الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعلم الحكام العرب من التاريخ . التجربة مع العراق

عبد فيصل السهلاني

2011 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الأحداث في الساحة العربية عظيمة ومجلجلة رغم إنها متأخرة عن زمانها وكونها التجربة الجماهيرية السياسية ليست الأولى في العالم، حيث سبقها الكثير في التاريخ، لسنا الآن بصدد ذكرها، ولكن المثير إن الحكومات وكذلك الشعوب لم تستفد من هذه التجارب العظيمة ،ونحن نعلم إن هنالك أحداث قريبة جدا على الذاكرة الحديثة ، حرب أفغانستان وكيف جيشت الولايات المتحدة الأمريكية كل التطرف الإسلامي ووضعته مقابل الجيش السوفيتي( الذي وصفته بالمعادي للإسلام آنذاك) ،وبعد انتهاء الحرب كانت مأساة أبراج التجارة العالمية وفقدان الأمريكان لثلاث آلاف مواطن أمريكي في لحظة تاريخية مأساوية، ولو كان هناك وأريد أقول حقا شعبا أمريكيا حقيقيا غير محنط ومخدر لما سمح لمثل هذه الحكومات سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية بالاستمرار بالتحكم بشؤونه، لحاسبهم على هذه الإخفاقات العظيمة، ولكنني اتفق مع سلامة نسام المذيع في قناة الحرة عندما يقول في مقدمة برنامجه( إن هنالك أحداث تخلقها أمريكا، وهناك أخرى تتعامل معها....الخ)، أي إنها بعضها ليس صناعة أمريكية كاملة بل أحداث تنطلق لأسباب أخرى ومنها مصالح الناس ،ولكن الحكومة الأمريكية تتعامل معها من اجل توجيهها وجهة لخدمة مصالحها هي أولا ومن ثم الشعب الأمريكي ، وهنا أريد التأكيد إن الولايات المتحدة ليست مثل هذه الأقزام من الأنظمة العربية التي تحاول إن تستعير نفس التكتيك الأمريكي ولكنها غير قادرة على توجيه هذه الأحداث بنفس المسار الذي تتمناه فينقلب السحر على الساحر . حيث استطاعت الماكينة السياسية الأمريكية من توجيه خسارتها في حرب فيتنام وفي انقلاب (بينوشت) وهزيمة (شاه إيران) وأخيرا عرب الأفغان الذين خلقتهم ودعمتهم في حربها بالنيابة ضد روسيا، الذين أصبحوا نقمة على أمريكا نفسها ومعها الأنظمة الإسلامية العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة حيث لم تتعافى بعد السعودية من الجهاديين من المدرسة الأفغانية، ولا زالت باكستان تأن من وطأة هذه الخطيئة الإستراتيجية العظيمة.
منذ بدأ التغيير بالعراق حتى شرعت الحكومة السورية ، وليس فقط النظام السوري، ولا حتى هذا (الأهبل) معمر ألقذافي والأكثر منه (حقدا) علي عبد الله صالح بوضع كل العراقيل أمام هذه التغيير الفتي ،حيث كان الشعب العراقي يطمح إلى الوصول إلى بناء مؤسساته الديمقراطية بأسهل الطرق وأسرعها، عندما قام هؤلاء وآخرون بطريقة وأخرى بتجنيد المتطرفين أو حتى تجميع حثالات النظام السابق وتجميعهم في بلدانهم ، تلك الحثالة التي لعبت الدور التاريخي السيئ في رسم العلاقة بين الدول العربية وشعوبها وصلت إلى حد شن حروب واحتلال بعضها، ولكن الحقيقة العميقة في هذا العداء للتغيير في بلادنا يعود للخوف الذي شعرت فيه هذه الأنظمة من هذا التحول الجديد في بلادنا ولذلك حاولت أن تتعامل معه من اجل إجهاضه بالتعاون مع الطابور الخامس بكل رموزه، حيث كانت عامل داعم ومؤسس ومصدر لكل تخريب للوضع الأمني والعمليات الإرهابية في بلادنا، ووضع العصا أمام عربة التغيير. وما أن تغير الوضع بالعراق وبدلا من أن تضع هذه الأنظمة أيديهم بيد القوى العراقية الديمقراطية الحديثة راحوا يبحثون على المتطرفين في كل البقاع النجسة داخل وخارج المنطقة بحيث استوردوا المتطرفون من القوقاز ومن يوغوسلافيا القديمة ،ودعموهم ،ودربوهم ،كرها بالشعب العراقي ومقتا بالعملية الديمقراطية التي كانت يمكن أن تتحقق بأسرع وقت واقل الخسائر لو لم يضعوا كل عصيهم في طريقها،فسمحوا لهم بالعبور إلى العراق عبر أراضيهم أو إن الكثير منهم فتح لهم المعسكرات للتدريب والتنظيم، فأدخلوا على العراق كل زبانية العالم الذين راحوا يفجرون أنفسهم في كل مسجد وجامع وحسينية أو نادي أو تجمع لعراقيين يكسبون عيشهم من خلاله، دون إن يفرقوا بين كهل وطفل وامرأة ومريض ،وبدون رحمة وكان مهمتهم تقليل العدد الأكبر من الناس وتقليل عددهم (وكأن زيادة عدد العراقيين مسئولا عن المجاعة في الصومال) إلى النصف أي قتل ما لايقل عن 15 مليون إنسان ويستعجلوا الغداء مع الرسول . وأخذ النظام السوري ،وهو المثال الأقرب والذي تلقى الدرس قبل رفاقه الذين لم يدرسوا حتى التأريخ القريب ،كما لم يقرئه هو التاريخ ، يفتح المساجد وجوامع دمشق ودير الزور وحلب لكل المتطرفين الذين يريدون أن ينتقموا من العراق الجديد ، فالعالم يتذكر ذلك الملتحي الشاب الذي كان يبعث بسمومه من جوامع حلب وحمص ويجند الوهابيين والمتطرفين من كل أصقاع العالم ويرسلهم تحت رعاية ودعم ودلالة المخابرات السورية عبر الحدود العراقية لكي يقتلوا أبناء العراق بحجة محاربة أمريكا واليوم وليس تشفيا بل محاولة تذكير الآخرين ووضع النقاط على الحروف نرى كيف يحصد النظام نتائج ما زرعه ، فالمتطرفون الذين دربهم النظام يتسللون من بين أبناء الثورة السورية البطلة ليفتكوا بالناس ويقتلوهم دون رحمة ويعملون جاهدين من اجل اقتطاف ثمار ثورة الشعب السوري الذي مل تسلط نظام البعث وتحرك بروح وطنية سلمية حقه للخلاص كما تخلص شقيقه الشعب العراقي ، وذلك من يزرع خبيثا يحصد نارا . واليوم النظام السوري ونظام عبد الله صالح الذي أخفى ولا زال يخفي النذل عزت الدوري على أرضه ونظام ألقذافي الذي بني نصبا للدكتاتور صدام حسين. والأيام القادمة حبلى بالثورات وقصاص الشعوب لكل من أنظمة تخاف شعوبها وتضطهدها وتحرمها حتى من قول رأيا لا يتفق مع رؤى هذه القيادات التي نصبت نفسها على الشعوب مرة باسم الله وأخرى باسم الاستحقاق العائلي. هذه نتيجة كل سياسي لم يفكر بصورة إستراتيجية أو لم ينطلق من مصلحة الناس أين ما كان. لا زالت بعض الأنظمة تعتقد إنها خارج عقاب الشعوب لذلك تحاول أن تتوسط بين الأنظمة العربية والشعوب الثائرة كما هو الحال في مبادرة مجلس التعاون الخليجي بصدد اليمن وكذلك الدعم إلا محدود للأنظمة الملكية في المنطقة التي لم ترحم شعوبها، إن عدم التغيير الجذري لكل المنظومة الفكرية والثقافية والسياسية التي كانت ولا زالت الكثير من الحكومات العربية تحكم بها الشعوب في المنطقة، سوف لن تهدأ الشعوب ولن تقبل بالترقيع سواء بالرشوة بحفنة من الدولارات أو بعدد من المساكن أو بزيارة مستشفى أو عائلة محتاجة هنا أو هناك. وان غدا لناظره قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: -عودة الدولة البوليسيّة؟- • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الجزائر: توقيف 7 أشخاص إثر وفاة 5 أطفال غرقا خلال رحلة مدرسي




.. إثر واقعة إخفاء العلم التونسي: ملاحقات قضائية ضد تسعة مسؤولي


.. تونس: النيابة تمدّد التحفظ على الإعلاميين مراد الزغيدي وبرها




.. ما هي الادعاءات التي رافقت التظاهرات التي رافقت مسابقة الأغن