الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسعار بين الحكومة والتجار

حافظ آل بشارة

2011 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


شهدت السوق العراقية موجة غلاء في اسعار المواد الغذائية غير مسبوقة بالتزامن مع حلول شهر رمضان ، ومن الناس من يربط الغلاء بحلول شهر الصوم ، ومنهم من يقول بأن اجراءات الحكومة بشأن الواردات هي السبب ، وعندما يكون التفسير الأول صحيحا فهو خزي على تاجر الجملة وعار على تاجر المفرد ان يقولوا نحن مسلمون ويستغلون الناس في ايام صيامهم ، ففي بلدان اسلامية كثيرة يتغير مزاج التجار واصحاب الشركات والاغنياء بحلول شهر رمضان فيمدون ايديهم بسخاء الى الجمعيات الخيرية ويسهمون في تمويل الافطار المجاني و مساعدة الفقراء ، لكن الذين يرجحون الاحتمال الثاني يقولون ان الحكومة اثارت قانون شهادة المنشأ والتعرفة في توقيت خاطئ يدل على الاستعجال والارتجال وفقدان الدراسة المسبقة لآثار القرارات التي تتخذها الحكومة ، فقد ادى قانون شهادة المنشأ والتعرفة الجمركية وربما هما مترابطان الى اعاقة وصول كميات هائلة من المواد الغذائية المستوردة التي لها سوق ثابت في العراق ، فبقيت مكدسة في المعابر مما سبب شحة نسبية ادت الى ارتفاع الاسعار ، ومع ان هذا الارتفاع سواء جرى بسبب حلول شهر رمضان او بسبب قرار الحكومة ذي التوقيت الخاطئ فانه يشكل تهديدا لاستقرار السوق ، فاذا كان متوقعا ارتفاع الاسعار في رمضان في ظل سوق مستقرة فكيف ستكون الاسعار عندما يجتمع شهر رمضان واهتزاز السوق في آن واحد ؟ هذه ثمرة التخبط الحكومي ، وكان المطلوب ان تؤجل الحكومة تطبيق قانون شهادة المنشأ او التعرفة الى ما بعد شهر رمضان لأن التحرش بالسوق في ظل وضع العراق الحالي قد يسفر عن تحولات أخرى اخطر من الغلاء ، الاوساط الاقتصادية تتحدث عن ارتفاع نسبة التضخم الاقتصادي في البلد من 3% سنة 2010 الى 7ر6% لسنة 2011 الجارية ، والتضخم شيء اخطر من الغلاء فهو يعني تدني القيمة الشرائية للعملة المحلية بانتظام ، واذا ادى الغلاء الى ظهور سقوف سعرية جديدة للسلع والخدمات ثم ثبتت تلك السقوف ولم تعد الاسعار الى وضعها الطبيعي فهذا يعني ان البلد سار في طريق التضخم المزمن ، حيث تتشكل تقاليد ثابتة في الاسواق لرفع الاسعار دوريا من قبل التجار في كل رمضان او في كل عيد يمر لتبقى عند العتبة الجديدة ويشجع ذلك عجز الناس ثقافيا عن تشكيل نمط استهلاكي يتدخل في تعديل تطورات السوق ، والتجاهل من قبل الدولة تحت ذريعة الحرية الاقتصادية ، وتطور آليات عمل التجار في فرض خياراتهم ، اذا قدر للعراق ان يسير في طريق التضخم فهو بلاء تطول مدته ، وهنا تبرز الحاجة مجددا الى مركزة الاقتصاد وربطه بالدولة مدة من الزمن ، وتوفير الحماية للمستهلك ، الغريب ان التضخم يتزامن عادة مع التنمية وخاصة في مرحلة اعادة تكوين البنى التحتية فكيف اذا حصل مع الشلل التنموي والانسداد السياسي فماذا يعني ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة ترفع شعار -الخلافة هي الحل- تثير مخاوف عرب ومسلمين في


.. جامعة كولومبيا: عبر النوافذ والأبواب الخلفية.. شرطة نيوريورك




.. تصريحات لإرضاء المتطرفين في الحكومة للبقاء في السلطة؟.. ماذا


.. هل أصبح نتنياهو عبئا على واشنطن؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب