الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وكالة: ستاندرد أند بورز والتصنيف الائتماني السيادي الاميركي!

طلال عبدالله الخوري
(Talal Al-khoury)

2011 / 8 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


عندما كان هناك ارتباط بين العملة التي تصدرها الدول السيادية وكمية الذهب التي بحوزتها, لم يكن هناك حاجة كبيرة لوكالات التصنيف الائتماني السيادي للدول. ولكن بعد فك الارتباط تدريجيا بين كمية الاوراق المالية التي تصدرها الدول السيادية وكمية الذهب التي تختزنها هذه الدولة, وذلك من اجل ضخ الكمية اللازمة من النقد في اقتصاد كل دولة بما يلبي احتياجات اقتصادها لكي لا تكون السيولة المالية اي عائق امام وتيرة التنمية الاقتصادية, زادت الحاجة الى وجود وكالات عالمية تضع المعايير اللازمة واتي يبنى عليها التقييم الائتماني السيادي لكل دولة من الدول والا لخرجت الامور عن السيطرة مما يؤدي بالنهاية الى تضرر التبادل التجاري العالمي بين الدول وبالتالي يؤدي الى الانهيار الاقتصادي العالمي. راجعوا مقالنا: ضخ التمويل حق من حقوق الانسان.

تقوم هذه الوكالات العالمية بتصنيف الائتمان السيادي لكل دولة حسب منهج معين تعطي من خلاله علامات تقييمية لكل من هذه المؤسسات النقدية. وبسبب وثوقية المؤسسات المصرفية بمنهج وشفافية هذه الوكالات تأخذ تقييمها هذا بعين الاعتبار عند اتخاذ قراراتها المصرفية. اي ان سبب ايجاد مثل هذه الوكالات كان من مبدأ الحاجة ام الاختراع, فبدلا من تقوم كل مؤسسة بتصنيفها الخاص والتي يكلفها الكثير من الجهد والمال والوقت, يتم انشاء مثل هذه الوكالات العالمية التي تقدم مثل هذه الخدمات لهذه المؤسسات وتقوم ايضا بتحديث معلوماتها باستمرار لتواكب اي تغيير يطرأ على هذه المؤسسات المالية الختلفة.

يتم تمويل مثل هذه الوكالات من قبل كل المؤسسات النقدية العالمية الضخمة, لانها تزودها بهذه المعلومات والتي لا تقدر بثمن لمعرفة تصنيف المؤسسات النقدية المختلفة والتي تساعدها باتخاذ مختلف القرارات المصرفية .

تأتي وثوقية الناس بهذه الوكالات من عوامل عدة منها كون هذه الوكلات مستقلة استقلالا تاما باصدار دراساتها وعلامات تقييمها, وتأتي ايضا من شفافية المعلومات التي تقدمها ومن مصداقية وخبرة الناس التي تعمل بها. ولكن اهم هذه العوامل هي المعايير التي تستخدمها هذه الوكالات من اجل اعطاء علامات التقييم هذه. حيث تكون هذه المعايير مشروحة ومفصلة على مواقع هذه الوكلات الانترنتية والتي يمكن ان يصل لها اي مهتم او دارس.

من اهم هذه الوكالات العالمية هي وكالة (ستاندرز آند بورز) والتي تستخدم خمسة معايير والتي تشكل الاساس لتحليلها الانتماني السيادي. وهذه المعايير الخمسة هي اولا: فعالية المؤسسات الخاضعة للتقييم والمخاطر السياسية المحيطة بها، ويتم عكس هذه المخاطر السياسية على شكل علامة لتقييم المخاطر السياسية. ثانيا:أفاق البنية الاقتصادية ومقدار نموها, والتي يتم عكسها في درجة العلامة الاقتصادية. ثالثا: السيولة النقدية من العملات الخارجية ومقدار استثماراتها الدولية، وتنعكس هذه السيولة كعلامة في درجة العوامل الخارجية. رابعا: الأداء المالي العام نتيجة السياسة المالية الداخلية ومرونة هذا الاداء، بالاضافة الى عبء الديون على عاتق اقتصاد البلد ، ويتم عكس هذا التقييم بالنتيجة المالية. خامسا: المرونة النقدية والتي يتم عكسها بدرجة العلامة النقدية.

