الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات التشريعية القادمة والسباق المحموم لحزبي الاستقلال والعدالة والتنمية

سامر أبوالقاسم

2011 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


بعدما لزم حزب الأصالة والمعاصرة الصمت تقديرا للمصلحة العامة للوطن والمواطنين، خرج من الجحر "زعماء" بعض الأحزاب للقيام بالطعن من وراء الظهر، في غير احترام للقانون والرأي العام، وفي غير تقدير لأدبيات العمل السياسي المراعي لأخلاقيات التنافس الديمقراطي بين الأحزاب، وهم من كان إلى حد قريب يتمسح بأعتاب وزارة الداخلية ويستعطفها للنيل من كعكة كل استحقاق انتخابي مر بالمغرب إلى حد اليوم.
والملفت للانتباه هو أن الهجوم الذي يشن على حزب الأصالة والمعاصرة مؤخرا، فجرته الانتخابات التشريعية المرتقبة في شهر أكتوبر المقبل، بدوافع التأثير السلبي على صورة الحزب وقدراته الاستقطابية في الميدان، وبأهداف التأثير على وزارة الداخلية قصد استمالتها في اتجاه تعيين عدد من رجال السلطة السامين الموالين أو على الأقل المتعاطفين مع قادة بعض الأحزاب التي تقوم بهذه الأدوار التاريخية القذرة، من قبيل حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية، وبغرض الاستعداد لاستعمال نفوذ رجال السلطة السامين لصالحها في الانتخابات المقبلة.
إن اعتماد الكذب والزور والبهتان على حزب الأصالة والمعاصرة من طرف هاذين الحزبين، يعتبر دليلا قاطعا على رغبتهما في الضغط على وزارة الداخلية بهدف التدخل لصالحهما في أية تعيينات جديدة داخل الإدارة الترابية، وسعيهما وراء حمل السلطة على الدفع بمرشحين وأعيان للالتحاق بصفوف حزبهما، سواء بالترغيب أو الترهيب، ليتسنى لهما التمكن من الخريطة الانتخابية والحصول على موقع التدبير الحكومي في المرحلة القادمة، فهل بمثل هذه السلوكات التي طبعت الممارسة السياسية طيلة عقود يمكننا الحديث عن طي لصفحة الماضي.
إن سعي حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية يتلخص في الحصول على نوع من رجال السلطة السامين المرتبطين بهما بشكل مباشر ويأتمرون بأوامرهما، وهو النوع الذي يدفعون به من خلال المطالبة بإحداث "تغييرات" في الإدارة الترابية، وفي التمكن كذلك من الحصول على مسايرة البعض الآخر من رجال السلطة طالما بات الحزبان المهيمنان والمتحكمان هما الاستقلال والعدالة والتنمية، فيشتغلون لفائدة الحزبين دون ارتباط مباشر بهما.
إن أي سقوط لوزارة الداخلية في فخ تغيير رجال السلطة بمنظور هاذين الحزبين سيكون إشارة دالة على أن القوى السياسية التقليدية والمحافظة لا زالت هي المتحكمة في الوضع السياسي، بالرغم من الأوراش الإصلاحية المفتوحة، وبالرغم من الإصلاحات الدستورية العميقة، وسنصبح أمام معادلة أخرى لم تكن بالحسبان، وهي وضع التنافي مع أهداف تخليق الحياة السياسية وتعزيز أدوار المؤسسات المنتخبة وتجديد النخب ومواصلة مسار التنمية والدمقرطة والتحديث.
إن حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية أصبحا اليوم متحكمين بأكاذيبهما في زمام الأمور، وصارا يتوصلان مع الرأي العام دون الضوابط القانونية للعمل السياسي، ومن المؤكد، إذا ما استمرت وزارة الداخلية وباقي الأطراف السياسية المتنافسة في صمتها، وإذا ما لم يتحرك الفاعلون السياسيون والاجتماعيون فإن ذلك سيؤثر على تأثيرا سلبيا للغاية على الانتخابات القادمة خاصة، وبعدها على الوضع السياسي المغربي بشكل عام.
إن رجال السلطة السامين يعينهم عباس الفاسي وشباط، لأن حزب الاستقلال هو من يرأس الحكومة، وعبد الإله بنكيران لأن حزب العدالة والتنمية له علاقات وثيقة بالداخلية منذ مدة وليست وليدة اليوم، ومثل هذا التحكم من طرف هاذين الحزبين في دواليب الدولة، بما فيها أجهزة أمنية، ستكون له عواقب وخيمة على بلادنا، سواء في مستوى العلاقات السياسية الداخلية، أو في مستوى العلاقات الخارجية، بما سيؤثر سلبا على الوضع الذي يحتله المغرب في المنتظم الدولي.
إن محاولة الافتراء والكذب على الرأي العام فيما يخص محاولة الالتفاف على مسار التغيير الجاري بالمغرب اليوم، لا يمكنها حجب حقيقة أن حزب الاستقلال الذي يقوم اليوم بذلك هو حزب يقود التدبير الحكومي المسؤول عن فشل السياسات العمومية المجحفة في حق المتضررين من الفئات الاجتماعية المغربية، وأن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه التملص من مسؤوليته التاريخية بخصوص ظاهرة الغلو الديني والعنف المؤديين إلى الأحداث المسترسلة منذ الثمانينات بالجامعات المغربية، وإلى الأحداث الدموية المروعة للشعب المغربي قاطبة منذ تفجيرات 16 ماي 2003 إلى الآن، وهو من يتوعد المغاربة اليوم بإيصالهم إلى وضعيات شبيهة بوضعيات الدول التي سادت فيها أحزاب دينية من قبيل أفغانستان والسودان وغيرهما كثير.
على القوى الديمقراطية ببلادنا اليوم الرجوع إلى خزانها الانتخابي المتعدد بتعدد أحزابها، والعمل على المساهمة في خلق دينامية غير مسبوقة، والانخراط في مسار التنمية والدمقرطة والتحديث، والتخلص من منطق التشكيك. فما دام حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية قائمين على أسلوب الكذب والبهتان ومحاولة الاستفراد بالسلطة ورجالها ونسائها من أجل توجيه الضربة القاضية لكافة الفرقاء السياسيين المتنافسين فإن الشك سيظل موجودا لدينا بخصوص الشفافية والنزاهة والاحتكام إلى قواعد التنافس الديمقراطي، وعلى الدولة أن تشارك في إيجاد حل لمعضلة هاذين الحزبين.
وفي اعتقادنا، على الولاة والعمال القيام بالضغط في اتجاه تحريك الملف وفتح تحقيق بخصوص الاتهامات الموجهة إليهم أساسا قبل توجيهها إلى أي طرف آخر، فالأمر يتعلق بتهم تخص أدبيات وضوابط أدائهم المهني، وعلى الدولة مباشرة التحقيق في هذه الأكاذيب مع "زعماء" بعض الأحزاب الذين ذهبوا إلى حد التشكيك في نتائج الانتخابات الجماعية السابقة، وعدم الاكتفاء بالتحقيق مع الصحافيين الذين يعتبرون "الحَايْطْ القْصِيوَر" في مثل هذه النوازل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة