ مَنِ القاتلُ
لم أعرفْ مَنِ المقتولُ
ولم أعرفْ أينَ اختبأتْ أوراقُ المأساةْ
ولا الخناجرُ المسمومةُ بالمقولاتْ

أَشْهَدُ
أنَّ قلبي كلَّما ألقيتُهُ في اليمِّ عادَ إليَّ
نبيَّاً يحملُ البشريَّةَ ويحتملُها
ويجنِّدُ السحرَ واللغةَ والطبَّ
كي يقودَ الناسَ إلى الله
وأَشْهَدُ
أنه لم يَعُدْ إليَّ
حينَ أخذتِهِ بين يديكِ على وعدِ الرجوعِ
وأَشْهَدُ أني لم أعُدْ إليَّ كذلكْ.

أَشْهَدُ
وأُشْهِدُ الأماني السابحاتِ في فضاءِ البحرِ
أنّي حفظتُ ما قالتهُ المراكبُ للصيادينَ
وكلَّ ما غَنَّتْهُ الرِّيحُ للأشرعةْ
وما قالَهُ الإنتظارُ للغائبينْ
وما كتَبَهُ العاشقونَ على الشجرْ

أَشْهَدُ
أنني أوّلُ الخطايا
أنا مَن أخرجتُ آدمَ من الجنَّةِ
وأعطيتُ المذنبين الحقَّ في الذنبِ
بينما لم يكنْ لي ذنبٌ واحدٌ
غيرَ أنني ألّفتُ طقساً للرقصِ
تبنّاهُ الجميعُ
فحملتُ ذنوبَهم إلى اليوم

أَشْهَدُ، أني أخطأتُ مرةً واحدةً في حياتي
حين وُلِدْتُ!

السابع من آب 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو