الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آخر أمنية مخنوقة

أحمد بسمار

2011 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لا يوجد بلد في العالم أخصب وأغنى وأجمل من سوريا. هذا البلد الذي وهبته القدرة الإلاهية مزيدا من النضوج والبهاء. هذا البلد لو كانت لديه حكومة منتظمة وممدنة, لعاد بسرعة كما كان زمن العهود التوراتية, الأرص الموعودة, جنة آسـيـا. ولكننا نفكر بعزم وقوة كيف نلعن الرجال والحكومة الذين يديرونه, ولا يحكمون سوى بالخراب والحرب, حيث يجب أن يزهر العطاء والغنى والسلام.
(ملخص من كتاب تاريخ المجازر في سوريا عام 1860 للمستشرق الفرنسي فرانسوا لونورمان François Lenormant (
***********
قرأت هذا المقطع من هذا الكتاب التاريخي التحليلي عن سوريا (ولبنان الذي كان جزءا من سوريا آنذاك) عن المجازر والحروب الطائفية الإثنية العشائرية, وما خلفته من جراح أليمة بين أهل الوطن الواحد. أنظر إلى بلدي اليوم. أنظر إليه من بعيد وأتابع أخباره بالتفصيل من خلال عشرات المواقع الالكترونية وعشرات الفضائيات التلفزيونية ومحطات الراديو الخاصة والعامة المختلفة. منها المؤيد للسلطة الحالية, ولا يجد لها أي بديل إلى الأبد. والأخرى التي تريد رحيل هذا النظام وتفجيره, أو تدمير نصف البلد وشعبه, حتى يجبر هذا النظام على ترك البلد غارقا بالدم والدمار. ومنها القليل الحيادي أو نصف أو ربع الحيادي, الذي يتغير حسب الأحداث اليومية, وعدد القتلى والجرحى والمشردين, دون أن يدين هذا أو ذاك من الطرفين.. فيبدي نصائح سطحية عامة إجمالية, دون أن يمس أو يلمس او يحاول أن (يفقي الدملة) الحقيقية, المشكلة الحقيقية الرئيسية, وهي النزعات والعنصريات الطائفية الظاهرة والمخبوءة في مكونات هذا الشعب الذي يعيش على أجمل أرض وأطيب بلد في العالم. هذه الظاهرة السرطانية, ولنسمي القطة قطة, الــطـائفية, أو التعصب الطائفي, والذي يتغلغل في جسم هذه الأمة من خمسة عشر قرنا حتى اليوم. رغم طليه بالمسكنات والوهميات ومختلف أنواع المهدئات التي لا تشفي المرض, إذا لم يستأصل من الجذور. لأننا دائما نحلل مشاكلنا الاجتماعية والمعيشية والسياسية بالحل والتفسير الفقهي أو الديني كما ورد من خمسة عشر قرنا. فجمدنا الزمن. وحبسنا نفسنا داخل قوقعة معتمة, دون أن نتابع تطور المجتمعات العالمية وحضاراتها وحداثاتها وعلومها وتقنياتها الاقتصادية والعلمية.. وخاصة كل ما يتعلق بتطور حقوق الإنسان والتطبيقات الديمقراطية لحياة الشعوب.

صحيح أن حكامنا إن كانوا أجانبا, أو كانوا منا وفينا, وغالبا كانوا منا وفينا. لكنهم لم يعطونا أية فرصة للاندماج بموجات التطور الإيجابي الإنساني. وفضلوا بناء الجوامع الضخمة, بدلا من الجامعات العلمية..واختاروا شراء الدبابات بدلا من الجرارات الزراعية. وأحاطوا أنفسهم بالعسكر والمشايخ بدلا من المفكرين والعلماء. فضلوا الغباء على الإبداع والذكاء, حتى أصبح الفكر الصحيح جريمة.
****************

