الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية والملكة السياسية

ميس اومازيغ

2011 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


صحيح ان الموضوع اكبر من ان يتم تناوله بالتحليل من قبل ذي ذمة معرفية متواظعة كالتي للكاتب, غير ان هذا لن يحول دون محاولة القيام بالمامول ولو في حدوده الدنيا, اعتبارا للمعتاد في الحقول المعرفية المختلفة ,مما يمكن السير على منواله , والذي يعرف عند المهتمين بعمليات التنقيح لمظمن الفكرة والتحليل. او تكملتهما من قبل الغيربعد تبنيهما والسير على هدى مسيره .بحيث لا يخفى ان كثيرا من النتائج العلمية المتوصل اليها من قبل الفكر البشري كان معظمها في شكل بذرة في مبتدئها ,يظعها احد المهتمين حيث يراد لها في مجال معرفي ما ليتولى غيره عملية الرعاية حتى عملية الحصاد, عندما يتعذر على الفالح الأساس مرافقة العملية حتى النهاية لما يقف دونه وذلك من اسباب, قد تكون ذاتية شخصية او موظوعية او كلاهمامعا.
بعد هذه المقدمة التي اردت من خلالها اثارة انتباه القارء المحترم لجدية ماقد تثيره المقالة هذه من ردود افعال. اطلق العنان لأفكاري الجامحة لتغادرمنبتها وتعانق القارء في خلوته بغية حمله على الوقوف على حقائق غالبا ما يترك امر استنباطها للشخص المعني ذاته .يستخلصها كنتاج لتحليله الواعي لمجريات الأمور الأجتماعية والسياسية. ومن بين هذه الحقائق ما سوف يستخلص من تحليل هذا الموظوع المنصب اساسا على ذلكم الصراع بين التمسك الحرفي الجاف والثابت بمفهوم الديموقراطية اثناء تفعيله, وما تقتظيه الملكة السياسية من ضرورة القفز عليه وتجاوزه لأسباب سوف تنجلي لنا لاحقا.
الديموقراطية هذا المفهوم المبهر البراق, هو اسمى ما توصل اليه الأنسان اداة فريدة لتدبيرشؤونه الجماعية الى غاية تاريخه .فهل ياترى تخلوا هذه الأداة من عيوب تجعلها قاصرة لوحدها تحقيق مبتغي البشرية في التدبير الجيد لأمورها؟ للجواب يتعين علينا الرجوع الى اصل اللفظة والمراد منها ثم وضع المفهوم تحت المجهراثناء تصريفه العملي والفعلي.
الديموقراطية كمفهوم:
ترجع لفظة الديموقراطية في الأصل الى كلمتي demos-cretosالأغريقية ومعناها حكم الشعب وحكم الشعب هذا يستوجب الملاحظات التالية؟
كيف يعقل ان يتولى الشعب حكم نفسه بنفسه ؟وهل من المقبول منطقيا ان يجلس الشعب بكامل عدد افراده على كرسي المسؤولية ويتولى تصريف شؤونه بنفسه ؟
وحيث ان الجواب لن يكون الا الأستحالة المطلقة,فقد كان من الضروري البحث عن طريقة قد تفي بالغرض وتبقي لمفهوم الديموقراطية معناه ولا تفقده جوهره ,وهذه الطريقة هي تلكم الممثلة في النيابة او التمثيل, والتي مفادها حكم الشعب لنفسه بواسطة ممثليه ونوابه.
وحيث ان الشعب لا يرقى الى شكل الوحدة المتجانسة الا في حدود عناصرمعينة وانما يشكل فسيفساء تتميز فيه جماعات فيما بينها وبداخله ,من حيث الفلسفة في الحياة وطرق التمييزوالأختيار,وكذا ترتيب الأولويات, هذه التي تختلف من فرد لأخر ومن جماعة لأخرى , كنتاج للتربية والتكوين وكذا المحيط الأجتماعي والبيئي وما يفظي اليه من صراع وتدافع هدفه تغليب مواقف واراء على اخرى . الأمر الذي يستوجب نوعا من تنظيم هذا التدافع لتفادي الفوظى التي قد تنتهي باقتتال افراد الشعب والرمي به بالتالي الى التهلكة ,عوض ما يرغب فيه الواقفون وراء هذا التدافع والراغبين في تغليب ارائهم ومواقفهم على التي يناظل الغير من اجلها, وان كان الجميع يزعمون اسعاد هذا الشعب. الأمر الذي ادى الى ابتكارمشروعية مواقف واراء الأغلبية مع فسح المجال للأقلية لمتابعة نظالها من اجل ما تؤمن به من مبادىء باستعمالها هي بدورها للأدوات والوسائل النظامية ,وفق ما هو مسموح به طبقا للقانون, واشراكها في الأستفادة من انواع الدعم ظما نا لحقها في المنافسة البنائة والمشروعة. فكان التمثيل المرتكز على صناديق الأقتراع التي من خلالها يتم فرز الأغلبية والأقلية كعملية مثلى لتصريف شؤون الشعب بواسطة مؤسسات من محض انتاجه الخاص و المسايرة لتميزه .
الأقتراع كاداة لفرز الأغلبية والأقلية:
ألأقتراع هو تلكم العملية المنظمة قانونا والتي يلتجا اليها مجتمع ما قصد اختيارممثليه ونواب عنه تكون مهمتهم تدبير شؤونه بالشكل الذي يحقق مفهوم حكم الشعب لنفسه بنفسه. فيكون بالتالي نوع النظام المختار من قبله بمثابة مرآة تعكس كل مميزاته وعناصرتكونه السلبية منها والأيجابية.فكلما كانت عملية الأقتراع هذه شفافة ومنبثقة عن الحرية التامة في الأختيار, كلما كنا اقرب الى ممارسة وتفعيل مفهوم الديموقراطية بمعناه الذى رسى عليه الفكر البشري ,والمتسم بالأيجابية لما يجلبه من نفع خاص وعام للجماعة المفعلة لمبدئه .غير ان هذا التفعيل الذي قد يخال للبعض انه واجب الأخذ به على علاته ,من شانه جلب كل الشرور التي وجد من اجل تجنبها .في هذا الصدد تتبادر الى ذهننا تلكم المآخذ التي لا يتوانى البعض الرمي بها يمينا وشمالا الأنظمة التي اختارت لها الديموقراطية اداة لتصريف شؤون شعوبها, من مثل ما عيب على النظام الجزائري ابان انتخاباته التشريعية لسنة 1991 وما عرف من انقلاب على ما حققته جبهة الأنقاذ من نتائج, كان لها ان تضع كراسي المسؤولية رهن اشارتها .وما يعاب ايضا على بعض الدول الديموقراطية الغربية من تظييقها على المسلمين بمنعها النقاب والبرقع في الأماكن العمومية تحت طائلة عقوبات مالية او حبسية.هذه المآخذ وغيرها وان كانت تنقص من مفهوم الديموقراطية نظريا باعتباره الحامي للحرية الفردية والجماعية والظامن لحقوق الأنسان كما هي متعارف عليها عالميا, لا يجب في اعتقادي التظخيم من شانها ,اذ ان الفاعل في هذا الصدد هو ذلكم المهتم الذي يقتصر على مجرد الأخذ الجاف والثابت بهذه المفاهيم. ويتناسا ان أي شعب كان انما يظم بين ثناياه ذلكم المتلازمين الأبديين المتمثلين في الخير والشر,و المتسمين بالصراع الدائم بدوام الجنس الشري.ان أي شعب كان انما يضم بين ثناياه ايضا مرضى نفسانيين على درجات من الخطورة قد تصل الى الأبادة الجماعية لهذا الشعب .والأدلة عبر التاريخ عديدة نذكر منها النازية في شخص ادولف هيتلر والفاشية في شخص موسيليني, الى امثلة ما تزال بادية للعيان في شخص حكام دمويين ,من امثال مجنون ليبيا. الذي اعلنها حربا ضروصا على شعبه .بل وانتهج سياسة الأرض المحروقة في دولة كان وما يزال يزعم انه انما وجد لأسعاد شعبها. ثم تلكم ألأحداث التي ما يزال يرتكب فيها من جرائم يندى لها جبين كل ذي ذرة انسانية تلكم التي يقوم بها النظام السوري, الممثل من قبل حزب البعث الأستبدادي العنصري كقائد للدولة والمجتمع. فهل ياترى يحق فينا القول باننا غير ديموقراطيين بمجرد ان نقف في وجه من يستغل تفعيل هذا المفهوم كآداة لبلوغ اهدافه الخاصة, والتي في الواقع تقف في الجانب المعاكس لأهداف الديموقراطية؟
قد يقول قائل ان الأقدام على ذلك انما هو فعل شبيه بمحاكمة الظمائر. اذ كيف يعقل اصدار احكام على الغيرقبل ان يفعل افكاره على ارض الواقع؟ ثم ما هذا التناقض في المبدا الذي هو الديموقراطية كاداة للتدبير والتسيير المعتبرة افظل الأدوات التي انتهى اليها الفكر البشري الى تاريخه ,والتي تعتمد صناديق الأقتراع لتسليم مفاتيح هذه الأدارة للأغلبية التي تفرزها, ثم يتم الأنقلاب عليها بدعوى انها انما استغلت هذه الأداة لتأسيس وبناء نظام شبيه للسابق في صفته الأستبدادية او اشد قساوة منه؟
حقا ان المتمعن في مثل هذا السلوك لن يخرج الا بنتيجة مفادها ان ادعاء الأيمان بالديموقراطية في مثل هذه الحالة انما هو ادعاء مزيف. غير ان السياسي اللبيب بحكم الملكة السياسية سيكون له رأيء آخر مخالف ومبرر وفق ما يلي.
النص القانوني ومفهوم الديموقراطية
من المعروف ان النص القانوني لا تظهر له قيمة الا عند التطبيق. هذا الذي يسند امره للقاضي. ومن المعروف ان هذا القاضي لا يتعامل مع النص القانوني ثابتا وجامدا الا في الحالات التي يكون فيها واظحا لا لبس فيه, والا عمل على تفسيره .وتفسيره هذا في الميدان الجنائي يفرض على القاضي مراعات مصلحة المتهم .أي ان تفسيره لا يكون الا لمصلحة المتهم لا ضده .في هذا الأتجاه تقضي الملكة السياسية التعامل مع مفهوم الديموقراطية. اذ يتعين التعامل معه بما يفيد خدمة المصلحة العامة للشعب لا غير.ألأمر الذي يستلزم عدم ألأقتصار على مبدا الوقاية خير من العلاج. بل تجاوزه الى العلاج عند الأقتضاء. وذلك بقلب الطاولة على الأغلبية التي افرزتها صناديق الأقتراع, متى تبين انها حادت عن المبدا الذي استغلته وتاكد انها لم تكن ترغب من ورائه الا الأستفادة منه كوسيلة تبررها الغاية التي كانت تصبوا اليها. اذ كيف يعقل مثلا السماح لجماعة تاسست على مبادء وافكار تحمل على الأنتحار الجماعي تفعيل مبادئها وافكارها بعد دخولها اللعبة السياسية تدليسا ,بتلطيفها لأدبياتها ومبادئها اعتمادا على خدعة التقية. و حصلت على الأغلبية المخولة لها حق تدبير شؤون الشعب, بعد ان فشلت محاولات الوقاية الهادفة الى الحيلولة دون استغلالها لأوظاع يستنتج منها السياسي اللبيب والوطني المخلص انها كانت وراء الفوز المزور الذي حققته, بمجرد ان يتبين انها على اهبة القيام بذلك؟ بل هل يسمح مفهوم الديموقراطية كافظل اداة تدبير شؤون الشعب بما يحققه له من سعادة مرجوة غض الطرف عن هذه الجماعة وافكارها باسم هذه الديموقراطية؟
ان الديموقراطية مفهوم نسبي وليس وحيا يوحى وبالتالي يتعين التعامل معه بتفسيره تفسيرا ضيقا مفاده المصلحة العامة وفق ما يقف عليه الفكرالعلمي العقلاني الهادف الى اسعاد اخينا الأنسان على ارض الواقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 8 / 9 - 07:21 )
أخي الأمازيغي الجميل تحية لك موضوع ومحاولة جيدة للكتابة عن الديمقراطية . أقترح الإطلاع على تجربة - الديمقراطية المباشرة - الأثنية التي طبقت في اليونان القديمة وكذلك تجربة - بركليس - والنظام القضائي السائد في حينها . إنها تجربة غنية جداً بالمعرفة والحكمة . اخي الكاتب تحية لك


2 - رد الى العزيز سيمون خوري
ميس اومازيغ ( 2011 / 8 / 9 - 22:53 )
عزيزي سيمون تقبل اسمى عبارت تقديري واحترامي/شكرا على المرور يامعلمي وشكرا على التوجيه اني لجد فخور بوجودك وكثير من النيرين امثالك الذين ياخذون بيدي وانا احاول دخول نادي كتاب هذا الموقع.


3 - ayuz i umdakel
أمناي أمازيغ ( 2011 / 8 / 14 - 01:20 )
أزول أمغناس اويس أومازيغ. يعتقد شيوخ الإسلام السياسي بل ويتعمدون إختزال الديمقراطية في صناديق الإقتراع ، ويفرغونها من جوهرها ومبادئها العلمانية ، يخوضون حملاتهم السياسية بخطابات يغلب عليها التوظيف المكثف للدين في المجال السياسي من أجل إستقطاب أكبر عدد من المؤيدين لضمان أغلبية برلمانية وبالتالي الوصول إلى السلطة ، لإخضاع الديمقراطية لأهوائهم المسماة ب-الخصوصية الإسلامية - ، ليكون المجتمع والدولة تحت الإستبداد الديني الثيوقراطي و تجريد الناس من مواطنتهم والتمييز بينهم على أساس الدين أو المذهب ، لذلك أرى أنه يلزمنا أتاتورك آخر من أجل تبني علمانية قسرية رغم أن هذه العملية تبقى منقوصة ووضع قوانين تنظيمية تمنع الإسلامويين من تأسيس احزاب على أساس ديني أو مذهبي . تحية لك . تنميرت

اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