الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة لتونس الغد. القطاع الفلاحي نموذجا (الحقلة الأولى)

عبدالله بنسعد

2011 / 8 / 9
الادارة و الاقتصاد


المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة
لتونس الغد ؟ القطاع الفلاحي نموذجا
(الحلقة الأولى)

تصدير : « خلافًا للفوضويين، يعترف الماركسيون بالنضال من اجل الاصلاحات اي من اجل تحسينات في اوضاع الكادحين تترك السلطة ، كما من قبل ، في يد الطبقة السائدة. ولكن الماركسيين يخوضون في الوقت نفسه نضالاً في منتهى الحزم ضد الاصلاحيين الذين يحدون ، بواسطة الاصلاحات ، مباشرة او بصورة غير مباشرة ، من تطلعات الطبقة العاملة ونشاطها. فان الاصلاحية انما هي خداع برجوازي للعمال الذين يبقون دائمًا عبيدًا مأجورين ، رغم بعض التحسينات ، ما دامت سيادة الرأسمالية قائمة. ان البرجوازية الليبرالية تمنح الاصلاحات بيد وتسترجعها بيد اخرى ، وتقضي عليها كليًا ، وتستغلها لاجل استعباد العمال ، لاجل تقسيمهم الى فرق مختلفة ، لاجل تخليد عبودية الكادحين المأجورة. ولهذا تتحول الاصلاحية بالفعل ، حتى عندما تكون مخلصة كليًا ، الى اداة لاضعاف العمال ولنشر الفساد البرجوازي في صفوفهم. وتبيّن خبرة جميع البلدان ان العمال كانوا ينخدعون كلما وثقوا بالاصلاحيين.اما اذا استوعب العمال مذهب ماركس ، اي اذا ادركوا حتمية العبودية المأجورة ما دامت سيادة الراسمال قائمة فانهم ، على العكس ، لن يدعوا الاصلاحات البرجوازية ، ايا كانت ، تخدعهم. ان العمال يناضلون من اجل التحسينات مدركين ان الاصلاحات لا يمكن ان تكون لا ثابتة ولا جدية ما دامت الرأسمالية قائمة ، ويستغلون التحسينات لاجل مواصلة النضال بمزيد من العناد ضد العبودية الماجورة. ان الاصلاحيين يحاولون ان يقسموا العمال ويخدعوهم بالصدقات ويصرفوهم عن النضال الطبقي. اما العمال الذين يدركون كذب الاصلاحية ، فانهم يستغلون الاصلاحات لاجل تطوير وتوسيع نضالهم الطبقي. وبقدر ما يشتد تأثير الاصلاحيين في العمال ، بقدر ما يضعف العمال ، وتزداد تبعيتهم حيال البرجوازية ويسهل على البرجوازية ابطال مفعول الاصلاحات كليًا بشتى الحيل. وبقدر ما تتعاظم الحركة العمالية استقلالاً وعمقًا ، وسعة من حيث الاهداف ، وبقدر ما تتحرر من ضيق الاصلاحية ، يفلح العمال اكثر فاكثر في تثبيت بعض التحسينات والاستفادة منها». ـ لينين ـ

مقدّمة لابدّ منها : ما حصل في تونس هل هو ثورة أم إنتفاضة ؟
لا شكّ بأنّ كلّ القراءات الموضوعيّة وكلّ المؤشّرات تدلّ على أنّ ما حصل في تونس (وفي مصر أيضا) هو إنتفاضة وليس بثورة. إنّها إنتفاضة عظيمة توسّعت في الزمان (من 17 ديسمبر إلى 14 جانفي وتتواصل إلى الآن ولو بتقطع ووتيرة ضعيفة) وتوسّعت في المكان (عمّت كلّ مدن وقرى القطر) وهي إنتفاضة جبارة كتبت بدماء الشهداء والجرحى (مئات الشهداء وآلاف الجرحى) لكنّها لم تستكمل عناصر ومستلزمات الثورة أو كما يقول خليل خوري "إنّها مجرّد حراك شعبي لم يستكمل بعد شروط الثورة" بإعتبار وأنّه لم يحصل تغيير جذري بإبعاد التحالف الطبقي الحاكم (الكمبرادور والإقطاع وشريحة البيروقراطية) عن السلطة. فكل ما حصل هو هروب أو لنقل بوضوح تهريب رأس النظام والبعض من عصابته خارج القطر حيث من المعروف أنّ الطبقة/الطبقات الحاكمة يمكن أن تتخلّى بسهولة عن الأفراد في حالة مدّ ثوري لكنّها لا تتخلّى إلاّ بالعنف الثوري عن السلطة. وكما يقول كارل ماركس في معرض حديثه عن عمليّة تحويل أسلوب الإنتاج الإقطاعي إلى أسلوب إنتاج رأسمالي «العنف هو داية كل مجتمع قديم حامل بمجتمع جديد» (الداية هي القابلة أو المولّدة).
فقد سبق وأن كتبنا وقلنا وأكّدنا بأنّ للثورة شرطان إثنان : وجود قيادة ووجود برنامج.
ويكفي القيام بقراءة لمجريات وصيرورة كل الثورات التي حدثت عبر تاريخنا الحديث من الثورة البورجوازية إلى الثورة الإشتركية لنتأكّد بأنّ هناك صراع بين طبقتين متضادّتين (الإقطاع والرأسمالية في الحالة الأولى والطبقة العاملة والرأسمالية في الحالة الثانية) وكل طبقة يعبّر عنها ويمثّلها حزب أو جبهة سياسية (ما سميناه بـ "القيادة السياسية").
وتكون أهداف "القيادة" إمّا القضاء على الإقطاع وبالتالي التحرّر من العلاقات الإقطاعيّة وتغييرها بعلاقات إنتاج رأسمالية يكون السوق هو محرّكها الأساسي من أجل تصريف منتوجات المصانع الرأسمالية في حالة الثورة البورجوازية أو القضاء على الإستغلال الطبقي عبر إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونقل ملكيتها إلى الطبقة العاملة في حالة الثورة الإشتراكية (وهذا ما سميناه البرنامج).
لكنّ الأهمّ من كلّ ذلك فإنّه ما من ثورة إجتماعية حصلت عبر التاريخ ولم يقدها حزب منظّم ومسلّح بنظريّة ثورية ، "فلا ممارسة ثورية بدون نظرية ثوريّة" كما يقول لينين. أمّا تنفيذ البرنامج الذي تحدثنا عنه - أي القضاء على سيطرة الطبقة الرأسمالية على وسائل الإنتاج عبر القضاء على الدولة البوليسية - فإنّه مرتبط أيضا بإعتماد العنف الثوري كوسيلة لتحقيق ذلك الهدف وليس كغاية في حدّ ذاته بإعتبار وأنّ الطبقة/الطبقات الحاكمة لن تتنازل بسهولة عن إمتلاكها لوسائل الإنتاج وعن إمتيازاتها وعن سلطتها بل ستستشرس في الدفاع عن ذلك ولو سال حمّام من الدمّ (أنظر ما يحدث في سوريا وليبيا واليمن). لكنّ الطبقة/الطبقات الحاكمة يمكن ان تقدّم - بتوصيات أو تحت ضغط القوى الإمبريالية التي تتحكّم فيها – بعض التنازلات لإمتصاص غضب المنتفضين من ناحية ومن اجل قطع الطريق أمام ذلك الحراك الشعبي حتى لا يتحوّل إلى ثورة كلّ ذلك طبعا دون المساس من جوهر السياسات المرتهنة بالدوائر الإمبريالية التي تتحكّم في مصائر الشعوب والامم المضطهدة وهو ما حصل فعلا في تونس ومصر حيث تخلّى رأسي النظامين العميلين عن السلطة دون أن تتغيّر تركيبة التحالف الطبقي الحاكم.
فلا وجود لثورة إذا بدون "هدم القديم وبناء الجديد" أي بدون ظهور علاقات إنتاج جديدة تخدم مصلحة الطبقة العاملة والفلاحين (برنامج ثوري) ولا وجود لثورة بدون حزب نوعي قادر على الإطاحة بالنظام القديم والإستلاء على السلطة عبر العنف الثوري (قيادة ثورية). وهذا يعني بالضرورة أنّ هناك إنتقال من نظام إجتماعي إلى نظام إجتماعي آخر وهو ما لم يحصل لا في تونس ولا في مصر.
طبعا نحن هنا لا نلوم شعبنا وطبقاته المضطهدة الذين باغتتهم هذه الإنتفاضة تماما كما باغتت النظام العميل الجاثم على رقاب شعبنا منذ 20 مارس 1956 (هذا التاريخ الذي يقدّمونه لنا على أنّه تاريخ إستقلال تونس بينما هو في الحقيقة لم يحصل في ذلك التاريخ إلاّ تغيير لشكل الإستعمار من إستعمار مباشر إلى إستعمار غير مباشر) خاصّة ونحن نعيش في ظلّ عولمة ليبرالية شرسة تتحكّم الإمبريالية في كلّ آلياتها وقوانينها ومؤسساتها وهي بالتالي في أوج نهبها لخيرات الشعوب و الأمم المضطهدة (وضع يدها على منابع النفط والغاز في العراق وبلدان الخليج وجمهوريات القوقاز إلخ) وفي أوج هجمتها الغير مسبوقة على الطبقة العاملة لضرب مكاسبها التي حققتها عبر نضالاتها الطويلة وتضحياتها الجسيمة (التمديد في سن التقاعد ، طرد أكثر من مليوني موظف أمريكي من مساكنهم منذ ظهور أزمة الرهن العقاري سنة 2007 ، طرد عشرات الملايين من العمال في شتى أنحاء العالم بعد إشتداد الأزمة الإقتصادية الحالية والتي قلنا عنها في أحد مقالاتنا السابقة بأنّها أخطر وأكبر من أزمة 1929 ، إلخ) ، لكنّ لومنا موجّه إلى من إختار مقولة "الجمهور عايز كدة" ليعوّض بها مقولة ماركس "إياكم والمساومة بالمبادئ إياكم والتنازل النظري". فهؤلاء المهرولين نحو المجلس التأسيسي المغلبين "الموقع على الموقف" والباحثين عن بعض المقاعد في مؤسسات الدولة في إطار ما يسمّى بـ "التداول السلمي على السلطة" تحت مظلة الإمبريالية ، ساهموا بشكل مباشر في كبح جماح الإنتفاضة لكي لا تتحوّل إلى ثورة دون ان ننسى طبعا البيروقراطية النقابية التي لعبت دور طفّاء الحرائق وذلك بالإنسحاب من المجلس الوطني لحماية الثورة الذي كان يمثّل الإطار الامثل للدفع بالمسار الثوري نحو الأقصى خاصة بعد طرد القوى الرجعية منه وبالتالي الإرتماء في مشروع دولة الإستعمار الجديد (التي قلنا بأنّها لم يتغيّر فيها شيء عدى بعض الوجوه) الذي وقع تجسيده عبر بعث الهيأة العليا للإلتفاف على أهداف الثورة.
كان من المفروض ان تتوحّد القوى الثورية حول برنامج سياسي مرحلي وعملي في جبهة وطنية ديمقراطية تطبيقا لمقولة لينين : « لكي ننظر إلى الإنتفاضة نظرة ماركسية ، أي لكي نعتبرها فناّ ، ينبغي علينا ، في الوقت نفسه ، ألاّ نضيع أي دقيقة ، فننظّم هيئة أركان لفصائل الثوار ونوزّع قوانا ونوجّه الأفواج الأمينة نحو أهمّ النقاط ...».
لكنّ رفاق الأمس إختاروا مع الأسف هيئة المبزّع/السبسي وليس الهيئة التي إقترحا معلّم البروليتاريا. فما هي المحصلة اليوم ؟ وماهي إنجازات هاته الإنتفاضة العظيمة ؟ لا شيء يذكر عدى تحديد موعد عقد المجلس التأسيسي الذي ما زلنا نشكّ حتّى في إمكانية إنجازه في تاريخ 23 أكتوبر بالنظر إلى المخاطر المحدقة بالبلاد من إضرابات البوليس التي لا تكاد تنتهي في جهة إلا لتنطلق في أخرى والصراعات الدموية القبلية والجهوية التي تغذّيها وتقف وراءها قوى الثورة المضادة والفوضى العارمة التي تميّز أعمال ما يسمّى بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والإنتقال الديمقراطي.
هكذا إذا تصبح المسألة التي يجب التوقف عندها هي التناقض بين ما أرادت الجماهير المنتفضة والمعتصمة بالقصبة 1 و2 من تحقيقه وما حقّقته بالفعل أي بين الهدف المنشود والمحصلة. فمن المطالبة بإسقاط النظام أصبح الحديث اليوم عن تأسيس جمهورية ثانية هي الجمهورية الديمقراطية أوالإجتماعية أو المدنية أو لست ادري ماذا !!! هكذا.
طبعا هذا الكلام لا يجب أن يفهم على أنّه رفض في المطلق للعمل في البرلمانات الرجعية (فمرشدنا هي الإشتراكية العلمية وملهمنا في هذه المسألة بالذات معلم البروليتاريا فلاديمير إيليتش لينين الذي تحدّث وكتب بإطناب عن دور البرلمانات الرجعية وموقف الثوريين منها وشروط العمل بداخلها) أو يقرأ على أنّه مقاطعة لإنتخابات المجلس التاسيسي بل سنكون حاضرين وبفاعلية لدعم كل المترشحين المنتمين إلى الأحزاب والأطراف السياسية الوطنية والديمقراطية وكل نفس تقدّمي يعمل على الحفاظ على بعض المكاسب التي حققها شعبنا طيلة مسيرة طويلة من النضالات والتضحيات والعمل على تطويرها نحو الأفضل. نحن نعتبر بأنّ إنتخابات المجلس التأسيسي هي محطّة من المحطّات التي افرزتها الإنتفاضة البطلة لشعبنا الكادح ، هي فعلا محطّة هامّة لكن على القوى الثورية أن لا تعتبرها المحطة الرئيسية التي يجب أن تصبّ فيها كلّ جهودها وتوجّه لها كلّ قواها وبالتالي تجعلها على رأس جدول أعمالها فذاك منتهى الإصلاحية والإنتهازية ولا يمكن إلاّ أن يضلّل الجماهير ويجرّها غلى طريق مسدود.
نحن فقط نرفض التخلّي عن الشرعيّة الثورية والجري وراء ما يسمّى بالشرعية البرلمانية و"التنافس الديمقراطي" من أجل التداول السلمي على السلطة ، هاته المقولة الليبرالية التي تريد طمس التناقضات التي تشقّ المجتمع. نحن نرفض تمييع الوعي السياسي الثوري للجماهير الشعبية وبالتالي التخلّي عن حركة الصراع الطبقي والنضال الوطني. نحن نرفض الدفاع عن السياسات الإصلاحية التي هي تمرير ممنهج لسياسة الإمبريالية والبورجوازية في صفوف العمال والكادحين في القطر. لكلّ ذلك نحن نعمل وسنواصل العمل من اجل ان تبقى المسالة الوطنية على راس جدول أعمال القوى الثورية من أجل تحرير تونس من الإستعمار والرجعية المحلّية.
لكن مع الاسف الشديد فإنّ ما يحصل اليوم يعتبر نجاحا للمخطّط الذي عملت الإمبريالية على تنفيذه منذ الأيام الأولى لإنطلاق الإنتفاضة وذلك بتحويل وجهة الصراع من صراع ضدّ الإمبريالية ووكلائها المحليين - أي العمل على حلّ المسألة الوطنية التي تعتبر صامولة الإنتفاضة ورافعتها - إلى صراع كتل وأفراد داخل الطغمة الرجعية الحاكمة من ناحية و/أو صراع بينها وبين الأحزاب المتهافته على تقاسم خبزة القاتو.
منوال تنمية أم إختيارات إقتصاديّة جديدة ؟
بعد أن حدّدنا طبيعة ما حدث في تونس وبيّنا بأنّها إنتفاضة وليست بثورة ، نعود الآن لعنوان هذا المقال لنجيب عن السؤال الذي طرحناه : هل المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة ؟ وطبعا الإجابة عن هذا السؤال مرتبطة بصفة كلّية بما كنا فسرناه آنفا حول طبيعة ما حدث. فمنوال التنمية هو أقصى ما يمكن أن تنجزه الإنتفاضة أمّا الإختيارات الإقتصادية الجديدة فهي نتيجة حتمية للثورة التي وكما سبق وأن قلنا تؤدّي بالضرورة إلى التغيير الجذري للأوضاع وقلبها رأسا على عقب.
فحتّى ولو إنطلقنا من المفهوم اللغوي لكلمة منوال حيث نقول : يسير على منواله أي يتبعه وهو ما يعني لا تغيير مطلقا للإختيارات الإقتصادية. والمتتبّع لأحاديث وكتابات الساسة والإعلاميين ورجال الإقتصاد (كلّهم ليبراليين) الذين يؤثّثون البرامج الإعلامية في التلفزات والإذاعات لا يسمع إلاّ الحديث عن "منوال تنمية" ولا إشارة إطلاقا لإختيارات إقتصادية جديدة.

إذا أقصى ما يمكن أن يحدث هو بعض الإصلاحات التي لن تخرج عن الإطار العام للإختيارات الإقتصادية والإجتماعية اللاوطنية واللاشعبية المملاة من طرف دوائر النهب الإمبريالي. فكما بيّنا آنفا فإنّ النظام الرجعي مرتبط عضويا بالدول الإمبريالية وبالتالي بالإحتكارات العالمية المالية منها والإقتصادية ممّا يجعل شعبنا وطبقاته الكادحة لا يتحكّم في مصيره ويعيش الإستغلال الطبقي والإضطهاد الإمبريالي الذان نغصا حياته على جميع المستويات وتسببا ولا يزالان في بؤسه وشقائه وفقره. فالإقتصاد التونسي مرتبط ومتشابك مع الإقتصاد الإمبريالي المعولم عبر البرامج والإتفاقيات المملاة من طرف الدول والدوائر الإمبريالية (مؤسسات بريتون وودز ، المنظمة العالمية للتجارة ، مجموعة الدول الثمانية ، مؤتمر دافوس ...) التي يمكن أن نذكر منها برنامج الإصلاح الهيكلي للإقتصاد (الذي سنتعرّض للمآسي التي سببها في الحلقة القادمة) وإتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى تركيز منطقة للتبادل الحر ومناطق التجارة الحرّة.
وما حدث من قبل الحكومة المنصّبة لا يمكن إلاّ أن يؤكّد ما قلناه. فالنظام السياسي والإقتصادي القائم (حكومة المبزع/السبسي) اليوم هو نفسه الذي ساد طيلة حكم دولة الإستعمار الجديد من بورقيبة إلى بن علي (نفس الأشخاص : دساترة ، ينتمون إلى نفس الحزب : التجمّع) وهو الذي تعهّد بتسديد ما يسمّى بديون تونس التي هي ليست سوى شكلا من أشكال النهب الإمبريالي حيث تبلغ على سبيل الذكر لا الحصر سنة 2010 مبلغ 3755 مليون دينار بالتمام والكمال وهو ما يمثّل حوالي 22 % من ميزانية الدولة (أي حوالي ربع الميزانية) وهو نفسه الذي يواصل فتح أبواب القطر على مصراعيها أمام ما يسمّى بالإستثمار الأجنبي الذي وضع يده خاصة على القطاعات الإستراتيجية (الفلاحة : شركات الأحياء والصيد البحري خاصة ، البناء : معامل الإسمنت والمشاريع العقارية الكبرى خاصة ، النقل : المطارات خاصة ، السوق المالية : البنوك خاصة ، إلخ) وهو أيضا نفس النظام الذي يمدّ يديه لمزيد طلب القروض أي مزيد رهن شعبنا بالديون حيث شاهدنا كيف كان السبسي الضيف المبجّل لقمّة الثمانية وتحصّل على قروض بمئات الملايين من الدولارات من الدول الإمبريالية ولكن ايضا من بقية المؤسسات المالية الإقليمية والعالمية (البنك اللإسلامي ، البنك الإفريقي ، البنك العالمي ...). بينما بالمقابل لم يلتزم هذا النظام بأيّ من تعهّداته المتمثلة خاصة في فتح ملفّ البوليس السياسي ومحاسبة المسؤولين عمّا اقترفوه من جرائم في حقّ مناضلين سياسيين وحقوقيين وكذلك الإسراع بمحاكمة كل قتلة شهداء ثورة الحرية والكرامة وأيضا تطهير كافة هياكل الدولة ومؤسّساتها من كلّ المسؤولين السابقين الذين تورّطوا في الفساد والإستبداد في مختلف المجالات. (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | حمام الذهب في تونس.. أسرار غامضة وحكايات مرعب


.. أزمة غلاء المعيشة في بريطانيا تجعل الناس أكثر قلقا بشأن أداء




.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024