الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكرد سوريا ... لا تكونوا حصان طرواده

مسعود محمد

2011 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


أسئلة كبيرة تطرح حول المشاركة المحدودة للكرد في الاحتجاجات الجارية بسوريا، ورغم ان مشاركتهم اتسعت مع الوقت، حيث شهدت مدن شمال شرق سورية، التي يشكل الكرد معظمها، تظاهرات محدودة، وذلك لعدة اسباب أهمها، شعور الكرد بتخلي العرب عنهم اثناء انتفاضتهم في القامشلي في آذار 2004، على اثر قيام مجموعات من "العرب"، قدِّرت أعدادهم بألفيّ شخص، استقدموا من مدينة دير الزور على متن 50 حافلة كبيرة للركَّاب، كجمهور لفريق "الفتوَّة" الرياضي، فقاموا بالتظاهر في شوارع القامشلي تحت أنظار وأسماع وصمت القوَّة الأمنيَّة في المدينة، رافعين صور الرئيس العراقي السابق صدام حسين، منادين بحياته، وموجِّهين الشتائم والسباب للأكراد وقادتهم (طالباني، بارزاني، أوجلان)، واصفين إيَّاهم بالخونة والعملاء لأمريكا، دخل الجمهور العربي الى الملعب مسلحا بالعصي والحجارة والسكاكين واستمر بتحرشه بالجمهور الكردي الذي اتى حينها كجمهور لفريق الجهاد الذي يمثل منطقة القامشلي فاشتبك جمهوري الفريقين، وعاضدت قوات الأمن الجمهور العربي، فقتل ثلاث أطفال دهسا. فور انتشار خبر الاشتباكات عبر الاذاعة السورية حضر الأهالي للاطمئنان على أولادهم الا ان الأمن منعهم من دخول الملعب، علا الغليان بوسط الأهالي وأصروا على الدخول الا ان الأمن أصر على المنع. حضور محافظ المنطقة سليم كبول زاد الطين بلة، حيث أمر بفتح النار على الحشود المدنية مما أدى الى سقوط الكثير من الضحايا. انتفض الكرد للدفاع عن انفسهم، وخرجوا في اليوم الثاني لدفن موتاهم الا أن الأمن رفض لف الجثامين بالاعلام الكردية، فاصر الكرد على ذلك فأطلق الأمن النار من جديد على المشيعين مما أدى الى سقوط المزيد من الضحايا، فانتفض الكرد دفاعا عن كرامتهم، وأسقطوا أكبر تمثالين للراحلين الأسد الأب وابنه باسل نصبا في منطقتهم. الا انهم تركوا بمواجهة النظام لوحدهم، لم تنتفض أي مدينة دفاعا عنهم، ولم ينصفوا، وتركوا لمواجهة مصيرهم لوحدهم، فاستقدم النظام حينها شبيحته، لضرب الكرد، ولم يرتفع أي صوت حتى في الخارج باستثناءات قليلة للدفاع عنهم مما جعلهم هدفا سهلا للنظام. حتى لا يُستفرَدَ بالكرد ثانية قرروا بأن يكونوا آخر الملتحقين بالانتفاضة. السبب الثاني لمشاركتهم الضعيفة هو لائحة المطالب الخاصة بهم، وانقسامهم بين المطالبين بالحقوق السياسية في ظل الدولة السورية والمطالبين بحقوق قومية وترجمتها بنوع من انواع الاستقلال على غرار أقرانهم في العراق، ما زاد الأمر تعقيدا هوعدم وجود موقف واضح للمعارضة السورية يحدد كيفية تعاملها مستقبلا مع الأكراد وقضاياهم في حال سقوط النظام.
النظام السوري لم يوفر محاولة لكسب الكرد الى جانبه، وذلك عبر عرض مجموعة من الاغراءات والتنازلات الصورية لاخراج الكرد من مشهد الثورة السورية التي بدأت قبل عيد النوروز الذي لطالما كان مناسبة للمواجهة فيما بين الكرد والنظام الا انه هذا العام كان الأكثر هدوءا وذلك بسبب وعد النظام بتحويل عيد النوروز الى عطلة رسمية، وبعد ذلك وعد النظام بتجنيس الكرد ورد الجنسية لمن سحبت منه بغير حق، وآخر العاب النظام كانت دفع بعض الكرد للمطالبة بقضية محقة في المبدأ الا انها تطرح في الوقت الغير مناسب وهي المطالبة باراضيهم التي تم الاستيلاء عليها وتوزيعها على العشائر العربية وهم معروفون " بعرب الغمر" وذلك عندما أقام النظام قرى عربية على الحدود السورية التركية، على حساب أراض كان يملكها فلاحون أكراد، مما يؤسس لحرب داحس والغبراء فيما بين الكرد والعرب في حال لم تلتفت المعارضة الى توحيد الصف والسعي الى تفهم هواجس الكرد.
الكرد والعرب مدعوون الى وعي التالي:
الرئيس بشار الأسد كسب مكانه وضيق على بعض المنافسين الرئيسيين ضمن العائلة الحاكمة كآصف شوكت وبالتالي هو أصبح المسؤول الأول عن ما يقوم به النظام ، فلا يغشنكم أحد بقول أن التخريب والمخالفات يقوم بها الحرس القديم والرئيس الشاب لا يقبل بذلك.
المصالح الراسخة لأفراد العائلة الحاكمة بالاضافة الى المنتفعين من النظام، الأوليغارشية الاقتصادية، كانت وستبقى عقبة رئيسية في طريق عملية الاصلاح الاقتصادي والسياسي، فالكثير من الشخصيات يجني مكاسب من الوضع الراهن.
النظام السوري ينظر للاصلاح من وجهة نظر صينية، وبالتالي هو سيُبقي الهيكل السياسي مستندا على حزب وحيد قائد للدولة، بقراءة سريعة لقانون الأحزاب الجديد يتضح انه بغض النظر عن تأسيس أحزاب جديدة الا انه سيبقى حزب البعث في قيادة وريادة الدولة والادارة، ومن هنا نستنتج انه لا أمل بديمقراطية تسمح لكافة مكونات المجتمع السوري بالتعبير عن نفسها.
المجتمع السوري عامة لديه تراث متين من العلمانية والتسامح اثبت تأثيره في البلدان الأخرى في المنطقة بدليل تمسك مسيحيي سوريا بالنظام خوفا من تغييرات تدفع بالاسلام السياسي، نحو سدة الحكم مما يفتح الباب أمام الكثير من الأسئلة حول مصير الأقليات القومية والدينية في سوريا، خاصة وأن الشعارات التي يطلقها اسلاميي مصر فيما بعد الثورة تدب القلق بقلوب مسيحيي المنطقة.

