الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وإدارة العدالة فى المرحلة الانتقالية

نبيل عبدالفتاح

2011 / 8 / 9
دراسات وابحاث قانونية


أولاً: أهمية مؤسسات العدالة أثناء مراحل الاضطراب والانتقال:
1- التأكيد على استمرارية دولة القانون، وهيبته، وفكرة استمرارية الدولة ومؤسساتها، وقدرتها على إقامة العدالة، بل وتماسكها البنيوى، لأنه بدون تطبيق القانون وتنفيذه، تفتقر الدولة إلى معناها بل ونعتها السياسى والقانونى.
2- استمرارية فكرة الردع العام والخاص المرتبطة بالقاعدة القانونية عموماً والجنائية على وجه الخصوص.
3- إشاعة مفهوم الأمن على الصعيد النفسى الجماعى لدى المواطنين، ومن ثم المساعدة على سد الفراغات والثغرات الأمنية كما فى الحالة المصرية فى أعقاب 25 يناير 2011 وما بعد..
4- ضبط تمدد عمليات الخروج على القانون، ولاسيما الجنائى.
ثانياً: إدارة العدالة والعدالة الانتقالية.
إدارة العدالة مفهوم عام وأشمل لأنه يحتوى على إدارة مؤسسات العدالة فى مراحل الاستقرار والأمن وأيضا مراحل الانتقال. والعدالة الانتقالية مفهوم يرتبط بمراحل التحول من نظم سلطوية وديكتاتورية إلى نظم ديمقراطية.
إدارة العدالة فى مراحل الانتقال هى مجموعة المفاهيم والأدوات والآليات التى تستخدمها المؤسسات القضائية أثناء مراحل الانتقال، ومن بينها مواجهة العنف ضد الجماعة القضائية، والمؤسسة، وبعض أشكال فض المنازعات العرفية (مثال: تدريب الإخوان لقضاة عرفيين)، وبطء التقاضى عموماً أو حسم المنازعات والإخلال بضمانات العدالة المنصفة.
شهد العالم منذ عقد السبعينيات حتى اليوم تشكيل 40 هيئة وطنية للحقيقة والمصالحة، وللأسف لم تدرس السلطة الفعلية موضوع العدالة الانتقالية وحالة جنوب أفريقيا، بديلا عن قانون الغدر الاستثنائى وغير الدستورى، والمثير للشبهات والانتقادات.
ثالثاً: مشاكل العدالة فى مصر:
أ- الوضع الراهن للعدالة ليس نتاجاً للعملية الثورية الديمقراطية فى 25 يناير – 11 فبراير2011 -، وإنما يعود إلى طبيعة النظم الدستورية، والسياسية والقانونية: فى مصر، والسياسية القضائية منذ تأسيس نظام يوليو التسلطى عام 1952، والقيود المفروضة على استقلال السلطة القضائية.
ب- الانتقال المنقوص للسلطة القضائية من مرحلة لأخرى طيلة نظام يوليو التسلطى. والهامش الاستقلالى للجماعة القضائية جاء كنتاج للممارسات والتقاليد والتدريب القضائى عبر آلية تشكيل المحكمة ونظام المداولة.
ج- القضاء هو أحد أبرز مؤسسات الدولة القومية الحديثة فى مصر، والجماعة القضائية هى أحد أطراف عملية بناة الحداثة، ولا بد من الحفاظ على تقاليده العريقة.
د- تأثير السلطة التنفيذية وتغولها فى مجال القضاء من خلال سياسة التأثير والترغيب والترهيب، أولها: المزايا الاجتماعية التى هى حق للقضاة المرتبات والمكافآت والندب إلى الجهات التنفيذية أو التشريعية بالإضافة إلى العمل.
هـ- بطء إجراءات التقاضى والمحاكمات كنتاج لانفجار المنازعات الاجتماعية والاقتصادية.
د- استخدام نظامى السادات ومبارك للقضاء كآلية للتسويف السياسى وعدم حسم المنازعات السياسية الدقيقة ذوات الطبيعة الاستقطابية (مثال: الانتخابات/ قوانين ممارسة الحقوق السياسية غير الدستورية)، وغياب نظم راقية للتدريب والتكوين القضائى.
ز- تراجع بعض مستويات الفن والتكنيك القانونى technique jmidique لدى بعض عناصر داخل الجماعة القضائية، كنتاج لضعف التعليم القانونى فى كليات الحقوق منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضى.
ح- تسييس القضاء، وانقسام الجماعة القضائية بين قوة تقليدية ومحافظة سياسية، وتذهب إلى استمرار تقاليد القضاء فى ظل نظام يوليو، وعدم إثارة المنازعات ذات الطبيعة السياسية بين نادى القضاة، وبين الدولة وتحديداً السلطتين التنفيذية والتشريعية لضمان حصول القضاة على المزايا الاجتماعية التى يستحقونها. فى مواجهة تيار يرى أن رأى القاضى فى الحياة العامة، حق له شأن أى مواطن آخر طالما أنه لا يبدى وجهة نظر سياسية فى قضية أو منازعة قانونية مطروحة أمامه.
رابعاً: إدارة العدالة فى مرحلة الانتقال العقبات
1- السيولة السياسية والغموض وعدم وضوح الأهداف السياسية والآليات أمام المواطنين، والقوى السياسية الفاعلة فى البلاد.
2- ازدواجية السلطة الانتقالية بين مجلس عسكرى له اليد العليا وحكومة ضعيفة فاقدة للإرادة السياسية ووضوح الرؤية والقدرة على صناعة القرار المستقل عن المجلس ولو نسبياً، وإمكانية فرضه على الواقع.
3- التضاغط السياسى من خلال القوى السياسية المتنازعة فى ظل بعض التفاهمات بين المجلس، وبعض الجماعات الإسلامية السياسية.
4- بعض القوى السياسية- الإسلامية تطرح خطاب لجحد شرعية الدولة الحديثة، ومن بينها القوانين والمبادئ القضائية فى مقابل نظام الشريعة، بقطع النظر عن مدى صوابية هذا الاتجاه علمياً وشرعياً.
5-الفجوات والفراغات الأمنية، وتأثيرها السلبى الخطير على مؤسسات العدالة.
6- انتشار ظاهرة خروج عصب البلطجية ومعتادى الإجرام على القانون، وفرض أساليب السيطرة، والسطو المسلح، والضرب والجرح، والشروع فى القتل، بل والقتل، دون أن تمتد إليهم يد العدالة الجنائية، لغياب السيطرة الأمنية وسدها للفراغات.
7- الهجوم المستمر على الجماعة القضائية- من داخلها ومن خارجها والمطالبة بضرورة تطهيرها من العناصر الموسومة بالفساد، أو بسبق علاقتها بنظام مبارك، أو إصدارها لأحكام ممالئة لتوجهات السلطة فى قضايا جنائية شهيرة لدى الرأى العام.
8- اعتداء بعض الجناة ومعتادى الإجرام والبلطجية على المحاكم قبل 25 يناير، وبعده أثناء انعقاد الجلسات أو فى أعقابها، نظراً لأن الأحكام الصادرة فى بعض القضايا الجنائية لا تروق لبعض ذوى المحكوم عليهم جنائياً.
9- قيام الأجهزة الإعلامية التلفازية (المرئية)، والمكتوبة بإقامة محاكمات سياسية على شاشاتها، وصفحاتها، وإصدار الأحكام على المتهمين، على نحو ماظهر فى محاكمات مبارك ونجليه والعادلى.
10- ظاهرة اللدد فى الخصومة السياسية والاقتصادية واللجوء إلى الشكاوى المقدمة للنيابة العامة والنائب العام بحق أو بغير حق، وفى عديد من الحالات بلا مستندات أو معلومات دقيقة وموثقة، تسوغ هذه الشكاوى والاتهامات الحاملة لها، ومن ثم لا تصمد أمام الفحص القضائى ويقضى بالبراءة، وهو ما يثير حفيظة الرأى العام الثائر، ويشكل أحد أبرز الضغوط على حيدة ونزاهة العملية القضائية وحسن سيرها.
11- رغبة القوى الثائرة والرأى العام فى مواجهة حاسمة مع قضايا الفساد الاقتصادى والسياسى على نحو سريع ورادع، ومن خلال عقوبات مغلظة.
12- غياب ضمانات أمنية تسمح بإقامة العدالة فى مرحلة الانتقال فى القضايا السيادية (الجنائية والإدارية والمدنية والتجارية.. الخ)، وهى التى تشعر المواطن العادى بأن ثمة حكم للقانون يحترم فى البلاد.
13- إصدار الرأى العام للأحكام القضائية فى الميادين والساحات العامة.
سعى بعض القضاة والأحرى المجموعات القضائية إلى الحصول على استقلالهم من خلال مشروعات قوانين، تتم وفق تصوراتهم دونما نظراً لطبيعة هذه القوانين فى ظل النظام الدستورى المستقبلى لمصر، وما هى الصيغة والفلسفة الدستورية التى سيتأسس عليها، وهل هى ذات الصيغة شبه الرئاسية أو البرلمانية، أم العودة إلى صيغة النظام البرلمانى، أو الأخذ بالنظام الرئاسى، ولكل صيغة تداعياتها وانعكاساتها على العلاقة بين السلطات الثلاث.
خامساً: هل العدالة الجنائية الانتقالية، هى الحل؟
اختيار تاريخ العدالة الانتقالية (40 هيئة للحقيقة والمصالحة فى الأنظمة المقارنة منذ عقد السبعينيات) قد يبدو لدى بعض رجال القانون والسياسة هى الحل لمواجهة مشاكل مراحل الانتقال، لكن هذه الوجهة من النظر تقتضى وجود بعض المفترضات الأولية لكى تحقق الحد الأدنى من أهدافها والقبول بها ومنها على سبيل المثال:
1- إعادة هيكلة المؤسسة والأجهزة الشرطية والسياسة الأمنية، وآلياتها، وكوادرها، وذلك حتى تستطيع أن تقوم بسد الفراغات الأمنية، وتحقق الحد الأدنى من القيم الأمنية، والأهم إشاعتها فى أوساط اجتماعية تستوعب السياسة الجديدة، وتدعمها.
2- سياسة إعلامية انتقالية تنظم وتدير الجدل العام حول القضايا والمشاكل والأزمات الرئيسية أثناء المراحل الانتقالية والمستقبلية.
3- رؤية سياسية واضحة لدى السلطة الفعلية يكون الحفاظ على تقاليد وقيم ونزاهة واستقلالية القضاء والجماعة القضائية على رأسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ساري عرابي: السياسة الحربية الإسرائيلية أدت لمعاناة الأسرى ا


.. عائلات الأسرى الإسرائيليين تعلق على إعلان أبو عبيدة




.. كيربي: الأنباء بشأن اتهام إسرائيل بإساءة معاملة المعتقلين مث


.. الآلاف يتظاهرون تضامنا مع غزة في مدينة مدريد الإسبانية




.. ما مكاسب فلسطين من قرار الأمم المتحدة بتأييد عضويتها؟