اليوم في بلدي, والذي كان يسمى البلد الأمين, ينظر نصف شعبه للنصف الآخر بحذر. وفي كل مدينة لا يعيش الناس نصف يومهم كالنصف الآخر. النهار لسيطرة السلطة, والليل للمعارضة ومعارضاتها وهتافاتها ومايكروفوناتها التي تفجر هدوء الليل حتى الفجر. كل مدينة مدينتان متفرقتان, شكلا واجتماعيا وهدفا وغاية. كأنما يسكنها شعبان غريبان, لا يعرف كل منهما الآخر. لا يريد أن يعرف كل منهما الآخر... وجل ما أخشى ‘ن استمر هذا الحقد المخبوء الذي يغلي ويغلي, أن ينقض كل منهما في ليلة عتمة ليقتل الآخر. ونعود 151 سنة أخرى إلى ذلك الماضي المعتم الذي حدثنا عنه فرانسوا لونورمان سنة 1860 في هذا البلد الأمين..............

آمــل اليوم ممن تبقى من الأنتليجنسيا السورية في بلاد المهجر, والقليل الذي ما زال يعيش داخل البلد, أن نسعى معا, وبما تبقى عندنا من عقل وحكمة وإمكانيات محدودة, أن نتجنب هذا الـسـيـنـاريـو الكارثة, الذي يريد إغراقنا به, إن دامت الأمور بشكلها المخيف الحالي, كل من السلطة الحالية, أو من يريدون إسقاطها وتولي زمام الأمور مكانها. سواء بكتاباتنا وحتى لو كنا قلائل قلائل. لنكتب لهم أننا نرفض العنف والبطش والحرب الأهلية.. وأننا منهم براء إذا استمر العنف بينهم. وعليهم أن يتحاوروا ويجدوا حلا, مهما كان, دائما بلا عنف, ولا أية غاية طائفية معتمة مخبوءة. نقول لهم أننا لا نقبل العنف ولا ضحية واحدة بعد اليوم. وأننا نرفضهم وحتى نبصقهم من فكرنا وحياتنا وحياة أولادنا, أينما كان وسوف نصرخ في وجوههم التي لوثت تاريخنا بالدم, كما لوثته في السنين الماضية, جحافل من الحكام والطغاة, رغم الأساطير المزيفة, ما زالت تبصقهم حقيقة التاريخ العلمية الحقيقية.
ولجميع قراء هذا الموقع كل مودتي ومحبتي وأطيب تحية صادقة مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رسـالـة شـكـر
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 8 / 11 - 08:56 )
أشكر كل القارئات والقراء الذين اطلعوا على مقالي ـ الأمنية هذا, وأعطوه علامة سلبية كانت أم إيجابية. آملا أن نتشارك دوما في حوار إيجابي فولتيري.. علنا نجد معا بعضا من الحلول لـمـآسـي بلادنا.
مع كل مودتي واحترامي لهم جميعا.
وأصدق تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


2 - وعليهم أن يتحاوروا ويجدوا حلا !!
مصطفى أزراد ( 2011 / 8 / 11 - 12:58 )
اسئلة : لو سلمنا بحدوث الحوار هل سيقبل نظام الاسد ان يتنازل عن المادة الثامنة من الدستور السوري التي تجعل من حزب البعث قائدا للدولة والمجتمع ؟ هل سيقبل الاسد ان تتسمى سوريا بغير (سوريا الاسد) هل سيقبل ان يصبح حزبه يوما من المعارضة ؟
شكرا

اخر الافلام

.. جودي سكيت.. يكشف عن أشياء مستحيل أن يفعلها ومفاجأة عن علاقته


.. تساؤلات حول تقرير واشنطن بشأن استخدام الأسلحة الأمريكية في غ




.. بعد الوصول إلى -طريق مسدود- الهدنة لا تزال ممكنة في غزة.. «ج


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش.. جهود متواصلة لدعم الجر




.. تحرك دولي لإطلاق تحقيق مستقل بشأن مقابر جماعية في قطاع غزة