كان لا بد من هذه المقدمة لكي نقوم بهذه المقالة بتقييمنا الشخصي للتصنيف الاخير لوكالة «ستاندرد أند بورز» التي وضعته للائتمان السيادي الاميركي؟ فقد أعلنت «ستاندرد أند بورز» في بيان لها أنها خفضت درجة واحدة علامة الدين العام الأميركي من «إيه إيه إيه» الدرجة الأعلى على الإطلاق، إلى « إيه إيه+». وأرفقت الوكالة هذا الخفض بتوقعات «سلبية» ما يعني أن «ستاندرد أند بورز» تعتقد أن التغيير المقبل الذي سيطرأ على هذا التصنيف سيكون للأسوأ وسيتم خفض علامة الدين العام الأميركي مجددا. ولقد بررت هذه الوكالة قرارها بـ«مخاطر سياسية» وهو العامل الاول من سلم درجات التقييم, حيث اعتبرت ان الإجراءات الاميركية لم تكن كافية لمواجهة العجز في ميزانيتها. وفي نظر هذه الوكالة ، فإن النقاش السياسي حول هذه المسائل ليس بمستوى المشكلات التي تسبب بها الدين العام الذي تجاوز الـ14500 مليار دولار. وأوضحت الوكالة أن «خطة إعادة التوازن إلى الموازنة التي اتفق عليها مؤخرا الكونغرس مع السلطة التنفيذية ليست كافية قياسا بما هو ضروري من وجهة نظرنا(الوكالة)، لاستقرار حركة الدين العام على المدى المتوسط»، مستندة إلى القانون المسمى بـ«ضبط الميزانية» الذي تم التصويت عليه في الكونغرس الاميركي. ومن المعروف بان الولايات المتحدة قد احتفظت بأعلى درجات تصنيف وكالة «ستاندرد أند بورز» وهو« إيه إيه إيه» منذ تأسيس هذه الوكالة في عام 1941, وان اميركا ما زالت تحتفظ بأعلى درجات التصنيف, في تصنيف الوكالتين الكبريتين الأخريتين وهما وكالة «موديز» وهي الأقدم حيث أنشئت في عام 1917, و وكالة «فيتش ريتينغز».

برأينا الشخصي فان قرار وكالة «ستاندرد أند بورز» بخفض تقييم الائتمان الاميركي لم يكن موفقا, بغض النظر عن الخطأ الوارد بتقريرها عن حجم الدين الاميركي حيث كان هذا الخطأ بمقدار ترليون دولار فقط!! فانه من غير المنطقي بان تصنف الآن سندات الخزانة الأمريكية والتي كان ينظر إليها في الماضي على أنها أفضل أمان في العالم دون نزاع بأقل من السندات التي تصدرها دول مثل بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا أو كندا, مع العلم بان اقتصاديات هذه البلدان تعتمد ومرتبطة بشكل رئيسي بالاقتصاد الاميركي, فكان من الاولى على هذه الوكالة تخفيض الائتمانات التي هي بالاساس تعتمد على الاقتصاد الاميركي اكثر من تخفيض الائتمان الاميركي وقبل تخفيض الائتمان الاميركي!!!!

ونحن نجزم بان الانقسامات الحادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشأن الموازنة العامة والتي تجلت في سجالات وخلافات هي سجالات انتخابية داخلية ليس الا, ولا علاقة لها بقوة الاقتصاد الاميركي وبالتالي لم يكن هناك اي داع لتخفيض الائتمان الاميركي. ونحن كنا على ثقة بان واشنطن في اللحظة الأخيرة والمناسبة ستتجح باجراء اتفاق بين البيت الأبيض والكونجرس على رفع سقف الدين العام. لذلك نحن نعتقد بان كل من قرار كل من الوكالتين الاخريتين الكبيرتين وهما وكالة «موديز» و وكالة «فيتش ريتينغز», بعدم خفض تقييم الائتمان الاميركي كان اكثر صوابا من قرار «ستاندرد أند بورز». وهذا ما جعل لان تؤكد اليابان, وهي الدولة الثانية في العالم التي تملك ديونا أمريكية، ثقتها في سندات الخزانة الأمريكية وأن استراتيجيتها لمشتريات هذه السندات لم تتغير. وبعد ذلك قامت معظم دول العالم بنفس التاييد التي قامت به اليابان للثقة بسندات الخزانة الاميركية.

نحن نتوقع بان تقوم وكالة «ستاندرد أند بورز» باقرب وقت ممكن بمراجعة تقييمها هذا واعطاء من جديد الائتمان الاميركي علامة الايات الثلاثة لان الاقتصاد الاميركي هو اقوى اقتصاد بالعالم, وهي كما اشرنا بمقالنا : (اميركا دولة سوبر لا تخسر ابدا) تسبق كل دول العالم بكل المجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والاجتماعية والسياسية بفجوة زمنية قد تصل لمئة عام وان هذه الفجوة تزداد ولكن حتما لا تنقص.



تحياتي للجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خفض التصنيف الإئتماني
رعد الحافظ ( 2011 / 8 / 8 - 00:19 )
عزيزي د. طلال , الوكالة التي خفضّت درجة التصنيف الإئتماني للولايات المتحدة الأمريكية أقصد , وكالة «ستاندرد أند بورز» أخطأت بمقدار 2 تريليون دولار حسب بيان الحكومة الأمريكية ( بخصوص الدين الامريكي ) وليس بترليون واحد
ومع أنّ التصنيف AAA الذي خسرته أمريكا الى الذي يليه وهذا ايضاً سيكون معرض للنقاش , لكن هناك دوافع خفيّة ( يفسرها البعض بنظرية المؤامرة ) من كون تأثير هذا القرار سيكون مردودهِ على أسواق خارجية بالدرجة الاساس وليس على الداخل الامريكي ...أو بنسب متفاوتة يعني
على كلٍ النتيجة الواضحة الأهم لهذا القرار / خفض درجة التصنيف
هو أنّ القروض صارت أصعب من السابق وهذا ماصرحت به الصين اليوم قائلة فلتنسى أمريكا عهد القروض السهلة
لكن حتى هذه النتيجة قد تكون مفيدة لتصحيح بعض السياسات المالية الأمريكية كما أعلن أوباما بحيث تنخفض نسبة العجز الامريكي أكثر من أربعة تريليون خلال عشر سنوات من الان
المشاكل سوف تستمر والحلول ستظهر ايضاً في الوقت المناسب وعجلة الحياة لن تتوقف على حين غرّة في الغرب كما يظن البعض , ولو حصل ذلك ستتوقف عجلة الاقتصاد العالمي بأسره , تحياتي لك ولجهدكَ


2 - رعد الحافظ
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 8 / 8 - 18:02 )
أشكرك عزيزي على مرورك العطر وابداء الرأي
اشكرك على الاضافة التي اغنت المقال باضافتك مختلف وجهات النظر
ما زالت الدلائل تشير الى ان السندات السيادية الاميركية هي الاكثر امانا وهي الاكثر طلبا

كل التحية


3 - نحن في موقع يساري ام رأسمالي
باسل ( 2011 / 8 / 9 - 06:33 )
لا أعلم كيف يدافع المقال عن التصنيف الإئتماني للويلات المتحدة ويخطأ شركة التقييم فيما المطلوب هو نقد النظام المالي العالمي من أساسه، النظام المالي العالمي ليس بخير ولن يقوم من كبوته مازال قائما على الاستغلال والاحتكار وبيع الاوهام..


4 - لا شئ
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 8 / 9 - 12:58 )
الاخ باسل شكرا لمرورك وتعبيرك عن الرأي
أنت تريد ان تفرض توجهاتك العقائدية اليسارية على الجميع كما يفرض الطغاة العرب مبادئهم على الشعوب العربية, حتى ولو كان على حساب الحقيقة والمنطق والواقع؟؟
انت بهذا تشبه الكهنوت الديني الذي لا يهمه سوى عقيدته ولو كان على حساب حياة وكرامة الانسان والحقيقة !!
ما هو اليسار؟؟
ما هو الاقتصاد الذي يتبناه؟؟
اليسار ليس له سياسة اقتصادية محددة والذي ليس له سياسة اقتصادية هو ببساطة لاشئ؟
تحياتي


