الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات الشعوب تكشف عورة النظام العربي

محمود يوسف بكير

2011 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تلتزم الأنظمة العربية وما يسمى بالجامعة العربية صمت القبور إزاء المذابح والاعتداءات والامتهانات اليومية التي تقوم بها أنظمة الحكم الديكتاتورية في كل من سوريا وليبيا واليمن بحق شعوبها منذ ما يقرب من ستة أشهر.

أبناء هذه الشعوب تقتل وتقمع بوحشية وتحرم من حقها الأصيل في الحياة الكريمة والآمنة وسط استنكار وإدانة معظم دول العالم ماعدا الدول العربية التي تتحدث دائماَ عن الروابط الأبدية التي تجمعها وتتغنى دائماَ بحلم الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج مما جعلنا أضحوكة العالم كله.

تخيل أنك تعيش بجانب جار يقول لك صباحاَ ومساءاَ إنه يحبك وإنه يمكنك أن تعول عليه في أي ضائقة أو كارثة قد تمر بك، ولكن عند أول استغاثة لك به لا تجد منه إلا التجاهل والإعراض وحتى عندما يحاول جارك البعيد أن يهم بالمساعدة فإن القريب لا يشجعه على هذا بدعوى أن هذا شأن داخلي!! أما أكثر ما يجعلنا موضع تندر من العالم فهو نكتة الجامعة العربية وهي جهاز ضخم له مكاتب وممثلين في جميع أنحاء العالم وبالرغم من هذا لا يتمتع بأي مصداقية أو احترام لدى كل الشعوب العربية وأمينه العام السابق السيد عمرو موسى وأمينه الحالي السيد نبيل العربي لم يجرؤ أي منهما على إدانة ما يحدث من قتل وقهر وإذلال لشعوب الدول الثلاث، والجامعة العربية بهذه تثبت إنها مجرد نادي للقادة العرب وليس جامعة للشعوب العربية ولرعاية مصالحها وهنا فإنني أسأل السيد العربي عما يشعر به من إحساس وهو يرى السيد بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة يدين بعنف وضراوة وبشكل شبه يومي ممارسات نظام الأسد في سوريا بينما يتجاهل سيادته ما يحدث من أنظمة الحكم في كل من سوريا ليبيا واليمن التي تفعل بشعوبها ما لم تفعله إسرائيل بالفلسطينيين؟ وعندما تحدث السيد الأمين بعد أشهر طويلة من الانتظار خرج علينا ببيان باهت يعرب فيه عن "قلق" الجامعة العربية مما يحدث في سوريا من عنف!! إن مقتل الآلاف وجرح واعتقال عشرات الآلاف من أبناء الشعب السوري لم يسبب "للأمين" العام سوي القلق! ترى كم عدد الضحايا المطلوب حتى يشعر سيادته بشئ من الانزعاج ويبدأ في مطالبة الأسد بالرحيل كما يرغب غالبية الشعب السوري مصدر الشرعية الوحيد في سوريا؟

إذا كانت مصالح قادة الدول العربية تمنعها من تأييد الثورات العربية ضد الفساد والاستبداد والقمع والظلم فما الذي يمنع أمين الجامعة العربية من الاحتكام لضميره والانحياز لمصلحة الشعوب والتعبير عن رغباتها المشروعة؟

واضح أن الرجل يخشى إغضاب الأنظمة العربية ويخاف على منصبه، ولو إنه فكر قليلاَ لأدرك أن أعلى منصب في الدنيا لا قيمة له إذا باع الإنسان ضميره واحترامه لذاته مقابله، وإنه كان بمقدوره أن يصبح بطلاَ قومياَ وأن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو أنه انتفض للحق وأدان بشك صريح وحازم (فقط أدان وليس أكثر من هذا) الممارسات القمعية التي تجري في سوريا والدول العربية الأخرى. ألا يدرك "الأمين"أن صمته وخوفه يفقده ويفقد جهازه بقايا مصداقيته أمام العالم؟ كيف سيواجه الرجل زعماء العالم بعد اليوم وهو على رأس هذا الجهاز المتداعي والمهترئ؟


لقد طالبت منذ سنوات طوال بتحويل مبنى الجامعة العربية الذي يقع على كورنيش نيل القاهرة إلى فندق 5 نجوم يستفيد من دخله فقراء العالم العربي وبهذا نتخلص من أكبر جهاز لبيع الأوهام والأحلام للشعوب والكلام الكبير الفارغ من أي مضمون.

لابد أن نعي أن أي حديث عن وحدة الأمة العربية- وهذا هو الغرض الأول لإنشاء الجامعة- في ظل زعاماتها الحالية هو نوع من الدجل والنصب على الشعوب العربية، والأمر لا يحتاج لفراسة لإدراك أن هؤلاء الزعماء مشغولون بنهب وقمع شعوبهم والتآمر على بعضهم البعض وأنهم يحملون أجندات ذات مصالح متضاربة ولا يجمعهم إلا الولاء لأعداء هذه الأمة وشعوبها.

لقد أزاحت الثورات العربية ثوب الرياء المتهتك الذي كان النظام العربي يداري عورته به أمام العالم كله وأظهر أنه نظام بال يعيش على اجترار الماضي والأكاذيب والبطولات المزورة وأمجاد مشكوك في صحتها ولا يسمح لأحد بالاقتراب من كل هذا، فبلادنا كلها خطوط حمراء وصفراء وسوداء وعلامات ممنوع الاقتراب والتصوير في كل مكان حتى أصبحت أوطاننا سجونا كبيرة والسجان يجلس على مقعده الوثير في مكتب فاخر يطل على نيل القاهرة دون أن يراوده أي إحساس بتأنيب الضمير أو الخجل.
لقد وصل اليأس والإحباط بشبابنا –المفترض أنهم أمل الأمة والمستقبل- إلى حد أن أصبح حلمهم الأكبر هو الهروب من هذه السجون المسماة أوطانا إلى أي مكان أخر في العالم حتى ولو كان ثمن محاولة الهروب الغرق موتا في عبارات متهالكة في مياه المتوسط أو حتى الحياة في معتقلات أو مراكز إيواء في أوربا.

لقد وصل الأمر إلى أن بعض الأنظمة العربية وخبراء جامعتهم البائسة يدعون أن سقوط نظام الأسد - الذي لم يزأر إلا على شعبه- سيؤدي إلى تبعات وخيمة في الشرق الأوسط وأن سقوط علي عبد الله صالح –سود الله وجهه- سيؤدي إلى سيطرة القاعدة على اليمن وأن حلف الناتو ينبغي أن يتوقف عن دعم الثوار في ليبيا حتى لا يسقط نظام مجنون ليبيا وتتحول ليبيا إلى قاعدة للناتو!، ولا تخجل هذه الأنظمة من تقديم تحليلات تتسم بالسذاجة والعبط تريد أن تقنعنا بأن هذه الأنظمة القمعية والفاسدة تحمل في جيوبها مفاتيح استقرار ونماء العالم العربي.

إن كل شهيد يموت أو رجل يضرب أو يعتقل أو امرأة تمتهن في كل من سوريا وليبيا واليمن أو أي دولة عربية لمجرد المطالبة بالحرية والعدالة يمثل بصقة في وجه هذا النظام العربي المزعوم.


محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا