الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان اللومانيتيه : التضامن مع المثقف العراقي في الداخل

عبد الرحمن دارا سليمان

2011 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بحلول منتصف شهر أيلول القادم، وعلى مساحة محدودة في الضاحية الباريسية "لا كورنيف"، ثمة موعد سيتجّدد مع خيمة طريق الشعب المفتوحة دوما على مصراعيها لأفراح وشؤون وشجون العراق ومواطنيه من مختلف الأطياف والمكونات الدينية والأثنية لتكون بحق، وطنا صغيرا مشيدا على بضعة أمتار في الغربة . وهي محض مصادفة فقط أن يكون شهر أيلول في الأساطير والملاحم العراقية القديمة هو شهر ترتيل المراثي من أجل عودة الإله تمّوز الذي غيبته قوى الشرّ والظلام في العالم السفلي والذي في إنبعاثه من جديد سيحلّ الخير والخصب والطاقة للحياة بعد طول إنتظار على ضفاف الأنهار المقدسة . ولكنها ليست مجرد صدفة فقط ، أن يكون التضامن مع المثقف العراقي والمرأة العراقية في الداخل والمطالبة بإعادة دور ووظيفة الثقافة العراقية في الحياة العامة، هو الشعار المركزي لخيمة الأمل والعمل والمستقبل لهذا العام .

سيتزامن خريف باريس لهذا العام، مع خريف الأنظمة المستبدة في العالم العربي ومع التوق الشعبي العارم للحرية والكرامة والدخول في عصر الحداثة السياسية، بعد عقود طويلة من الإقصاء والتهميش للمجتمع والأغلبية الإجتماعية، وللثقافة والدور الحيوي والفعال الذي يلعبه المثقفون في حياة هذه المجتمعات من أجل تقريب وجهات النظر وأساليب التفكير بين الأفراد والجماعات، بإعتبارهم النخبة التي لا غنى عنها لتقديم صورة المجتمع عن نفسه وتعزيز التواصل والإتصال مع الثقافات الأخرى من خلال مختلف الفنون والآداب والعلوم والمعارف الحديثة التي ينشطون فيها ويساهمون عبرها لتقليص الفجوة المعرفية التي تفصل مجتمعاتنا هذا اليوم عن العالم المعاصر . وحين تولي خيمة طريق الشعب إهتماما خاصا بالثقافة والمثقفين في الداخل فهي تنطلق من مسلمات ووقائع أساسية وركائز مشروعة ومهمة، تسعى من خلالها الى الضغط بإتجاه تبني الدولة لسياسة ثقافية واضحة تعيد الإعتبار للثقافة ولأعلام الثقافة العراقية ومبدعيها ورموزها الوطنية، ولموقع الثقافة عموما ووظيفتها الأساسية في التخفيف من عوامل القوة والعنف والعصبيات الدينية والمذهبية والأثنية التي يراد لها أن تكون اليوم، هي المعايير الوحيدة لخضوع الأفراد والجماعات وضمان ولاءهم وإنتظامهم داخل المجتمع .

لقد باتت مهام الدفاع عن الثقافة العراقية وإنتشالها من حالة الحصار المزدوج المضروب عليها هذا اليوم، ومن الإهمال والإقصاء المتعمدين، لدور المثقفين الحقيقيين في هذه المرحلة الخطيرة، هو واجب وطني بالمعنى الحرفي للكلمة، ينبغي أن تتبناه الدولة وكلّ القوى الوطنية التي تؤمن وتعتقد بالفعل، أنّ إنحطاط الثقافة لا يعني سوى إنحطاط المجتمع وعزله وتعليبه وسدّ كلّ منافذ الحياة والتجديد والإبتكار عليه، تمهيدا لفرض وإستئناف دورة جديدة من حرمان المجتمع من حرية الإختيار والتعبير داخل الثقافة الواحدة .