5 - لهذه الأسباب حافظنا على التصنيف الممتاز 1
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 8 / 10 - 10:16 )
قالت وكالة «موديز» إن الولايات المتحدة «لديها قدرة لا نظير لها على الحصول على المال، مما يعني أن الحكومة الأميركية تستطيع دعم مستويات أعلى من الدين مقارنة بالحكومات الأخرى». وحسب البيان، فإنه لا يمكن مقارنة وضع الولايات المتحدة باليونان كما يحلو للبعض، فاليونان تعاني أزمة ديون، بينما تواجه الولايات المتحدة أزمة وضع حد للدين.
وتستطيع الولايات المتحدة إذا أرادت أن تحاول تجنب الانزلاق نحو ركود عالمي بات خوفا حقيقيا. وفي ما يلي أهم النقاط التي أبدتها وكالة التصنيف العالمية لدعم التصنيف الائتماني «Aaa» التي استند إليها قرارها الخاص بالتصديق على التصنيف الائتماني:
1 - ما يتسم به الاقتصاد الأميركي من تنوع وحجم فريد من نوعه وسجل طويل من النمو الاقتصادي القوي المستقر القائم على الإحصاءات السكانية والإنتاجية. حتى إن كان توقع النمو الاقتصادي على المدى القصير يشي ببعض الضعف، فنعتقد أن التوقع على المدى الطويل يظل إيجابيا مقارنة بالكثير من اقتصاد الدول المتقدمة. وهذا يقدم أساسا قويا ثابتا للتمويل الحكومي.


6 - لهذه الأسباب حافظنا على التصنيف الممتاز 2
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 8 / 10 - 10:22 )
2 - الدور العالمي الذي يلعبه الدولار والذي يدعم الطلب المستمر على الأصول بالدولار الأميركي التي تشتمل على سندات الخزانة الأميركية. وهذه الميزة التي تنفرد بها الولايات المتحدة توفر قدرة لا نظير لها في الحصول على المال بما يعني أن الحكومة الأميركية تستطيع أن تدعم مستويات أعلى من الدين مقارنة بدول أخرى.

لذلك، في الوقت الذي تمثل فيه المقارنة بين نسب الدين الحكومي جزءا مهما من التحليل الائتماني، هناك حاجة إلى النظر إلى وضع الدولار وديون الحكومة الأميركية بعين الاعتبار عند عقد مثل هذه المقارنات. وبمضي الوقت، ربما يتلاشى دور الدولار، لكن لا نرى أن هذا التهديد يلوح في المستقبل القريب.

3 - بالنسبة إلى حكومات تصنيفها الائتماني «Aaa»، يعد وضع الدين الأميركي مرتفعا إلى حد ما، لكنه مع ذلك لم يتجاوز نطاق هذه الدول. في الوقت الذي يتوقع أن يكون توجه الدين الحكومي الأميركي فيه غير مفضل، لو لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من العجز، نعتقد أنه سيتم اتخاذ هذه الإجراءات في النهاية. ويتضح هذا التوجه الخاص بالنسبة غير المفضلة للدين من خلال التوقع السلبي المتعلق بالتصنيف الائتماني.


7 - لهذه الأسباب حافظنا على التصنيف الممتاز 3
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 8 / 10 - 10:26 )
4 - اتخذت الإدارة الأميركية خطوة في الاتجاه الصحيح نحو خفض العجز في الثاني من أغسطس (آب) من خلال تمرير قانون رفع سقف الدين، حتى وإن كانت هذه الخطوة لن تساعد وحدها في إجراءات خفض العجز اللازمة وتقليل حجم الدين العام، إلا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح .

وقالت على الرغم من أن العملية السياسية خلال الأشهر القليلة الماضية كانت أكثر تعقيدا وإشكالية من المعتاد، فإنها تمخضت أخيرا عن اتفاق، ومن المتوقع اتخاذ المزيد من الإجراءات المالية بمرور الوقت، وإن كان من المرجح أن يتم ذلك وسط جدال ساخن ومحتدم بشأن التفاصيل.

«موديز»: لهذه الأسباب حافظنا على التصنيف الممتاز للولايات المتحدة
الشرق الأوسط 10/08/2011

اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور