الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاحات في سوريا غير مقنعة مع هدير الدبابات

حسن محمد طوالبة

2011 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بعد خمسة اشهر من انتفاضة الشعب السوري , التي شملت كل المدن السورية , بما فيها العاصمة دمشق وريفها , يعلن النظام السوري اصدار قانوني الانتخابات والاحزاب . في وقت تتعرض فيه مدينة حماة الى قصف شديد بالمدفعية , يعيد المشهد القديم عام 1982 , عندما دكت المدفعية المدينة اثناء حكم والد الرئيس الحالي بشار الاسد . وفي وقت تحاصر الدبابات مدينة حمص , وبعد تمشيط المدن السورية الاخرى في الشمال والجنوي والشرق , ونزوح الوف العائلات السورية الى دول الجوار وخاصة الى تركيا .
جاءت تلك الاصلاحات بعد صدور البيان الرئاسي من مجلس الامن الدولي , الذي ادان فيها أعمال العنف الجارية في المدن السورية منذ خمسة اشهر , ودعا الاطراف الى ضبط النفس وحقن الدماء . ويبدو ان هذه العبارة التي ساوت الضحية بالجلاد ,هي نتاج ضغط المندوب الروسي , حتى لا يصدر المجلس قرارا يدين النظام السوري , والقرار لا يستلزم اجماع المندوبين كلهم , اذا لم يستخدم احد الاعضاء الدائميين حق النقض ( الفيتو ) .
ولكن ما حصل بعد صدور البيان الرئاسي , يثير الخوف والريبة , حيث تحركت الدول الكبرى , واخذت تتشاور حول الوضع في سوريا , وكذلك عودة السفير الامريكي الى دمشق , واعلانه عزمه الاستمرار في التجول في المدن السورية , للاضطلاع على الاحداث عن كثب . وهذا يحد ذاته استفزاز جديد يجب ان يأخذه النظام السوري على محمل الجد . كما ان المشاورات بين الرئيس الامريكي اوباما
والمستشارة الالمانية ميركل والرئيس الفرنسي ساركوزي , تمهد الاجواء الدولية لعمل سياسي جديد . ويساعد في ذلك دعوة روسيا الرئيس الاسد الى وقف العنف في المدن السورية ,مما يؤشر ان هذه الدول عازمة على دعوة مجلس الامن الدولي
الى الاجتماع ثانية , لاصدار قرار قوي يدين النظام السوري , ويمهد الاجواء الى فرض عقوبات على سوريا , والقيام باعمال سياسية واقتصادية وامنية جديدة .
اما اجتماع وزير الخارجية وليد المعلم مع ممثلي السلك الدبلوماسي الاجنبي , واعلانه الاستمرار في الاصلاحات السياسية , وتحميل المعارضة السورية مسؤولية عدم اشتراكها في الحوار الوطني الذي قاده نائب الرئيس في دمشق مؤخرا
وذلك في محاولة من المعلم اقناع روسيا عدم الانجرار وراء الدول الغربية في مسعاها الى اصدار قرار من مجلس الامن ضد النظام .
يعرف النظام السوري ان الولايات المتحدة الان ليس بمقدورها القيام باي عمل عسكري , كالذي حصل في افغانستان والعراق , او كالذي حصل في ليبيا في الاقل , نظرا لما تعانيه من ضائقة مالية شديدة نالت من سمعة اوباما , واجبرته على خفض الانفاق , فالدولة العظمى والاكبر اقتصاديا وعسكريا , صارت اليوم من اكثر الدول مديونية , اذ وصل الدين عشرات التريليونات من الدولارات . كما ان دول الاتحاد الاوروبي غير قادرة على خوض مغامرة جديدة بعد مغامرتها في ليبيا
النظام السوري يعرف هذه الاوضاع الدولية , وتمنحه فرصة الاستمرار في قمع ابناء الشعب السوري المطالب بالحرية والعدالة والمشاركة السياسية . ولكن الاطراف الدولية الانف ذكرها لا تعجزها الحيلة لكي تتدخل في الشأن السوري .
وافضل سيناريو يمكن ان يطبق في سوريا هو تمهيد الاجواء الى اشعال فتنة طائفية , وحرب اهلية , ولاسيما ان النظام قد مهد الاجواء لذلك , عندما ارتكز على
فزاعة ( الشبيحة ) الذين يستخدمون السلاح ضد قوات الجيش والامن , وتلك رواية باهتة بكل المقاييس , لان الشبيحة لم يكن لهم وجود قبل الانتفاضة , وكانت المخابرات السورية تحصي انفاس الناس بالساعة ,فكيف غابت حركة الشبيحة عن اعين رجال المخابرات , ولم يكتشفوا عناصر الشبيحة . فالحري بالاسد ان يحاسب قيادات المخابرات على هذا التقصير المعيب من مخابرات نالت شهادات امتياز في احصاء الانفاس وتكميم الافواه , وتكسير ايدي الكتاب , وتشريد المعارضين .
النظام يلوم المعارضة لانها لم تشترك في الحوار الوطني الذي اشرفت عليه السلطة
وهي اول مرة يعترف النظام بوجود معارضة سورية , لانه كان يصفهم بالخونة وعملاء الاجنبي . والسؤال : لماذا تشكلت هذه المعارضة بهذا العدد , وبهذه النوعية ؟ لماذا لم يفكر النظام بالمصالحة مع المعارضة من قبل ؟ . ام انه الاستحواذ على السلطة واحتكارها لطرف واحد دون الاخرين ؟ اليوم يتكلم النظام عن الحوار , ولكنه لم يعرف هذا المصطلح من قبل ؟ . في حين ان ادبيات الحوار تقول انه " الاعتراف بالاخر .واحترامه واشراكه في الحكم ."
لقد وصلت الاوضاع في سوريا الى المرحلة التي سبق ان حذرنا منها من قبل , وهي فسح المجال امام الاطراف الاجنبية للتدخل في الاوضاع الداخلية السورية .
صحيح ان الدول الغربية لن تتدخل مباشرة في الشأن السوري , ولكنها قادرة على اشعال نار الفتنة بادوات محلية . وجر البلاد الى سيناريو يريده الاعداء قبل المرائين , الذين في قلوبهم مرض . ولاسيما ان الادارة الامريكية أعطت الضوء الاخضر , عندما وصفت الاسد " بانه فقد شرعيته " وهذا مؤشر على فتح الباب على مصراعية لاشعال الفتنة .
لقد تورط الاسد من قبل المحيطين به , ولم تعمل تنظيمات الحزب وفق مبادئه , بل صارت مثل " خيال المآتة " , كما لعبت الاجهزة الامنية لعبتها لتبقى مسيطرة على الاوضاع في سوريا .وبالتالي فان سوريا والشعب السوري هم الخاسرون .
وازاء هذه الاوضاع المتردية نقول للاخوة في الاقطار العربية ممن يلومونا على تدخلنا في شأن اقطارهم , اننا اخوة في القومية والدين والمشاعر , واقطارنا تشكل الوطن العربي الكبير , رغم تقسيمه من قبل الدول الاجنبية , ما يتعرض له الاخوة العرب يهمنا , ويجب ان نقف معهم , ونقول ملعون من لا يقف معنا اذا تعرضنا للظلم من حكومتنا , فهمنا واحد ومصيرنا واحد ولانقبل هذا التقوقع القطري المقيت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