وإذا كان وزير الدعاية النازي هو القائل : " حين أسمع كلمة ثقافة، تمتد يدي مباشرة الى مسدسي" ، فإنّ أول الرصاصات التي أطلقت على الجسد الثقافي في العراق الجديد، قد إستهدفت إنقسامها على نفسها الى ثقافة الخارج وثقافة الداخل، في محاولة لتمزيق أوصال الثقافة العراقية كوحدة واحدة لا يمكن لها أن تتجزأ، وهي محاولة لم يدرك أصحاب السلطة الجديدة، خطورتها البالغة وتداعياتها على وحدة المجتمع والهوية الوطنية الجامعة والمصيرالمشترك فحسب، وإنّما كانت ناجمة أيضا عن جهل مطبق بمجمل التاريخ الثقافي الإنساني الذي بات يتمحور اليوم أكثر فأكثر، حول مفاهيم العدالة والحرية والمساواة وتحسين شروط معيشة البشر التي كانت ومنذ عقود طويلة في صلب نضال القوى الوطنية والديمقراطية العراقية التي لا زالت تشكل الضمانة الحقيقية للحفاظ على السيادة والشخصية الوطنية والتصدي للإرتداد والتسلط السياسي والعودة الى الوراء وقيام الحكم والنظام في البلاد على أسس الإستئثار وإقصاء الرأي العام عن أية مشاركة فعالة وعلى مبدأ إحتكار السلطة من قبل قوى وفئات سياسية، ساقتها الأقدار وموازين القوى الجديدة وفوضى المرحلة الإنتقالية وخارطة توزيع القوة والنفوذ وفقا للمحاصصة التي صاغتها الأجندات الخاصة الداخلية منها والخارجية، الى مواقع المسؤولية والقرار وهي غير مؤهلة لها ولا تمتلك أي مشروع وبرنامج حقيقي على ألأصعدة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية كافة .

وإنطلاقا من دوافع الحرص والحفاظ على الفكرة الوطنية وإعادة اللحمة مع الداخل وتأكيدا على وحدة الثقافة العراقية والمصير المشترك، ستنظم خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانيتيه لهذا العام، فعاليات فنية وثقافية متنوعة يجري الإستعدادات لها منذ أسابيع من قبل العديد من كبار الفنانين والأدباء ورموز الثقافة العراقية في الدااخل والخارج، وستتضمن نشاطات وعروض فنية حية للفنانين التشكيليين العراقيين ونشاطات وورشات عمل في مجال المسرح والموسيقى والغناء والشعر والفوتوغراف ورسوم الكاريكاتور وعروض للأزياء العراقية التي ستنقل نقلا مباشرا عبر شاشات خصصت لهذا الغرض، بالإضافة الى تنظيم مقابلات ولقاءات مباشرة مع المثقفين في الداخل والخارج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للاخ العزيز الاستاذعبدالرحمن دارا سليمان
كامل الشطري ( 2011 / 8 / 9 - 21:01 )
هذا المقال اعتبرهُ مبادرة جميلة تستحق كل الثناء والتقدير من الاخ عبدالرحمن دارا سليمان وزملائه الاوفياء لوطنهم وشعبهم العراقي الكريم للتعريف بمهرجان اللومانتية العالمي ومايعنيه هذا المهرجان من مغز كبير في مد الجسور الأنسانية الخلاقة المبدعة والتضامن الاممي بين مختلف الشعوب المحبة للحرية والسلام والتواقة لقيم الديمقراطية النبيلة وحقوق الانسان
وهذه المبادرة بالتأكيد كان خلفها جهود جمعية لأاساتذه كبار في مجال الثقافة والادب والفنون والسياسة فشكرآ لكل الجهود التي تبذل من اجل إنجاح مهرجان الومانتية وخصوصآ خيمة الثقافة العراقية خيمة طريق الشعب خيمة كل العراقيين وبطاقة شكر وتقدير للاستاذه الاعزاء في بلجيكا لنشاطهم المميز ولا اريد ذكر الاسماء
كامل الشطري

اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال