الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفة العلوية بين الثورة والنظام:

طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)

2011 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


نستطيع القول إن الصراع الآن في سوريا بين طائفتين :
الأولى هي النظام وأجهزته الأمنية..
والثانية هي الشعب بكل إثنياته ومعارضاته..
لكن تلك المقدمة لاتقفل الباب أمام صراع قد ينوء بثقله على الطوائف كلها..أمام محاولات النظام الحثيثة في تطويف الصراع ونقله من ساحة رغبة الشعب في حريته و حكم نفسه إلى صراع أهلي تذوب فيه الطوائف في بوتقة القتل الجزاف..
ماذا فعل النظام السوري"العلماني"_ كما يدعي_ بالطوائف السورية حتى جعل الكره والقطيعة أساس العلاقات فيما بينها..
هل كانت عملية تثوير الساحة الإقليمية تغطية لتطويف الداخل أم أن عملية التثوير تلك مع التطويف كانتا للحفاظ على النظام ..؟؟
لماذا فشلت سوريا في التعبير عن وجهها الوطني في الفترة السابقة إلا من خلال طائفية النظام..؟؟
هل هو فشل سوريا كتكوين اجتماعي أم فشل نظام اختصر التكوين كله بمفردة منه..؟؟!!
لقد تم استهداف الطائفة العلوية في الصميم عن سبق الإصراروالتصميم..
ليست صدفة أن يتم تعيين الضباط العسكريين والأمنيين في الأماكن الحساسة في الدولة من الطائفة العلوية..وليس صدفة أن يتم اختزال الطائفة كلها بمجموعة مرتهنة منها لمصالحها الشخصية تنوب بسلوكها المشؤوم عن الطائفة العريقة وعن فلسفتها وعن تلاوينها ناهيك عن إرادتها في العيش ضمن التنوع السوري التاريخي كأي تكوين اجتماعي له خصوصيته..
لقد عمد النظام السوري إلى تدوير زوايا الطائفة بما يتلاءم مع وجوده في قبة السلطة وبما يخدم ديمومته في السلطة والثروة بغض النظر عن التغييرات البنيوية والشكلية للطائفة ..
المسألة الأولى كانت في نقل الريف إلى المدينة .. ظهر ذلك جليّاً عند الطائفة العلوية التي انتقلت من الريف إلى العاصمة ثم إلى باقي المحافظات في سلسلة لانهائية لأكبر عملية هجرة قسرية طويلة الأمد بدأت مع ظهور السمة الطائفية للنظام ولم تنته حتى الآن..
لقد كانت تلك العملية تجري بحكم حاجة الطائفة للعمل والتخلص من الفقر المريع وعمليات الإقصاء التاريخية لها وبحكم رغبة داخلية لديها في التشابه مع الآخرين ..
اتخذت تلك الهجرة أشكالاً متعددة بتعدد فئاتها.. المتعلمة منها والأمية .. النبيلة والحاقدة .. المتنفذة والمتدينة والجاهلة..
ولقد تم توزيعهم بعناية فائقة في الأماكن الحساسة وغير الحساسة بما يتناسب مع مصلحة السلطة والتي كان معيارها في عملية التوزيع تلك ولاء الأشخاص وميولهم ونزعتهم في خلق معادلات للتكوينات الآخرى..
لقد ازدادت أعداد العلويين في مؤسسات الدولة والسلطة كما في سوريا بشكل عام نتيجة تربية داخلية ودعوة غير مباشرة إلى التكاثر وبديهي أن يخرج البعض من شيوخ الطائفة باعتراض شديد للسلطة السابقة على ذلك لما له من أثر سلبي على وجود الطائفة ضمن التكوين السوري الاجتماعي ..
ذاك الاعتراض خلق البعد الثاني في عملية التغيير البنيوي على الطائفة..
تم تفريغ الطائفة من زعمائها الدينيين والسياسيين عبر عملية تصفية روحية طويلة ومعقدة سيطر فيها الموالين للسلطة على زمام المبادرة إثر الأحداث السياسية والإقليمية في سوريا وفي الإقليم..
تفريغ الطائفة من رجالاتها كان الخطوة الأهم لاستلام رهط كبير من المشايخ ذوي النزعة السلطوية والذين دأبوا في عملية بناء جيل جديد من العلويين أحاديي النزعة والنظرة والانتماء..
لقد كان كل رجل أمن متقاعد مشروع شيخ علوي إذا توافق نسبه السلالي مع طباع الطائفة كما كان كل عسكري أيضاً.. ضابط أو صف ضابط..
ظهرت شريحة واسعة من المثقفين العلويين والعاملين بالشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي والذين يعتبرون الطائفة تكوين اجتماعي أفقي في سوريا لافوقي.. رفضوا السياسة الطائفية تلك فتعرضوا للاعتقال والتشوية والتسفيه.. وخلال النشاط السياسي السوري بالعام ظهرت تحيزات سياسية وطنية شارك فيها قيادة وكوادر وقواعد كثر من أبناء الطائفة لكنهم مثل غيرهم تعرضوا للاعتقال والتعذيب والسجن فترات طويلة ليعانوا فيما بعد مأساتين.. رفض الطوائف الآخرى لهم بحكم انتمائهم القسري للطائفة ورفض طائفتهم لهم بحكم معارضتهم للنظام..
إن وجود سلطة ذات سمة طائفية مع متنفذين علويين في مواقع القرار السياسي والأمني والاقتصادي ووجود شريحة من مشايخ الطائفة مرتهنين لخدمة الأجهزة الأمنية وعلى صلة دائمة بمراكز حساسة خلق شعوراً فوقياً لدى الطائفة تجاه الطوائف الأخرى ترافق مع عملية تجييش منظمة للحاصلين على الشهادة الثانوية كضباط أو لفاشلي الطائفة دراسياً قي أجهزة السلطة الأمنية وفق معايير الأمن ذاته وشروطه أو في صفوف الجيش كجنود لمن كان أقل حظاً وحظوةً ..
في سوريا الآن انتفاضة .. انتفاضة على كل ماخلقه هذا النظام من قهر وتسلط وإجحاف بحق الجميع بلا استثناء.. بحق كل التكوينات الاجتماعية ..
هل ينجح النظام في تحويل الصراع الوجودي الآن من منبعه السوري إلى الطائفي ..؟؟
هل تنجح المعارضات السورية في تحديد منبع الخلل عبر شخصنة النظام أو تبرئة التكوينات الاجتماعية؟؟
هل ينجح الشعب السوري بانتفاضته الحرة في تفصيل سوريا على مقاس تكويناته أم يسير ويسيرنا جميعاً في متاهات الصراع ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامات طالب
فرج بيرقدار ( 2011 / 8 / 9 - 00:04 )
كلام دقيق ومحكم وخبير.. آمل أن شعبنا السوري سيفوت الفرصة على كل ما خططه النظام ويخططه وسيخططه


2 - كلام موضوعي
علي ديوب ( 2011 / 8 / 9 - 17:34 )
إن وجود سلطة ذات سمة طائفية مع متنفذين علويين في مواقع القرار السياسي والأمني والاقتصادي ووجود شريحة من مشايخ الطائفة مرتهنين لخدمة الأجهزة الأمنية وعلى صلة دائمة بمراكز حساسة خلق شعوراً فوقياً لدى الطائفة تجاه الطوائف الأخرى ترافق مع عملية تجييش منظمة للحاصلين على الشهادة الثانوية كضباط أو لفاشلي الطائفة دراسياً قي أجهزة السلطة الأمنية وفق معايير الأمن ذاته وشروطه أو في صفوف الجيش كجنود لمن كان أقل حظاً وحظوةً ..-، إن خرقا على مستوى التركيبة البنيوية و اللاهوتية للطائفة العلوية حدث، على يد السلطة العسكرية؛ أفرز شريحة من المشايخ، تنتمي بأصول إلى فئة العوام- و ليس لفئة المشايخ- و هذا التغيير لم يحصل على نحو إصلاحي في الدين؛ بل على نحو زاد في عدد الفاسدين، و عمق الفساد. كما خلق مراكز اجتماعية من النوع الذي لا يقاوم، لشدة ارتباط صلاته مع أجهزة الأمن، و أكثر مع رموز حرس القصر الرئاسي. لقد لمح الكاتب إلى هذا تلميحا، أحببت أن أشاركه في بعض التوضيح.


3 - نُنسب أعمال الشخص إلى دينه وليس إلى شخصه
Elias Ashor ( 2011 / 8 / 9 - 19:43 )
أستاذ طالب
مقال جيد، لكني أريد أن أضيف. أن العلويين طائفة لها أخلاق رفيعة وتقبل الأخر المختلف دون أي إعتراض. ونحن السوريين نُنسب أعمال الشخص إلى دينه وليس إلى شخصه، وهذا قمة الجهل.

اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق