الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما غزا صدام الكويت في 2/8/1990 القسم الثاني / الفرهود

نزار ياسر الحيدر

2011 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



على الرغم من الأسباب والحجج الواهية التي أطلقها النظام الصدامي، التي جعل منها مبررات بها يقنع نفسه لغزو الكويت؛ إلاَّ أن الحقائق والأدلة كانت تقول غير ذلك، فالنزعة العشائرية، والقيم والتقاليد البدوية، وحب الغزو والنهب المرافق له، وانتزاع الغنائم بالقوة من مالكيها، التي تربت عليها قيادات النظام، وما أشيع من ثقافة القيم البالية، إضافة إلى حب السلاح والتفاخر بامتلاكه، والتباهي به أمام الآخرين، واعتبار هذه الأفعال من قيم ( الفروسية ) والرجولة التي مسخوا مفاهيمها وحرفوا معادلاتها؛ فبعد ساعات من غزو الكويت واستباحته، وعلى الرغم من ادعائهم بأنهم دخلوا بناء على ( نداء ) الضباط الكويتيين الأحرار الذين نفذوا انقلابا عسكريا ضد الأمير، وبعد أن ظهر هؤلاء الضباط كدمى كارتونية على شاشات التلفزة وهم يرتدون زيا عربيا كويتيا كأنهم يرتدونه لأول مرة، وصدام يستقبلهم في مقر قيادته، ويظهر وهو يضحك ساخرا منهم، وفي سره يهزأ من القدر الذي مكنه من اللعب بمقدرات العراق؛ بدأت تظهر بوادر الفرهود من الكويت منذ الساعات الأولى للغزو؛ فكان الجنود الذين يذهبون بواجبات إلى الكويت يعودون محملين بهذا الفرهود ابتداء من الذهب والمجوهرات، التي حصلوا عليها من أسواق الصاغة بعد أن كسروا المحلات، ونهبوا ما فيها؛ لأنهم في الكويت كانوا لايخزنون بضائعهم الثمينة بالخزائن الخاصة عندما يقفلون محلاتهم، فهم، وبكل بساطة، كانوا يعيشون آمنين في وطنهم الصغير المسالم، لقد نهبت كل الأسواق والمحلات ولم يبقَ بيت إلاَّ ونهب؛ خاصة تلك البيوت التي هرب منها أهلها وتركوها فارغة بعد الغزو، ولم تسلم من النهب المؤسسات ولا الدوائر الحكومية، وبدأت تدخل سيارات النقل من الكويت إلى العراق بجميع أشكالها وألوانها وأحجامها محملة من كل شيء، بما فيها السلع والبضائع المختلفة .
لقد كنا - نحن الجنود - في موقع الدريهمية نراقب مايجري من مأساة عجيبة غريبة؛ لأننا كنا على الطريق بين الكويت والعراق، وكنا نتساءل في قرارة أنفسنا : ألم يقولوا إنها ثورة شعبية في الكويت والعراق ذهب لمناصرتها ؟ وبعد أن أُعلِنَتْ الكويت المحافظة التاسعة عشرة، وأصبحت جزءا من العراق، إذاً لماذا تُخرب ؟ ولماذا تُنهب ؟ وكنا نسمع من الجنود الذين نلتقي بهم في موقعنا المزيد من القصص العجيبة والغريبة مما يحصل في الكويت وخاصة عندما عُيِّن (علي كيمياوي) محافظا على الكويت، ودخول قطعان الجيش الشعبي إليها، وكيف كانوا يأتون على كل شيء أمامهم كأسراب الجراد ينهبونه أو يخرِّبونه، هكذا كان الموقف والحديث يطول ويطول، والدهشة لاتفارقنا مما يحصل؛ لأننا كنا نشاهد بأمهات أعيننا أكبر عملية فرهود بالعالم.
واحدة من القصص المضحكة التي عايشتُها شخصيا أن آمر موقعنا ( المقدم ) ذهب بواجب إلى الكويت بعد أسبوع من الاجتياح ومعه مفرزة للحراسة كمرافقين من سرية حراسة الموقع في صباح أحد الأيام القائضة، فعاد في نفس اليوم عصرا من هناك، هو ومرافقوه، وبعد أن وصلوا بدؤُوا يحكون قصصهم العجيبة والغريبة عما يحصل في الكويت، والجنود يستمعون إليهم باستغراب، وكنتُ سارحا في مخيلتي لأنني أحتفظ بذكرى جميلة عن مشاهداتي من خلال سفرة قمت بها إلى الكويت عام 1977 ، وشاهدت الفَرْق في التطور الحاصل فيها، وقارنته حينها بالعراق، وكم كنت أتمنى أن يصل إلى درجة من الرفاهية والرقي الحضاري الذي وصل إليه الكويت؛ فتألمت وأسفت على ماجرى لهذا البلد الجميل، وبعد أن انتهى الجنود من الحديث أخبروا اصدقاءهم أنهم جلبوا لهم هديتين من الكويت، الأولى كانت صورة زيتية للفنانة ( سميرة توفيق) مرسومة بريشة فنان هاوٍ، وتظهر عليها مفاتن صدرها، وهي بمساحة لاتزيد عن نصف متر مربع، وكان الجنود فرحين جدا بهذه الصورة المثيرة لهم، التي انتزعوها من جدار أحد المقاهي الذي كانت معلقة عليه، ثم قاموا على الفور بتعليقها على جدار مطعم الجنود المراتب في الموقع، وكانوا ينظرون إليها وهم سعداء بما يشاهدونه، والهدية الثانية هي عبارة عن عشرة صناديق مليئة بعلب عصير عنب ( الراوخ ) النمساوي الصنع وجدوها مركونة في زاوية أحد المخازن، جلبوها ليشربها الجنود لعلهم يطفئون ظمأهم، فما أن علم الجنود بهذه الصناديق، وكانت حرارة الجو تلهب الأحشاء، حتى هجموا عليها، وبدؤُوا ينهبونها ليشربوها؛ إلاَّ أنني صرخت بهم، وطلبت أن نتأكد من انتهاء صلاحيتها، ولأنني كنت أحظى باحترام لديهم؛ تمهلوا قليلا وناولوني واحدة من العلب فبدأت أقرأ الصلاحية المكتوبة باللغة الإنكليزية؛ فإذا بي أفاجأ بأنها مصنوعة عام 1982 وصالحة للاستعمال لمدة ستة أشهر من تأريخ الإنتاج ! فرفعتُ صوتي، خوفا عليهم من التسمم، وشعر الجميع بالإحباط، وعدم الرضا عن هذه المفاجأة، حتى خرج أحدهم وتظاهر بأن لديه حل لهذه المعضلة؛ فقال : { أنا أعرف شلون ينشرب هذا العصير } فقلت له : كيف ذلك وهو منتهي الصلاحية منذ ثمان سنوات ؟ فقال : الآن سترى، وكان الجمع ينظر إليه بانتظار ما سيفعل، فجلب إناء لشرب الماء ( دولكة ) وفتح عددا من العلب، وسكبها فيه، فظهر أنه تالف، وفيه ترسبات، ووضع قطعة من الثلج في الإناء وبدأ يحرك الثلج في العصير، ثم قال : { يا إخوان، الآن العصير جاهز، اليريد يشرب على مسؤوليتي } فشرب الجميع غير مبالين بصرخاتي بهم، ولم يلتفت عليَّ أحد منهم، حتى أطفؤوا ظمأهم بهذا العصير التالف، وقالوا لي مازحين : اطمئن، نحن خلال خدمتنا في الجيش العراقي أكلنا أسوأ من هذا الطعام، وهئنت ترانا نعيش، ونعمل، ونحارب، ولايهمنا شيء، ونبقى حديدا إن شاء الله !!! .
7 آب 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جزء1 ( رد الى السيد ( ابن دجلة والفرات
من كاتب المقال/نزار ياسر الحيدر ( 2011 / 8 / 10 - 23:19 )
السيد ( ابن دجلة والفرات ) اقول لك مهلا عليك ولا تتسرع خاصة يبدو انك من رواد دهاليز شارع النهر !!؟ ولهذا انك لاتعرف دقائق الاحداث لانك ترمي ( حجار بظلمة ) كما يقول المثل الشعب ولانني لااريد ان ادافع عن نفسي لان من يعرفني عن قرب يستسخف ما تفوهت به من انصاف الحقائق وباختصار :

