الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الشعب للقصر في يوم احتفاله

زكرياء الفاضل

2011 / 8 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


سيبقى يوم 31 يوليوز 2011 خالدا في تاريخ الشعب المغربي، ليس لأن في هذا اليوم قدمت الرجعية والانتهازية والوصولية، إلى غيرها من طفيليات مجتمعنا المناضل، ولاءها للإقطاعية والحكم الوراثي الفردي التوتليتاري، بل لأن في هذا اليوم خرجت جماهيرنا الشعبية إلى الشارع للتعبير عن رفضها للبيعة، وهو حدث ليس له مثيل ولا سابق في تاريخ المغرب الحديث. فلأول مرة يتجسر الشعب ويخرج في يوم العرش ليرفع شعارات مناهضة للملكية والحكم المطلق، حيث رفعت الجماهير الشعبية الباسلة شعارات جريئة وشجاعة مثل "الله يبارك في عمر شعبي" وهو تحوير لعبارة الولاء التي يتقدم بها الوزراء والولاة وكبار الضباط والموظفين.. إلخ للملك وهي كالتالي "الله يبارك في عمر سيدي".
هذا التحوير ليس بسيطا وله أبعاد سياسية عميقة بعمق النضج الشعبي ورفضه لاستمرار الدولة على نفس النهج. فالشعب قالها بصراحة عندما رفع شعار "الله يبارك في عمر شعبي" أي الملك والسلطة للشعب ولا سلطة تعلو على سلطة الشعب. وزادت جماهيرنا الشعبية دقة في مطالبها، مخافة أن لا تفهم على الوجه الصحيح من طرف الإقطاعية وخادمتها الرجعية، عندما طالبات بإسقاط الاستبداد في تلميح واضح للحكم الوراثي المنفرد بكل السلطات والقرارات، وهذه أيضا رسالة إلى الإقطاعية وزبانيتها معبرة عن رفض الشعب لنتائج الاستفتاء المشكوك في نتائجه. ولم يكتفي الشعب المغربي بهذا بل واجه الملك، في يوم احتفاله بتقديم عبيده الولاء له، بشعار "الفصل بين الثروة والسلطة" وهو مطلب واضح لا غبار عليه يستهدف نظام ملكية برلمانية الملك يسود فيها ولا يحكم. عموما كل المطالب والشعارات التي رفعت في هذا اليوم التاريخي جاءت تعبيرا عن رفض الجماهير الشعبية المغربية للنسق السياسي القائم ببلادنا وتوضيحا لمواقف الشعب الحقيقية من "الإصلاحات" الممنوحة، إذ طالبت جماهير المحتجين بالفصل الحقيقي بين السلط، مما يعني أن الشعب غير موافق على الدستور الممنوح الجديد، كما طالبت بحرية الصحافة والإعلام، وهذا يبين رفض الشعب المغربي لنظام الرقابة والوصاية على هذا المجال الحيوي، إلى جانب مطالب تخص التعليم والصحة والعيش الكريم.. إلخ. لكن جماهيرنا المناضلة والباسلة لم تتوقف عند هذا السقف من المطالب بل تجاوزته (هنا أثير انتباه الجميع إلى أنه حدث رائع يحصل لأول مرة في تاريخنا الحديث) إلى الإعلان عن رفض تقديم الولاء والبيعة للملك وذلك برفعها لشعار "يا لطيف يا لطيف البيعة حتي هي بالسيف". أليس هذا حدث عظيم يستوجب وقفة إجلال لمالك الصولة والصولجان صاحب الجلالة المعظم مولانا الشعب المغربي البطل. وقد رفعت الجماهير شعارات أكثر جرأة في تلميح علني لرفع سقف المطالب عندما صاحت ب "عاش فخامة الشعب"، فعبارة فخامة لا تقال إلا لرئيس وهو "تلميح" صريح عن نوع النظام الذي تطمح له هذه الجماهير الشعبية المحتجة.
ما يثير الانتباه، بشكل خاص، في هذه الرسالة الشعبية للقصر في يوم احتفاله بتقديم الولاء له ليس طبيعة الشعارات المرفوعة فقط، بل أيضا أعداد المتظاهرين في شتى المدن، بالرغم من محاولة السلطة لتقزيم العدد، إلا أن الصحف والجرائد، بما فيها المخزنية، اعترفت بأن عدد المتظاهرين يوم عيد العرش كان بالآلاف، ففي مدينة طنجة يتحدث الإعلام عن عدد بعشرات الآلاف (70000 شخص). وهذه أيضا رسالة سياسية ذات مغزى، إذ كانت هذه المدينة من ضمن المدن المرشحة لاحتواء الاحتفال بيوم الولاء وذلك لكونها كانت البوابة الوطنية التي عاد منها الملك الراحل محمد الخامس، جد العاهل الحالي، من المنفى في عهد الاستعمار الفرنسي وألقى بها خطابا أمام الشعب المغربي الذي رأى في عودته بداية للاستقلال. طبعا في تلك الحقبة لم يكن يدري أغلبية المغاربة أن عودة الملك من المنفى هي مؤامرة على نضالات القوى السياسية الوطنية ذات التوجه اليساري والطامحة إلى نظام ديمقراطي شعبي، لكن هذا موضوع آخر ليس مجاله هنا.
لقد شهد هذا اليوم، أي يوم الاحتفال بتقديم الولاء، احتجاجات شعبية في العديد من المدن وصلت بعضها إلى حد اصطدامات عنيفة أدت إلى إصابات من الجانبين. هذه الاصطدامات دفعت بمكبر صوت الحكومة إلى القول بأنها غير شرعية وبعيدة عن الديمقراطية، وكأن اختطاف المناضلين وتعذيبهم والزج بهم في غياهيب السجون النظامية بتهم ملفقة وقمع حركة 20 فبراير وتهديد بعض أعضائها بالتصفية الجسدية طرق شرعية وعين الديمقراطية. فلسان حال حكومة القصر نسي كيف اعتدى ابنه، وهو مخمور، على مواطن وهدد حياته بالسلاح الأبيض، وعندما ألقت القبض عليه الشرطة، ظهر معالي الوزير كالجني من المصباح وخلص فلدة كبده من العدالة. أهذه هي الطرق المشروعة والديمقراطية التي يتحدث عنها ببغاء النظام؟
الاحتجاجات التي طالت العديد من المدن المغربية، الكبرى منها والصغرى، في يوم احتفال القصر بتقديم عبيده له الولاء هي رد واضح عن نسبة 98،50% التي لفقها النظام كنتيجة للاستفتاء حول الدستور الجديد ورسالة واضحة معبرة عن طموحات الشعب ونموذج الدولة التي يرغب ويسعى إليها. فهل سينتبه النظام إلى صوت الشعب أم أنه اغترّ ب"عبقريته" في الاحتيال وسيبقى أصما إلى أن يوقظه دوي صوت الشعب ذات صباح ربيع مغربي. يقول المثل الشعبي المغربي: "وريه وريه ولا عمى، سير وخليه (أي نبه لكن إن تمادى في غيه، فاذهب لحال سبيلك واتركه).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في