الكرد والعرب مدعوون للعمل على التالي:
الكرد مدعوون لتخطي مرحلة العام 2004 والنظر الى المعركة بشمولية تتخطى المناطق الكردية الى مجمل الوطن السوري. وهم مدعوون للمشاركة بالمعركة الوطنية في سوريا، حتى لا يكونوا خارج الحدث واخراج الصورة الجديدة للحكم في سوريا ويكون لهم حقهم بتقرير مصيرهم باطار سوريا الجديدة.

أطراف المعارضة كافة مدعوون الى الاعتراف بوجود أقليات دينية وقومية في سوريا وبالتالي على أي برنامج للمعارضة وضع تصور كامل لكيفية التعامل مع هذا الشرائح وموقعها في المعادلة المستقبلية لسوريا.
على كافة الطيف المعارض الاقتناع بأن النظام السوري غير قادر على التغيير وبالتالي التغيير واقع على عاتقهم، والغرب ينتظر من المعارضة توحيد صفوفها ليسير خلفها بالتغيير ويتوقع من المعارضة نموذجا أكثر ديمقراطية من نموذج الحكم الحالي وبالتالي لا يمكن قبول أخطاء من النوع الذي وقع في مؤتمر اسطنبول بدعوة الكرد كمراقبين وليس أعضاء أصيلين في المؤتمر.
المعارضة مدعوة لوضع تصور حقيقي لكيفية التعامل مع مسألة الصراع العربي الاسرائيلي ومقاربة الموضوع بجرأة توازي جرأة النظام السوري الذي فاوض وقدم التنازلات للعدو الذي أوهمنا كل الوقت بأنه يصارعه، في وقت لم تطلق رصاصة واحدة من حدوده عليه، ويعتبر النظام السوري من قبل العديد من الأوساط النظام الأفضل لحماية مصالح اسرائيل.
كلمة للشباب الكردي:
انتم مستقبل التغيير للكرد فالأحزاب التقليدية لم تستطع سوى أن تكون بأحسن الأحوال شيطان أخرس ساكت عن الحق، أو متفاوض مع النظام من تحت أو من فوق الطاولة، آن الأوان لقيام قيادة شبابية تقود المجتمع الكردي نحو مستقبل أفضل كشريك كامل في الوطن السوري.
كلمة للأحزاب الكردية التي تسير خلف النظام السوري:
بعض الأحزاب الكردية العقائدية مصرة على حماية النظام السوري الذي تحالفت معه لعقود على حساب المصلحة الوطنية لكرد سوريا، وهي اليوم تقوم بنفس الخطأ عبر رفع شعارات قومية غير واقعية تدعو لفصل قضايا الكرد عن القضايا الوطنية، وهي تدفع الكرد للتقوقع وبالتالي الخروج الى خارج المعركة الوطنية، وذلك لصالح النظام السوري، على تلك الأحزاب أن تتذكر أن ذلك النظام الذي تسعى للدفاع عنه، تخلى عنها وباعها بثلاثين من الفضة حماية لمصالحه، ولا شيء يمنعه من بيعها مجددا بمجرد أن يسيطر على الوضع. لقد تسببتم سابقا بالكثير من الضرر بمصالح الكرد وسوريا الوطن، فلا تكونوا حصان طروادة جديد يركبه النظام ليذبح ثورة محقة لشعب مظلوم يريد التحرر من نير العائلة والحزب الحاكمين.
كلمة للرئيس جلال الطالباني:
استضافة آل الأسد لك أيام النفي والتشرد، لا يبرر لك دفع كرد سوريا للسكوت عن الظلم، خاصة وانك خبرت هذا النوع من الظلم، فالبعث هو البعث لا فرق بينه سوريا كان أم عراقيا. دع كرد سوريا يشقون طريقهم ويصبحوا جزىء من مستقبل سوريا حتى لا يكونوا على هامش المستقبل كما هم الآن على هامش الحاضر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعرفة قوة- مثل قديم
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 8 / 8 - 11:17 )
الانسان او الشعب عندما يعرف ماذا يريد؟. سيكون بامكانه الدفاع عن اهدافه والعمل المثابر والمبرمج لتحقيق اهدافه سواء قصر الوقت او طال المدى. فهل يعرف الكورد في سوريا ماذا يريدون؟ او باحرى هل يعرف اغلب الكورد في عموم كوردستان المقسم على دول عدة ماذا يريدون؟ فاذا كانت اجاباتهم واضحة ونابعة عن ايمان عميق وعملوا ببرنامج واضح وبمثابرة سيحققون هدفهم قصر الزمن ام طال. المهم معرفة ماذا يريدون اولا؟ وقبل كل شيء.وتحياتي لكم ولمسعاكم النبيل في سبيل قضية نبيلة وعادلة وانسانية وعالمية لتحقيق العدالة والسلام للشعب الكوردي ولشعوب المنطقة الموبؤئة بالانظمة الدكتاتورية والعنصرية والقرطوسية المتخلفة عن ركب التمدن والحضارة والانسانية


2 - لكورد سوريا لا تكونوا جحوش الاسد
عبدالخالق احمد ( 2011 / 8 / 8 - 21:41 )
اؤيد كاتب المقالة يخصوص نصائحه الى الكورد والعرب في سوريا ولكني اختلف معه في العنوان حيث ان حصان طروادة يستخدمه الاجانب في الدخول الى سوريا وليس النظام الحاكم واقترح ان يكون عنوان المقالة هو لكورد سوريا لا تكونوا جحوش الاسد
وشكرا مرة اخرى على تحليلك الواعي

اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط