الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مارينا والعشوائيات

اسلام احمد

2011 / 8 / 10
حقوق الانسان


كثيرا ما أحب اصيف في مارينا والساحل الشمالي لما يتمتع به هذا المكان من طبيعة ساحرة تتمثل في جو جميل وبحر رائع وحدائق خضراء وبحيرات صناعية فضلا عن المستوى الراقي والبعد النسبي عن المدن بما يمثله من هدوء واستجمام , ناهيك عن الفتيات الجميلات والنسوان الطعمين , غير أن هذا العام كان مختلفا عما سبقه اذ لأول مرة لا يتواجد في المكان أبناء صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور وغيرهم من رموز النظام السابق فبينما كنا في بورتو مارينا كانوا هم في بورتو طرة , في مفارقة مدهشة! , وكم كانت سعادتي حين رأيت احد الشواطئ الخاصة المملوكة لأشرف صفوت الشريف وقد تحولت الى شاطئ عام! , عندئذ شعرت أن مصر صارت للمصريين وأن البلد باتت بلدنا حقا

غير أن المكان لم يخل من بعض الوجوه الحقيرة فقد شاء حظي العثر أن أرى تامر أمين وخيري رمضان جالسين في بورتو مارينا , ولا أعرف لماذا حين رأيتهما انتابتني رغبة عارمة في أن ابصق في وجههما ولكني أمسكت نفسي بصعوبة احتراما للمكان والحضور! , كما شاهدت أيضا فيللا بأسماء أسامة سرايا ومرسي عطا الله , ما أثار دهشتي واستغرابي فتساءلت من أين لكاتب صحفي مهما بلغت كفاءته الصحفية بفيلل يقدر ثمنها بملايين الجنيهات؟! , وان كنت خمنت انه تم تخصيصها لهما بالأمر المباشر, إلا أن اجابة سؤالي لم تطل كثيرا فبعيدا عن التخمين وجدت الإجابة بعد ما رجعت من مارينا عند الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين , فقد اعترف في حواره مع الإعلامي جابر القرموطي بقناة أون تي في , أن وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان كان قد عرض عليه فيلا في مارينا ولكنه رفض حيث اعتبرها نوع من المساومة أو الرشوة السياسية لا يقبلها! , الأمر الذي يلقي الضوء على بعض من فساد العصر السابق وكيف كانت البلد مسروقة ويجري توزيعها كعزبة لصالح حفنة من الناس!

أكثر ما لفت انتباهي في هذا المكان هو ابتعاده تماما عن الأحداث التى تمر بها البلد فبينما البلد مشتعلة والأحداث على أشدها يعيش سكان مارينا في عالم ثاني غير دارين بما يحدث حولهم ولا مبالين بالثورة المصرية ومظاهرات التحرير! , وبعيدا عن مارينا فبعد أسبوعين من عودتي وتحديدا أول أمس طلب مني صديق يعمل بالعمل الخيري أن أرافقه في جولة خيرية بسيارته الى العشوائيات فوافقت مرحبا غير مدرك لما سيعقب قراري هذا من تبعات!

كنت أتصور أن العشوائيات عبارة عن مساكن قديمة عددها قليل يمكن إزالتها بسهولة أو إعادة ترميمها لتكون صالحة للحياة ولكني فوجئت بمنطقة شاسعة أشبه ببلد أخرى , مليئة بالعشش والخيام الملتصقة بجانب بعضها البعض بحيث لا تكاد تجد مسافة تفصل بينها! , المكان مظلم تماما فلا تكاد ترى شيئا الا على ضوء القمر ولمبات الجاز , مياه المجاري تغطي الأرض بالكامل فضلا عن جبال من القمامة منتشرة في كل مكان ما أضفى عليه رائحة كريهة , وعلى ما يبدو فان الكهرباء والصرف الصحي لا يصلان الى هذا المكان! , اقتربنا من المنطقة بحذر فلمحنا مجموعة من النساء متشحات بالسواد , ما أن رأين السيارة الفارهة حتى تكالبوا علينا طالبين المعونة ولكن رفيقي اعتذر لهن بحجة انه أتى لحالات معينة , الأطفال يبدو عليهم الضعف والبؤس وقد فوجئت بهم يقذفون بعضهم بالحجارة بمنتهى الجرأة والعنف ويسبون بعضا بأقذر الألفاظ , ولم أدرى على وجه الدقة هل كانوا يلعبون أم يتشاجرون؟! , المكان ملئ بالحشرات والحيوانات بكافة أنواعها من البقر والغنم , الى القطط والكلاب الضالة والحمير فضلا عن الفئران المنتشرة بكثافة وسط القمامة , والمحزن أن الماشية في هذا المكان يبدو عليها الهزال وتتغذي على الزبالة! , والقاسم المشترك في هذا المكان هو الفقر والبؤس , ولا أبالغ ان قلت أن المكان لا يصلح لمعيشة حيوانية ناهيكم عن ادمية!

الرجال هناك مسلحون بكل أنواع الأسلحة , البيضاء والنارية , وكثيرا ما يحدث مشاجرات عنيفة بين أهالي المنطقة وغيرهم من سكان المناطق الأخرى , رأيت شابا يبدو من مظهره أنه بلطجي أو مجرم ظل ينظر إلينا طويلا ثم اقترب منا وسألنا أي خدمة فأجبته شكرا فانصرف بعد أن ألقى علينا نظرة معينة , سألت رفيقي عما كان يقصده هذا الشاب فأجابني انه تاجر مخدرات وقد جاء ليعرض علينا بضاعته ظانا منه أننا زبائن! فهذا المكان يعد بمثابة بؤرة للجريمة وتجارة المخدرات!, فحمدت الله أن مر الموقف بسلام

وبقدر ما سعدت في تلك الليلة لقيامي بعمل خيري بقدر ما شعرت بالاكتئاب لما رأيته من بؤس , وبعقد مقارنة ذهنية سريعة بين ما شاهدته في مارينا وبين هذا المكان يتبين لنا حجم المفارقة والهوة الشاسعة بينهما! , وهنا وجدت نفسي ألعن مبارك فقد تسبب بسياساته الحمقاء في خلق تفاوت طبقي رهيب في المجتمع اذ رفع أقواما الى أعلى السلم الاجتماعي دون وجه حق بينما هبط بآخرين الى مستنقع الفقر والبؤس فيما انهارت الطبقة الوسطى ,وهو ما يعبر عنه بوضوح المقارنة بين مارينا والعشوائيات!

ولأن تلك العشوائيات تمثل قنابل موقوتة من الممكن أن تنفجر في وجه المجتمع في أي لحظة فأدعو الحكومة الجديدة ممثلة في رئيس الوزراء والمحافظين الجدد إلى وضع ملف العشوائيات في قمة أولوياتها , ولا أخفى عليكم أننى بعد رؤية حجم العشوائيات , وهي بالمناسبة غيض من فيض, بت أشفق كثيرا على الرئيس القادم لمصر فقد خلف مبارك تركة ثقيلة حقا , من فقر وجهل وأمراض وبطالة وخلافه , ستحتاج الى جهد كبير لعلاجها ربما يستغرق عقود! لذا لا اشعر بأدنى تعاطف مع مبارك واعتقد انه يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى في المقام الأول وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مصر أم الملايين - 1
هانى شاكر ( 2011 / 8 / 10 - 18:19 )



دراسه بسيطه للرقم السحرى - المليون - ربما تعطينا زاوية جديدة لننظر منها على مصر الدوله و المجتمع. ولكى نفهم ايضا مدى الخراب الذى اجراه حكم العسكر لمصر فى السنوات الستين اللعينه التى اغتصبوا فيها مصر الدولة و الوطن وتفوق فى هذا الاغتصاب حسنى مبارك :

1 - مليون جنيه فى الساعه : هو دخل مبارك شخصيا من السرقات و الرشاوى و العمولات. دخل مبارك الشخصى السنوى راوح المليار - بليون - دولار سنويا . مش بطال لصايع لا يملك من مواهب اكثر من دعاء الوالدين.

2 - مليون جنيه يوميا : دخل مجموعه شيطانيه من النافذين - اصحاب النفوذ . عددهم حوالى مائة شخص يتقدمهم ملوك الرذاله و البلطجه اولاد مبارك وبعدهم المشير طنطاوى الذى حصل على مرتب وعلاوات و بدلات و سرقات فى شهر اكتوبر المضى 21 - واحد وعشرون - مليون جنيه بس - فقط لاغير - . و اللسته تضم اسماء سماسرة سلاح و عقارات و حديد و ضمائر مثل العادلى و عز و حسين سالم و احمد - لا مؤاخذه - نظيف و قاتل القلوب وألفنانات حرامى سان استفانو ... الخ


2 - مصر أم الملايين -3
هانى شاكر ( 2011 / 8 / 10 - 18:22 )

6 - سبعين مليون جنيه يوميا : هى دخل باقى بر مصر السبعين مليون المطحونين المكومين عشره فى اوضه بدون مرافق . جريمه و عار مصر كلها وبصقه كبيره فى وجه ناصر و السادات و مبارك و كل موظف حكومى اشترك فى هذه الجريمه البشعه . ثمرة كفاح حكومات الثوره كلها ضد الفقر و الجهل و المرض ... معامل تفريخ الدعارة المقننه و الحرة .. ارهاب الدوله و ارهاب الجماعات .. عساكر الامن المركزى العاملين بدون اجره او وجبات , بلطجية مبارك و الحزب الوطنى و الانتخابات و العادلى , ساكنى العشوائيات و المقابر و الشوارع ... اصحب الاطفال المصابين بكل الاوبئه و الامراض , و قود السلفيين و الاخوان , و حديثا بلطجية الطنطاوى.

حقا يا مصر بلد الغرائب و الملايين.


3 - الى هاني شاكر
مكارم ابراهيم ( 2011 / 8 / 10 - 18:25 )
عزيزي اعتذر لانه حدث خلل تقني وحذفت تعليقك دون قصد التعليق الثاني اعتقد انك ارسلت تعلقين مختلفين اذا كان كذلك ارجوا ارساله من جديد لكي انشره
واكرر اعتذاري الشديد لهذا الخطا
مكارم


4 - مصر أم الملايين -2
هانى شاكر ( 2011 / 8 / 10 - 18:31 )


3 - مليون جنيه شهريا : هو دخل تجار المخدرات الكبار و عددهم حوالى الف شهباندر سوبر سايز ... يعملون فى تجاره بلغ بها الرواج ان وصل حجمها 28 - ثمان وعشرين - مليار جنيه سنويا العام الماضى 2010 متجاوزا بذلك ميزانية عشر وزارات بالتمام و الكمال.

4 - مليون جنيه سنويا : حوالى كام الف اسرة من الميسورين جدا رواد مارينا و اخواتها يعيشون في عالم خيالى افتراضى كانهم خارج مصر .. منهم الشرفاء الموهوبين اطباء , تجار فنانين , ومنهم افاقين من و زراء مبارك الملاحيس - نسبه الى رئيسهم خايب الرجا - من ذوى الاسماء الغريبه مثل أنس الفقى او الغول او ابو رجل - اقصد فرشاه - مسلوخه وزير الثقافه - او اراجوز الاثار - مستر حواس.

5 - مليون جنيه شقا العمر كله : معظمهم شرفاء كادحين رضوا العيش بين و خدمة اسفل خلق الله في الغربه المره.

اخر الافلام

.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا


.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3




.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona


.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس




.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف