الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ياأخضر

زهية شاهين

2011 / 8 / 10
الادب والفن


كصغيرة بلهاء ترقد بجانبه، وموجات الخجل الوقحة في تدفقها، تضرج وجهها بحمرة تضفي جمالا موبوءا بالصمت، يضحك ... يكركر .. يعلن عن إحساسات ما ، فتضيء وجهه حماسة متوهجة من بركان طاغ ملتهب جوفه.
- (( لهذا الصباح المبكر جداً مزايا يا أخضر )) - (عز الدين المناصرة )
عبثية وجنون وصدر منخور، بسعال تهتز وترتعش به أجزاؤه المتعبة، وفي عينيه تسطع النجمة بريقاً من الاندفاع المفاجئ.
- لهذا الصباح المبــ ...
لم تستطع إكمال الرحلة في أفق حلم مشترك تشحنه هذه الكلمات بألفة ولهفة خاصة أمام اللحظة، ومع احتراق الشمعة – الفرحة في يدها، وفي فمها تتعود رائحة المرض المزمن، فتظل نفسها مثقلة برعب الجمود والوحدة وفقدانها تميز الإحساس بين المتعة والألم.
تأخذها أغنية فيروزية لأجواء تتدفق رقتها في جسد يعيش زمهريرة اللحظة – التناقض، توصد في أفكارها أبواب الرحمة والمبرر لضعفها أمام هذا الجسد المريض الملتصق بها، يفرض أجزاءه – أبعاده عليها، تتوه وتنمحي اسطر ضئيلة في مفكرتها الزرقاء عن ذهنها الفارغ وقلبها النازف ووحدتها القاتلة في أعماق الثورة والجمال.
- (( التوجع ))
والجوع يمنحاني الحق لإعلان الحب – الحرب – الحياة.. ، الحرب؟ .. يا لها من لعنة.. امتداد لسياسة تخطط ضد هذا الإنسان..
تستدرك حينما يقترب بوجه مأساوي مريض يحمل قسمات دقيقة رقيقة، تبعث فيها الارتياح والارتياب معاً .. يصحو من غفوته باشراقة وضاءة يسكنها الإنهاك.
- تحبين الصحاب و .. يا لعينة.
- هل يأتي حلمي متأخراً معك؟؟
يشعل سيجارته، يتنفس جرعة أخرى مسمومة .. تزوغ نظراته بلا مستقر – أشهد أن لا اله إلا الله.
تغزوه بنظرات ثابتة – وهل تشهد يا رجل غريب على هذا الحال؟ وتشيح بوجه ممتقع وكأنه عدوى الحس النابض في الجسد المريض ينتقل إليها.
تدب قدم داخل مخيم – جزء من بدن العالم – الحدث.. تتحرك مع الطريق من أسفل إلى أعلى، وتبقى عيناه معلقتان في وجه الطبيعة الساحرة والريح تحمل النذير.. والملابس الخفيفة لا تعطي للجسد فرصة الدفء وظلال محددة للاستمرار، تخطو مع حركة قدميه.. تحس بقلبها يهبط مع ذلك الصباح الذي يرافقها بميزة أخرى عاجزة هي أيضا عن امتلاك قدرة اقتحام التماثل في الإحساس.
الريح وأيام هانئة قديمة جعلتها تهفو بعيدا مع حلم وردي لصغار خالين من الأمراض المزمنة والجبال هي أيضا خالية من أزير الرياح العنيفة والحشرات المتطفلة.. حشرات – رياح تحاول حرمانهما من وقفة معتدلة – مريحة.
جرأة الفجر المقتحمة العتمة توضح معالم الشارع الخالي من جنس البشر .. يمتد برهبة أمام الأقدام المبكرة.
(ثلاثتهم يطل من المسافة – السجن – الدرب، يتباعدون مع الحركة – التقليد في رحلتهم، بقربهم بالتوحد القهر – الاستغلال).
يحدثه أبو جميل العامل البسيط التفكير الكادح – الواضح، يخاف العيش وحده الحياة المنغلقة التعسة بلا صاحب يحفظ عليه استمراره، ويكمل معه حكاياته القديمة ومغامراته الكثيرة.
- ستبعد عنا يا أخضر.. لتصبح في مركز كبير ..
- من زرع الأفكار الغريبة هذه في دماغك .. لن أصبح يوما كما تفكر يا أبو جميل، ثق في ذلك، كيلا ابتعد عنك وأمثالك.
لهجته المعنفة لم يتوقعها أبو جميل وصديقه الأخضر، ورغم الحدة إلا أن شعوراً بالارتياح والفرح الخفي اغرق أبو جميل حينما اطمأن على وضعه مع صاحبه.
فأخذت الغيمة الكالحة والأحاديث العادية والشارع المسحوق بهجمة الصباح، تعزز إحساسات غامضة – يسألها عن (( الجمر والجاه )) في الأغنية الفيروزية فتجيب غباء، لكنه لا يسمعها وقلبه يلهج مع نوبة السعال التي احتلته وغفوته تطول مع المرض والجنون – ويبقى أبو جميل موضوع أحاديث طويلة عديدة مترابطة في الجو الودي والمشاعر الحميمة تتكثف بالعذاب والتماثل.
يتحدثان عن القمع والمعضلات الاقتصادية وضبط العلاقة بين الجنسين وتوفير الجو الصحي العلمي لها، يفهم صديقهم العامل بعض الأمور، ويفسر بعضها أوضاعه الخاصة في المصنع.
ترشح في نفسها حرارة لمشاعر طرية في زمن منعش لرحلة افقها الحب وحلم مزمن كالمرض، فتتذكر حقيبة السفر الثقيلة ورحلة تأتي أو لا تأتي.

- هل تحرمنا الغيمة فرحة لقاء ثان يا هذا الحبيب؟
- محملة هي الغيمة بالمطر يا هذه الحبيبة.

كان الباص يعطي إشارة للرحلة الغامضة وفراق وألم وكانت هي واجمة معذبة رغم الغيمة المحملة بالمطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