الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استمرار تفاعل الازمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لم ينتهي العالم بعد من الازمة الاقتصادية التي ضربته عام 2008م, فالصورة التنافسية للاقتصاديات الاستعمارية المتفوقة في السوق العالمية لا تزال على خلل اليتها واتجاهات نتائجها, ولم يستجد عليها سوى ان مظاهر تفاعل نتائجها الثانوية مع اصولها الاساسية تتجلى بصور متنوعة, منها انتقال صورتها الحادة لمواقع اوروبا, ومنها تفاقم الخلافات المنهجية بين الحزبين الامريكيين حول كيفية معالجة الازمة.
لقد حاولت الادارة الامريكية معالجة الازمة الاقتصادية عبر التعويض استحلاب نفوذها السياسي العالمي حليبا اقتصاديا, فقام الرئيس الامريكي باراك اوباما بجولات عالمية جلب بها للاقتصاد الامريكي عقود تشغيل تؤمن بعض الحركة لالية الاقتصاد الامريكي وتفتح للقوة العاملة في مجتمعه فرص عمل, غير ان النسبة المتدنية التي حققها مباشرة لا تزال على تدنيها حتى الان, بل يمكن القول انها متذبذبة قابلة للانتكاس مع ابسط الهزات, كالتي تحدثها الان عملية اعلان خفض مستوى تصنيف الاقتصاد الامريكي الائتماني, وباعتبار انه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ارتبطت الاوضاع العالمية بالحالة الامريكية فليس غريبا ان نرى تكرار ارتداد ما يحدث في امريكا على باقي العالم.
ان ازمات نمط الانتاج الراسمالي الراهنة تتباين في حدتها وعمرها وسعة ارتداداتها الانسانية عن ازمات الراسمالية في نشأتها وتسودها المبكر لعالم الانسانية, فقد زاد تعقيد ترابط الاوضاع العالمية, وباتت مظاهرة في مكان ما في جهة من العالم ترفع سعر البضاعة في مكان اخر في الجهة الاخرى من العالم. وعلى هذا المثال والمنوال يقاس الان.
ان المشكلة الانسانية الان هي ان طبقة الراسمالية والتي هي سبب كافة ازمات العالم بدئا من الاقتصادية منها, هي الطرف الموكل اليه امر علاج هذه الازمات, وكعادتها فهي تصر على علاجها دون المساس بمصالحها الخاصة, اقومية كانت في مجال الصراع والتنافس العالمي, او طبقية مباشرة فيما يتعلق بداخل اطارها القومي الخاص. ولعل الطبقة الراسمالية الامريكية تحديدا تقدم الان للانسانية اسوأ نماذج الانانية والااخلاقية اطلاقا, حيث وصلت حد الاستعداد للتضحية بصورة الكفاءة الاقتصادية الامريكية العالمية على مذبح مصالحها الطبقية الخاصة, ولم تكون في صورتها هذه سوى عاملا محليا يخدم تنافسية الصين مثلا وضد تنافسية الولايات المتحدة.
فمع اعلان تخفيض تصنيف ائتمان الولايات المتحدة الاقتصادي سارعت الصين, وبشماتة كما هو واضح الى تقديم اقتراح ان تخفض الولايات المتحدة بصورة عامة حجم انفاقها, علما ان الولايات المتحدة كانت حتى فترة قريبة تطالب الصين بزيادة انفاقها لصالح حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية في الصين, وهنا تتقاطع الرؤية الصينية الاجنبية مع رؤية الحزب الجمهوري_ الوطنية الامريكية_ على هذا المطلب.
فالحزب الجمهوري يرفض ان تتحمل طبقة اثرياء اميركا نصيبا نوعيا خاصا من المشاركة في فكفكة الازمة الاقتصادية الامريكية مع الحفاظ على المتحقق من المستوى المعيشي للمواطن الامريكي. لذلك نراه يرفض ان تكون الجباية الضريبية من اثرياء اميركا اعلى واوسع من جبايتها من الطبقات الشعبية, وبديلا عن ذلك يطالب بخفض الانفاق الحكومي, والذي لا يعني فقط الهبوط بمستوى الرفاهية المتحقق للمواطن الامريكي, وانما الاضرار بنفوذية الولايات المتحدة السياسية عالميا, فنحن لا يجب ان ننسى ان حجما كبيرا من الانفاق الامريكي هو انفاق نفوذ سياسي عالمي وانفاق امني عسكري سيطال هيبة الولايات المتحدة الامريكية عالميا,
وفي الحقيقة ان الخلاف من حيث الجوهر لم يعد بين الحزبين, بل بات خلافا حادا بين_كل_ الطبقة الراسمالية الامريكية من جهة, والادارة القومية الامريكية من جهة اخرى, تالف فيه اثرياء الحزبين واتخذا موقفا واحدا معاديا لادارة اوباما, جراء خلاف معها على توجهها _ الثقافي_ لمعالجة الازمة الاقتصادية, وقد تجلى ذلك بعملية اذلاله امام نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل في زيارته الاخيرة لامريكا حين نشب خلاف بينه وبين اوباما حول افكار الاخير لكيفية معالجة تسوية الصراع مع الفلسطينيين وحثهم على العودة للمفاوضات على اساس حدود عام 1967م فعوقب اوباما بصورة تكريم نتنياهو الخاصة, وقد اشرنا الى ذلك في مقال سابق
ولم يقف عقاب اوباما عند هذا الحد, بل استمرت عملية مناكفته في كل المجالات الى ان بلغت ذروتها في موضوع رفع سقف سداد المديونية الامريكية, ولم يكن القصد من وراء ذلك سوى العمل من انهاك الصورة الانتخابية لاوباما والحزب الديموقراطي, في الانتخابات الرئاسية القادمة,
ان الصورة السابقة تكشف لنا جانبا من جوانب تفاعل التخصصات في الحياة السياسية الامريكية, فمن الواضح ان الهيئات التشريعية الامريكية_ مجلسي النواب والكونغرس_ لهما السيطرة الرئيسية على الوضع القومي الامريكي الداخلي, في حين ان للادارة الامريكية السيطرة الرئيسية على سياسة الولايات المتحدة الامريكية الخارجية, ومن الواضح ان كل من الطرفين يلك امكانية عقاب الطرف الاخر من خلال فاعليته في مجاله الخاص, فالادارة الامريكية تستطيع عقاب الطبقة _ الكونغرس_ مجلس النواب من خلال المس بمصالحهم على الصعيد العالمي ,وتستطيع الطبقة المس باي من الحزبين وعقابه من خلال العملية التشريعية والانتخابية على الصعيد الداخلي, ومن الواضح ان اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة يدرك هذه المعادلة ويجيد التعامل معها لصالح تفوقه السياسي في المجتمع الامريكي بالدرجة الاولى ولصالح اسرائيل بالدرجة الثانية.
اننا لا نستطيع توقع المدى الذي سيصل اليه خلاف الطبقة مع الادارة في الولايات المتحدة, فمن الواضح ان انتشار الولايات المتحدة السياسي والاقتصادي العالمي, يبقى عاملا حاسما يمنع توقع احتمالات التراضي واحتمالات تفاقم الحدة, بين الطرفين, لكنه من الاكيد ان ذلك لا يمنع القول ان مصير اوباما قد تحدد حيث ليس من المتوقع اعادة انتخابه مرة ثانية الامر الذي يجعل منه كبش الفداء, اما الطبقة الراسمالية الامريكية فلا يوجد طرف امريكي داخلي يستطيع_ الان_ عقابها, لذلك لا نجد سوى السوق العالمية وحدها قادرة على عقابها, من خلال الحاق مزيد من الضرر بقدرة التنافس الاقتصادي الامريكي, واطلاق الية تفاعله داخل الولايات المتحدة نفسها,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس حماس في الضفة الغربية يدعو الأردنيين لـ-مواجهة مشروع ضم


.. الموريتانيون يدلون بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الر




.. إيران.. جولة إعادة لانتخابات الرئاسة بين بزشكيان وجليلي


.. موفدنا يرصد الأوضاع في بلدة عيتا الشعب المحاذية للحدود مع إس




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات بعد عودة جيش الاحتلال لمنطقة الش