انا سقت لخدمة الاحتياط في شهر كانون الاول 1987بسبب كوني كنت طالبا في كلية الادارة والاقتصاد / الجامعة المستنصرية لانني تخرجت منها في ايلول 1987

سوقت الى مدرسة الصنف الاداري في التاجي كي اخدم بقدر ما خدم اقراني من مواليد 1953 وبقيت هناك لمدة ثلاثة اشهر لتهيئتنا من دورات المدرسة

نقلت في بداية نيسان 1988 الى مديرية الشؤون العامة الكائنة في بغداد كجندي احتياط كاتب وعملت في هذه الدائرة حتى آب 1989عندها نقلت حسب وشاية من شخص حاقد( شبيهك) بامر مدير الاستخبارات العسكرية / صابر الدوري لان ذلك الشخص كانت له علاقة مشبوهة به!!؟ نقلت الى لواء 18 / الفرقة 18/ الفيلق الثالث


2 - جزء2( رد الى السيد ( ابن دجلة والفرات
من كاتب المقال/نزار ياسر الحيدر ( 2011 / 8 / 10 - 23:23 )

وكان مقر اللواء في المملحة وما ادراك ماالمملحة وتحرك في عدة مكانات منها الفاو وراس البيشة وكنت اعاني من توصية رفعت علي من مدير الاستخبارات العسكرية شخصيا بان لاامنح اي اجازة او اعمل في المقرات او استثنى من الواجبات واعامل كاي جندي لان من وشى بي اخبرهم على ما يبدوا بان لي علاقات بالضباط والمعارف ولكنني صمدت واستمريت في الخدمة حتى تم هيكلة الفرقة / 18 وتم توزيعنا على المقرات في البصرة بعد توقف الحرب الايرانية وكان حضي هو موقع الدريهمية ولهذا كنت هناك وبقيت في هذا الموقع اثناء دخول الكويت واستمريت فيه حتى حصلت حرب الكويت في 17 /1 / 1991 وبقيت اول عشرين يوما من الحرب في الموقع وبعد ذلك فتحت الاجازات 50% وشملت بهذه الاجازة لخمسة ايام وذهبت الى اهلي في بغداد ووصلت اليهم باعجوبة ومن تحت القصف الامريكي على قطعات الجيش وبعد خمسة ايام اردت العودة الى وحدتي فعلمنا ان جميع الخطوط والطرق والجسور التي على طريق البصرة قطعت وقصفت


3 - جزء3( رد الى السيد ( ابن دجلة والفرات
من كاتب المقال/نزار ياسر الحيدر ( 2011 / 8 / 10 - 23:26 )
فعدت انتظر حتى انتهى الهجوم البري وعدت الى وحدتي في 15/3/ 1991 بسيارتي الخاصة وبعد مشقة ومعانات وصلت الى الدريهمية باعجوبة عندها صدر في حينها قرارا بتسريح كافة مواليد الخمسينات جميعا بقرار امريكي فرض على صدام وتسرحت من الخدمة وكل هذه المعلومات التي ذكرتها موثقة في دفتر خدمتي العسكرية

وهنا اود ان اسال السيد ابن ...؟؟ كيف لي ان اعمل في تجارة المسروقات من الكويت وانا كنت جنديا مغضوب علي في الدريهمية ؟؟؟؟؟


4 - جزء4( رد الى السيد ( ابن دجلة والفرات
من كاتب المقال/نزار ياسر الحيدر ( 2011 / 8 / 10 - 23:28 )
وانا الان اود ان اقول انا انسان معروف ومن عائلة معروفة ومحترمة ونحن نعمل صاغة من أب الى جد وهذا فخر نعتز به وهو يعرف ذلك كنت املك اكبر محل في العراق لتجارة الذهب والمجوهرات وليس محل واحد وانما ثلاث محلات وهو يعرف اين تقع وكان زبائني من كل العراق وكانت تحلم فتيات وشباب العراق بزيارة محلي والتبضع منه وطبيعي جدا ان يكون من زبائن المحل من كل العراقيين في الوقت الذي كان الاخ كاتب التعليق يحلم ان يدخل هذا المحل لان كان رواده من اشراف العراقيين واذا اراد احد المسؤولين انذك ان يزور المحل هل يستطيع احد من العراقيين ان يطرده من المحل بالوقت الذي كان هناك من امثال اخينا بالله يردح ويتملحس لكي يصادق شرطي من شرطة ايام زمان

ان اسمي واصلي وفصلي لكل من يعرفني ويتعامل معي شخصيا يعرف ان هذه العائلة دفعت الشهداء وتضررت وعانت من النظام السابق ولم اكن الا المعين والمساعد بمالي وجاهي وحلالي لكل المظلومين من ابناء الشعب العراقي وما الترهات التي نطق بها هذا الدعي الا دليل حسد وقلة جاه وحقد دفين سوف يقتل صاحبه ان عاجلا او آجلا ... والله من وراء القصد .

اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